النعيمي: «أوبك» لن تخفض إنتاجها حتى لا ترتفع الأسعار

الأنظار تتجه إلى اجتماعها الوزاري اليوم > أنغولا قد تطلب استثناءها من الحصص المقررة في حال خفضها

وزير البترول السعودي المهندس علي إبراهيم النعيمي (رويترز)
TT

في لهجة تفيض بالتفاؤل كرر وزير البترول السعودي المهندس علي إبراهيم النعيمي الحديث عن مؤشرات تفصح عن تحسن يتجه نحو الأوضاع الاقتصادية، نافيا وجود أي ضرورة تدفع بمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) لإحداث تغيير في سقفها الحالي للإنتاج. وأبان في تصريحات أدلى بها مرتين أمام حشود من الصحافيين بالعاصمة النمساوية فيينا حيث تعقد «أوبك» اليوم اجتماعها الوزاري رقم 156 أن أسواق النفط في حالة توازن وأن الأسعار مناسبة، كما أن المخزونات في حالة انخفاض، مشددا أن «أوبك» لن تخفض إنتاجها لتدفع بالأسعار صعودا. من جانبها، كانت سكرتارية المنظمة التي تحتفل هذا العام بيوبيلها الذهبي، والتي تغذي أسواق النفط العالمية بما يقدر بـ40 في المائة من احتياجاتها، قد ذكرت في نشرتها اليومية أن أسعار سلة النفط التي تنتجها المنظمة قد سجلت أمس 76.24 دولار للبرميل. هذا وكان النعيمي قد وصل إلى فيينا حيث مقر منظمة «أوبك» في ساعة متأخرة أول من أمس، قائدا لوفد بلاده للمشاركة في اجتماع وزاري سبقته تصريحات أجمعت على أن الاجتماع لن يقرر تغييرا في سقف الإنتاج الحالي للمنظمة. من جانبه، كان وزير النفط القطري الشيخ عبد الله بن حمد العطية قد زاد على تلك التأكيدات مضيفا أن السوق تحظى بإمدادات كافية. موضحا أن الاجتماع سيبحث ضرورة الالتزام بقيود الإنتاج الحالية، فيما نفى وزير النفط الإماراتي، عبد الله الهاملي حدوث أي مفاجآت مبينا أن الاجتماع سيكون سلسا. وقد نقلت عنه بعض وكالات الأنباء تصريحا عكس خيبة أمله في التقيد بالحصص الإنتاجية المقررة. ووفقا لما يرد ذكره في البيانات الرسمية لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، فإن إنتاج «أوبك» يصل إلى 28.48 مليون برميل يوميا، إلا أن تقارير ليست بالقليلة أو الضئيلة تشكك في مصداقية هذا الرقم في الواقع المعاش.

وأوضحت البيانات أن الإنتاج الحقيقي لـ12 دولة أعضاء المنظمة (باستثناء العراق) التي من المفترض أن تكون جميعها ملتزمة بما تقرر لها من حصة يفوق ذلك الإنتاج الرسمي بما قد يصل إلى مليوني برميل يوميا. وأكدت أن نسبة الالتزام لا تزيد عن 53 في المائة، وذلك بسبب التجاوزات التي تقدم عليها بعض الدول الأعضاء دون مواراة كما جاء في تصريح نقلته وكالة «رويترز» أمس عن وزير النفط الأنغولي، بوتيلو دي فاسكونسيلوس، الرئيس الأسبق لـ«أوبك» الذي أكد أن بلاده تنتج أكثر من حصتها، مضيفا أن أنغولا قد تطلب استثناءها من الحصص المقررة في حال قرر المجتمعون خفض الإنتاج. في سياق موازٍ تتوسع دائرة التجاوزات في الحصص لتشمل دولا أخرى لا يجد بعض المتابعين حرجا أن يخصوا بالذكر منها فنزويلا ونيجيريا. وأفادت مصادر بأن الامتثال قد لا يتحقق إلا في ظل أسعار منخفضة، مشيرة إلى تفشي حالة الطمع لجني أكبر قدر من الأرباح عند البيع والأسعار مرتفعة، لا سيما أن النفط هو المصدر الأساسي والرئيسي لميزانيات هذه الدول التي وفق مدخولها من النفط توفر خدمات مواطنيها من تعليم وصحة وبنيات أساسية ودفاعية. فيما نبهت إلى ضرورة عدم تجاهل الفروقات الحقيقية بين موازنة دولة كالمملكة العربية السعودية، ونيجيريا، واضعة في الحسبان عدد السكان، وعلى ذلك يمكن إجراء قياس لأحوال دول أخرى. ليس ذلك فحسب، بل يجب أن يؤخذ في الحسبان أيضا الاختلاف في تقييم جدية أهمية دور «أوبك» من قبل دولها الأعضاء طيلة مسيرتها. هذا وترتقي قضية التجاوزات لدى بعض المراقبين ممن تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» أمس إلى وصفها بأنها أزمة حقيقية تواجه المنظمة مستدلين في ذلك على تعابير وردت في بعض التصريحات الوزارية معتبرين إياها (شهادة شاهد من أهلها) كتصريح وزير النفط الكويتي الشيخ أحمد العبد الله الجابر الأحمد الصباح، الذي أكد في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية أهمية الوصول لحل لهذه المسألة معتبرا إياها بندا من أهم بنود اجتماعهم. وذلك ما أمن عليه الدكتور شكري غانم رئيس الوفد الليبي في تصريحات مشابهة. فيما أشارت مصادر متابعة إلى أن مصداقية «أوبك» وقوتها في التأثير على أسواق النفط مستقبليا تعتمد اعتمادا كبيرا في قدرة المنظمة على تنظيم بيتها من الداخل وترتيبه وبث روح الاقتناع بأهمية أن تلتزم الدول الأعضاء بالقرارات التي تصدرها المنظمة، لا سيما أنها قرارات تصدر بالإجماع وبعد مشاورات هاتفية تسبق الاجتماعات بالرئاسة. وذكرت المصادر أن «أوبك» تسعى كذلك وتخطط لإقناع الدول المنتجة من غير أعضائها بالتقيد بقيودها تحقيقا لفائدة الجميع وحتى تصبح هذه القرارات ذات أثر فاعل وقوي. هذا فيما لم تغفل ذات المصادر براءة «أوبك» أحيانا من التقلبات التي تمر بها أسعار النفط عالميا بعيدا عن موازنات العرض والطلب، وذلك بسبب عوامل خارج إرادة المنظمة، كالمتغيرات الجيوسياسية والاضطرابات الأمنية، التي تشهدها بعض مواقع الإنتاج، والظروف المناخية، وإمكانات التكرير، وقوة المصافي، والمضاربات، ومحاولات التلاعب بالأسعار الورقية للعقود الآجلة للنفط.