عمدة نيويورك يسحب 5 مليارات دولار من شركة استثمارات يديرها صديق

بعد تورطها في فضيحة تتعلق بصندوق معاشات حكومي أميركي

يثير قرار بلومبرغ الخاص باستثماراته الجدل حول طموحاته السياسية (أ.ف.ب)
TT

قرر مايكل بلومبرغ، عمدة نيويورك، سحب ثروته من شركة أسهم خاصة، أنشأها صديق قديم له بعد مرور عشرة أشهر على تورط الشركة في فضيحة تتعلق بصندوق معاشات حكومي. وسيحول عمدة نيويورك نحو 5 مليارات دولار من شركة «كوادرانغل» إلى شركة استثمارية جديدة، مختصة فقط بمصالحه ومصالح مؤسسته الخيرية. وسوف ينضم قرابة اثني عشر موظفا من «كوادرانغل» إلى المؤسسة الجديدة، وهو ما يشير إلى أن هذه الخطوة لا تنم عن رغبة في تغيير استراتيجية الاستثمار. ووفقا لما جاء في خطاب أرسلته شركة «كوادرانغل» إلى المستثمرين يوم الجمعة، فإن العمدة يسعى لضمان الخصوصية ومرونة استثماراته.

ومن ناحية الأصول، فسوف تتقلص شركة «كوادرانغل» بمقدار أكثر من النصف، لتبقى للشركة استثمارات الأسهم الخاصة في قطاعات الإعلام والاتصالات. وتأتي هذه الانتكاسة في نهاية عام من النضال داخل «كوادرانغل» إثر رحيل ستفين راتنر، المؤسس، وصديق بلومبرغ، قبل عام ليتولى إدارة الفريق المسؤول عن قطاع السيارات داخل إدارة أوباما. وتم الربط بين راتنر والتحقيق الخاص بصندوق معاشات نيويورك بعد أشهر من هذا التعيين، وبعدها تنحى من منصبه الحكومي في الصيف الماضي. ولم يوجه المحامي العام في نيويورك أو لجنة البورصة والأوراق المالية أي تهم ضد الشركة أو راتنر. ويجري الطرفان تحقيقا حول المعاملات السابقة داخل «كوادرانغل» مع صندوق معاشات الولاية في نيويورك.

ويذكر أن الثروة الخاصة بالعمدة بلومبرغ، التي كونها من خلال نشاطه التجاري في مجال الإعلام، «بلومبرغ إل بي»، كانت السبب وراء انتصاره غير المحتمل في انتخابات منصب العمدة عام 2001، ومكنته من ضمان إعادة انتخابه في فصل الخريف الماضي.

وربما يثير قرار بلومبرغ الخاص باستمارته هذه تخمينات حول طموحاته السياسية، حيث يُنظر إليه على أنه مرشح محتمل في الانتخابات الرئاسية عام 2012. وإذا قرر الدخول في الانتخابات، فسيمول حملته بنفسه بتكلفة كبيرة. وقال مساعدون له من قبل إن الكلفة سوف تصل إلى مليار دولار. وأنهى قرار العمدة النأي بنفسه عن «كوادرانغل» فصلا من الشراكة أخذت راتنر إلى دائرة ضوء أكبر على الصعيدين الحكومي والتجاري. وساعد بلومبرغ على مواجهة مخاطر أكبر تتعلق بثروته الإجمالية التي تقدر بـ15 مليار دولار، ومنها حصته الكبيرة في شركة الإعلام. ومنذ أن ترك الحكومة، يقوم راتنر بتأليف كتاب حول صناعة السيارات، ومن المقرر أن ينشره في فصل الخريف. ولم يقل ما إذا كان يسعى للعودة إلى قطاع التمويل.

ولم يتضح حتى الآن هل سيعمل راتنر مع العمدة بلومبرغ مرة أخرى أم لا. ومع الكشف عن التحقيق الخاص بصندوق المعاشات، يتبين أن بلومبرغ دافع بإخلاص عن راتنر. وأثنى العمدة على عمله، ووصفه بأنه «موظف عام عظيم». وفي البداية، قال العمدة إنه لا خطط لديه لأخذ استثماراته إلى مكان آخر. وبقيت العلاقة بين بلومبرغ وراتنر تتسم بالحميمية، حيث يتناولان وجبات الغداء معا بصورة دائمة ويتحدثان هاتفيا، حسب ما يقوله أصدقاء لهما.

