«شحّ المحصول» و«بنوك أميركية» تلهبان أسعار «البّن» و«الهيل» في منطقة الخليج

موردون لـ «الشرق الأوسط»: استقرار مرتقب لسعر «القهوة» وارتفاع مرشح لـ«الهيل» في الأسواق مع قرب رمضان المبارك

حبوب الهيل معروضة أمس في أحد محال العاصمة السعودية الرياض حيث تضاعفت أسعاره عدة مرات متأثرا بعوامل عالمية (تصوير: مسفر الدوسري)
TT

كشف لـ«الشرق الأوسط» تجار خليجيون أن «شح المحصول» في غواتيمالا وتأخر موسم حصاد المحصول في البرازيل وإحجام البنوك الأميركية عن فتح الاعتمادات متأثرة بالأزمة المالية العالمية، تسببت في مضاعفة رفع أسعار «البن» و«الهيل» وهي من السلع الرئيسية في منطقة الخليج العربي خلال الشهور الخمسة الأخيرة.

وقال أمس مستوردون في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن عمليات المضاربة على منتجات السلع في الأسواق العالمية عززت من ظروف المحصول العالمي من «البن» و«الهيل» في مناطق أميركا الجنوبية المعروفة بهذه السلع، متوقعين أن تتجه أسعار «البن» إلى الاستقرار على معدلاتها الحالية في وقت يرشح أن تستمر أسعار «الهيل» في تسجيل قفزة سعرية بنسبة 30 في المائة حتى رمضان المبارك.

ومعلوم أن مواطني بلدان مجلس التعاون الخليجي (31 مليون نسمة) اعتادوا شرب القهوة العربية المنكهة بـ«الهيل» مما جعل المنطقة تستهلك أكثر من 80 في المائة من حجم الإنتاج العالمي منه، بينما تعد في صفوف الدول الأكثر استهلاكا للبن.

وقال عبد العزيز بن علي الحميضي أحد كبار المستوردين لـ«القهوة» و«الهيل» إن أسعار البن ارتفعت بشكل دراماتيكي في الشهور الـ5 الماضية حينما صعدت أسعاره عالميا متزامنة مع ارتفاع مؤشر أسعار السلع وارتفاع أسعار العقود الآجلة في سوق نيويورك. مشيرا إلى أن البرازيل الدولة المؤثرة في العالم شهدت اضطرابا في المحصول الذي قل بشكل بسيط وسط مضاربات العقود الآجلة والأسواق العاملة مع خروج المتعاملين من الأسواق المالية باتجاه الاستثمار في السلع الرئيسية.

وقال الحميضي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن الارتفاع جاء بشكل تدريجي خلال 5 سنوات ماضية وصولا إلى 70 في المائة من أسعاره في 2006 إذ سجلت آخر الأسعار السوقية لطن البن البرازيلي 2150 دولارا للطن الواحد لنوع «ريو - مايناس» و2250 دولارا لنوع «سانتوس» اللذان يعدان من أفضل الأنواع المتداولة في الأسواق المحلية الخليجية.

وأضاف الحميضي أن هناك منافسا عالميا للبرازيل المتمثل في دولة الهند التي تصدر نوع «بلينتاشن آي آي» حيث يبلغ قيمة طنها 4100 دولار، وهو ذو جودة عالية، عام 2009 بينما كان في 2006 إلى 2008 بحدود 2800 إلى 3000 دولار، مضيفا أن القهوة الحبشية وهي الأكثر انتشارا من صنف «هرري» بلغ سعرها 3600 دولار وصنف «لوغمتي» بسعر 2500 دولار. ولكن الحميضي، الذي توزع شركته على كل بلدان الخليج العربي، عاد للتأكيد بأن الصورة قاتمة حيال مستقبل أسعار البن إذ إن المحصول البرازيلي يحصد في يونيو (حزيران) المقبل بينما تنبثق التنبؤات في شهر أبريل (نيسان) من كل عام حول كثير من العوامل التي ستؤثر على مستقبل السعر مثل الأجواء والبيئة وحجم الطلب العالمي. ولفت الحميضي إلى أن المرشح هو استقرار أسعار القهوة رغم انخفاض حجم المحصول وتزايد الاستهلاك مع ارتفاع عدد السكان في العالم وتنامي سوق «محال القهوة» واكتشاف أنواع جديدة للقهوة بنكهاتها المختلفة، إضافة إلى ارتفاع أسعار النفط التي ترفع تكلفة التشغيل. وأفصح الحميضي أن «الهيل» قفز بما يعادل 100 في المائة خلال 8 شهور مضت وبأكثر من 700 في المائة خلال 5 سنوات، ووصل سقفا سعريا عاليا في أكتوبر (تشرين الأول) المنصرم من 41.2 ألف ريال إلى 97.5 للطن الواحد نتيجة شح المحصول، إضافة إلى تداعيات الأزمة المالية العالمية حيث أثرت على البنوك الأميركية.

