رئيس «الفوزان القابضة»: 5 وصايا تضمن استمرار الشركات العائلية في الخليج

عبد الله الفوزان لـ «الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط»: الشركات العائلية ذات المسؤولية المحدودة أو التضامنية قنابل موقوتة

عبد الله عبد اللطيف الفوزان
TT

قدم عبد الله عبد اللطيف الفوزان رئيس مجلس إدارة شركة «الفوزان القابضة السعودية» 5 وصايا لاستمرار الشركات العائلية في الخليج. وتتمثل وصايا الفوزان في وضع دستور عائلي، والتحول إلى شركات مساهمة مقفلة كحد أدنى، والتكيف مع المتغيرات، وفصل الملكية عن الإدارة، وتطعيم مجالس إدارات الشركات بأعضاء من خارج العائلة.

ويؤكد الفوزان، وهو شاب يُعتبر من الجيل الثاني في مجموعته التي تعد من كبرى الشركات العائلية على مستوى منطقة الخليج، أن وصاياه تضمن للشركات العائلية التي تشكل دعامة لاقتصاديات الخليج الاستمرار والنمو.

ودعا الفوزان من خلال حوار مع «الشرق الأوسط» الغرف التجارية إلى زيادة التوعية في عملية تحويل وضع الشركات العائلية إلى مساهمات مقفلة لحماية هذه الكيانات الاقتصادية، إضافة إلى متغيرات الوضع الحالي للشركات العائلية. وإلى تفاصيل الحوار:

* للشركات العائلية أثرها على الاقتصاديات العالمية، ما رؤيتكم لوضع هذه الشركات قبل الأزمة المالية العالمية؟ وكيف تعاملت معها؟

- الشركات العائلية في دول الخليج عامة وفي السعودية بشكل خاص هي إحدى الدعامات الأساسية للاقتصاد الوطني وهي تساهم بما يقارب 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي لدول الخليج وباستثمارات تتجاوز ترليون ريال (266 مليار دولار). والمتأمل لوضع الشركات العائلية الناجحة خلال أربعة العقود الماضية يجد أنها مرت بعدة مراحل: المرحلة الأولى وهي مرحلة التأسيس والتركيز على نشاط رئيسي واحد، ثم تنويع الأنشطة وفصل الملكية عن الإدارة، والمرحلة الثالثة هي الدخول في التحالفات والشراكات الاستراتيجية، والتحول إلى شركات مساهمة وبالتالي تأصيل عملية فصل الملكية عن الإدارة.

والملاحظ أن الشركات التي طبقت مبدأ فصل الملكية عن الإدارة هي التي نمت وتطورت وأصبحت قادرة على مواجهة التحديات والمتغيرات أكثر من غيرها. وفي المقابل هنالك الكثير من العائلات التجارية ظلت متمسكة بإدارة شركاتها مما عرّض هذه الشركات للتقلبات والمخاطر خصوصًا في حال فقدانها لمؤسسها أو عجزه عن القيام بمهامه، مما أدى إلى زوال بعض هذه الشركات أو تقلصها.

ويجب أن أنوه هنا بأنني لا أتحدث عن الفصل لمجرد الفصل، فهناك شركات عائلية عالمية ناجحة جدا أدارت شركاتها جيلا بعد جيل بوجود الشخص المناسب من العائلة في الإدارة. لذلك أؤمن بأنه يجب أن يكون لكل شركة في المجموعات التجارية العائلية أب روحي من العائلة يهتم بحصة الأغلبية في الشركة حتى لو كانت الشركة مساهمة عامة وذلك لتعزيز دور المتابعة والتطوير ولضمان استمراريتها. الكثير من الشركات العائلية تتخوف من مبدأ فصل الملكية عن الإدارة رغم عدم تأثير ذلك على حقوقهم المكتسبة من الملكية، فما دامت الكفاءات الإدارية من خارج العائلة وُجدت وتم تحفيزها بالكيفية المناسبة، فإن فرص النجاح ستكون أكبر بالتأكيد. ومما لا شك فيه أن المتغيرات الاقتصادية لعبت دورًا كبيرًا في تطور وضع الشركات العائلية: نمو وتطور أسواق المال، طموح النمو والتوسع، العولمة وفتح الأسواق، والتحديات الاقتصادية.

