السعودية تخطط لمواجهة أزمة الحديد بتحمل الحكومة الرسوم الجمركية

مصادر تؤكد لـ «الشرق الأوسط» إعداد وزارة التجارة مقترحات ورفعها إلى جهات عليا للتقليل من آثار الأزمة

يتراوح حجم سوق الحديد في السعودية ما بين 6 و6.5 مليون طن سنويا («الشرق الأوسط»)
TT

كشفت لـ«الشرق الأوسط» مصادر مطلعة، عن أن وزارة التجارة والصناعة السعودية تعد مقترحات لرفعها إلى جهات عليا، تسعى من خلالها لمواجهة أزمة الحديد المتفاقمة في البلاد.

وأوضحت المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف واشترطت عدم ذكر اسمها، أن من بين المقترحات الجديدة، التي يتم دراستها حاليا، إعادة تحمل الحكومة للرسوم الجمركية البالغة 5 في المائة، في محاولة للمساعدة على الاستيراد من الخارج وكبح جماح الأسعار.

يشار إلى أن حجم سوق الحديد في السعودية يتراوح ما بين 6 و6.5 مليون طن سنويا، في ظل الطفرة التي تشهدها البلاد، وتلبي الشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك» نحو 55 في المائة من حاجة السوق المحلية.

يذكر أن الحكومة السعودية، تحملت إبان أزمة الحديد الماضية قبل عامين تقريبا الرسوم الجمركية، بعد أن وصلت الأسعار حين ذلك إلى نحو 5 آلاف ريال (1333 دولارا)، ومن ثم إعادة العمل بها مطلع العام الجاري 2010، بعد أن استقرت الأسعار، إلا أنها خلال الأسابيع القليلة الماضية عادت مرة أخرى للارتفاع.

وقالت المصادر إن من بين المقترحات التي تدرس في شكلها النهائي حاليا، السماح لـ«سابك» - تملك الحكومة 70 في المائة من أسهمها - برفع سعر طن الحديد إلى نحو 3 آلاف ريال (800 دولار) بدلا من 2200 - 2400 ريال (586.6 - 640 دولارا) حاليا، بحسب المقاس.

وفي هذا الجانب، بررت المصادر هذا التوجه رغبة في أن يكون قريبا من الأسعار العالمية، مما يسمح للمقاولين الكبار بالاستيراد من الخارج للمحافظة على استقرار السوق المحلية، وهذا ضمن المقترحات التي أعدتها «التجارة والصناعة». لكن مستثمرين تساءلوا عن الخطوة اللاحقة في حال إذا استمرت الأسعار العالمية في الصعود وتجاوزت الـ3000 ريال، خاصة أن الأسعار ترتفع بشكل سريع، إذ صعدت في السوق العالمية نحو 50 في المائة في فترة قصيرة.

وطالب المستثمرون بأن تترك الأسعار من دون تدخل مباشر أو غير مباشر في تحديد الأسعار، على أن تصحح السوق نفسها بنفسها، مؤكدين أن هذه الخطوة نجحت إبان أزمة الحديد قبل عامين، بعد أن صعدت في فترة قصيرة إلى مستويات عالية قبل أن تعود إلى مستوياتها السابقة. لكنهم أشاروا إلى ضرورة مواجهة السوق السوداء، ومنع الوسطاء الذين استغلوا حاجة الناس إلى الحديد لاستكمال مشاريعهم وعقاراتهم من محاولة شرائه ومن ثم تخزينه وبيعه بأسعار أعلى مما تم شراؤه به، مؤكدين أن السوق لا تشكو من نقص في الفترة الحالية إلا أن نشوء السوق السوداء أثر بشكل كبير في الأسعار وفي نقصه لدى المصنعين، مشددين على ضرورة مكافحة تلك السوق.

يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه لجنة الغش التجاري بمنطقة الجوف، أمس، المكونة من فرع وزارة التجارة وأمانة المنطقة والشرطة، عن عثورها على مستودع حديد لإحدى الشركات المتخصصة في بيع الحديد يحوي كميات كبيرة مكدسة من الحديد ويمتنع بيعها.

وقد قامت اللجنة بإغلاق المستودع وإبلاغ المسؤولين فيه بسرعة مراجعة فرع وزارة التجارة بالمنطقة، حيث حذرت الوزارة من تكديس الحديد وعدم بيعه للمستهلكين.

إلى ذلك، أفادت مصادر عاملة في السوق، بأن الطلب ارتفع خلال الفترة الماضية بمستويات تفوق المعتاد، مرجعة ذلك إلى خوف المستهلكين من ارتفاع الأسعار بشكل كبير، مما دفعهم إلى محاولة الحصول على كامل ما يحتاجونه من كميات دفعة واحدة بدلا من تقسيطها بحسب الحاجة واكتمال بناء العقار.

وكانت وزارة التجارة والصناعة قد أصدرت تعميما لكل التجار والموزعين ينص على «تحديد عقوبات لكل من يمتنع عن بيع حديد التسليح المصنع محليا أو المستورد، أو بيعه بزيادة على الأسعار المحددة والمعلنة على الموقع الرسمي لوزارة التجارة والصناعة على شبكة الإنترنت».

وتتولى لجان تشكل من قبل وزير التجارة والصناعة إثبات المخالفات، على أن ترفع محاضر الضبط من قبل وزارة التجارة والصناعة للنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، أو من يراه مناسبا لإصدار القرار بتوقيع العقوبة على المخالفين.

في المقابل، يتخوف مقاولون كبار في السوق السعودية من الاستيراد الخارجي بكميات كبيرة، إذ تكبدت إحدى الشركات الكبرى قبل نحو عامين خسائر بلغت نحو 500 مليون ريال (133.3 مليون دولار) بعد استيرادها لسد حاجة السوق، إلا أن الأسعار تهاوت بشكل سريع أفقدها 50 في المائة تقريبا من تكلفتها، بينما تكبدت إحدى الشركات خسائر ضخمة، مما أجبر دائنيها من البنوك إلى الحجر عليها وتسيير أعمالها.