وزير النفط الليبي: الأسواق لا تزال مضطربة وغير مستقرة استقرارا قويا

غانم لـ«الشرق الأوسط»: المصالح الاقتصادية مع سويسرا «ليست ذات شأن كبير»

شكري غانم وزير النفط الليبي (أ.ف.ب)
TT

دارت تكهنات قبيل بدء جلسات المؤتمر الوزاري الأخير لمنظمة الدول المصدرة للنفط (الأوبك) حول إمكانية مشاركة وزير النفط الليبي الدكتور شكري غانم، بسبب الأزمة القائمة بين الجماهيرية وسويسرا وما تردد من وضع سويسرا للمسؤولين الليبيين في قائمة سوداء تحرمهم من الحصول على تأشيرات دخول لدول اتفاقية شنيقن، ومن ضمنها النمسا، حيث مقر الأوبك، ولم يتبدد القلق رغم علم البعض أن السلطات النمساوية ملزمة بمنح غانم تأشيرة مرور بحكم ما يعرف دبلوماسيا باتفاقية المقر.

وعلى كل، فقد وصل غانم إلى فيينا وشارك في المؤتمر، بل بقي لثلاثة أيام بعد المؤتمر بالعاصمة النمساوية التي عاش فيها لسنوات أثناء فترة عمله بمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وكانت فرصة التقته خلالها «الشرق الأوسط» لإجراء حوار حول النفط والأحداث السياسية الجارية الآن.

وقد أكد غانم أن القرار الذي اتخذته منظمة الأوبك في اجتماعها الأربعاء الماضي بالإبقاء على سقف إنتاجها دون تغيير جاء صائبا في هذا الوقت بالذات، حيث لا تزال الأسواق مضطربة وغير مستقرة استقرارا قويا، رغم ما تشهده من تحسن نسبي وزيادة في الطلب، خاصة وأن الدول خارج نطاق الأوبك تواصل إنتاجها. منبها إلى أن حالة الأسواق حاليا لا تعبر عن حقائق العرض والطلب، بقدر تعبيرها عن المضاربات التي تؤدي إلى اضطرابات.

وردا على سؤال حول قضية الالتزام بالحصص من قبل الدول الأعضاء وضرورة عدم تجاوزها، وهي قضية حظيت باهتمام قوي ضمن التصريحات التي استبق بها الوزراء اجتماعهم ثم بدت وكأنها ليس بتلك الأهمية عندما صدر القرار، بل أشار أمين عام المنظمة لضرورة التزام الجميع، مقرا بصعوبة التشدد في ظل هذه الظروف الاقتصادية.  و أشار غانم إلى أن مشكلة التجاوزات مشكلة عويصة، لخلاف في الأرقام بين ما تقدمه الدول الأعضاء وتلك الأرقام التي تؤخذ من النشرات النفطية. مستطردا بأن الدول تؤكد أن الأرقام الحقيقية هي التي تقدمها كمصادر أساسية، هذا رغم أن المصادر الثانوية تقول عكس ذلك. مضيفا أن عدم الالتزام لا يبدو بالسوء الذي تعكسه النشرات البترولية الثانوية.

من جانبه أوضح غانم أن إنتاج البترول إنتاج يومي لملايين البراميل.. أحيانا تنتج بئر وأحيانا تحتاج لصيانة.. وأخرى يصعب إعادة فتحها.. مما يعني أن الأمر ليس حنفية أو صنبورا سهل الفتح كما هو سهل الإغلاق.. إنها عملية معقدة تحتاج لتنظيم.. ورغم هذا فإن الالتزام ضرورة للمحافظة على توازن سوق النفط ومن لا يلتزم ندعوه ليلتزم. نافيا أن يكون ذلك تعديا على حق بعض الدول في سعيها للاستفادة من ثروتها النفطية وحقها في الاستفادة استفادة قصوى من تلك الثروة. مذكرا أن الانضمام للأوبك يعني الإقرار بسياساتها، مما قد يؤدي للتنازل أحيانا، للوصول لأهداف معينة بطريقة تنظيمية معينة.

