بريطانيا: انخفاض معدل البطالة يفاجئ الأسواق ويرفع قيمة الجنيه الإسترليني

خبيرة اقتصادية لـ «الشرق الأوسط»: الأرقام تطمئن الأسواق حاليا.. لكن المخاوف سترتفع في النصف الأخير من العام

TT

فاجأت أرقام نشرت أمس أظهرت تراجع عدد البريطانيين الذين يطالبون بإعانات بطالة بأكبر عدد منذ عام 1997، الأسواق في بريطانيا، وأعطت حزب العمال الحاكم دفعة قبل الانتخابات العامة التي ستجري خلال أسابيع قليلة. وتعزز هذه الأرقام التي صدرت عن مكتب الإحصاءات الوطنية أمس، الآمال بأن سوق العمال في بريطانيا بدأت تتعافى، وأن الاقتصاد يخرج من الركود بثبات. وفور إعلان النبأ، سجلت الأسواق ارتفاعا في قيمة الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأميركي، ليصل إلى أعلى مستوياته منذ 3 أسابيع.

وأظهرت الأرقام أيضا أن عدد الأشخاص العاطلين عن العمل، انخفض بـ33 ألف شخص في الأشهر الثلاثة حتى يناير (كانون الثاني)، مما يجعل عدد العاطلين عن العمل في بريطانيا 2.45 مليون، أي بنسبة 7.8 في المائة. إلا أن عدد الأشخاص العاطلين عن العمل منذ أكثر من عام، ارتفع من 61 ألفا إلى 687 ألفا، وهي أعلى نسبة منذ عام 1997. ولكن في المقابل، أظهرت الأرقام أن العمالة انخفضت بـ54 ألف شخص لتصل إلى 28.86 مليون شخص، وهو أدنى رقم منذ عام 1997.

وعبّر خبراء اقتصاديون أمس عن مفاجأتهم من الأرقام التي صدرت أمس والتي جاءت معاكسة لتوقعاتهم، إذ بينت أن عدد الذين يطالبون بإعانات بطالة من الدولة انخفض بـ32300 شخص، في شهر فبراير (شباط) الماضي، بعد أن كان الخبراء قد توقعوا ارتفاعا بنحو 8 آلاف شخص. ويبلغ عدد الأشخاص الذين يطالبون بإعانة اليوم 1.59 مليون بريطاني، وهو أدنى المستويات منذ يوليو (تموز) الماضي. وكان شهر يناير (كانون الثاني) قد سجل ارتفاعا بعدد المطالبين بمعونات بطالة بـ5300 شخص.

وقالت الخبيرة الاقتصادية دانيال هارالامبوس من معهد فوركاست لـ«الشرق الأوسط»: «الأمور ليست سيئة بقدر ما توقعنا.. كانت الأرقام مفاجأة بالنسبة إلينا». وعلى الرغم من أن هارالامبوس بدت متفائلة بأن هذه الأرقام تعكس أن الاقتصادي البريطاني بدأ يتعافى، فإنها أشارت إلى أن خطط اقتطاع وظائف عامة، قد تعيد تغيير المعادلة. وقالت: «هذه الأرقام تطمئن الأسواق في الوقت الحالي، وبالطبع سيبقى هذا الاتجاه سائدا في الأشهر القليلة القادمة، ولكن ليس في النصف الآخر من العام، حينها سترتفع المخاوف أكثر».

ولكن خبراء آخرون قالوا إن النتائج مربكة، لأنها تتحدث عن انخفاض في البطالة، ولكن أيضا عن انخفاض في العمالة. ويعيد المكتب الوطني للإحصاءات ذلك إلى ارتفاع عدد الأشخاص المصنفين في خانة «غير النشطين اقتصاديا». وتضم هذه الخانة الطلاب والأشخاص الذين يأخذون إجازات مرضية طويلة، وكذلك الذين توقفوا عن البحث عن عمل. وعلق الخبير الاقتصادي الدكتور جون فيلبوت على ذلك لـ«بي بي سي» بالقول: «كلمة واحدة تلخص هذه الأرقام الأخيرة: مربكة». وأضاف: «البطالة انخفضت بشكل كبير، بحسب الطريقة التي تقيسها. ومع ذلك، هناك 54 ألف شخص أقل يعملون، مع وظائف أقل بدوام كامل. وهذه المفارقة الواضحة يمكن تفسيرها بالزيادة الكبيرة التي بلغت 149 ألف في عدد الأشخاص غير النشطين اقتصاديا، وارتفاع عدد الطلاب إلى 98 ألفا. وهذا يعني أن الأشخاص الصغار في السن يتوجهون إلى الدراسة بالآلاف تفاديا للبطالة».

ويفترض على أي حكومة تشكل بعد الانتخابات العامة التي من المتوقع أن تجري في 6 مايو (أيار) المقبل، أن تعتمد خططا لتخفيض الإنفاق العام، مما يعني طرح آلاف العاطلين عن العمل في السوق، في محاولة لمواجهة الدين الوطني العام المرتفع. وبحسب المكتب الوطني للإحصاءات، تصل قيمة الدين العام في بريطانيا إلى 848.5 مليار جنيه، أي ما نسبته 59.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الوطني.

وكانت المفوضية الأوروبية في بروكسل قد وجهت انتقادات أول من أمس لحكومة غوردن براون بسبب تعاطيها مع الدين العام، وقالت إن خططها في هذا المجال «ينقصها الطموح». وجاء في تقرير صدر عن المفوضية الأوروبية، ونقلته وكالة «رويترز»، أن الخطط المالية لبريطانيا لم تنجح بأن تضمن أن بريطانيا تستطيع أن تواجه الدين العام ضمن المهلة المحددة لها في الاتحاد الأوروبي، أي في عام 2014 – 2015. ويطالب الاتحاد الأوروبي بريطانيا بخفض مستوى الدين العام إلى 3 في المائة من الناتج الاقتصادي، علما أنه من المتوقع أن يتجاوز الدين العام في بريطانيا في نهاية العام الحالي الـ12 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وطالبت المفوضية الأوروبية الحكومة بوضع جدول زمني موثوق واتخاذ خطوات أشد من تلك المتخذة حاليا لخفض الدين العام.

وقد استغل حزب المحافظين المعارض الذي يتقدم في استطلاعات الرأي بشكل طفيف، التقرير الأوروبي الذي يتماشى أكثر مع سياساته الداعية إلى بدء خفض الإنفاق العام على الفور، لانتقاد سياسة حزب العمال الاقتصادية. إلا أن وزير الخزانة أليستر دارلينغ رفض توصية المفوضية الأوروبية، وأكد أن الخطة التي تعتمدها الحكومة هي الصحيحة، وأن بدء تخفيض الإنفاق العام بوتيرة أسرع، يهدد بإعادة الاقتصاد البريطاني إلى الركود.