«إيكونوميست»: استثمار دول التعاون الخليجي في الزراعة بالخارج مطلب ضروري لتحقيق الأمن الغذائي

تواجه مخاطر حقيقية في نقص إمدادات الطاقة والماء والغذاء إذا لم تباشر بإصلاح أنظمة إدارة الموارد

دراسة اقتصادية جديدة تطالب باستثمار دول الخليج في الأراضي الزراعية في الخارج لتحقيق الأمن الغذائي (رويترز)
TT

ستواجه دول مجلس التعاون الخليجي مخاطر حقيقية من نقص إمدادات الطاقة والماء والغذاء، في حال لم تباشر إصلاح أنظمة إدارة الموارد، وهو الأمر الذي تطالب من أجله بدراسة اقتصادية جديدة باستثمار دول الخليج في الأراضي الزراعية في الخارج لتحقيق الأمن الغذائي، مع ضرورة توظيف هذه الاستثمارات بعناية لتفادي الصراعات مع الحكومات المضيفة.

لكن على دول الخليج إذا ما قررت هذا التوجه، النظر إلى جملة من المخاطر التي يجب التعامل معها في مثل هذا النوع من الاستثمارات، مثل أن يكون ضمان عملية تقييم ونقل الأراضي على مستوى من الشفافية، وضمان وجود مجموعة واسعة من المستثمرين لا تقتصر على الحكومات، وتوفير منافع واضحة وملموسة للمجتمعات المحلية، واحترام قوانين التجارة والتصدير المعمول بها في الدولة المضيفة.

وتشير الدراسة الصادرة من وحدة «إيكونوميست» للمعلومات، وأرسلت نسخة منها إلى «الشرق الأوسط»، إلى أن تباطؤ النمو الاقتصادي في المنطقة أدى إلى التقليل بشكل مؤقت من مخاطر انقطاع الكهرباء ونقص الموارد المائية، لكن في نفس الوقت على دول مجلس التعاون الخليجي التحرك بسرعة لتحسين مستوى إدارة موارد الطاقة والماء والغذاء لكي تتمكن من تحقيق نمو مستدام.

وتضيف الدراسة أن عدم الكفاءة في استهلاك الكهرباء والماء يؤدي إلى ارتفاع التكاليف الاقتصادية بشكل كبير، كما أن الارتفاع المحتمل في أسعار الغذاء مستقبلا قد يؤدي إلى حالة من التضخم في منطقة تعتمد بشكل أساسي على استيراد احتياجاتها.

وقد تم تناول هذه الموضوعات وتقييمها بالتفصيل في دراسة جديدة متعمقة بعنوان «دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2020: موارد للمستقبل»، صدرت عن وحدة «إيكونوميست للمعلومات» (EIU) بدعم ورعاية من هيئة مركز قطر للمال.

وتتلخص أبرز نتائج هذه الدراسة في أن حكومات دول الخليج تعمل على إصلاح وتحسين طريقة إدارتها للموارد الهيدروكربونية، حيث تضع غالبية الحكومات خططا تهدف إلى تخصيص حصص أكبر من النفط الخام لتوفير منتجات مكررة وذات قيمة مضافة لغايات التصدير، واستخدام الغاز الطبيعي لتشغيل محطات الكهرباء.

في حين أن ترشيد استهلاك الكهرباء والغاز أصبح ضرورة ملحّة، كما يشرح التقرير، فقد أصبحت حالات انقطاع الكهرباء وتذبذب التيار الكهربائي أمرا شائع الحدوث خلال أوقات الذروة، كما باتت المساعدات المالية في مجال الطاقة تشكل كلفة متزايدة بالنسبة إلى الحكومات الخليجية، «وعلى الرغم من أن الحكومات تدرك أن أنماط الاستهلاك الحالية لا تعتبر سلوكا مستداما، فإن تخفيض المساعدات ما زال يمثل أحد التحديات السياسية التي تواجهها».

ويمضي التقرير بالقول إنه في إطار سعيها لتنويع الاقتصاد والاستفادة من الطلب العالمي المتزايد على مصادر الوقود المتجدد، فإن دول مجلس التعاون الخليجي تخطط للاستثمار في مصادر بديلة للطاقة كالطاقة الشمسية والنووية، «ومن شأن هذه الموارد أن تساعد دول الخليج على تلبية النقص في إمدادات الكهرباء، مما يتيح زيادة حجم صادراتها من النفط والغاز».

أما في ما يتعلق بزيادة الاستثمار في مجال تطوير المعادن، ودور للشركات الأجنبية في هذا الصدد، فإن دول مجلس التعاون الخليجي تعمل، بالإضافة إلى استثماراتها في مصادر الطاقة، على زيادة استثماراتها في المعادن غير النفطية كالذهب والفضة والحديد الخام والنحاس والبوكسيت، وذلك بهدف تنويع الاقتصاد وخلق فرص العمل.

لكن المنطقة تواجه مخاطر حقيقية في ما يتعلق بنقص الموارد المائية، حيث يقول التقرير إن ارتفاع درجات الحرارة وتزايد التعداد السكاني سيؤديان إلى زيادة الضغط على إمدادات الماء في دول منطقة الخليج، التي تعتمد حاليا بشكل كبير على عمليات التحلية، «ويتم استخدام الغالبية العظمى من إمدادات الماء حاليا في مجال الزراعة، الذي يسهم بنسبة تقل عن 5% من إجمالي الدخل القومي للمنطقة. لذا فلا بد من تناول ومناقشة قضية استخدامات الماء بشكل عاجل».

ودراسة «دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2020: موارد للمستقبل» هي الثالثة ضمن سلسلة من أربعة تقارير تتناول موضوعات متعلقة بتطوير الأنظمة الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي حتى عام 2020. وقد تضمن التقرير الأول توقعات بأن تتنامى أهمية منطقة الخليج كمركز اقتصادي وتجاري، مما يجعلها شريكا اقتصاديا ومستثمرا متزايد الأهمية في منطقتي آسيا وأفريقيا. أما التقرير الثاني فقد سلط الضوء على المزيج السكاني المتنوع لدول منطقة الخليج، وخلص إلى أن التوجهات السكانية في المنطقة، على الرغم من أنها تشكل بعض التحديات البارزة، تسهم في دعم الدور المحوري المتزايد للمنطقة في الاقتصاد العالمي. وسيتناول التقرير الرابع والأخير، المقرر إصداره في وقت لاحق من عام 2010، آفاق تنويع الاقتصاد نحو القطاعات غير النفطية، والتقدم الذي أحرزته دول منطقة الخليج حتى الآن في هذا الصدد.