وفيما يختص بالقلق الذي يعتري بعض المصادر خوفا من قلة الطلب العالمي للنفط؟ قال غانم إنه ورغم المحفزات المالية التي أقرتها الدول الغربية إلا أن الصورة تعكس هشاشة رغم تحسنها قليلا، مما يثير تخوفا من أن تحدث انتكاسة. لا سيما وأن أزمة الديون تهدد كثيرا من الدول الغربية خاصة اليونان وحتى إسبانيا وإنجلترا. هناك تخوف من أن الاقتصاد العالمي لم يعد قويا في أساسياته، هذا رغم زيادة الطلب من دول كالهند والصين التي تبني في مخزوناتها. ويمضي رئيس الوفد الليبي الخبير النفطي شكري غانم شارحا أن الصورة النفطية والتعقيدات التي تؤثر فيها تبدو وكأنها لوحة من الموزييك أو الفسيفساء.. لوحة تدخلها عوامل كثيرة وليس عامل العرض والطلب فحسب.. هناك اقتصاد عالمي.. هناك أزمات.. هناك مشكلات عقارية وصناعية.. هناك قلق على الطلب. كل هذا وأكثر يعقد الأمر ويؤثر فيه تأثيرا كبيرا. تماما كالأوركسترا عندما تكون جميع أطرافها متمكنة تجيد العزف الذي يصبح نشازا بسبب خطأ عازف واحد.

وعن المخزونات، أكد غانم أنها لا تزال مرتفعة عن متوسطها للسنوات الخمس الماضية مشيرا إلى أن السؤال دائما يكون عن التوقعات فإذا ما كانت التوقعات بأسعار مرتفعة يتم السحب من المخزونات.

وبشأن الأسعار التي تتراوح حاليا ما بين 70 إلى 80 دولارا للبرميل، يشدد غانم على أن الأسعار متقلبة ولم يعد قياسها يتم حسب ما نراه. إذ ترتفع فجأة، لتنخفض فجأة، ما بين يوم ويوم وأحيانا ما بين أسبوع وآخر بسبب التقلبات. لذلك فإن تقييم الأسعار يحتاج إلى مدى طويل. فأحيانا يؤثر عليها مجرد تصريح أو حادث سياسي أو إعصار، مما يزيد من تذبذبها.

وحول آثار الإنتاج النفطي العراقي المتوقع، قال غانم: «حرم العراق من الإنتاج لسنوات طويلة لأسباب خارج إرادة الجميع. العراق بلد لها إمكانات نفطية ضخمة صناعة وإنتاج كبير، لكن هذه الأرقام التي نتحدث عنها لن تتحقق إلا في خلال 7 أو 8 سنوات خلالها سيتحسن الطلب. والعراق حينها سيلتزم، لأن من صالحه الالتزام، لإحداث التوازن المطلوب في الأسواق». وبخصوص الأزمة المتفاقمة بين ليبيا وسويسرا، أكد شكري غانم أن سويسرا عملت على وضع قائمة سوداء تضم 188 شخصية ليبية، بما في ذلك العقيد معمر القذافي وأسرته ورئيس الوزراء ووزير الخارجية، طالبة من كل الدول (أعضاء اتفاقية شينقن) ألا تتعامل مع كل من جاء اسمه في تلك القائمة مما أثار استياء أطراف كثيرة، بما فيها حلفاء سويسرا الأوروبيين، ممن رفضوا الاستغلال السويسري للشينقن كسلاح، وفي غير أغراضها ومما دفع الجماهيرية للمعاملة بالمثل.

وردا على سؤال: كيف تسمح دولة لقضية سببها فرد أن تتوسع حتى تصبح أزمة سياسية؟ شدد غانم على أن القضية ليست قضية فرد، إذ عندما تسمح دولة بأن يساء لفرد من أفرادها فإنها ستسمح أن يهان شعبها بأجمعه. مستدلا بالمقولة «أكلتم يوم أكل الثور الأبيض» مشددا على أن هذا الفرد بالذات يحمل جوازا دبلوماسيا ما يمنح حقوقه مزيدا من الحصانة الدبلوماسية.

وردا على سؤال عما إذا كانت ليبيا لا تخشى على مصالحها الاقتصادية مع سويسرا؟ أوضح غانم أن المصالح بين الدولتين ليست ذات شأن كبير. مؤملا أن تسير الأزمة إلى حل.