«أوبك» تحذر من المضاربات في قطاع النفط وتصفها بـ«الآفة»

تراجع واردات الصين من النفط الإيراني رغم قفزة في الطلب > النفط يتراجع صوب 80 دولارا بفعل قوة العملة الأميركية وديون اليونان

تراجعت أسعار النفط صوب 80 دولارا للبرميل (أ. ب)
TT

حذرت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) أمس من المخاطر التي تسببها لمضاربات في أسعار النفط، وصفتها بأنها «آفة» مسؤولة عن تقلبات سلبية كبيرة للاقتصاد العالمي.

وأوضح الرئيس الحالي لمنظمة «أوبك» الإكوادوري جيرمانيكو بينتو في أثناء مؤتمر حول المواد الأولية ينظمه مؤتمر الأمم المتحدة حول التجارة والتنمية في جنيف، أن أسعار النفط بعد سنتين من تقلبات كبيرة استعادت الآن «مستويات أكثر استقرارا وأكثر واقعية تفيد الجميع».

وأضاف أن هذا الاستقرار قد يتزعزع بفعل «مضاربات مفرطة» كانت «طرحت مشكلات» في بداية الأزمة الاقتصادية.

وهذه المضاربات أدت إلى «تأثر السوق بعوامل لا علاقة لها بالعرض والطلب»، كما قال الرئيس الحالي لمنظمة «أوبك»، معتبرا أنه من الضروري القضاء على هذه «الآفة» بفضل تنظيم أفضل.

واعتبر وزير الدولة القطري للطاقة والصناعة محمد صالح السادة أيضا أنه لا يمكننا «السكوت» عن دور المضاربات في تقلبات أسعار النفط في 2008 - 2009. وقال إن المضاربات «عنصر مزعزع بشكل كبير» للأسواق، مضيفا أنها «أوجدت دفعا يسبب تقلبات في الأسعار تحجب مؤشرات السوق».

وقررت «أوبك» الأربعاء الإبقاء على حصصها الإنتاجية كما هي، أي 24.84 مليون برميل في اليوم، ورحب وزراؤها بسعر البرميل الذي عاد إلى سلة تتراوح بين 70 و80 دولارا منذ ستة أشهر.

والمنظمة التي تزود 40 في المائة من الإنتاج العالمي من النفط الخام ويملك أعضاؤها 80 في المائة من احتياطي الذهب الأسود، أبدت على الدوام حذرها حيال النهوض الاقتصادي الذي تعتبره هشا وغير ثابت.

فيما تراجعت أسعار النفط صوب 80 دولارا للبرميل أمس، إذ زادت المخاوف بشأن الطلب بفعل قوة الدولار والمخاوف بشأن ديون اليونان، وبعد أن أقدمت الهند على رفع أسعار الفائدة بصورة مفاجئة في نهاية الأسبوع الماضي.

ومع ذلك هدأت المخاوف من حدوث وفرة في المعروض العالمي من النفط بعد تراجع صادرات الصين من الوقود في فبراير (شباط)، مما يشير إلى احتمال ارتفاع الطلب على النفط بفعل قفزة غير متوقعة في الطلب المحلي، فيما تكثف المصانع في الصين عملها الذي تعطل في ما سبق بسبب سوء الأحوال الجوية في فصل الشتاء.

وتراجع الخام الأميركي الخفيف للعقود تسليم أبريل (نيسان)، التي ينتهي أجلها في وقت لاحق اليوم، وذلك للجلسة الثالثة على التوالي لينخفض 26 سنتا إلى 80.07 دولار للبرميل.

وكان قد تم تسوية العقد عند 80.68 دولار يوم الجمعة في أكبر خسارة يسجلها بالنسبة المئوية منذ 25 فبراير، وهو ما يمثل أيضا أسبوعين متتالين من التراجع.

