الفلسطينيون يظلون عطشى شتاء وصيفا

يشترون مياههم من إسرائيل التي يستهلك فيها الفرد 4 أضعاف ما يستهلكه الفلسطيني

TT

بخلاف مناطق ودول أخرى، لا تقاس أزمة المياه في الأراضي الفلسطينية بقدر ما تهطل الأمطار سنويا، فالمسألة مختلفة هنا، إذ تسيطر إسرائيل تماما على جميع مصادر المياه، وهو ما يحرم الفلسطينيين من الوصول إلى حقهم في مياههم التي تبيعها لهم إسرائيل.

وقال شداد العتيلي رئيس سلطة المياه في السلطة الفلسطينية، لـ«الشرق الأوسط» إن الفلسطينيين سيظلون عطشى، صيفا وشتاء»، مشيرا إلى أنه في هذا العام رغم سقوط أمطار جيدة «ينتظرنا صيف قائظ ونقص شديد في المياه». وتسيطر إسرائيل على مياه حوض نهر الأردن الأحواض الجوفية في الضفة الغربية، والحوض الساحلي الممتد حتى غزة. وتساءل العتيلي: «كيف سنستفيد من الأمطار، ونحن ممنوعون من حفر آبار ومن حقنا في الوصول إلى المياه الجوفية، وحصتنا في مياه نهر الأردن؟»، وأوضح: «منذ عام 1967 نحن ممنوعون من الوصول إلى حقنا في مياه الأردن مثلا، ومنذ اتفاق أوسلو عام 1995 لم تزد إسرائيل في حصتنا ولا كوبا واحدا».

ولا تتجاوز حصة الفرد الفلسطيني في اليوم الواحد، حسب العتيلي ومنظمة العفو الدولية، أكثر من 70 لترا، وهو ما يجعل الفلسطينيين «الأفقر مائيا في العالم». وأضاف العتيلي: «يستهلك الفرد الفلسطيني سنويا 42 كوبا من الماء، والدول الأخرى 150 وأكثر، وهذا لا يحدث حتى في أفقر الدول مائيا». وأكد العتيلي أن كل إسرائيلي يستهلك أربعة أضعاف حصة الفرد الفلسطيني من المياه، أما المستوطنون في الضفة الغربية، فإنهم يستهلكون من 9 إلى 20 ضعفا مما يستهلكه الفلسطيني.

وحسب الدراسات التي أجرتها سلطة المياه، فإن 9000 مستوطن على سبيل المثال في منطقة الأغوار، يستهلكون ما يستهلكه 2.5 مليون فلسطيني في الضفة الغربية.

وتُضطرّ السلطة كل عام إلى شراء نحو 50 مليون متر مكعب من إسرائيل، وقال العتيلي: «هذه مياهنا التي تتم سرقتها، يبيعوننا إياها». وتُضطرّ عائلات فلسطينية كثيرة، في ظل انقطاع وصول المياه إلى المدن في أيام كثيرة، إلى شراء المياه بأسعار خيالية. وبينما تبيع سلطة المياه الفلسطينية المتر المكعب بـ5 شيكلات (دولار ونصف تقريبا)، تُضطرّ العائلات التي تنقطع عنها المياه إلى شرائه بـ25 شيكلا (7 دولارات) من شركات ماء فلسطينية خاصة. وعطلت قلة المياه في فلسطين، كثيرا من المشروعات الزراعية والاقتصادية، وقال يوسف أبو أسعد مدير عام الأرصاد الجوية الفلسطينية، إن انحباس الأمطار مع قلة المياه أديا إلى تضرر مشروعات زراعية كثيرة. ويقع معظم الآبار والمياه الجوفية في مناطق «ج» الخاضعة بالكامل لإسرائيل، وهي تعادل 60% من مساحة الضفة الغربية.

ولا يرى العتيلي حلا دون السماح للسلطة بالسيطرة على مصادر المياه، وقال إن المشكلة خطيرة جدا، وإنه لا يمكن إقامة دولة فلسطينية دون سيطرتنا على المياه. النقص يقتل كل شيء».

ودفع هذا الوضع رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض إلى التأكيد غير مرة، بأن السلام «لن يكون بين أسياد ينعمون بالمياه، وعبيد يُحرمون منها».

ويقول فياض إنه من غير المقبول أن تستمر إسرائيل في بناء المستوطنات وبرك السباحة في بيوت المستوطنين، بينما لا يجد شعبنا مياها للشرب، كما في مناطق الأغوار.

وفي غزة، يشرب نحو مليون ونصف مليون فلسطيني، مياها في معظمها غير صالحة للاستهلاك البشري، حسب قول العتيلي، الذي أوضح أن إسرائيل تسيطر على المياه قبل أن تصل إلى حوض غزة، مشيرا إلى أن المياه التي يشرب منها أهل القطاع تؤخذ من مياه البحر المالحة ومياه المجاري وهي في معظمها غير صالحة.