* كيف ترى تأثير الأزمة المالية على المنطقة؟

- الأزمة المالية العالمية أثرت على الجميع ولكن بشكل نسبي متفاوت حسب درجة المخاطرة في استثمارات كل شركة. ولقد أظهرت هذه الأزمة أن الشركات التي درست المخاطر الاستثمارية كركيزة أساسية في قراراتها الاستثمارية هي التي تخطت الأزمة بسبب قاعدتها الاستثمارية الصلبة، وعلى العكس من ذلك فإن أكثر الشركات تأثرا هي الشركات التي لم تعط هذا الجانب حقه والتي أقبلت على الاستثمارات عالية المخاطر مما كان سببًا في انهيارها أو تعثرها. وهذا هو الدرس الذي استفاد منه الجميع في هذه الأزمة.

ويجب أن نقف هنا عند هذا المنعطف التاريخي لنأخذ العبر، فعلى الرغم من الآثار السلبية الضخمة لهذه الأزمة فإن الجميع استفاد من الجوانب الإيجابية لها وعلى رأسها تصحيح المفاهيم الخاطئة التي كادت تعصف بالاقتصاد العالمي. إن التوسع غير المدروس في الإقراض والذي نشأ عن ضعف الرقابة على المؤسسات المالية العالمية إضافة إلى الحوافز المغرية لتنفيذيي البنوك ساعد على المبالغة في الإقراض والسعي خلف الأرباح العالية من الاستثمارات عالية المخاطر مما انعكس بشكل مباشر في موجة التضخم العالمية الكبيرة وكان سببا مباشرا للانهيار المالي في 2008 و2009.

ولا بد من أن أثني هنا على تعامل حكومة خادم الحرمين الشريفين مع معطيات هذه الأزمة والتي كانت من بين الأفضل أداءً على المستوى العالمي. ففي ذروة الأزمة أصاب القطاع الخاص شلل استثماري ناتج عن تَخوُّف وتراجع البنوك عن تمويل المشروعات الجديدة أو حتى تقديم التسهيلات. ولكن التوسع الإنفاقي للحكومة السعودية في الاستثمار في البنى التحتية في جميع المجالات من خلال ميزانيات هي الأكبر في تاريخ المملكة، عوّض دور البنوك في تمويل القطاع الخاص وفعل الدور الحكومي كشريك حقيقي للقطاع الخاص، وقد أسهم ذلك كثيرا في تخطي الشركات السعودية لهذه الأزمة والمحافظة على استقرار الاقتصاد الوطني. وأؤكد هنا أنه ولولا التدخل السريع لحكومات دول العالم لانتشال اقتصادياتها لكان من الممكن أن نكون في وضع أسوأ بكثير مما رأيناه.

* هل تأثرت شركات القطاع الخاص بشدة بسبب إحجام البنوك عن التمويل؟

- مما لا شك فيه أن الأزمة زادت من صعوبة تعامل البنوك مع شركات القطاع الخاص وحرمت شركات جديدة من التمويل نتيجة المخاوف غير المبررة. هناك شركات تعثرت عن سداد ديونها والوفاء بالتزاماتها في الأجل المحدد لها، أو حتى لم تعد قادرة على تمويل مشترياتها وعملياتها.

