برنامج لاستخدام العقود الفيدرالية لتحسين أوضاع العاملين

ربع القوة العاملة الأميركية تعمل في شركات متعاقدة مع الحكومة.. 500 مليار دولار حجم العقود الفيدرالية

إحدى مصالح التوجيه الوظيفي في أميركا (إ.ب.أ)
TT

تخطط إدارة الرئيس أوباما لاستخدام القوة الشرائية الحكومية الضخمة لحث الشركات الخاصة على تحسين الأجور والحوافز لملايين العمال، وذلك بحسب تصريح مسؤولين في البيت الأبيض ومجموعات مصالح مهتمة بالخطة.

ومع حجم العقود الضخمة التي تمنحها للشركات كل عام التي تبلغ 500 مليار، ستحاول الإدارة حرمان الشركات التي تنتهك حقوق العمال والبيئة، وستقدم حوافز للشركات التي تقدم مستويات أفضل من الأجور والتغطية الصحية والمعاشات والخدمات الأخرى. ونظرا لأن واحدا من بين كل أربعة عمال أميركيين يعمل في شركة ترتبط بتعاقدات مع الحكومة الفيدرالية، يرى مسؤولو الإدارة في الخطة سبيلا لصياغة سياسة اجتماعية ورفع مزيد من العائلات إلى الطبقة المتوسطة. وستؤثر بذلك على عقود كتلك التي تمنح لصنع ملابس للجيش ومبان حكومية غير ملوثة للبيئة وجز المروج في القواعد العسكرية.

وعلى الرغم من أن التفاصيل لم يكشف عنها حتى الآن لاستمرار العمل على صياغة الخطة فإن المخطط التمهيدي لها شهد معارضة قوية من شركات الأعمال والمشرعين الجمهوريين، الذين يرون في الخطة هدية للعمالة المنظمة، ويقولون إنها ستؤدي إلى ارتفاع النفقات الحكومية التي تواجه عجزا في الميزانية يقدر بـ1.3 تريليون دولار.

وقال بن بيرباك، مدير العمالة والتوظيف في اتحاد المقاولين وشركات البناء الذي يمثل 25 ألف شركة مرتبطة بقطاع التشييد «أنا متشكك تجاه أهداف الخطة، إذ يبدو من الواضح أنها تسعى إلى منح اتحادات العمال ميزة في التعاقدات الحكومية».

وأشار عدد من المنتقدين إلى أن الخطة الجديدة ستتسبب في خسائر للشركات الصغيرة، التي لا تقدم الكثير منها حوافز كبيرة. علاوة على ذلك، يوضح ألان تشيفوتكين، نائب الرئيس التنفيذي لمجلس الخدمات المهنية، وهو اتحاد يضم 340 متعاقدا حكوميا، أن المسؤولين الحكوميين سيجدون صعوبة في تقييم المتقدمين للتعاقدات باستخدام المعايير الجديدة، وتحديد ما إذا كانت اتفاقية تعويض الشركة ستمنحها حافزا.

وكان الرئيس أوباما قد طالب منذ الأيام الأولى لتوليه مهامه في البيت الأبيض بمراجعة سياسة التعاقدات الحكومية، مشيرا إلى أن فضيحة تعاقدات العقد السابق تضمنت نفقات مبالغ فيها وتعاقدات تمت من دون تقديم مناقصات.

وقال بيل بيرتون المتحدث باسم البيت الأبيض «إن الرئيس أوضح أنه ملتزم بالتعاقدات الحكومية لإنقاذ أموال دافعي الضرائب في الوقت الذي يحمي فيه العمال والبيئة. وتقوم الحكومات في الوقت الحالي بجمع بيانات وتحاول اختيار أفضل السبل لتنفيذ الخطة».

وتجدر الإشارة إلى أن اثنين من حلفاء أوباما، جون بودستا رئيس هيئة موظفي إدارة كلينتون الذي رأس الفريق الانتقالي للرئيس، وآندي ستيرن رئيس الاتحاد الدولي لموظفي الخدمات، ضغطا مرارا على الرئيس لاستخدام سياسة التعاقد لرفع الأجور والحوافز. وخلال شهادته العام الماضي أمام مكتب الإدارة والميزانية قال بودستا إن 400.000 عامل يعملون في التعاقدات الحكومية، مثل عمال المقاصف وحراس الأمن والعمال في المواقع في المباني الفيدرالية، يجنون أقل من 22.000 دولار سنويا. وهو ما يعد خط الفقر بالنسبة للعائلات المكونة من أربعة أفراد، على افتراض وجود عائل واحد للأسرة. وقالت ستيرن: «يتحدث الرئيس عن رفع كثير من العائلات إلى الطبقة المتوسطة، لذا يجب على الحكومة أن تتوقع انصياع المتعاقدين للقانون، وفي الوقت ذاته يجب على المتعاقدين ألا يبنوا اقتصادا هزيلا بل يجب عليهم أن يبنوا اقتصادا إيجابيا». وقال المسؤولون الذين أحيطوا علما بالخطة إنها طورت من قبل مسؤولين في مكتب الإدارة والميزانية ومكتب المستشار القانوني للبيت الأبيض ووزارات الخزانة والعدل والعمال، وقوة عمل الطبقة المتوسطة التابعة للرئيس.

