تقرير: 74% من المقيمين في الشرق الأوسط يشعرون بأنهم تأثروا شخصيا بالأزمة المالية العالمية

تفاوت «هائل» في المرتبات من دولة إلى أخرى.. وقطر تتقدم على الإمارات بتسجيلها أعلى رواتب في المنطقة

TT

سجل معدل الرضا عن الرواتب في أنحاء الشرق الأوسط انخفاضا بنقطتين مئويتين فيما يتعلق بالعاملين الراضين جدا عن رواتبهم، وفقا لآخر استطلاع أجراه موقع «Bayt.com»، أكبر موقع للتوظيف في الشرق الأوسط، بالتعاون مع شركة «YouGov Siraj» المختصة بالأبحاث. وفي مقاربة لهذا المعدل، قال 5% فقط من المقيمين في الإمارات العربية المتحدة إنهم راضون جدا عن رواتبهم. وقد جاءت الصورة متقاربة في باقي دول الخليج والشرق الأوسط، حيث وصلت النسبة إلى الذروة في قطر، إذ بلغت نحو 7% من الراضين بشكل كبير عن رواتبهم، في مقابل أدنى نسبة سجلتها سورية بنحو 2% من العاملين الراضين بشكل كبير عن رواتبهم.

أما بالنسبة لباقي أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن معدل الرواتب الشهري يتفاوت بشكل هائل من دولة إلى أخرى، حسبما جاء في الاستطلاع. وفي هذا العام، تفوقت قطر على الإمارات العربية المتحدة من حيث ضخامة حجم الرواتب، وذلك بوجود أكثر من ثلث العاملين في قطر، أي ما نسبته 39%، ممن يحصلون على رواتب شهرية تتراوح بين 3001 و8000 دولار أميركي، في الوقت الذي كانت فيه هذه النسبة في الإمارات 37%. وكان من غير المثير للدهشة أن منطقة الخليج لديها أكبر عدد من العاملين ممن يحصلون على أعلى الرواتب: إذ بلغت نسبة من يحصلون على أكثر من 8000 دولار شهريا في قطر نحو 12%، في مقابل 10% من العاملين في الإمارات العربية المتحدة، و7% في البحرين، و6% في الكويت، و3% في كل من المملكة العربية السعودية وعمان.

ووفقا لما جاء في الموجة السابقة من الاستطلاع، كان المقيمون في بلدان شمال أفريقيا في كل من الجزائر ومصر والمغرب هم من يحصلون على أدنى الأجور في المنطقة، على الرغم من أن العدد الإجمالي للذين يحصلون على مستوى متدن من الرواتب شهد انخفاضا في كل دولة. أما في هذا العام، فإن 50% من المقيمين في الجزائر يكسبون ما يقل عن 500 دولار شهريا، مقارنة بـ54% في العام الماضي. أما في مصر، فإن 41% من العاملين يحصلون على ما يصل إلى 400 دولار شهريا، في مقابل 40% من العاملين في المغرب، في الوقت الذي يحصل فيه 2% منهم على ما يزيد على 8000 دولار شهريا. أما بالنسبة لمصر، فإن 1% فقط من العاملين في مصر يحصلون على هذا المبلغ.

تجدر الإشارة إلى أن إجراء «دراسة الرواتب في الشرق الأوسط» يتم بشكل سنوي بالتعاون بين «Bayt.com» و«YouGov Siraj»، وجرى تصميمه للبحث في المستويات الحالية للأجور والعلاوات في المنطقة، إلى جانب قياس رأي الموظفين ومستويات الرضا عن الرواتب التي يتلقونها وكيفية توافقها مع كلفة المعيشة.

وتعليقا على ذلك، صرح ربيع عطايا، الرئيس التنفيذي لـ«شركة Bayt.com»، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه «هناك طلب هائل على الأرقام الدقيقة لمستويات الرواتب في منطقة الشرق الأوسط في مختلف الصناعات وأدوار الوظائف والمستويات المهنية».

وأضاف قائلا «نستطيع إلقاء الضوء على ماهية مستوى الرواتب التي يحصل عليها الأفراد، ومعرفة ما إذا كانوا راضين بالفعل أو غير راضين عما يدفع لهم من أجور، إضافة إلى توقعاتهم فيما يخص الرواتب في المستقبل والأحوال الاقتصادية من خلال إجراء استطلاع الرواتب الشامل العابر للمناطق والصناعات المختلفة والذي يغطي العاملين في كل من بلاد الشام ومنطقة الخليج وشمال أفريقيا».