وقال الحميضي: «البنوك في أميركا اتجهت إلى إيقاف الاعتمادات وتصعيب استخراجها على الشركات والتمويل بإعطاء قروض التشغيل مع تداعيات الأزمة العالمية حيث اضطرت البنوك إلى إيقاف التمويل مقابل بقاء عدد محدود أقل من 10 شركات استطاعت أن تواصل عملها وتتحكم في تحرك الأسعار».

وأفاد أن غواتيمالا تعد واحدة من أهم المصدرين بينما تأتي الهند ثانيا فكولومبيا بكميات قليلة. بيد أن الهند تعتبر مصدرا عالميا رئيسيا حيث تحرك التجار الهنود مع تراجع الكميات في العالم إلى استغلال الموقف والتفاعل مع تصعيد الأسعار، مرشحا ارتفاع الهيل مع قرب موسم رمضان مع زيادة الطلب الموسمي.

ولفت الحميضي إلى أن مما يزيد الترشيحات هو انتهاء موسم المحصول بداية العام حيث لا يوجد إلا في شهر أكتوبر المقبل مما يضطر التجار إلى المضي في السياسة السعرية الحالية، بل وربما الارتفاع بمعدلات 20 إلى 30 في المائة، مضيفا أنه لن يطفئه إلا من تحرك بعض التجار الكبار لتصريف المخزون بطاقته الاستيعابية الكاملة.

يذكر أن الحكومة السعودية أعفت أصنافا كثيرة من حبوب السلع الرئيسية من تكبد تكاليف الجمارك المستوردة للمملكة منها «البّن» باعتباره حبوبا بينما المطحون أو المحموس يدفع عليه 5 في المائة جمارك. ومن بين السلع الرئيسية المعفاة الشاي والهيل. من ناحيته، أبان فهد العتيبي صاحب شركة «حليوة» للتجارة المختصة بتوريد البن والهيل أن جميع أصناف القهوة طالها الارتفاع، ومن بينها النوع الهندي «الريحان» الذي ارتفع سعره من 70 ألف ريال ليبلغ حاليا 110 ألف ريال للطن الواحد نتيجة تأخر محصول غواتيمالا لذا زادوا في سعره. مشددا على أن التجار المحليين في بلدان الخليج ليس لهم علاقة بالارتفاع وإنما المصدر الرئيسي.

ويتفق العتيبي مع الحميضي فيما يخص سبب ارتفاع سعر الهيل الهندي الذي استفاد من الظروف في مزارع غواتيمالا ووضع الشركات الأميركية ليستفيد من الفرصة المتاحة ويتمسك بذات مستوى الأسعار القائمة.

ولفت العتيبي أن مدة سفر رحلة الهيل والقهوة تمتد إلى شهرين في البواخر من أميركا الوسطى بينما يتحصل التجار على أطنان طلبياتهم بين 7 إلى 10 أيام من الطائرات القادمة من الهند، موضحا أن البن والهيل متوفران بكميات تغطي حاجة السوق للمرحلة الحالية.

وأفصح العتيبي عن تحرك التجار لتخفيض البن بواقع 2.5 في المائة في محاولة لدعم حركة المبيعات التي تراجعت نتيجة ارتفاع الأسعار مؤخرا مما أدى إلى تقليص الكميات المستهلكة وتراجع عدد الزبائن.