برلمانيون يعتبرون تدخل «النقد الدولي» في اتفاق مساعدة اليونان «إذلالا» للاتحاد الأوروبي

الأزمة اليونانية تعرقل مساعي بلغاريا للانضمام لمنطقة اليورو

TT

لم تمض سوى ساعات قليلة على اختتام أعمال القمة الأوروبية في بروكسل، وتعالت أصوات المعارضين للاتفاق، الذي توصل إليه قادة الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بشأن مساعدة اليونان، واعتبروه إهانة لأوروبا، وفيه إذلال لها، لأنه يسمح لصندوق النقد الدولي بالتدخل في الحالة الأوروبية، وهذا يتعارض تماما مع ما صدر عن قادة الدول الأعضاء وفعاليات سياسية وحزبية أوروبية أخرى، وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال غي فيرهوفستاد رئيس وزراء بلجيكا السابق والرئيس الحالي للمجموعة الليبرالية في البرلمان الأوروبي، إن كل قمة أوروبية تشكل اختبارا صعبا للقادة أمام الرأي العام الأوروبي، وأجندة القمة كانت مليئة بالنقاط التي تعتبر تحديات يواجهها التكتل الموحد، وكان لا بد من تنسيق المواقف والخروج باتفاق وهو ما تمخضت عنه القمة، ومن جانبه أشاد مارتن شولتز رئيس مجموعة الاشتراكيين باستراتيجية أوروبا 2020 التي أقرها القادة في القمة الأخيرة، ولكنه قال إنه في خطة 2010 كانت الأهداف كبيرة للغاية، وجرى التركيز على الاستثمارات الخارجية على حساب الاستثمارات داخل أوروبا، وفي خطة أوروبا 2020 أرجو أن لا يتكرر الخطأ. وعلى الرغم من الأصداء الإيجابية للاتفاق الأوروبي على مخطط لإنقاذ اليونان، فإن مجموعة الخضر في البرلمان الأوروبي وجهت انتقادات شديدة له، واصفة إياه بـ«المذل» وجاء ذلك في تصريحات أطلقها رئيس المجموعة دانيال كوهين بنديت، في بروكسل، حيث عبر عن قناعته بأن هذا الاتفاق يشكل «نقصا حادا» في الاندماج الأوروبي، الذي يحتاجه الاتحاد حاليا، في وقت يجتاز فيه التكتل الموحد واحدة من أسوأ أزماته، وأشار البرلماني الأوروبي إلى أن «أوروبا التي تحتاج إلى مزيد من التضامن والترابط لجأت إلى إدخال صندوق النقد الدولي في شؤونها»، وقال: «تبدو السياسة الألمانية غاية في المأساوية، إذ لم تأخذ بعين الاعتبار الاندماج» الأوروبي. ولم يكن بقية أعضاء المجموعة أقل غضبا من بنديت، حيث يشبه أعضاؤها حال الاتحاد الأوروبي حاليا بحالة يوغوسلافيا السابقة عام 1995 حيث «تخيم الخلافات والانقسامات»، مما أدى إلى تدخل الولايات المتحدة الأميركية في حال يوغوسلافيا وتدخل صندوق النقد الدولي في الحالة الأوروبية، و«يعتبر الاتفاق مذلا للاتحاد»، ورأى أعضاء المجموعة أن الأوروبيين أثبتوا من جديد «عجزهم» عن التصرف بشكل موحد، من جانبه أعلن جان كلود تريشيه رئيس البنك المركزي الأوروبي، مساندته لخطط منطقة اليورو لمساعدة اليونان المثقلة بالديون مؤكدا أهمية الحفاظ على استقلالية المركزي الأوروبي.. وقبل اتخاذ هذا القرار كان تريشيه ومسؤولون كبار آخرون بالمركزي الأوروبي، قد وجهوا تحذيرات قوية بشأن مشاركة صندوق النقد، لكنه عبر بعد ذلك عن مساندته للقرار. وقال: «أنا مسرور أن رؤساء الدول والحكومات في منطقة اليورو تمكنوا من التوصل لحل وتنفيذ إعلانهم السابق لاتخاذ إجراءات حازمة ومنسقة عند الحاجة». وانتقد تريشيه تلميحات لتدخل سياسي في شؤون المركزي الأوروبي، وقال: «البنك المركزي الأوروبي مستقل. إنه لا يسمح لأي حكومة أو مؤسسة أو جماعة ضغط بالتأثير على قراراته للسياسة النقدية». ودعا حكومات منطقة اليورو إلى العمل بجدية لتقليص عجز الميزانية، وإعادة ترتيب المالية العامة. وقال: «في الظروف الحالية حيث تواجه أوروبا قرارات بالغة الأهمية، فإن من المهم الآن أكثر من أي وقت، الاعتراف بأن وحدة مزدهرة تتطلب إجراءات حازمة من الجميع»، مضيفا أن الديون المرتفعة توجد صراعات محتملة بين السياسة المالية والسياسة النقدية. وكانت دول مجموعة اليورو (16 دولة أوروبية من أصل 27) قد توصلت إلى إقرار المقترح الفرنسي - الألماني بمساعدة اليونان ضمن خطة تتضمن قروضا ثنائية يكملها صندوق النقد الدولي، مع الاحتفاظ بضرورة الحصول على موافقة كافة دول المجموعة لتفعيل هذه الخطة «التي لن يتم اللجوء إليها إلا كخيار أخير». كما أقر الزعماء الأوروبيون خلال القمة الخطوط العريضة للاستراتيجية الأوروبية للعمل والنمو الاقتصادي في أفق عام 2020، وتنص على ضرورة ربط اقتصاد السوق الاجتماعية والقدرة التنافسية لأوروبا بالتقنيات الحديثة والبيئة وخلق فرص العمل ومحاربة الفقر والتهميش الاجتماعي، وأعلنوا أنهم سيعودون لبحث تفاصيل هذه الاستراتيجية خلال قمة يونيو (حزيران) المقبل، بعد إيجاد روابط متينة بين مناهج العمل الأوروبية ومناهج عمل كل دولة على حدة لتحقيق الأهداف المشتركة، كما بحث زعماء أوروبا مواضيع تتعلق بمشاركة الاتحاد الأوروبي في قمة العشرين القادمة المقررة في كندا.