نحن في المجموعة لم نتأخر يوما واحدا في الوفاء بالتزاماتنا تجاه البنوك أو الموردين لأننا جنينا ثمار سياساتنا في إدارة المخاطر، واستفدنا من بناء الاحتياطيات في أوقات الرخاء للتحوط للدورات الاقتصادية. كما أننا استفدنا كثيرا من قدرتنا على التفاعل الإيجابي مع المتغيرات والمعطيات الجديدة على الوضع الاقتصادي من خلال: التركيز على إدارة التدفقات النقدية للمجموعة وعلى النشاطات الرئيسية، خفض المصاريف، إعادة الهيكلة للتكيف والتفاعل مع المتغيرات الجديدة، والدراسة المتأنية لدرجات المخاطر في استثماراتنا. ولأننا نؤمن بأن البنوك السعودية ليست جهات تمويلية فقط وإنما شركاء حقيقيون، قمنا بتعزيز قناعاتنا في الشفافية والتواصل من خلال اللقاءات والاجتماعات المستمرة لإطلاعهم على الوضع المالي للمجموعة أولا بأول ليس فقط لطمأنتهم ولكن ليتأكدوا من صلابة الملاءة المالية لمجموعة الفوزان وقدرتنا على التفاعل مع المتغيرات بالكيفية المطلوبة والوقت المناسب.

* شهدت منطقة الخليج فترات توتر مختلفة بدءا بحرب الخليج الأولى وحتى الأخيرة، كيف تعاطت الشركات العائلية مع هذه الأزمات؟ وهل تأثرت شركات خليجية بشكل كبير بسبب هذه التوترات؟

- الموضوع - وبكل - أمانة موضوع إدارة. المنطقة بشكل عام مرت بأزمات كثيرة في الفترة الماضية شهدنا خلالها خروج أسماء كبيرة يشار إليها بالبنان في ستينات القرن الماضي، كما تغيرت خارطة أصحاب الثروات والشركات في السبعينات والثمانينات، وهذه هي طبيعة الحياة.

أذكر دائما الحكمة التي لقّنني إياها والدي (عبد اللطيف الفوزان) والتي دائما ما يرددها: «الحياة مثل الشجرة، ورقة تسقط وورقة تنبت». وهو تماما ما كان يحصل مع الشركات العائلية، تبدأ صغيرة فتنمو وتكبر فيما يسقط بعضها، وهذا اعتمد كثيرا على قدراتها الإدارية وتعاطيها مع المتغيرات وقدرتها على فصل الملكية عن الإدارة. فالقدرة المالية تتطور وهي أداة مساعدة على النجاح ما دامت الإدارة ممتازة، والكثير من الشركات العائلية ساعدتها قدرتها وملاءتها المالية على الاستمرار، ولكن ضعف الإدارة أدى إلى تقلصها أو انهيار بعضها واختفائها. الإدارة إذن هي الفيصل في نجاح الشركات العائلية، والأمثلة على ذلك حول العالم أكثر من أن نحصيها.

* هل هذا يعني أن الشركات التي سقطت وتعثرت كانت لديها مشكلة في عملية الإدارة؟

- لا شك في ذلك. هنالك مقولة شهيرة للدكتور غازي القصيبي أحب أن أكررها دائما لنفسي ولمن حولي: «لبقاء ليس للأقوى والأصلح بل البقاء للأكثر قدرة على التفاعل مع المتغيرات»، ففي مجموعة «الفوزان» بدأنا مرحلة التأسيس كشركة عائلية ذات نشاط واحد حتى أصبحنا من أكبر الشركات السعودية في تجارة مواد البناء، على الرغم من أننا لم نكن الأكبر في البداية، ولكن الإدارة الفعالة هي التي كانت العامل الرئيسي لهذا النمو.

في المرحلة التالية بدأنا بتوسيع قاعدة استثماراتنا والانتشار في قطاعات اقتصادية جديدة، وعلى الرغم من دخولنا متأخرين في بعض القطاعات فقد أصبحنا روادا فيها في وقت قياسي. الفكر المتميز والخبرة والسمعة وتطبيق الأفكار الجديدة كانت عوامل مساعدة في نمو المجموعة، بعض رجال الأعمال في الفترة الماضية اعتمدوا على قدراتهم المالية وخبراتهم في إدارة شركاتهم، ولكنهم لم يتفاعلوا مع المتغيرات، متناسين أن قطاع الأعمال دائما ما يحتاج إلى فكر متجدد وخدمات ومنتجات جديدة تتواكب مع هذه المتغيرات مما أدى بالضرورة إلى تعثر عدد من شركاتهم. لذلك دائما ما أقول إن سر النجاح هو قدرة الشركات على التفاعل مع المتغيرات.