وهبط خام القياس الأوروبي مزيج برنت لعقود أبريل 52 سنتا إلى 79.36 دولار للبرميل. وفي الوقت ذاته وردت أنباء بانكماش واردات الصين من النفط الخام الإيراني نحو 40 في المائة في الشهرين الأول والثاني من 2010 مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، وذلك رغم تنامي طلب الاقتصاد الآسيوي على النفط الأجنبي.

وأظهرت بيانات للجمارك الصينية صدرت أمس تراجع إيران التي كانت العام الماضي ثالث أكبر مورد أجنبي للنفط الخام إلى الصين، لتنزل إلى المرتبة الرابعة خلف روسيا في أول شهرين من 2010.

وشحنت إيران 2.53 مليون طن من الخام إلى الصين بانخفاض نسبته 37.2 في المائة، قياسا إلى أول شهرين من 2009.

وارتفعت شحنات الخام إلى الصين من موردها الأول وأكبر بلد مصدر للنفط في العالم، السعودية، 5.4 في المائة، ومن أنغولا وروسيا 71.6 في المائة و50.8 في المائة على الترتيب، لتحتلا المركزين الثاني والثالث.

وكانت إيران مورد الخام الرئيسي الوحيد للصين، الذي يظهر انخفاضا في التسليمات، وذلك في وقت تحث فيه القوى الغربية بكين على قبول فرض عقوبات مقترحة جديدة على طهران بسبب أنشطتها النووية المثيرة للجدل.

والصين هي أحد الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي الذين يملكون حق النقض (الفيتو).

ويشدد المحللون على أن بيانات شهرين لا تقدم دليلا على اتجاه عام مؤكد، وقد يعود تباطؤ الشحنات الصينية القادمة من إيران إلى عوامل في السوق لا علاقة لها بالضغوط السياسية بشأن النزاع النووي.

وقال تاجر نفط مقيم في بكين ومطلع على مشتريات الصين من الخام الإيراني: «لا ألحظ أي ضغوط سياسية لقطع الواردات الإيرانية. لو أنها قائمة لشعرنا بالشيء نفسه. كمياتنا لم تتغير». وأضاف التاجر الذي اشترط عدم نشر اسمه: «أظن أن الأسعار هي العامل الرئيسي».

غير أن الأرقام تعزز وجهة النظر السائدة في واشنطن وعواصم غربية أخرى بأن الصين تستطيع خفض واردات الخام من إيران دون مساس بأمن الطاقة.

وقالت ستيفاني كلاين البرانت من مجموعة إدارة الأزمات الدولية، وهي منظمة غير هادفة للربح: «في حين أنه من السابق لأوانه قول إن كان هذا اتجاها عاما فإنه إذا استمرت تلك الأرقام فقد تنبئ بأن علاقات النفط الصينية مع إيران تضعف».

وأضافت كلاين البرانت، وهي مستشارة للمجموعة في بكين ترصد علاقات الصين مع إيران، أن استمرار التراجع «قد يظهر أن الصين تستعد لتداعيات العقوبات عن طريق مزيد من التنويع لمصادرها من النفط الخام».

وقفز إجمالي واردات الصين من الخام 45.9 في المائة في الشهرين الأول والثاني من العام الجاري إلى 35.6 مليون طن.

وتقترح مسودة عقوبات عممتها القوى الغربية مزيدا من القيود على البنوك الإيرانية في الخارج، لكنها لا تدعو إلى عقوبات على صناعات النفط والغاز الإيرانية.

وتقول بكين إن العقوبات أداة غير فعالة لتسوية النزاعات الدولية، بما فيها تلك المتعلقة بإيران التي تقول القوى الغربية إنها تريد امتلاك وسائل تصنيع أسلحة نووية.

وتقول طهران إن برنامجها النووي يستهدف توليد الكهرباء لأغراض سلمية. وساندت الصين قرارات سابقة للأمم المتحدة بحق إيران بعدما بذلت جهودا لتخفيف إجراءات مقترحة قد تهدد تدفق النفط والاستثمارات الصينية.