وظهرت تساؤلات حول علاقة راتنر بصندوق معاشات الولاية عندما رفعت لجنة البورصة والأوراق المالية دعوى قضائية ضد وسطاء ساعدوا شركات استثمارية مثل «كوادرانغل» على الحصول على أنشطة تجارية من الولاية. وكان من بين الوسطاء رجل ينتج فيلما يطلق عليه «تشوتش»، وعقدت شركة تمتلكها «كوادرانغل» صفقة لتوزيع هذا الفيلم الضعيف الميزانية، حسبما أفادت به لجنة البورصة والأوراق المالية، التي كانت تجري تحقيقات.

ورفض متحدثان باسم «كوادرانغل» وراتنر التعليق. وقال جاسون بوست، وهو متحدث باسم العمدة بلومبرغ: «على ضوء استعمال العمدة فريق (كوادرانغل) نفسه لإدارة هذه الصناديق، يكشف ذلك رضاه عن أدائهم الذي اتسم بالتميز. وليس لديه سوى أشياء جيدة حول العمل الذي قام به الفريق». وأضاف بوست أن قرار العمدة بنقل أمواله من «كوادرانغل» لا علاقة له بالتحقيق الجاري حول صندوق معاشات الولاية. وقضت شركة «كوادرانغل» العام الماضي في محاولة لإعادة تشكيل نفسها من دون راتنر، مع التركيز على الأسهم الخاصة. وصوت المستثمرون داخل أحد صناديق الشركة خلال الربيع الماضي من أجل السماح للشركة بالاستمرار في بناء استثمارات جديدة، على الرغم من أنه كانت أمامهم فرصة لسحب رؤوس أموالهم عندما ترك راتنر الشركة.

وقطع راتنر علاقاته بـ«كوادرانغل» عندما أصبح مستشارا خاصا لوزير الخزانة، على الرغم من أنه لا يزال يستثمر أموالا كثيرة داخل الشركة. ويعد راتنر جامع تبرعات ديمقراطيا بارزا، ويبدو أنه يميل إلى العودة إلى واشنطن، حيث بدأ عمله هناك مراسلا لصحيفة «نيويورك تايمز». ويمثل العمدة بلومبرغ جزءا كبيرا من النشاط التجاري داخل «كوادرانغل»، ولكن نشاطه كان أقل إدرارا للأرباح بالنسبة إلى الشركة، لأنه كان يدفع رسوما أقل، مقارنة بالعملاء الآخرين.

وكان اختيار العمدة لشركة «كوادرانغل» عام 2008 كي تتولى إدارة استثماراته أمرا غير متوقع، ففي ذلك الوقت كانت الشركة معروفة بالسمسرة، والاستثمار في صفقات إعلامية، وليس بإدارة الأموال. وعندما قامت الشركة بإنشاء شعبة جديدة للتعامل مع أموال بلومبرغ أطلق عليها «إدارة الأصول» لم يكن بها سوى عميل واحد، وهو بلومبرغ.

واستعملت شركة «كوادرانغل» أليس روث، التي أدارت الثروة الشخصية لغوردون موور، المؤسس المشارك لـ«إنتل»، من أجل إدارة هذه الوحدة. وسوف تنضم روث إلى مكتب إدارة الأموال الجديد التابع للعمدة. ووفقا لقواعد أجازها مجلس تضارب المصالح التابع لمدينة نيويورك، فإن المحفظة الاستثمارية للعمدة تتم إدارتها، مع احتفاظه بالقدرة على إصدار قرارات استثمارية معينة والحصول على تحديثات مستمرة حول أدائها.

وظل نشاط الأسهم الخاصة داخل «كوادرانغل» منفصلا عن وحدة إدارة الأصول. وأعاد صندوق الأسهم الخاصة الأول التابع للشركة، الذي أنشئ عام 2000، المبلغ كاملا إلى مستثمريه، واحتفظ بحصص داخل الكثير من الشركات. ولدى الصندوق الثاني بالشركة، الذي أنشئ عام 2005، نحو 500 مليون دولار باقية للاستثمار، بلغت نسبة 19 في المائة العام الماضي، حسب ما ذكره خطاب للمستثمرين.

وعلى الرغم من سمعته في مجال التمويل، لم يكن طالع بلومبرغ حسنا داخل سوق الأسهم عام 2008. وأظهرت عائدات الضرائب الخاصة به أنه خسر الملايين في استثماراته مع تراجع السوق الإجمالي، وبما في ذلك الاستثمارات التي أدارتها شركة «كوادرانغل».

* خدمة «نيويورك تايمز»