* تقول إن سر النجاح هو في التفاعل مع ما يحدث من متغيرات، فما أبرز الاحتياجات التي تحتاجها الشركات العائلية هذه الفترة؟

- عندما نتكلم عن الشركات العائلية فالتحول إلى شركات مساهمة مقفلة يجب أن يكون الأولوية على أقل تقدير. وبكل أمانة لا بد من أن نثمن ونثني هنا على توجه عبد الله بن أحمد زينل وزير التجارة والصناعة في تسهيل تحويل الشركات العائلية إلى شركات مساهمة مقفلة، الذي سيكون له الأثر الكبير في تعزيز قدرات الاقتصاد الوطني، وهو ما كان عقبة كبيرة في الماضي. هذا القرار الحكيم - وإن جاء متأخرا - تم تعزيزه بتسهيل ومرونة الإجراءات وسرعتها. والدور المطلوب الآن ليس من الحكومة بل من الشركات العائلية في القطاع الخاص لتفعيله وتسريع عملية التحول حفاظا على مكتسبات الاقتصاد الوطني. اليوم نحن بحاجة ماسة إلى الغرف التجارية في السعودية لتقوم بدورها الإرشادي والتوعوي والتوجيهي لرجال الأعمال لتوضيح أهمية وفوائد تحويل شركاتهم العائلية إلى شركات مساهمة مقفلة.

من الخطورة بمكان أن تكون الشركات العائلية اليوم تضامنية أو حتى ذات مسؤولية محدودة، فلو توفي أحد المؤسسين أو أصبح عاجزا عن إدارة الشركة وكان هناك قصر في العائلة فإن ذلك من شانه أن يؤدي إلى شل أعمال الشركة وستصبح الأصول الثابتة للشركة موقوفة على موافقة الوصي مما قد يعيق التصرف في جميع أصول الشركة.

إن الشركات العائلية التي تبقى كشركات ذات مسؤولية محدودة أو تضامنية هي كالقنابل الموقوتة التي قد تنسف استمراريتها. لذلك أؤمن تماما بأن الحل الأمثل لضمان استمرارية الشركات العائلية في السعودية هو بتحويلها إلى شركات مساهمة مقفلة وهو ما سيحل إشكالية كبيرة تهدد مستقبل هذه الشركات، ومن مصلحة الجميع أن يتم التسريع في ذلك لأن الاقتصاد الوطني لن يتحمل هزات كبيرة للشركات العائلية التي وكما أسلفنا هي أحد أعمدته الرئيسية.

* في رأيك ما أنجح النماذج العالمية للشركات العائلية؟

- الأمثلة المميزة عالميا كثيرة، خذ مثلا «وول مارت» و«فورد وتايسون» الأميركية و«تاتا» الهندية و«تويوتا» اليابانية و«الفطيم» الإماراتية وغيرها الكثير. القاسم المشترك بين هذه الشركات العائلية الناجحة هو قدرتها على فصل الملكية عن الإدارة وقدرتها على التكيف مع المتغيرات. وبكل أمانة رأينا بعض التجارب المحلية والعالمية التي عززت لدينا هذه القناعات ويجب أن تكون قدوة للآخرين.

* تكلمتم عن أهمية التخطيط والاستجابة للظروف، كيف كان أثر ذلك على استراتيجية مجموعة «الفوزان»؟

- في مجموعة الفوزان كان الأمر هاجسًا دائما لنا أن «تكون الاستراتيجية واضحة وخارطة الطريق جاهزة دائما». نعمل على التفاعل مع المتغيرات وتطوير خططنا حسب الظروف، ولكن هنالك دائما استراتيجية طويلة الأمد لكل شركة على حدة وللمجموعة بشكل عام نراعي فيها المرونة والاستجابة للمتغيرات. ولكي نتفهم استراتيجيتنا علينا أن نلقي الضوء على ما فعلناه في الماضي: المرحلة الأولى من مراحل تطور مجموعة «الفوزان» كانت في الستينيات من القرن الماضي حيث تأسست الشركة لتعمل بنشاط واحد. وقبل نحو 25 عاما بدأ التفكير في استراتيجية جديدة تطورت مع الزمن والمتغيرات الاقتصادية في تلك الفترة، وهنا بدأ وضع الأهداف الرئيسية طويلة المدى والمراحل التي يجب أن تمر بها شركات المجموعة لتحقق هذه الأهداف.

