ميركل: منطقة اليورو يجب أن تملك خيار استبعاد أي دولة.. وتحذر من اتخاذ قرارات متعجلة بشأن اليونان

رئيس «النقد الدولي»: فكرة إنشاء صندوق أوروبي نوع من «صرف الانتباه» عن أزمة اليونان

ميركل تتحدث أمام البرلمان الألماني أمس (إ.ب.أ)
TT

حذر رئيس صندوق النقد الدولي أمس من أن الأفكار المتعلقة بإنشاء صندوق خاص بمنطقة اليورو بهدف مساعدة الدول التي تواجه أزمات هي «نوع من صرف الانتباه» عن الخطوات اللازمة لمواجهة أزمة العجز المالي باليونان.

يذكر أن مناقشات تجري الآن في دهاليز الاتحاد الأوروبي حول جدوى إنشاء صندوق نقد أوروبي لكي يتولى إنقاذ دول الاتحاد أو دول منطقة اليورو كبديل لصندوق النقد الدولي. وقال دومنيك ستراوس أمام البرلمان الأوروبي في بروكسل: «سأكون في غاية السعادة أن أعلق (عليه) لو كنت أعرف كنهه»، في إشارة إلى غموض الخطط المطروحة حتى الآن.

وأضاف أن صندوق النقد الدولي ليس لديه «مشكلة في العمل مع أي نوع من المؤسسات الإقليمية»، لكنه أكد أنه ينبغي عدم النظر إلى صندوق النقد الأوروبي على أنه مفتاح الحل للأزمة اليونانية.

كما أعرب ماريو دراجي رئيس البنك المركزي الإيطالي من منطلق خبرته بأزمة الديون التي مرت بها إيطاليا في مطلع التسعينات عن اتفاقه في الرأي بأنه ينبغي على اليونان أن تركز على تحقيق التماسك المالي.

وأكد أن «في مقدور أي أحد أن ينجز ذلك دون الحاجة إلى إنشاء مؤسسات من أي نوع خاص». وقال دراجي الذي يعتبر مرشحا بارزا لرئاسة البنك المركزي الأوروبي إلى جانب نظيره الألماني أكسيل فيبر إن تطبيق إجراءات التقشف اليونانية سيكون كافيا لاستعادة الثقة في الأسواق بالبلاد.

يُذكر أنه ينبغي على اليونان في عام 2010 بيع 50 مليار يورو (69 مليار دولار) في شكل سندات حكومية لاستخدامها في تسديد ديونها الضخمة. ويدور التكهن الآن بشكل متزايد حول ما إذا كانت دول منطقة اليورو ستمد يد العون لليونان في حال تعثرها في تسديد الديون، وذلك على الأرجح عن طريق حزمة من القروض المنسقة.

وكان وزراء مالية منطقة اليورو قد بحثوا «الجوانب الفنية» يوم الاثنين الماضي لكنهم تركوا القرار النهائي لزعماء الاتحاد.

قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس إن دول منطقة اليورو الـ16 يجب أن تمتلك خيار استبعاد أي من أعضائها إذا انتهك باستمرار القوانين المالية للاتحاد. وقالت المستشارة في كلمة أمام البرلمان إن هذا الخيار، الذي يجب اللجوء إليه فقط «كحل أخير»، يجب أن يطبق على الدول التي «تنتهك مرارا وتكرارا الشروط» التي تلتزم بها الدول الأعضاء في منطقة اليورو». وأضافت المستشارة أن القوانين الحالية التي تتضمنها معاهدة الاتحاد الأوروبي للاستقرار والنمو لم تعد كافية للتعامل مع الأزمة الحالية التي وصفتها بأنها «أكبر تحدٍّ تواجهه منطقة اليورو في تاريخها». إلا أنها أكدت أنه «يجب عدم التخلي عن أي دولة» وسط الأزمة التي تعاني منها اليونان خصوصا والتي أدت إلى ضعف الثقة بالعملة الأوروبية في الأسواق العالمية. وأضافت أن تقديم «الدعم السريع» لليونان ليس الحل المناسب، مؤكدة على ضرورة «معالجة جذور» المشكلة. وقالت: «يجب أن لا نقدم مساعدة سابقة لأوانها، ولكن يجب أن نعيد كل شيء إلى نصابه. وأي شيء آخر سيكون كارثيا». والثلاثاء دعم وزراء مالية الاتحاد الأوروبي الإجراءات التي اتخذتها اليونان لكبح الإنفاق وزيادة الضرائب بغية مواجهة عجز الميزانية الذي زاد أربعة أضعاف عن الحد الذي تسمح به معاهدة الاستقرار والنمو.

