استياء يوناني من التصريحات الألمانية حول بيع الجزر لسداد الديون

مسؤولة يونانية لـ «الشرق الأوسط» : على الألمان التوقف عن تصريحاتهم السلبية

قوات مكافحة الشغب تمنع المتظاهرين من الوصول إلى وزارة المالية اليونانية أمس (إ.ب.أ)
TT

تجتاح الشارع اليوناني حاليا موجة غضب كبيرة، احتجاجا على الإجراءات التقشفية الإضافية القاسية التي أقرتها الحكومة اليونانية أول من أمس من أجل إنقاذ البلاد من أزمتها المالية وتوفير مبلغ 4.8 مليار يورو.

وتتلخص الإجراءات الجديدة، وفقا لما أعلنه الناطق الرسمي باسم الحكومة اليونانية جورج بيتالوتيس، في خفض المنح والعلاوات للموظفين الحكوميين، إضافة إلى زيادة ضرائب المبيعات إلى 21 في المائة، وتجميد معاشات التقاعد وزيادة الضرائب على الدخل والممتلكات العقارية، وزيادة الرسوم المفروضة على الدخان والمحروقات والمشروبات.

كما شملت الإجراءات الجديدة خفض البدلات، وإلغاء الإعانات المقدمة من الحكومة للمؤسسات التجارية وهيئة الاتصالات والصرف الصحي، وإزالة الإعفاء من الضرائب على الكهرباء، وفرض ضرائب كبيرة على السيارات الفارهة والقوارب والمروحيات والطائرات والأحجار الكريمة والمعادن الثمينة والجلود.

وفي تصريح شديد اللهجة، أعرب الناطق الرسمي باسم الحكومة جورج بيتالوتيس عن استياء بلاده من التصريحات الألمانية تجاه عروض ببيع جزر يونانية مقابل سداد الديون، وذكر أن بلاده قادرة على سداد ديونها بنفسها من غير الاحتياج لآخرين.

وفي الوقت نفسه، ذكر وزير الخارجية اليونانية بالإنابة ديمتريس دروتساس، أن على المسؤولين الألمان التوقف عن تصريحاتهم السلبية تجاه الأزمة المالية اليونانية، مشددا على أن بلاده والحكومة اليونانية ليست في حاجة لتضامن سلبي من جيرانها في الاتحاد الأوروبي، وتستطيع مواجهة مشكلاتها معتمدة على نفسها، وأكد دروتساس في مقابلة في التلفزيون الألماني أن مثل تلك الاقتراحات ليست ملائمة في الوقت الحالي.

وكان عضوان بارزان في البرلمان الألماني، أحدهما اسمه جوزيف شارلمان من ائتلاف المستشارة أنجيلا ميركل الذي ينتمي لتيار يمين الوسط، والثاني شيفلر خبير السياسة المالية بالحزب الديمقراطي الحر، صرحا بأن على اليونان أن تدرس بيع بعض جزرها كوسيلة لتخفيض الديون والخروج من أزمتها.

وقال شارلمان لوسائل الإعلام «يتعين على (الدول) التي تواجه الإفلاس بيع كل ما تملكه لسداد (حقوق) الدائنين.. اليونان تملك مباني وشركات وجزرا غير مأهولة، ويمكنها استخدام كل ذلك لسداد الدين».

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» ذكرت مسؤولة في الحزب الاشتراكي الحاكم في اليونان، رفضت ذكر اسمها، أن على اليونان أن تطالب في الوقت الحالي ألمانيا بدفع تعويضات عن الحرب التي شنتها ضد اليونان القرن الماضي وسلبت وقتها ثروات اليونان، وأن يتوقف الألمان عن تصريحاتهم السلبية ضد اليونان.

أما جورجيا باباكوستا، وهي طالبة في كلية الحقوق، فذكرت لـ«الشرق الأوسط» أنه على الرغم من الحزن الشديد الذي يتملكها وأسرتها الفقيرة تجاه أخطاء الحكومات والوصول بالبلاد إلى هذه الدرجة، فإنها لا توافق على بيع أي متر من أرض اليونان، موضحة أن الشعب اليوناني شعب عريق وتحمل الصعاب قبل ذلك. وهو مستعد مجددا لتحمل المشاق لمواجهة الأزمة التي ضربت بلاده، ووصفت جورجيا المشكلة بأنها «كزلزال مدمر هدم ممتلكات بعض الأشخاص، وبمرور الزمن سوف يقفون على أقدامهم من جديد».

وجاءت الإجراءات اليونانية القاسية بعد أن أبلغ الاتحاد الأوروبي أثينا بضرورة خفض الإنفاق بصورة كبيرة، وبعد أن حذرت وكالات التصنيف الائتماني من خفض تصنيف الديون الحكومية في حال أخفقت أثينا في كبح مديونيتها المتعاظمة، وأيضا عقب زيارة المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية أولي رين لليونان أخيرا.

وعلى الرغم من أن هذه الإجراءات ساعدت على ارتياح بروكسل وزعماء الاتحاد الأوروبي، فإنها أشعلت الغضب في الشارع اليوناني الذي لم يشعر بعد بحجم المشكلة. ويرى الكثيرون أنهم لا يريدون تحمل أخطاء الحكومات والإدارات الفاسدة في الدولة، وأعلنت النقابات والاتحادات المختلفة في البلاد عن تنظيم إضرابات ومظاهرات احتجاجية على هذه الإجراءات.

من جانبها، دعت السكرتيرة العامة للحزب الشيوعي أليكا باباريغا العمال للخروج في مظاهرات احتجاج ضد إجراءات التقشف، وذكرت أن اليونان ليست في حاجة أن تكون عضوا داخل الاتحاد الأوروبي، لأن هذه الإجراءات هي ضد الشعب العادي وعلى عاتق المواطن البسيط، ولا يمكن للشعب أن يتحمل كل هذه الأعباء. وطالبت بإلغاء معاشات أعضاء البرلمان.

من جانبه، يسعى جورج باباندريو، رئيس الوزراء، إلى استقطاب قادة أوروبا للوقوف بجانب بلاده، فيلتقي اليوم (الجمعة) مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في باريس، وبعد غد (الأحد) مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والأربعاء القادم مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض، وذلك في محاولة يونانية لكسب التضامن الدولي، وأملا في مساعدة حاسمة وتدخل فوري إيجابي لحل الأزمة المالية اليونانية.

وقد أصدرت اليونان، أمس، سندات خزينة لعشر سنوات بهدف جمع خمسة مليارات يورو، بحسب ما أعلن مصدر في وزارة المالية اليونانية.

وأكدت هيئة إدارة الدين العام إطلاق العملية، وأشارت إلى تكليف المصرفين البريطانيين «باركليز»، و«إتش إس بي سي»، والمصرف الياباني «نومورا»، و«المصرف المركزي اليوناني» و«مصرف بيريه المحلي» إصدار السندات، بحسب المصدر نفسه. وصرح رئيس الهيئة، بيتروس كريستودولو، لموقع يوروتوداي اليوناني: «لقد بدأنا للتو. هناك اهتمام كبير، وأنا أتابع الأمر عبر الهاتف مع مستثمرين من مؤسسات مختلفة حفزتهم الإجراءات الحكومية».

وتواجه اليونان منذ عدة أشهر أزمة مالية غير مسبوقة زادت من كلفة الاقتراض في البلاد.