4.2 مليار دولار استثمارات سعودية في لبنان.. و600 مشروع مشترك

فيما تصل الاستثمارات اللبنانية في المملكة إلى نحو ملياري دولار

TT

لا يقل الجانب الاقتصادي أهمية عن الجوانب السياسية والاجتماعية والإنسانية في العلاقات التاريخية بين لبنان والسعودية. وسيكون هذا الجانب من المواضيع المهمة لمباحثات القمة بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس ميشال سليمان واللقاءات الموازية على المستوى الوزاري، ضمن فعاليات الزيارة الرئاسية التي بدأها أمس الرئيس اللبناني إلى المملكة.

فالمملكة شريك اقتصادي استراتيجي للبنان، حيث إن الاستثمارات السعودية تمثل ما يزيد على 40 في المائة من الاستثمارات العربية الخاصة في لبنان. وتقدر حاليا، وفق مجلس الغرف السعودية، بنحو 16 مليار ريال (4.2 مليار دولار) في لبنان يستقطب الاستثمار العقاري الشريحة الأكبر منها. فيما يبلغ حجم الاستثمارات اللبنانية في المملكة نحو ملياري دولار. وهناك نحو 600 مشروع مشترك معظمها في مجال الخدمات، تمثل نحو 3.1 في المائة من إجمالي الاستثمارات العربية وفق اتحاد الغرف اللبنانية. وتستضيف المملكة على أرضها أكثر من 150 ألف لبناني أسهموا في حركة البناء والتشييد التي شهدتها على مدار السنوات الماضية، كما يأتي السائح السعودي في المقدمة بين الزائرين للبنان بمعدل وصل إلى 120 ألف سائح سنويا.

وقد لخص رئيس الحكومة سعد الحريري أمام حشد من رجال الأعمال السعوديين واللبنانيين، خلال ملتقى نظمته مجموعة الاقتصاد والأعمال في بيروت أواخر العام الماضي، طبيعة التناغم في العلاقات الاقتصادية بين البلدين فقال: «صحيح أن القطاع الخاص السعودي اكتشف في وقت مبكر جدا الخليط الفريد من الإنتاجية والمهارة من الإبداع والتفوق والانفتاح الذي يميز اللبنانيين واللبنانيات فأعطاهم الفرصة للمساهمة في بناء النهضة الباهرة التي تعيشها المملكة منذ أواسط القرن الماضي ولا تزال. لكن الحقيقة أن هذا التفاعل لما كان ممكنا لولا أن قيادة المملكة وحكومتها وشعبها كانت وما زالت تعتمد سياسة الأذرع المفتوحة أمام جميع اللبنانيين تماما كما أنها اليوم تقف - كما دائما بقيادة خادم الحرمين الشريفين - إلى جانب لبنان وشعبه وقضاياه، وتسهم كما أسهمت على الدوام ماديا ومعنويا وسياسيا في إعادته إلى توازنه، بعد كل كبوة داخلية وبعد كل عدوان إسرائيلي عليه».

ويرتقب أن يتم التأكيد، خلال المباحثات، على عمق العلاقات الاقتصادية القائمة بين البلدين والتي تتسم بالتنوع والشمولية، يحققها القطاع الخاص في البلدين تحت مظلة علاقات سياسية مميزة. والتنويه بالدعم الكبير الذي توفره المملكة للبنان من خلال الدعم الحكومي عبر الهبات والمساعدات ومن خلال الصندوق السعودي للتنمية عبر القروض الميسرة والمنح. كذلك التنويه بحجم وتنامي الاستثمارات السعودية في لبنان والتي تتوجه نحو قطاعات عدة أبرزها العقار والمصارف والسياحة، والدور الذي تلعبه الجالية اللبنانية في المملكة في المساهمة بتنشيط وتطوير الاقتصاد السعودي.

لكن رغم الطابع الاستراتيجي والتاريخي للعلاقات الاقتصادية، فقد كشفت أوراق العمل والمداخلات والمناقشات في الملتقى المتخصص، أهمية العمل على تنمية التبادل التجاري بين البلدين من خلال توفير الشروط اللازمة لقيام مشروعات إنتاجية في البلدين، والسعي إلى إنشاء صندوق للتنمية الصناعية في لبنان، على غرار الصندوق السعودي للتنمية، يمكن أن تسهم فيه جهات عربية ودولية متخصّصة، ودعوة الحكومة اللبنانية للعمل على إنشاء هذا الصندوق. والعمل على إنشاء مركز لتنمية الصادرات والترويج لها في لبنان، والاستفادة من تجربة برنامج الصادرات السعودية، ودعوة المستثمرين ورجال الأعمال اللبنانيين للاستفادة من الفرص الاستثمارية التي توفرها الاستراتيجية الصناعية الجديدة التي أقرّتها الحكومة السعودية حتى العام 2020.

ويحث رجال الأعمال اللبنانيين نظراءهم السعوديين على تنويع استثماراتهم في لبنان لا سيما في مجالات الصناعات الغذائية والطاقة والمعلوماتية. ودراسة إمكانات إنشاء صندوق لدعم الطاقة في لبنان بهدف المساهمة في خفض تكلفة الإنتاج الصناعي وتعزيز مزاياه التنافسية. وتنمية التعاون بين المصارف في البلدين في مجال القروض المشتركة وتمويل احتياجات الشركات الكبرى بعد انكفاء البنوك الأجنبية إثر الأزمة المالية العالمية، وبحث إمكانات التعاون في سوق السندات العادية والإسلامية الذي أقرّته السوق المالية السعودية استنادا إلى خبرة المصارف اللبنانية في إدارة الإصدارات السيادية وخبرة المصارف السعودية في إصدارات الصكوك. كذلك التعاون في إصدارات الأسهم الأولية والمشاورة في عمليات الدمج والحيازة.

ويتم التأكيد باستمرار على أهمية تعزيز التعاون السياحي بين البلدين من خلال الترويج للفرص الاستثمارية السياحية المتاحة بالبلدين. واستصدار بعض القوانين والتشريعات في لبنان بهدف تيسير وتشجيع الاستثمار السياحي. والاستفادة من الخبرات اللبنانية في المجال السياحي لتدريب وتأهيل الكوادر السعودية، وإقامة ورش عمل متخصّصة بين البلدين لدراسة مشاريع سياحية محددة. وضرورة تحسين البنية التحتية في لبنان كشرط حيوي لتنشيط السياحة والاستثمار السياحي، خصوصا في مجالي الكهرباء والمياه.

كما يتم التأكيد على جاذبية الاستثمار في العقار اللبناني الذي بقي بمنأى عن تداعيات الأزمة المالية العالمية، نظرا إلى ارتكازه إلى طلب حقيقي سواء من الداخل أو من الخارج. والتأكيد على جاذبية الاستثمار في القطاع العقاري السعودي لا سيما في ظل توقّع صدور مجموعة من التشريعات تتعلّق بالرهن والتمويل والتسويق العقاري وإدارة المباني.