ومن ناحية أخرى دافعت ميركل عن سياسة التصدير التي تتبعها بلادها رغم انتقادات بعض دول الاتحاد الأوروبي، وقالت ميركل: «لن نتخلى عن مَواطن قوتنا لأن بضائع صادراتنا تباع ربما أكثر من بضائع دول أخرى».

وأضافت ميركل: «ستكون هذه الاستجابة الأوروبية الخطأ على القدرة التنافسية لقارتنا».

وذكرت ميركل أنه عندما يتعلق الأمر بالجدل حول حكومة اقتصادية أوروبية فإنه لا يتعين التوجه إلى الأضعف، بل إلى الأسرع والأفضل. وتأتي تصريحات ميركل فيما واصلت حصيلة الضرائب في ألمانيا تراجعها خلال شهر فبراير (شباط) الماضي.

وذكرت وزارة المالية الألمانية أمس أن حصيلة خزينة الدولة والولايات الستة عشر من الضرائب تراجعت خلال الشهر الماضي بنسبة 2.8% مقارنة بشهر فبراير من العام الماضي 2009.

وقال متحدث باسم الوزارة إن حصيلة الضرائب تراجعت خلال أول شهرين من العام الحالي بنسبة 5.4% وأضاف أن التراجع في حصيلة خزانة الدولة كان أكبر مقارنة بالولايات التي بلغت فيها نسبة التراجع 4.8% مقابل 11.1% لخزانة الدولة.

وكانت حصيلة الضرائب في ألمانيا قد انخفضت بشكل إجمالي خلال يناير (كانون الثاني) الماضي بنسبة 7.8%.

وبحسب وكالة الأنباء الألمانية يرى الخبراء أن قرارات الائتلاف الحاكم بزعامة المستشارة أنجيلا ميركل حول التسهيلات الضريبية ستؤدي إلى تراجع حصيلة الدولة والولايات والمحليات من الضرائب. من جانب آخر قال البنك المركزي الهولندي أمس إن دول منطقة اليورو في حاجة إلى خفض عجز الموازنة من أجل الإبقاء على استدامة المالية العامة والحيلولة دون مخاطر ارتفاع أسعار الفائدة ولحماية النمو الاقتصادي على المدى الطويل. وقال البنك المركزي في تقريره الفصلي: «لن ينبغي على اليونان فقط إعداد خطة مقنعة للانتعاش المالي لكن يجب أيضا أن تضع دول أخرى استدامة المالية العامة لحكوماتها على جدول الأعمال». وأوضح البنك المركزي الهولندي الذي يتولى رئاسته نوت فيلينك عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي أن أهداف الإصلاح في اليونان جيدة لكن حان الوقت لأن تتوصل أثينا لبرنامج قابل للتنفيذ من أجل تحقيق هذه الأهداف. وأحدثت اليونان هزة في الأسواق في أكتوبر (تشرين الأول) بعدما كشفت أن عجز الموازنة قد يصل إلى 12.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2009 الأمر الذي رفع تكاليف الاقتراض وأحدث ضغوطا على اليورو. وكشفت اليونان في وقت سابق من هذا الشهر عن إجراءات تقشفية إضافية لخفض العجز إلى 8.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. وأشار المركزي الهولندي إلى أن عجز الموازنة في البرتغال وأيرلندا وإسبانيا سجل مستويات مرتفعة أيضا في 2009 بلغت تسعة في المائة أو أكثر. وبحسب «رويترز» حذر البنك من مخاطر إمكانية ارتفاع أسعار الفائدة العالمية على نحو مفاجئ نظرا إلى تزايد اقتراض الحكومات لتمويل عجز الموازنة بالإضافة إلى الانتعاش الاقتصادي وخفض إجراءات التحفيز النقدي. وقال البنك: «أحد شروط تحقيق نمو مستدام أن تبقي القطاعات كافة موازناتها قيد السيطرة. تحتاج الحكومات إلى بدء العمل على نحو عاجل وجدّي من أجل خفض عجز موازناتها». وأضاف أن المستهلكين في منطقة اليورو يواجهون في الوقت ذاته مخاطر تتمثل في إمكانية انخفاض دخلهم بشكل أكبر نظرا إلى توقعات بقيام الحكومات والشركات بإصلاح الإنفاق، وقال إن الأسر ستتحمل جزءا من عبء مواجهة الأزمة.