لماذا نخسر هذه الخدمات؟!

TT

التقنيات الحديثة نعمة أنعم الله بها على سيد هذا الكوكب، لتوفر على الإنسان الكثير من الجهد والوقت والمال... لكننا في الغالب لا نحسن استغلالها!. فعلى سبيل المثال: خدمات الجيل الثالث للهاتف الجوال، تجد الغالبية يقتنون أجهزة جوال بخدمات الجيل الثالث، يمكن تسجيل رمز وصوت مناداة لكل اسم، ويمكن أن تُظهر المتصل بالصوت والصورة.. ومع ذلك لا يستخدمها إلا المعاقون سمعيا!. البعض ربما يتهيب من تعلم طرق تشغيل هذه الأجهزة، والبعض ربما لا يعلم أن هذه الخدمات موجودة في جهاز الجوال الذي يقتنيه!.

خدمات الاتصال الإلكتروني عبر الإنترنت، لا شك أنها توفر الوقت والمال. ومع ذلك تجد الأطفال هم الأكثر استخداما لها!. فتجد الواحد منهم يفتح جهاز الكمبيوتر ويتصل بأصدقائه على بريدهم الإلكتروني، وبالمايكروفون، وبعضهم بالصوت والصورة، ويتحدثون فيما يهمهم (على قدرها). وتجد المثقفين ورجال الأعمال والمهندسين وأساتذة الجامعات الذين هم بأمس الحاجة للتواصل مع الآخرين.. بعضهم بالكاد يعرف كيف يستخدم البريد الإلكتروني!.

خدمات تحديد المواقع بما يسمى الإحداثيات. هذه الخدمة العجيبة الممتازة المجانية. المفترض (على الأقل) أن كل محل تجاري أو شركة أو مصنع أو إدارة حكومية أو أي منشأة لها موقع، تُجبر بموجب النظام أن تكتب إحداثية موقعها ضمن بيانات عنوانها على أوراقها الرسمية. وهذه الخدمة يجب أن تستفيد منها البلديات والبريد والمؤسسات الحكومية والشركات الخدمية. ولا بد أن تضيف هيئة المواصفات والمقاييس للسيارات متطلب جهاز الاتصال بالأقمار الصناعية (GPS).. حتى تستفيد مختلف شرائح المجتمع من هذه الخدمة. فعوضا عن أن نصرف الوقت والجهد بحثا عن موقع منزل أو مصنع أو محل تجاري عبر قراءة اللوحات الإرشادية، ونضطر لسؤال من نعرف ومن لا نعرف، ونتوه طويلا حتى نصل، وما أكثر ما نتوه (يوميا) ونبذل الجهود مضاعفة حتى نصل للمواقع التي نريد. وقد لا نصل إلا برفقه شخص يرافقنا حتى نصل. فلماذا لا نستخدم هذه الهبة الإلهية، ونسير إلى حيث نريد بحسب إحداثية الموقع الذي نريد ونصل بيسر وسهولة!.

هذه الخدمات لا جدال في أنها مفيدة ومتوافرة للجميع في كل مكان، مجانية أو بأبخس الأثمان، لكن الناس بحاجة إلى توعيتهم بأهمية أن يستفيدوا منها ويستخدموها أفضل استخدام. ناهيك عن أن تقنيات المعرفة تتطور وستتطور أكثر، والأمثلة المشاهدة كثيرة على القفزات العلمية، ولا بد لنا من مواكبتها حتى لا نتخلف عن العصر الذي نعيش فيه.

أما عن ماذا يمكن أن نصنع لنجعل المجتمع يستفيد من مثل هذه الخدمات ويواكب التطورات التقنية.. فإنني أعتقد أننا بأمس الحاجة لتبني حملات إعلامية ذات برامج باستراتيجية وفكر جديد. وبالمناسبة... فإن الذين يرفضون فكرة الإعلام الموجه، يخلطون بينه وبين الإعلام المسيس. فتوجيه الإعلام لتثقيف المجتمع أمر حيوي ومطلوب. لكن المرفوض هو تسييس الإعلام، الذي ترفضه المجتمعات عامة، وبالأخص المجتمعات التي تتصارع فيها الأحزاب على الحكم.

خلاصة القول.. إنني أدعو جميع الجهات المعنية (ومنها مجلس الوزراء مجلس الشورى) إلى أن تسعى لتقديم خطة استراتيجية لكل ما من شأنه توظيف الخدمات التقنية لخدمة المجتمع.

* كاتب ومحلل مالي