قال وزير المالية اليوناني جورج باباكونستانتينو أمس إن اليونان لم تتخذ بعد قرارا نهائيا لإصدار سندات هذا الأسبوع. وكان باباكونستانتينو يتحدث بعد أن ذكر تقرير لصحيفة «فايننشيال تايمز» أن اليونان تعتزم طرح سندات باليورو بقيمة بضعة مليارات في الأيام القادمة. وقالت الصحيفة أمس الجمعة نقلا عن بتروس كريستودولو رئيس وكالة إدارة الدين العام في اليونان إن بلاده تريد اقتراض نحو خمسة مليارات يورو (6.67 مليار دولار). ونسبت الصحيفة إلى كريستودولو قوله: «نريد العودة إلى السوق خلال شهر مارس». ورفض كريستودولو الإدلاء بتعقيب عندما طلبت منه «رويترز» تأكيد أو نفي التقرير. وقال وزير المالية باباكونستانتينو لـ«رويترز» إنه لم يتم حتى الآن اتخاذ قرار في هذا الشأن. والبيع القادم للسندات سيكون أول اختبار لثقة المستثمرين بعد أن اتفق زعماء الاتحاد الأوروبي يوم الخميس على إقامة شبكة أمان لمساعدة اليونان إذا فشلت في الحصول على حاجاتها من الاقتراض من الأسواق. ويتعين على اليونان أن تقترض نحو 16 مليار يورو بحلول أواخر مايو (أيار) المقبل، فقط لإعادة تمويل ديون يحين موعد استحقاقها. والمرة السابقة التي باعت فيها اليونان سندات كانت في الرابع من مارس (آذار) عندما جمعت خمسة مليارات يورو. وعلى صعيد متصل تعرقل الأزمة المالية في اليونان مساعي بلغاريا للانضمام لمنطقة اليورو.

ونقلت تقارير صحافية أمس عن رئيس وزراء بلغاريا، بويكو بوريسوف، القول إن هذا «أكثر وقت غير مناسب» لذكر موضوع انضمام بلغاريا إلى آلية العملة الأوروبية.

وبحسب وكالة الأنباء الألمانية ذكر بوريسوف أن القواعد المشددة لمنطقة اليورو تصعب مساعي بلغاريا بشكل إضافي، وقال: «آمل ألا تتم معاقبتنا بسبب اليونان، لأن هذا هو الحال حاليا».

يذكر أن بلغاريا انضمت إلى الاتحاد الأوروبي عام 2007، وترتبط عملتها «ليف» باليورو.

وتسعى الحكومة المحافظة في صوفيا إلى التقدم رسميا بطلب انضمام إلى آلية عملة الاتحاد الأوروبي منتصف العام الحالي.