«الأهلي كابيتال»: عملية تعافي الاقتصاد العالمي تمر بحالة ركود

تقرير اقتصادي سعودي يشير إلى أن غياب مد قوي قادر على الدفع ينذر بخطر انقطاع التعافي

يواجه عدد من الاقتصادات تجربة استعادة الثقة عبر العكوف على الإصلاح والتعضيد المالي، ومن بين أبرز المرشحين لذلك بريطانيا (تصوير: حاتم عويضة)
TT

أكد تقرير اقتصادي سعودي أن عملية تعافي الاقتصاد العالمي تمر بحالة الركود الحالية وتسير ببطء وتفاوت، مشيرا إلى غياب مد قوي قادر على الدفع بكل القوارب إلى الأمام، مما ينذر بخطر الانقطاعات، الذي لا يزال يحيط بعملية التعافي تلك.

وذكر تقرير لشركة «الأهلي كابيتال» أمس، أنه في الوقت الذي كانت فيه الاقتصادات الناشئة نجوم العام الماضي، فإن الأنظار الآن ترتد متشككة إلى بعض الاقتصادات المتقدمة، التي استطاعت الخروج من الركود إلى حد كبير، على الأقل من النواحي الفنية.

وبين تقرير «الأهلي كابيتال» وهي شركة أسهمها مطروحة في سوق المال السعودية، أنه بحسب تصريحات صدرت مؤخرا عن صانعي السياسات النقدية، فإن هذه النهضة في النشاط سيدعمها موقف نقدي واعد، أقله في المستقبل القريب، مع فرصة ضئيلة لزيادة مقدرة في معدل الفائدة لسنة أخرى على الأقل. ومع ذلك لفت التقرير إلى أن الآفاق أمام هذه الاقتصادات جد متغيرة، كما أنها عرضة بصورة غير عادية إلى عوامل المخاطر السياسية.

وأرجع التقرير وهو بعنوان «من أين تشرق الشمس أكثر سطوعا» خروج الاقتصاديات المتقدمة من الركود إلى حد كبير إلى 4 عوامل، يتمثل الأول في تحول التركيز إلى الغرب، وذلك عقب نجاح سياسة فك الارتباط، حيث تبدأ فترة من الاستقرار النسبي مصحوبة بتراجع في خطوات مواجهة الأزمة، التي ربما تعمل عل سحب الرياح من أشرعة الكثير من بورصات الأسواق الناشئة هذا العام.

وذكر أن مستثمرين كثيرين شرعوا في البحث عن فرص قيمة في أسواق دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأكثر رسوخا، حيث بين التقرير أن كثيرا من هذه الأسواق مرت بفترة نهوض ما بعد الأزمة باعتبارها اقتصادات ناشئة، إلا أنها تأثرت بأساسيات أقل جاذبية واعتماد كبير على إجراءات الحكومات التحفيزية لفترة من الزمن.

أما الآن وبحسب «الأهلي كابيتال» فإن الوضع العام يبدو أفضل حالا، حيث العمليات التصحيحية للسوق في مجالات كثيرة، بما في ذلك المجال العقاري، بلغت مستوى يجعل من أي انحدار مقبل شيئا ضئيلا وتحت السيطرة، وفي الوقت ذاته وجد كثير من الحكومات والشركات الوقت الذي أتاح لها أن تتأقلم مع الأزمة، وتعيد تنظيم أمورها بأساليب ربما ستجعلها تتقدم بشكل أكثر مرونة وتنافسية.

وأكد أن الأهم من ذلك أنه وحتى عندما يتم تقليص بعض إجراءات الدعم المخصصة للطوارئ، فمن المرجح أن تظل السياسات النقدية في معظم الاقتصادات الغربية غير متشددة لمزيد من الوقت.

وذهب إلى أن بيان لجنة السوق المفتوحة التابعة للاحتياطي الفيدرالي بالولايات المتحدة الذي أدلت به هذا الأسبوع، أبرز أجواء التغيير السائدة، إذ عبرت اللجنة عن تفاؤلها بخصوص آفاق سوق العمل في وقت بلغ فيه مستوى البطالة نحو 10 في المائة.

وأوضح أن العامل الثاني يتمثل في أن النمو من خلال القوة، حيث أطاحت الأزمة العالمية بوهم ساد طويلا فحواه أن الاقتصادات الناشئة هي نقاط ضعف الاقتصاد العالمي، بيد أن تلك الاقتصادات ظلت مستقرة اقتصاديا خلال الأزمة ويرجع ذلك لأسلوب وضع السياسات المرتكز على قواعد وأنظمة في كثير منها.

وزاد التقرير أن خيبة الأمل طغت على الغرب جراء التبذير «البذخ» مقارنة بتلك الاقتصادات، إلا أنه لم يخلُ تماما من بعض الإشرافات، فقد بقيت بعض الاقتصادات الغربية مستقرة وناجحة، مؤكدة بذلك المعادلة الناجحة لنظيراتها الصاعدة، فقد بدا الأفق أفضل من ذي قبل وأقرب إلى أن يظل منيعا بالنسبة للدول المنتجة للسلع مثل أستراليا وكندا.

في حين ذكر التقرير أن العامل الثالث يتمثل في التعلم بالطريقة الصعبة، حيث استطاعت بعض الاقتصادات المتقدمة استعادة قدراتها التنافسية من خلال عمليات تصحيح مؤلمة وأبرز أمثلتها هي ألمانيا واليابان، ومع أن دول الشمال على سبيل المثال مرت عبر عملية إصلاح سياسات بعيدة المدى بعد فترة ركود مؤلمة بشكل استثنائي في بداية التسعينات، فإن عشرات السنوات الضائعة في اليابان وضغوط ما بعد الوحدة في ألمانيا فرضت هيكلة أساسية على مستوى الشركات والحكومات على السواء. وهذا ما جعل القطاع الخارجي أكثر تنافسية، وبالتالي في موقع يؤهله للاستفادة من صعود الاقتصاد العالمي، بينما يظل الأسلوب الحكومي في وضع السياسات أكثر محافظة بكثير عما كان عليه الحال في معظم الاقتصادات المتقدمة الأخرى.

في حين لفت التقرير إلى أن العامل الرابع يتمثل في النمو عبر تثبيت الاستقرار، مع الإشارة إلى استفادة كل من ألمانيا واليابان من أخطائهما السابقة، فإن عددا من الاقتصادات الأخرى في موقف يدعوها لتكرار تلك التجربة واستعادة الثقة عبر العكوف على الإصلاح والتعضيد المالي، ومن بين أبرز المرشحين لذلك المملكة المتحدة والأعضاء الأقل شأنا في منطقة اليورو الأكثر عرضة من غيرهم، وهي اقتصادات أنهكت أعصاب المستثمرين بسبب مشكلاتها المالية، وقد أدى ضعف ثقة المستثمرين في تلك الاقتصادات إلى تصحيحات في أسعار الصرف وأسعار الأصول بحيث بدأت ترفع من جاذبيتها للمستثمرين.

وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من تحسن الأساسيات، فإن المستقبل القريب لا يزال ملبدا بغيوم من عدم اليقين السياسي، حول قدرة وإرادة تلك البلدان على تبني إجراءات إصلاحية صارمة، بعد أن ثبت أن الدعم الخارجي مشروط، وله أضراره السياسية.