ضخ قرابة مليار دولار في السوق المصرفية المغربية لزيادة سيولة البنوك

صفقة «ميديتيل» امتصت مليارات الدراهم من البنوك

بنك المغرب المركزي («الشرق الأوسط»)
TT

قرر بنك المغرب (البنك المركزي) ضخ 8 مليارات درهم (964 مليون دولار) من الأموال في القطاع المصرفي، بهدف زيادة سيولة البنوك المغربية، وذلك عن طريق تخفيض معدل الاحتياطي الإلزامي للمصارف من 8 في المائة إلى 6 في المائة.

ولجأ البنك المركزي لهذه العملية بسبب تراجع حجم السيولة في النظام المصرفي بعد عملية شراء حصص شركات الاتصالات البرتغالية والإسبانية في «شركة ميديتيل المغربية» من طرف البنك المغربي للتجارة الخارجية وصندوق الإيداع والتدبير (مؤسسة مالية حكومية) التي كلفت نحو 8 مليارات يورو، والضغط الناتج عن هذه العملية في سوق الصرف لشراء العملات الأجنبية مقابل الدرهم لأداء قيمة الصفقة.

وقال عبد اللطيف الجواهري والي (محافظ) البنك، إن هذا الإجراء يندرج في إطار المعالجة العادية للسياسة النقدية بالمغرب، ولا يعبر عن أي قلق إزاء الوضع الصحي للنظام المصرفي. وقال: «النظام المصرفي المغربي بخير وفي صحة جيدة، والدليل ارتفاع الأرباح الصافية للبنوك بنسبة 6 في المائة خلال عام 2009 لتبلغ 9.3 مليار درهم (1.12 مليار دولار)، واستمرار ارتفاع القروض المصرفية التي قفزت في العام الماضي بنسبة 12 في المائة، كما أن نسبة القروض المعدومة لا تتجاوز 5 في المائة رغم إعادة تصنيف القروض خلال الفترة الأخيرة على ضوء تداعيات الأزمة المالية العالمية».

وأوضح الجواهري أن السبب الذي كان وراء قرار تخفيض معدل الاحتياطي الإلزامي يرجع إلى ارتفاع نقص السيولة من 16.6 مليار درهم (مليارا دولار) خلال الربع الأخير من عام 2009 إلى 19.2 مليار درهم (2.3 مليار دولار) خلال الربع الأول من العام الحالي، وذلك نتيجة انخفاض الاحتياطي المغربي من العملات الأجنبية بنحو 4.3 مليار درهم (518 مليون دولار) على أثر عملية شراء مغاربة لحصص شركات الاتصالات الإسبانية والبرتغالية في «ميديتيل».

وأضاف أن انخفاض حجم الاحتياطي من العملات الأجنبية ناتج عن الهوة بين حجم عمليات بيع وعمليات شراء العملات من طرف المصارف المغربية خلال هذه الفترة. فبينما بلغ حجم العملات الأجنبية التي تم شراؤها مقابل الدرهم خلال هذه الفترة 7.6 مليار درهم (915 مليون دولار)، منها 6.8 مليار درهم (819 مليون دولار) مرتبطة بعملية شراء حصص الشركات الإسبانية والبرتغالية في «ميديتيل» فإن حجم الأوراق النقدية الأجنبية التي باعتها المصارف بلغ 3.3 مليار درهم (397.6 مليون دولار) خلال الفترة نفسها.

