جماعات ضغط «ممتلئة الجيوب» تسعى إلى إفشال خطة أوباما لإصلاح «وول ستريت»

بينما يسعى الرئيس الأميركي إلى تحقيق انتصار تشريعي كبير آخر

تسعى جماعات ضغط إلى إخراج مسعى أوباما إلى إصلاح القطاع المالي الأميركي عن الوجهة
TT

في الوقت الذي تسعى فيه إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى تحقيق انتصار تشريعي كبير آخر، تدشن مؤسسات مؤيدة لقطاع الأعمال، ومحافظون ماليون حملة ذات تمويل جيد تهدف إلى تقويض أو إعاقة خطة الديمقراطيين لتعديل تنظيم الصناعة المالية.

وعندما تنتهي الحملة، فإنه من المحتمل أن يكون معارضو خطط التنظيم قد أنفقوا عشرات الملايين من الدولارات لحشد المشرعين داخل واشنطن ونشر إعلانات وتدشين حملات. ويرى الكثير من اللاعبين، بدءا من غرفة التجارة الأميركية إلى مؤسسات أصغر، أن هذا الجهد عنصر مهم لبقائهم اقتصاديا.

وقال بول سكوت ستفينز، رئيس معهد شركات الاستثمار، الأسبوع الماضي خلال اجتماع استضافته الغرفة: «يمثل ذلك إعادة ترتيب لمؤسساتنا المالية لأجيال مقبلة».

ويقول مسؤولون تنفيذيون داخل «وول ستريت» إنه على الرغم من دعمهم لتنظيمات أشد، فإن التغييرات التي يسعها إليها الديمقراطيون قد تفاقم من المشكلات التي ظهرت خلال الأزمة الاقتصادية عام 2008 بدلا من إصلاحها. ومن بين الأشياء التي وجهت إليها انتقادات: فكرة تأسيس هيئة لحماية المستهلك داخل الأسواق المالية، وإنشاء صندوق بمليارات الدولارات من أجل تجنب حزم الإنقاذ لشركات ينظر إليها على أنها «أكبر من أن تتعثر»، وتنظيم المشتقات وأوعية التداول الأخرى عالية المخاطر.

وعلى الجانب الآخر، تدفع اتحادات العمال وغيرها من المؤسسات بقوة من أجل تطبيق إجراءات أشد، ومن بينها نصوص لوضع قيود على تعويضات المسؤولين التنفيذيين أتاحت دورا أكبر لحملة الأسهم داخل مجالس إدارة الشركات.

وتشبه الكثير من الآراء التي تذكر داخل القطاع المالي في معارضة هذه الخطط الأفكار نفسها التي ترددت خلال نقاش الرعاية الصحية، مثل القول بأن الحكومة لها دور أكبر في المشكلة وليس الحل، وأن الرقابة الأشد تخاطر بإعاقة المنافسة، وأن الخطة غير مسؤولة من الناحية المالية.

ولكن، تغطي العبارات الشائعة على الخلافات بين معارضي التشريع، الذين يميلون إلى الاتفاق على أن التغير خطير، ولكن يشيرون إلى عناصر مختلفة جدا لخطط مجلس الشيوخ والنواب.

ويقول ستيف إلمندروف، عضو إحدى جماعات الضغط لصالح «سيتي غروب» وغيرها من الشركات الكبرى: «لا أعتقد أن هناك موقفا موحدا داخل مجتمع الأعمال حاليا، ولا أعتقد أنه سيكون موجودا حيث توجد الكثير من المصالح المختلفة». ويضيف: «من الواضح أنه يوجد الكثير من حملة الأسهم هنا - وول ستريت والمصارف الكبرى وصناديق التحوط وشركات التأمين وسماسرة الرهون العقارية - الذين يهتمون جميعا بما يحدث هنا».

وفي الواقع، فإن هذه القضية قد جذبت مجموعة كبيرة من أعضاء جماعات الضغط منذ العام الماضي، عندما بدأ مجلس النواب دراسة تشريع لفرض مجموعة واسعة من القيود الجديدة، وفي النهاية وافق عليه. وتحول النقاش إلى مجلس الشيوخ، حيث وافقت اللجنة المصرفية على خطة ديمقراطية.

وبحلول نهاية العام الماضي، كان أعضاء جماعات ضغط من نحو 400 شركة ومؤسسة، ومن بينهم مصرفيون وشركات بيرة وشركات تنظيم رحلات نهرية ومتاجر بقالة، سجلوا أسماءهم لدى الكونغرس من أجل النظر في الإصلاح التنظيمي، حسب ما أفادت به بيانات حللها «مركز النزاهة العامة»، وهي مؤسسة بحثية داخل واشنطن. ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد عند رفع تقارير جديدة لجماعات الضغط الشهر المقبل.

ويشار إلى أنه خلال العقد المقبل أنفق القطاع المالي أموالا أكثر من أي صناعة أخرى للتأثير على سياسة واشنطن، أكثر من 3.9 مليار دولار، حسب ما أفاد به مركز «ريسبونسف بولتكس». وكانت هناك انتقادات من جانب إدارة أوباما بسبب معارضة «وول ستريت» لبعض العناصر الجوهرية داخل الخطة.