في المرحلة الثانية، منذ ما يقارب 18 عاما، بدأنا في تنويع الاستثمارات وبتفعيل مبدأ فصل الملكية عن الإدارة. وفي تلك المرحلة بدأنا بتعيين المديرين من خارج العائلة لتطوير وتعزيز الأداء في القطاعات المختلفة ومواكبة النمو. ومجموعة «الفوزان» كانت من أوائل الشركات التي طبقت هذه الاستراتيجية في السعودية.

في المرحلة الثالثة وضعنا استراتيجياتنا لنؤصل فصل الملكية عن الإدارة ولتنمية حجم المشروعات والاستثمارات من خلال الدخول في تحالفات استراتيجية كبرى مع شركاء مميزين. ونحن نعتز جدا بشراكاتنا في مختلف القطاعات مع مجموعات تجارية وعائلية متميزة تمتلك نفس الفكر والرؤية الاستراتيجية، وهو المعيار الرئيسي لنجاح التحالفات. وعلى الرغم من كونها تجربة جديدة فقد كانت ناجحة جدا وبعضها أصبح الآن مثالا تحتذي به الشركات الأخرى، وأضرب هنا مثلاً شراكتنا مع مجموعة «المهيدب» ومجموعة «الصغيّر».

ولا بد أن أنوه هنا بأن هذه المرحلة كانت منعطفا تاريخيا للمجموعة وأتحدث هنا عن تجربة ودائما ما تكون التجربة خير برهان، تجربتنا في دخول التحالفات كانت رائعة جدا إلا أنني أؤكد على أهمية الدقة في اختيار الشركاء الذين نتحالف معهم، فالكثير من الشركات فشلت بسبب عدم انسجام ملاكها. فالتحالف الناجح له معطياته: نوعية الشركاء والانسجام الفكري والاستراتيجي في ما بينهم، تعريف وتحديد أهداف التحالف بشكل واضح، والاتفاق على عدم منافسة الشركاء للشركة.

أما المرحلة الرابعة والتي استمرت لعامين فهي تحويل شركات المجموعة إلى كيانات تجارية مستقلة من خلال تحويلها إلى شركات مساهمة مقفلة. ونحن نريد من خلال هذا التوجه ضمان استمرارية هذه الكيانات وتأطير علاقة الملاك بالشركات من خلال تملك الأسهم فيها. وقد عملنا فعلاً على تحويل سبع من هذه الشركات إلى مساهمة مقفلة لتصبح كيانات تجارية مستقلة بإداراتها الخاصة التي تعنى بمصلحة هذه الشركات والشركاء فيها. وكمحصلة تجد اليوم أن شركة «الفوزان القابضة» وشركة «عبد اللطيف» و«محمد الفوزان» والشركة المتحدة للإلكترونيات «إكسترا» وغيرها من شركات المجموعة أصبحت جميعها شركات مساهمة مقفلة.

* ماذا عن استراتيجيتكم للخمس السنوات المقبلة؟

- نتكلم هنا عن المرحلة الخامسة من مراحل نمو المجموعة وهي تحويل الشركات من مساهمة مقفلة إلى شركات مساهمة عامة. ويخطئ الكثير من المستثمرين والشركات العائلية حين يعتقدون أن طرح الشركة للاكتتاب كمساهمة عامة هو هدف نهائي، فإذا كان الهدف هو المصلحة المالية فقط فهذا يتعارض مع أخلاقيات ومبادئ الشركات التي تهتم بسمعتها واسمها في الاقتصاد. الاكتتاب العام يجب أن يكون جزءا من الاستراتيجية وليس هدفا في حد ذاته، فالشركة العائلية التي تحقق أرباحا عالية هي شركة مميزة ولها مستقبل باهر يجب حمايته من المشكلات العائلية والتقلبات بتحويلها إلى مساهمة عامة.

