استطلاعات الرأي العام تشير إلى رفض الأيسلنديين إنقاذ مصرف «آيس * سيف»

النتائج لها تأثيرات سلبية على مساعي انضمام البلاد للاتحاد الأوروبي

TT

صوت الأيسلنديون، أمس، في استفتاء على الاتفاق المالي الدولي، لإنقاذ مصرف «آيس * سيف»، الذي حاولت الحكومة الأيسلندية حتى آخر لحظة التفاوض بشأن بنوده مع البريطانيين والهولنديين، نظرا إلى الاستياء الذي يثيره. ويتوقع أن تصدر النتائج الجزئية الأولى بعيد إغلاق مراكز الاقتراع في المدن الكبرى، أما النتائج النهائية فستعلن ليلا. وترجح استطلاعات الرأي رفض الأيسلنديين للاستفتاء، مما قد يجمد مساعدات أجنبية ضرورية لتنشيط اقتصاد البلاد المنهار، ووصلت نسبة الرفض بين الأيسلنديين في استطلاعات الرأي إلى أكثر من 70 في المائة. ويذكر أنه جرى التوصل إلى اتفاق بين الأطراف الثلاثة أيسلندا وبريطانيا وهولندا، نهاية العام الماضي ووافق عليه البرلمان الأيسلندي، لكن الرئيس الأيسلندي اعترض على الاتفاق.

والنص المطروح للاستفتاء هو اتفاق ينظم تسديد ريكيافيك لمبلغ 3.9 مليار يورو حتى 2024، كانت دفعته لندن ولاهاي لدفع تعويضات للمودعين البريطانيين والهولنديين، الذين تضرروا من إفلاس المصرف أكتوبر (تشرين الأول) 2008.

وأعربت هولندا وقتها عن انزعاجها الشديد لتطورات ملف رفض الرئيس الأيسلندي، أولاف راجنار جريمسون، التوقيع على مشروع القانون الذي أقره البرلمان، ويقضي بدفع بلاده ثلاثة فاصل ثمانية مليارات يورو كالتزامات مالية لبريطانيا وهولندا، اللتين عوضتا جزئيا أكثر من ثلاثمائة ألف مودع من بلدهما فقدوا مدخراتهم، عندما انهارت البنوك الأيسلندية عام 2008. وبعد ذلك دعا الرئيس الأيسلندي إلى استفتاء شعبي حول هذا الصدد. ويقول الناشطون في الحملة ضد مشروع القانون إنه يحمل الشعب الأيسلندي جريرة أخطاء البنوك، إذ قد يصل نصيب المواطن الأيسلندي الواحد من هذه التعويضات 12000 يورو، أي ما يعادل 17300 دولارا. وقال الرئيس الأيسلندي عند إعلانه الدعوة لإجراء استفتاء على مشروع القانون، إن الشعب الأيسلندي له الحق في الاختيار، وأضاف: «ومن واجب الرئيس الأيسلندي ضمان أن الأمة تحدد خيارها.. لقد قررت أخذ القانون الجديد إلى الأمة».

وكرد فعل على قرار الرئيس، أعلن البرلمان الأيسلندي الذي أقر مشروع القانون الشهر الماضي، أن هذه الحركة ستسيء أكثر إلى صورة أيسلندا في الخارج. وحذرت جوانا سيجورداردوتير، رئيسة وزراء أيسلندا، قائلة: «التردد في التعاملات الرسمية مع الدول الأخرى، يمكن أن يكون له عواقب غير منظورة قد تضر مجتمعنا على المدى البعيد». وقال اللورد ماينرز، وزير المصارف المسؤول عن «مركز لندن المالي»، إنه يشارك البرلمان الأيسلندي خيبة أمله من القرار، وحذر الشعب من التصويت في الاستفتاء ضد مشروع القانون. وقال مخاطبا الأيسلنديين: «إذا اتخذتم هذا القرار، فإن ذلك سيعني بقوة أن أيسلندا لا تريد أن تكون جزءا من النظام المالي العالمي». ويرى الكثير من المراقبين في بروكسل، أن تأثيرات هذا القرار على المدى الطويل ستكون خطيرة جدا لأسباب سياسية واقتصادية، وأنها تبدو كضربة لآمال البلاد في الدخول السريع إلى الاتحاد الأوروبي، كما أنها تلقي بالشكوك على إمكان تلقي أيسلندا لمساعدات مالية أخرى من المانحين الدوليين. وكانت أزمة انهيار البنوك الأيسلندية قد أجبرتها على اقتراض مليارات الدولارات من صندوق النقد الدولي، وهي قروض مشروطة بحل مشكلة تعويضات سندات الإيداع. ويأتي الاستفتاء بعد أن أعطت المفوضية الأوروبية في بروكسل بصفتها الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي، الضوء الأخضر لفتح باب التفاوض مع أيسلندا، بعد أن أعلنت الحكومة الأيسلندية عن مساعيها، لحل مشكلة سداد أكثر من خمسة مليارات دولار لكل من الحكومة البريطانية والهولندية نتيجة الإعصار المالي الذي عصف بالبلاد. وكانت رئيسة الوزراء الأيسلندية طلبت من قادة أوروبا الفصل بين ملف حسابات الادخار لبنك «آيس * سيف»، والمساعدات الموعودة لاقتصاد الجزيرة المتعثر. وترى المفوضية أن أيسلندا تتقاسم مع الاتحاد الأوروبي الكثير من القيم الأساسية كالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان. مشيرة إلى أن المفاوضات مع أيسلندا ستتبع الطرق التقليدية نفسها التي تتبعها أي دولة تريد اللحاق بالركب الأوروبي الموحد، حيث «يتعين على المجلس الوزاري الأوروبي الآن اتخاذ قرار رسمي بشأن بدء التفاوض مع أيسلندا»، بحسب المفوض الأوروبي لشؤون التوسعة وسياسة الجوار، ستيفان فول. وحسب الكثير من المراقبين في بروكسل، نفذت أيسلندا سابقا ما سيطلب منها لعضوية الاتحاد، وبخاصة على الصعيد الاقتصادي كونها عضوا في المنطقة الاقتصادية الأوروبية منذ خمسة عشر عاما. لكن، من المتوقع أن تطلب المفوضية من أيسلندا بذل جهود حثيثة في مجالات عدة، مثل: الصيد والزراعة والتنمية الريفية والبيئة، وضمان حرية حركة رؤوس الأموال والخدمات المالية عبر حدودها.

والجدير بالذكر أنه يتعين على أي دولة تطلب الانضمام للاتحاد الأوروبي الوفاء بمعايير كوبنهاغن، التي تم تحديدها عام 1993، وتتعلق بتوافق الدولة المرشحة مع القوانين والالتزامات الأوروبية كافة. وجاء قرار المفوضية كرد على الطلب الذي تقدمت ريكيافيك في يوليو (تموز) الماضي من أجل الالتحاق بالركب الأوروبي.