كما يتم تجميع البيانات المتعلقة جزئيا من خلال النظر فيما إذا كانت زيادات متوسط الرواتب كانت متوافقة مع متوسط ارتفاع تكلفة المعيشة. ومثلما وجد الاستطلاع السابق الذي أجراه «Bayt.com»، شعر العاملون بشكل عميق بأن متوسط زيادة الرواتب لم يعكس ارتفاع تكلفة المعيشة في أي من الدول التي شملها الاستطلاع. وفي المجمل، شعر العاملون في منطقة الشرق الأوسط بأن تكاليف المعيشة قفزت بمعدل 24%، على الرغم من ارتفاع الرواتب بنسبة 7% فقط، أي بنسبة أكثر من الثلثين. أما في الإمارات العربية المتحدة، فقال المشاركون إن تكاليف المعيشة ازدادت بنسبة 22%، في الوقت الذي كان فيه معدل الزيادة في الرواتب 6% فقط.

أما في هذا العام، فكانت سورية هي البلد الذي شهد أكبر تفاوت بين ارتفاع تكاليف المعيشة مقارنة بالزيادة الحاصلة في الرواتب، حيث شعر المشاركون بأن تكلفة المعيشة قفزت بنسبة 28%، في الوقت الذي ازدادت فيه الرواتب بنسبة 9% فقط. وجاء بعدها مباشرة كل من المملكة العربية السعودية والأردن، حيث شهد كل منهما تفاوتا قدره 18% بين ارتفاع مستوى الرواتب وارتفاع تكلفة المعيشة. وفي الوقت الذي كانت فيه الفجوات كبيرة بين زيادات الرواتب وارتفاع تكاليف المعيشة، فإن هذه الفجوة كانت الأقل في تونس وقطر، حيث سجلت كل منهما ما نسبته 12%، وقد سجلت كل من المغرب والبحرين فجوة قدرها 14%.

وكان من المثير للاهتمام أنه طُلب من الذين شملهم الاستطلاع أن يقارنوا بين ارتفاع الرواتب للفترة الواقعة بين ديسمبر (كانون الثاني) 2008 وديسمبر 2009، وكذلك ارتفاع الرواتب للفترة الواقعة بين ديسمبر 2007 وديسمبر 2008. وحسبما جاء في نتائج الدول التي غطاها الاستطلاع، كانت زيادات الرواتب للفترة الواقعة بين 2007 و2008 أعلى من مثيلتها في العام اللاحق، الأمر الذي قد يظهر تأثير الركود على الرواتب في المنطقة. وفي المتوسط، كانت ارتفاعات الرواتب في 2007 - 2008 نحو 9%، مقارنة بمعدل قدره 7.3% في العام الذي تبعه.

وبحث استطلاع الرواتب لهذا العام مستوى رضا المشاركين عن زيادة الأجور التي حصلوا عليها. وبالنسبة للجزء الأكبر، وصلت نسبة المشاركين الذين لم يتلقوا زيادة في الرواتب إلى 44%. وقد بلغت هذه النسبة في الإمارات العربية المتحدة نحو 55%، في مقابل نسبة هائلة في الكويت بلغت 59%، وهي أعلى نسبة مسجلة بين الدول المشمولة بالاستطلاع. وفي الإمارات العربية المتحدة، قال 4% فقط من العاملين إنهم سعداء جدا بالزيادة التي حصلوا عليها، وعبر 7% عن عدم سعادتهم بشكل كبير، فيما اعتبر 13% أنفسهم غير سعداء، في الوقت الذي اتفق فيه 6% فقط على أن ارتفاعات الأجور كانت عادلة إذا ما أخذنا الأزمة الاقتصادية بعين الاعتبار.

وتطرق الاستطلاع إلى النسبة التي نجح الأفراد في ادخارها من رواتبهم شهريا. وقد أظهرت النتائج نسبة عالية قدرها 38% من الذين لم يستطيعوا ادخار أي شيء من رواتبهم الشهرية على الإطلاق. وكانت كل من الأردن والمغرب وسورية هي الدول التي أظهر المشاركون فيها أن احتمال الادخار ضعيف لديهم، وقد جاءت النسب 54% و51% و50% على التوالي ممن صرحوا بأنهم لا يدخرون أي مال على أساس شهري. وكان المشاركون في قطر هم أفضل المدخرين، فقد قال 74% من المشاركين فيها إنهم تمكنوا من ادخار مال كل شهر، وتبعهم في هذا المنحى 71% من المشاركين في عمان.