خذ مثلا إحدى الشركات التي نعمل عليها حاليا وهي الشركة المتحدة للإلكترونيات «إكسترا»، هذه الشركة التي تبلغ استثماراتها نحو مليار ريال (266.7 مليون دولار) في سوق يقدر بنحو 21 مليار ريال (5.6 مليار دولار) دخلت قطاع التجزئة والسلع الإلكترونية الاستهلاكية بفكر جديد من خلال خدماتها ومنتجاتها المبتكرة. وعلى الرغم من البدايات الصعبة إلا أن الشركة المتحدة للإلكترونيات «إكسترا» تصدرت شركات تجارة التجزئة في قائمة الشركات الأسرع نموا في المملكة بمعدل نمو بلغ 340 في المائة من عام 2004م إلى عام 2008م، خلال منتدى التنافسية الدولي الرابع الذي عقد في الرياض أخيرا. وهي الآن الرائدة في قطاعها نتيجة التخطيط السليم وفريق العمل الذكي والمتجانس مما مكنها من تحقيق أرباح جيدة، ناهيك بالطلبات المتعددة من دول الجوار لتطبيق التجربة فيها. ولضمان استمرارية الشركة وحمايتها من أي مشكلات أو خلافات عائلية وضخ الأموال لزيادة حجم مشروعاتها وقدراتها التوسعية كان لزاما علينا التخطيط لتحويلها إلى شركة مساهمة عامة.

* هل قمتم كعائلة بإعداد الأجيال المقبلة ليكونوا قياديين في المستقبل؟

- في المجموعة تركيز منذ خمس سنوات على الأجيال الجديدة، ونعتقد أنه لا خيار أمامنا إلا أن ننمو ونعمل على تهيئة الجيل الثالث في المجموعة ليواصل المسيرة في عملية التطوير وتنمية الشركات. لذلك عملنا على تكوين مجلس استشاري أوكل إليه عملية صياغة وإعداد الدستور العائلي بالتعاون مع بيوت خبرة عالمية. وكونت لجنة مشكَّلة من أكاديميين يحملون شهادات دكتوراه ومتفرغين لإدارة هذا الجيل من تدريب وتأهيل وتحديد للقدرات والاهتمامات، على أن يتم تعيين أبناء العائلة في شركات خارج المجموعة بعد تخرجهم في الجامعة لمدة ثلاث سنوات قبل استيعابهم داخل شركات المجموعة والذي يتم بعد تقييم تجربتهم وتقدير الفائدة المرجوة منهم داخل المجموعة والمكان المناسب لهم دون تمييز أو تفضيل. نحن فخورون بهذا الإنجاز ونشعر أن هناك مدخلات جديدة حتى على صعيد العائلات السعودية في بعض النقاط التي وضعناها كمبادرة من العائلة لتنظيم أمور الجيل الثالث. كما تم أخذ الموافقات من جميع أفراد العائلة والمؤسسين، وكان هناك مباركة من العائلة لهذه الخطوة، ومنذ أن تم الانتهاء من دستور العائلة عملنا على تطبيقه والالتزام به.

وأدعو هنا وزارة التجارة والصناعة والغرف التجارية والصناعية في المملكة إلى أن تقوم بالمزيد من التوعية في هذا المجال وحث الشركات العائلية على وضع دستور خاص بها يحكم علاقتها وأجيالها الجديدة بشركاتها.

* ما مدى نجاح الفكر الاستراتيجي الذي وضعتموه للمجموعة؟

- عندما ننظر الآن إلى مجموعة «الفوزان»، فإننا بحمد الله نجد مجموعة متأصلة في نسيج الاقتصاد الوطني ورائدة في أكثر من اثني عشر قطاعا سوقيا مختلفا في منطقة الشرق الأوسط وبطاقات إنسانية تزيد على ستة آلاف موظف وعامل في أكثر من ثلاثين شركة مملوكة للمجموعة بالكامل أو جزئيا أو من خلال الاستثمار المباشر أو المؤسسي.