أزمة اليونان تهيمن على أجواء القمة الأوروبية

محاولات الساعات الأخيرة لإنجاحها

لقطة جماعية لزعماء الدول المشتركة في القمة الأوروبية في بروكسل (أ.ف.ب)
TT

انطلقت في بروكسل، أمس، أعمال القمة الأوروبية، بحضور قادة 27 دولة هي الأعضاء في التكتل الموحد، التي تبحث في ملفات تتناول كيفية مساعدة اليونان على تجاوز أزمتها الحالية، واستراتيجية أوروبا 2020 للنمو والتوظيف، ومرحلة ما بعد مؤتمر كوبنهاغن بشأن التغير المناخي، إلى جانب ملفات أخرى دولية وإقليمية.

وعلى الرغم من الجهود والاتصالات التي شهدتها الأيام القليلة الماضية، وخاصة في الساعات الأخيرة قبل انطلاق أعمال القمة الأوروبية، فإن كل ذلك لم يمنع تراجع العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) أمام العملات الأخرى، خاصة الدولار الأميركي والين الياباني، كما أن اليورو هبط إلى أدنى مستوى له على الإطلاق مقابل الفرنك السويسري قبل يوم واحد من القمة متأثرا بحالة القلق نتيجة الأزمة الاقتصادية في اليونان. ومن جهته، أكد أولي رين، المفوض الأوروبي للشؤون المالية، ضرورة توصل قادة الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق لمساعدة اليونان، أو مواجهة حالة عدم استقرار خطيرة للعملة الأوروبية. وفي هذا الصدد، أشار الناطق باسم المفوضية الأوروبية، أماديو ألفاتاغ، إلى أن رئيس المفوضية خوسيه مانويل باروسو أجرى مشاورات مع رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي في محاولة لدفع العمل باتجاه التوصل إلى اتفاق أوروبي بشأن الأزمة اليونانية.

وأشار ألفاتاغ إلى أن المفوضية تعمل على الحصول على توافق أوروبي حول آلية لمساعدة اليونان تقوم على أساس الاتفاق على قروض ثنائية وفق شروط مالية صارمة. وأوضح الناطق أن التضامن الأوروبي في معالجة الحالة اليونانية، وهو ما تطالب به المفوضية الأوروبية، سيكون له «أثر إيجابي» على أسواق المال العالمية والأوروبية، وعلى استقرار منطقة اليورو بشكل عام. وجاء هبوط اليورو على الرغم مما تردد من أنباء عن أن دول منطقة اليورو أصبحت «قريبة من اتفاق» على آلية لمساعدة اليونان تساهم فيها إلى جانب صندوق النقد الدولي، وعلى الرغم من ذلك فإن المستشارة أنجيلا ميركل تريد اتفاقا على إعلان أوروبي عام بشأن آلية لمساعدة الدول المتعثرة في منطقة اليورو، دون ذكر اسم اليونان صراحة، يتضمن شروطا قاسية مقابل المساعدات المالية. وينص الاتفاق، الذي كان محور الاتصالات الأخيرة بين عدد من الدول الأعضاء، خاصة بين كل من ألمانيا وفرنسا، بمشاركة رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي، على أن توافق برلين على وضع آلية لتقديم المساعدة المالية لدول اليورو، التي تواجه صعوبات كبرى، ويمكن أن تلجأ إليها اليونان. وكانت برلين ترفض هذه الآلية حتى الآن، معتبرة أن ذلك يمكن أن يشكل سابقة سيئة، داعية اليونان إلى حل مشكلاتها المالية. وتقول مصادر مقربة من القمة إن مساعدة منطقة اليورو لن تكون سوى استكمال لقروض من صندوق النقد الدولي, وإن «الأمر يتعلق إذا بمساعدة مشتركة يقوم فيها صندوق النقد الدولي بالدور المركزي. وعلاوة على ذلك تصر برلين على أن تتعهد دول منطقة اليورو بأن تشدد مستقبلا الآلية الموجودة بالفعل لضبط الميزانية في الاتحاد الأوروبي (ميثاق الاستقرار) مع عقوبات توقع بشكل أكثر سهولة على الدول المقصرة». وعرفت الساعات التي سبقت القمة دعوات إلى عقد قمة خاصة لزعماء دول منطقة اليورو الستة عشر على هامش قمة بروكسل، ولكن هذا الأمر لم يجد الترحيب الكافي من جانب الدول الكبرى في الاتحاد. كما أن رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي ظل مترددا في عقد مثل هذه القمة، «نظرا لأهمية مناقشة موضوع مساعدة اليونان بشكل معمق، وإفساح المجال أمام زعماء أوروبا لمناقشة باقي مواضيع القمة». وكانت الأوساط الأوروبية تحدثت عن قرب التوصل إلى اتفاق بشأن اليونان، التي ترزح تحت دين عام قدره 300 مليار يورو، وعجز موازنة قياسي يصل إلى 13 في المائة، وكانت أثينا قد اتخذت إجراءات تقشف شديدة لمعالجة مشكلة المديونية وعجز الموازنة، حيث تعهدت بتخفيض هذا العجز بمقدار 4 في المائة خلال العام الحالي، كما لوحت أكثر من مرة بإمكانية اللجوء إلى صندوق النقد الدولي في حال عدم توصل الأوروبيين إلى اتفاق حول طرق مساندتها. وتهدف القمة إلى اعتماد مخطط استراتيجي عام يمكن الدول الأوروبية من خطة اقتصادية متكاملة، تضمن عودة الانتعاش الاقتصادي من جهة، وتأخذ بعين الاعتبار التنمية المستدامة من جهة أخرى، وضمن أفق عام 2020.

وتقول المفوضية الأوروبية إن الأزمة الاقتصادية والمالية أثبتت أن استمرار العقود الماضية من النمو الاقتصادي لا يمكن أن يكون أمرا مفروغا منه. وينطبق الشيء نفسه على تدعيم المالية العامة، الذي هو شرط أساسي لتحقيق النمو. وإنه في غضون عامين من الأزمة التي اكتسحت أكثر من 20 عاما من توحيد الموارد المالية العامة، «هذا هو الوقت المناسب لتغيير سياساتنا في خطوة لتعزيز النمو المستدام وخلق فرص العمل، ومن خلال استراتيجية أوروبا 2020 نسعى جاهدين لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام، وخلق فرص العمل. إضافة إلى تصحيح نقاط الضعف الهيكلية في الأسواق والقطاعات العامة».