وعلى الرغم من عدم السعادة الناشئة عن زيادات الأجور، فإن المشاركين في المنطقة لا يزالون يؤمنون بأنهم أفضل من غيرهم فيما يتعلق بنوعية الحياة التي يعيشونها في بلد الإقامة عندما قورنوا بنظرائهم. وفي الإمارات العربية المتحدة، قال 42% من العاملين فيها إنهم أفضل من الآخرين، في حين قال 40% إنهم في نطاق المعدل. أما على الجانب الآخر، فقال 14% فقط من المشاركين إنهم في وضع أسوأ من الآخرين. أما في الأردن، فقال المشاركون إنهم يشعرون بأن ظروفهم أسوأ مع وجود 21% من المستطلعة آراؤهم ممن قالوا إن ظروفهم أسوأ من الآخرين في جيلهم.

وقالت جوانا لونغوورث، مديرة التسويق في «YouGov Siraj»: «على أرباب العمل والعمال الاطلاع على مثل هذه الدراسة لمساعدتهم في قياس ما عليهم دفعه وما عليهم توقعه على التوالي. فنظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التي مر بها العالم السنة الماضية، من غير المفاجئ أن لم يكن قد حصل هذا العدد الكبير من العمال على زيادة راتب. إلا أن عددا كبيرا من العاملين في المنطقة يشعرون بأن أوضاعهم أفضل من آخرين من حيث نوعية الحياة. وهذا يظهر أنهم على الرغم من شعورهم بعدم الرضا إزاء عدم حصولهم على زيادة رواتبهم أو حيال الوضع الاقتصادي الحالي، فإنهم في الواقع لا يزالون يشعرون بأنهم في وضع جيد نسبيا».

وقد أظهرت الدراسة أيضا أن 74% من المقيمين في منطقة الشرق الأوسط يشعرون بأنهم تأثروا شخصيا بالأزمة المالية العالمية. أما في الإمارات العربية المتحدة فكانت هذه النسبة أعلى بقليل من هذا المعدل، حيث وصلت إلى 75% مع وجود 25% فقط ممن يقولون إنهم لم يتأثروا بتلك الأزمة. أما أكثر البلاد تأثرا ضمن الدول التي شملها الاستطلاع، فقد كان الأردن بنسبة 81%. وكانت عمان ولبنان أقل الدول تأثرا بوجود 57% و58% على التوالي ممن قالوا إنهم تأثروا بهذه الأزمة.

وعندما طُرح سؤال على المشاركين عن شعورهم نحو المناخ الاقتصادي الحالي فيما يتعلق بسوق العمل، قال ما يقرب من 22% منهم إنهم يشعرون بالتفاؤل حيال نمو اقتصادي قوي في بلد الإقامة، وإن المزيد من فرص العمل ستكون متوافرة في غضون عام من الآن. وعلى النقيض مما جاء في الموجة السابقة من الاستطلاع، حيث كان العاملون في المنطقة متشائمين بشكل كبير حيال المستقبل، شعر 18% فقط بالتشاؤم حيال المستقبل، الأمر الذي يشكل تحسنا عاما فيما يتعلق بالتفاؤل. وكانت عمان والمغرب هما الدولتان الأكثر تفاؤلا حيال المستقبل، إذ قال 34% و28% على التوالي فيهما إنهم متفائلون جدا، في الوقت الذي كان فيه الأردن ولبنان أقل الدول تفاؤلا بوجود 16% و14% على التوالي من العاملين فيهما الذين صرحوا بأنهم متفائلون جدا. أما في الإمارات العربية المتحدة فقال 13% فقط إنهم متشائمون جدا، فيما قال 22% إنهم متفائلون جدا.

واختتم عطايا بقوله «يفيد استطلاع الرواتب في رسم صورة واضحة عن الأوضاع الاقتصادية داخل بلد ما، كما يسمح للمؤسسات وأصحاب الوظائف والمستثمرين في مختلف أنواع الصناعات أن يروا كيف أن مستويات الرواتب تتغير من عام لآخر. إن إجراء مثل هذا الاستطلاع يمكننا من تزويد المؤسسات في أنحاء المنطقة بقيمة مضافة من خلال منحها نظرة معمقة نحو الاتجاهات الحالية، وكذلك الشعور السائد في سوق العمل، الأمر الذي يمكن استخدامه كقوة داعمة لإحداث تغيير مؤثر».

تجدر الإشارة إلى أن البيانات الإحصائية لدراسة الرواتب في الشرق الأوسط 2010، تم جمعها على شبكة الإنترنت في شهر فبراير (شباط) 2010 بمشاركة 10699 شخصا لهذا الغرض في كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والسعودية وقطر وعمان والكويت والبحرين وسورية ولبنان ومصر والمغرب وتونس والجزائر. وقد شمل الاستطلاع كلا من الذكور والإناث الذين تتجاوز أعمارهم 20 عاما من جميع الجنسيات.