ولكن، لم تكن إحدى الحملات الأكثر علنية ضد إصلاحات الديمقراطيين من داخل «وول ستريت»، ولكنها كانت من جانب مؤسسة غير شهيرة ذات ميول جمهورية تسعى إلى وصف الخطة بأنها هدية لـ«وول ستريت».

وتقول «مجموعة تحليل الحملات الإعلامية»، التي تتابع الإعلانات السياسية، إن «لجنة الحقيقة داخل الساحة السياسية» أنفقت ما يقدر بـ5 ملايين دولار على الإعلانات ضد المقترحات. وتصور الإعلانات الإصلاحات المالية، بصورة مضللة حسب ما ترى الإدارة، كحزمة إنقاذ قيمتها 4 تريليونات دولار لصالح المصارف الكبرى.

وتحاط عضوية اللجنة وتمويلها بالسرية، ورفضت الكشف عن المتبرعين لها، وستقوم برفع قضية ضد مفوضية الانتخابات الفيدرالية بزعم أن قواعد الإفصاح في الإعلانات السياسية تمثل عائقا غير دستوري لحرية التعبير.

وقال جيمس بوب، المحامي والناشط المحافظ الذي وكلته اللجنة بالقضية، خلال مقابلة أجريت معه، إن الإعلانات تعكس بدقة جزءا في مشروع قانون مجلس النواب سوف يسمح للمصرف الاحتياطي الفيدرالي (المصرف المركزي الأميركي) بإنفاق ما يصل إلى 4 تريليونات دولار من أجل تحقيق استقرار داخل النظام المالي خلال أزمة سيولة. وقال إن وصف مشروع القانون بأي شيء سوى حزمة إنقاذ يمثل «كذبة نمطية داخل واشنطن حيث يقوم الساسة بشيء واحد داخل واشنطن وهو الترويج لأجندة أوباما الاشتراكية والكذب بشأنها عندما يعودون إلى منازلهم، لأنهم لا يريدون أن يعلم بشأنها أحد».

ولكن، يصف النائب بيرني فرانك، الديمقراطي من ولاية ماساتشوستس، الذي دفع بمشروع القانون عبر مجلس النواب، الحملة الإعلانية بأنها «محض تشويه» للتشريع، الذي قال إنه سيحد من قدرة الاحتياطي الفيدرالي على دعم المصارف القوية خلال أزمة سيولة، ويمنع مثل حزم الإنقاذ التي ذهبت إلى «إيه آي جي» وغيرها من الشركات العملاقة.

وتعرض هذه الإعلانات داخل نحو 10 ولايات، من بينها الولايات التي جاء منها أعضاء الحزب الديمقراطي داخل اللجنة المصرفية بمجلس النواب. ويقول السيناتور جون تيستر، الديمقراطي من ولاية مونتانا، إن مكتبه وصلت إليه «المئات» من المكالمات الهاتفية تذكر مفردات «حزمة الإنقاذ» التي جاءت في إعلان لـ«لجنة الحقيقة داخل الساحة السياسية» بعد بدء بثه في ولاية خلال فبراير (شباط). وقال عن مشروع القانون: «هذا ليس حزمة إنقاذ، وأنا لا أدعم حزم الإنقاذ».

وتسبب تركيز الخطة على رقابة أشد على المؤسسات التي تعتبر أكبر من أن تتعثر في منافسة بين المصارف الأكبر والأصغر، حيث إن المصارف الأصغر تدعم بصورة عامة التنظيمات المقترحة، بينما تعارضها «وول ستريت».

ويقول كامدن فين، رئيس رابطة «المصرفيون الأهليون المستقلون» داخل أميركا، وهي رابطة أنفقت 4.75 مليون دولار العام الماضي على أنشطة ضغط على المستوى الفيدرالي، إن ممثلي «وول ستريت» داخل واشنطن تفوقوا على الرابطة في التمويل والموارد. ويضيف: «عندما يذهب الفتية التابعون لنا إلى مكاتب سيناتور بارز لتوضيح رأيهم في التشريع يرون أربعة أو خمسة من عناصر الضغط داخل (وول ستريت) خارجين من المكتب، وربما يمثل ذلك تهديدا».

وقد أنفقت الغرفة التجارية، التي قيل إنها أنفقت نحو 123 مليون دولار في أنشطة ضغط العام الماضي، 3 ملايين دولار على إعلانات تنتقد مقترحات الإصلاح، وتخطط الغرفة لإنفاق المزيد على إعلانات مستقبلية، حسب ما قاله ديفيد هيرشمان، النائب الأول لرئيس الغرفة، خلال مقابلة أجريت معه. وتسعى المؤسسة إلى التواصل مع الديمقراطيين والجمهوريين داخل اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ في أي مكان آخر.

وظهرت حدة الكلام خلال اجتماع الغرفة التجارية الأسبوع الماضي، ودعي وكيل وزارة الخزانة نيل وولين، ليكون المتحدث البارز وفوجئ بعض الحضور بتوجيه اتهامات تتعلق بدور الغرفة في الإصلاح التنظيمي، ووصف المعارضة بأنها «مضللة وضيقة الأفق». وقال وولين: «كما أوضح الرئيس، سوف نقف ضد الجهود التي تهدف إلى تقويضها، ورسالتي لكم اليوم هي: يجب عليكم القيام بذلك أيضا».

* خدمة «نيويورك تايمز»