وعلى الرغم من ضغط الشركات على الإدارة من أجل الحصول على مزيد من التفاصيل فإنهم أعربوا عن رفضهم للخطة.

ونقل موقع «ذا ديلي كولر» في الرابع من فبراير (شباط) أن الخطة «ستنحاز إلى المتعاقدين الحكوميين الذين يطبقون السياسات التي رسمها المدافعون عن حقوق العمال». من جانبه، وصف راندال جونسون، نائب رئيس العمل في غرفة التجارة الأميركية الخطة بأنها «النسخة الجديدة من تشريعات الرئيس كلينتون السابقة التي سعت إلى عدم منح العقود للشركات ذات السجل السيئ في انتهاك حقوق العمال والبيئة وقوانين المستهلك، التي ألغاها الرئيس السابق جورج بوش فور توليه السلطة». وأضاف جونستون: «عارضنا بشدة تشريعات القائمة السوداء التي قامت بها إدارة كلينتون، وتبدو الخطة الجديدة أسوأ من سابقتها».

كما أرسلت السناتور سوزان كولينز وأربعة سناتورات جمهوريين آخرون أعضاء في مجلس الشيوخ في الرابع من فبراير الماضي رسالة إلى بيتر أوريسزاغ مدير مكتب البيت الأبيض للميزانية قالوا فيها «إننا قلقون من أن يتسبب فرض هذه الشروط، في وقت يعاني فيه الاقتصاد من حالة من الكساد في القطاع الخاص وميزانية حكومية متخمة بالأعباء، إلى عواقب خطيرة وسلبية، خصوصا بالنسبة للشركات الصغيرة».

توم كوبورن أحد الموقعين على الرسالة (جمهوري من أوكلاهوما)، كان ثاني اثنين داعمين، الآخر هو السيناتور باراك أوباما، لقانون يسعى إلى زيادة الشفافية والمحاسبة للمتعاقدين الحكوميين. وقد وقع الرئيس بوش على القانون في عام 2007. ويرى ديفيد مادلاند مدير مشروع العمال الأميركيين في مركز التقدم الأميركي، المؤسسة البحثية الليبرالية التي أسسها بودستا، أن السياسة الجديدة يمكن أن تخفض التكاليف الحكومية بدلا من رفعها.

وأشار إلى أن كثيرا من العمال منخفضي الأجور في الشركات المتعاقدة مع الحكومة الفيدرالية قسائم طعام ورعاية صحية، ودلل على ذلك بالدراسات التي قامت بها وزارة الإسكان والتنمية الحضرية وباحثون أكاديميون، والتي أوضحت أن المتعاقدين الفيدراليين الذين يدفعون لموظفيهم بصورة جيدة تكون إنتاجيتهم عالية وموثوق بها، في الوقت الذي تكون فيه أعمال البناء في الشركات التي تنتهك حقوق العمال أكثر رداءة. هذه السياسة تصب في صالح العمال ودافعي الضرائب والشركات الإيجابية.

وأوضح مادلاند أن إحدى الدراسات التي قامت بها ولاية ميريلاند، وجدت أنه في أعقاب طلب حكومة الولاية من الشركات دفع راتب إعاشة ارتفع عدد الشركات المتقدمة بمقدار الثلث. وأن بعض الشركات التي تقدم أجورا عالية، قالوا إنهم بدأوا في التقدم للعقود الحكومية أن السياسة الجديدة مهدت لهم الطريق. وقال أحد المسؤولين الفيدراليين إن السياسة المقترحة ستشجع مسؤولي التعاقدات على تفضيل الشركات التي تقدم أجورا أفضل إذا ما كان اختيارهم لن يزيد بصورة جوهرية من تكاليف العقد. وضرب مثالا على ذلك بالقول: إذا ما تقدمت شركتان لعقد بـ10 ملايين دولار، وإحداهما تقدم أجورا أفضل ومعاشات أفضل من الأخرى سيتم اختيار هذه الشركة.

ويرى بعض الداعمين للخطة، وحتى بعض المعارضين، في سياسة التعاقد الجديدة أن الرئيس قادر على فرضها عبر قرار تنفيذي. وأكدوا على أن الرئيس لديه صلاحيات واسعة في إصدار تشريعات تعاقدية مثلما فعل الرئيس جون كينيدي، عندما طلب من المتعاقدين الفيدراليين أن يمتلكوا شركات مكافئة لخطط فرص التوظيف. لكن بعض المعارضين للخطة قالوا إن تشريع الخطة ضروري، لأن الأوامر التنفيذية ربما تتعارض مع القوانين التي تشترط على المتعاقدين الفيدراليين دفع أجور إقليمية سائدة بالنسبة لنوع العمل الذي تقوم به الشركة. ويخشون من أن يطالب القرار التنفيذي بالمزيد من الأجور.

* خدمة «نيويورك تايمز»