الإعلان عن اندماج أكبر مجموعتين ماليتين في المغرب

اندماج «الشركة الوطنية للاستثمار» و«أونا» وسحبهما من البورصة

TT

أعلن أمس في الدار البيضاء عن عملية اندماج أكبر مجموعتين ماليتين في المغرب، وسحبهما من التداول في بورصة الدار البيضاء في ما يعتبر حدثا اقتصاديا مدويا، نظرا لأهمية واتساع القطاعات التي تهيمن عليها المجموعتان. وتهدف العملية إلى دمج «الشركة الوطنية للاستثمار» ومجموعة «أونا» المالية في شركة استثمار قابضة واحدة، وتركيز نشاطها كمساهم محترف في إطار القيادة الاستراتيجية للشركات التابعة، بدل الهيمنة الإدارية والتدبير العملي والصناعي للفروع كما كانت تفعل «أونا».

كما أن الشركة القابضة الجديدة، التي ستعوض المجموعتين، لن تسعى إلى امتلاك أغلبية رأسمال الشركات التي تساهم فيها، فيما عدا المشاريع المشتركة مع مساهمين دوليين كبار كما هو الحال بالنسبة لشركة «لافارج المغرب» وشركة «سوناسيد للحديد والصلب»، التي أسندت فيها مهام الإدارة والتدبير لشركاء دوليين محترفين. وستحافظ الشركة القابضة الجديدة أيضا على حصص السيطرة في حالة حضانة مشاريع جديدة وفي المساهمات التنموية، كما هو الحال في شركة «ونا للاتصالات» ومجموعة «مرجان» للتوزيع العصري للمواد المنزلية والغذائية، وشركة «أونابار» العقارية، وشركة «ناريفا» للصناعات المرتبطة بالطاقة والبيئة والماء، وشركة «أوبتورغ» للتوزيع والتجارة الدولية.

وتضمن مخطط إعادة هيكلة المجموعتين الذي تم الإعلان عنه أمس بيع مجموعة من المساهمات الاستراتيجية لمجموعة «أونا» و«الشركة الوطنية للاستثمار» في شركات مغربية كبيرة تسيطر المجموعتان على حصص الأغلبية في رأسمالها، ومنها شركة «كوسومار» التي تحتكر فعليا سوق إنتاج وبيع السكر، وشركة «لوسيور» التي تسيطر على 65 في المائة من سوق إنتاج وبيع زيوت الطعام، وشركة «مركز الحليب» لمشتقات الحليب، وشركة «بيمو للبسكويت» الصناعية، وشركة «صوتيرما» للمشروبات والمياه المعدنية.

وتم الإعلان عن هذا المخطط عقب انعقاد المجلس الإداري لـ«الشركة الوطنية للاستثمار»، التي تسيطر على شركة «سيجير» (المكلفة بإدارة الأصول المالية للعائلة المالكة) على حصة 65 في المائة من رأسمالها، ومجلس إدارة «أونا» التي تسيطر «الشركة الوطنية للاستثمار» على حصة 35 في المائة منها. وأشار بيان صادر عن مجلسي إدارة المجموعتين إلى أن هذه العملية ستتم على مراحل. إذ سيتم في مرحلة أولى طرح عرضين لسحب أسهم «الشركة الوطنية للاستثمار» ومجموعة «أونا» من البورصة، عبر شرائها من طرف كبار المساهمين في المجموعتين. وأشار البيان إلى أن العرض سيتم بسعر 1900 درهم (230 دولارا) للسهم بالنسبة لـ«الشركة الوطنية للاستثمار» و1650 درهم للسهم (200 دولار) للسهم بالنسبة لأسهم مجموعة «أونا». وستكون أسعار العرض موضوع شهادة إنصاف مسلمة من طرف خبير مستقل مصادق على تعيينه من طرف مجلس أخلاقيات القيم المنقولة.

وفي مرحلة ثانية، سيتم شطب أسهم المجموعتين من التسعيرة على إثر عمليات العرض العمومي للسحب وإتمام عملية شراء أسهم صغار المساهمين في البورصة من طرف كبار المساهمين. وأشار البيان إلى أن سحب الشركتين من البورصة يندرج في سياق توجه عالمي نحو إخراج الشركات القابضة من التسعيرة، وذلك استجابة لتطلعات المستثمرين الذين يفضلون الإشراف الشخصي على تنويع محافظهم الاستثمارية. أما المرحلة الثالثة من العملية، فسيتم خلالها اندماج «الشركة الوطنية للاستثمار» مع مجموعة «أونا» واندماجهما في شركة استثمار قابضة واحدة. وسيتم اقتراح مشروع اندماج المجموعتين على المساهمين خلال جمعيتين عموميتين استثنائيتين.

كما تهم عملية الاندماج مجموعة من الشركات القابضة الوسيطة التي تملكها المجموعتان وتسيطر عبرها على مساهمات في شركات متعددة.

وأشار البيان إلى أنه من خلال اندماج «الشركة الوطنية للاستثمار» ومجموعة «أونا» في شركة واحدة، واندماج الشركات القابضة الوسيطة فيها، سيتم تبسيط مخطط المساهمات وتقليص الثقل الإداري المترتب على تدرج الشركات القابضة، بالإضافة إلى توحيد الحيازة المشتركة للشركات القابضة في الفروع المهمة.

بعد ذلك تنطلق المرحلة الرابعة، التي ستخصص لتتويج وترشيد نطاق مساهمات الشركة الاستثمارية الجديدة، وأشار البيان إلى أن الشركة القابضة الجديدة ستقوم بتقليص تدريجي لنطاقها عبر بيع حصص السيطرة في الشركات التابعة المدرجة في البورصة، التي بلغت مستوى عاليا من النضج والاستقلالية. وستشمل هذه العملية في مرحلة أولى «كوسومار» و«لوسيور» وشركات قطب الصناعات الغذائية الذي تضم شركات «مركز الحليب» و«بيمو» و«صوتيرما».

ومن أبرز الآثار المتوخاة من مشروع إعادة الهيكلة: التخلص من عبء التدبير العملي للشركات التابعة، وتفرغ طواقم الشركة القابضة الجديدة للقيادة الاستراتيجية للمساهمات التي في حيازتها.

وأشار البيان إلى أن الشركة الجديدة ستواصل العمل على المواكبة المستمرة للشركات الرائدة والمشاريع المهيكلة بالنسبة للاقتصاد المغربي. كما أنها ستلعب دور الحاضنة والمنمية للشركات والمشاريع الجديدة، إما منفردة وإما بشراكة مع رواد عالميين، كلما بلغت هذه المشاريع مرحلة النضج وضمان النمو المستدام ستعمل الشركة القابضة الجديدة على طرح أسهمها في السوق المالية المغربية. ومن خلال ذلك إعطاء زخم جديد لسوق الأسهم المغربية ورفع مستوى جاذبيتها للاستثمارات. كما أن سحب المجموعتين سوف يكون له أثر كبير على قيمة سوق الأسهم المغربية، الذي سيكون أكثر تمثيلية للسوق بعد التخلص من التسعير المزدوج للمجموعتين وفروعهما المدرجة في البورصة.