وعن سبب عدم تخفيض معدل الاحتياطي الإلزامي بنسبة تزيد من 2 في المائة والحفاظ عليه في مستوى 6 في المائة، قال الجواهري إن الهدف هو الاحتفاظ على قدرة البنك المركزي التحكم في السوق النقدية ومراقبة النظام المصرفي وقيادة السياسة النقدية. وأضاف «كان يمكن أن نخفض معدل الاحتياطي الإلزامي بأربع نقاط، وبالتالي ضخ 16 مليار درهم (1.93 مليار دولار) في خزائن البنوك، الشيء الذي سيمكننا من الامتصاص شبه التام لنقص السيولة. لكننا فضلنا أن نحافظ على هامش كبير لتدخل البنك المركزي في السوق النقدية كوسيلة لتوجيه السوق والتحكم فيها عبر أدوات السياسة النقدية، خاصة التسبيقات القصيرة الأجل للبنوك».وأوضح أن البنك المركزي تدخل خلال فترة الثلاثة أشهر الماضية في السوق النقدية عن طريق منح تسبيقات لأجل سبعة أيام للبنوك بمعدل 19.3 مليار درهم (2.3 مليار دولار) في اليوم، وذلك بهدف مواجهة نقص السيولة المصرفية المقدر بنحو 19.2 مليار درهم (2.3 مليار دولار). وأضاف أن معدل الاحتياطي الإلزامي للبنوك عرف تخفيضا مهما في سياق تداعيات الأزمة المالية العالمية وأثرها على النظام المصرفي المغربي. وقال: «في خلال سنة هبط معدل الاحتياطي الإلزامي للبنوك في المغرب من 16.5 في المائة إلى 6 في المائة، وهو ما يعادل ضخ مبلغ 35 مليار درهم (4.2 مليار دولار) من الأموال السائلة في خزائن المصارف المغربية».

وقال الجواهري إن القرار الثاني المهم الذي اتخذه البنك المركزي يتمثل في المحافظة على مستوى سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير في نسبة 3.25 في المائة، وذلك في سياق توجه طفيف نحو ارتفاع مخاطر التضخم. وأشار إلى أن متوسط أسعار الفائدة في المغرب عرف زيادة خلال الربع الأول من السنة الحالية بنسبة 0.06 في المائة، وارتفع من 3.28 في المائة خلال الربع الأخير من العام الماضي إلى 3.24 في المائة خلال الربع الأول من العام الحالي. وتوقع الجواهري أن يحقق الاقتصاد المغربي معدل نمو بين 3 إلى 4 في المائة خلال السنة الحالية، وذلك على أساس توقع إنتاج زراعي بحجم 70 مليون قنطار من القمح، وتحسن أداء الأنشطة غير الزراعية. كما توقع أن يتسم المؤشر الأساسي للتضخم بالاعتدال وأن لا يتجاوز نسبة 2 في المائة خلال السنة.

وفي موضوع منفصل أعلن عثمان بنجلون، رئيس البنك المغربي للتجارة الخارجية، ارتفاع حصة مجموعة «القرض التعاضدي» المصرفية الفرنسية من 20 في المائة إلى 25 في المائة من رأسمال البنك المغربي للتجارة الخارجية. وأضاف أن هذه العملية، التي حصلت على مصادقة البنك المركزي، ستتم عبر الزيادة في رأسمال البنك المغربي للتجارة الخارجية بقيمة 2.7 مليار درهم (325.3 مليون دولار)، التي سيخصص الاكتتاب فيها للمصرف الفرنسي.

وكان مصرف القرض التعاضدي الفرنسي دخل كشريك استراتيجي بحصة 20 في المائة في رأسمال البنك المغربي للتجارة الخارجية في عام 2004. ومند ذلك الحين تعزز التعاون بين المصرفين، ومن أبرز أوجهه توحيد النظم المعلوماتية للمجموعتين المصرفيتين المغربية والفرنسية وشركات التأمين التابعة لهما وذلك في إطار شركة «أورافريك أنفورميشن» المشتركة بينهما.

وقال بنجلون إن هذه العملية تأتي على إثر عملية أخرى كبيرة، توصل فيها البنك المغربي للتجارة الخارجية إلى بيع حصة 8 في المائة من رأسماله بقيمة 3.5 مليار درهم (422 مليون دولار) لمجموعة «صندوق الإيداع والتدبير» المغربية. وأوضح أن هذه الحصة كان البنك المغربي للتجارة الخارجية يمتلكها في إطار عمليات شراء أسهمه في البورصة لمقاومة هبوط أسعارها خلال الأشهر الماضية التي عرفت هبوطا في أسعار الأسهم المغربية.

وأشار بنجلون إلى أنه بصدد زيادة جديدة في رأسمال البنك بحصة 3 في المائة وبقيمة 1.2 مليار درهم (145 مليون دولار)، ستخصص لموظفي المجموعة المصرفية، وسيتم الاكتتاب فيها على دفعتين في 2010 و2012. وقال إن هذه العملية التي تعتبر الثانية من نوعها التي يقوم بها البنك تهدف إلى إشراك الموظفين في ثمار نماء المجموعة المصرفية. وكانت العملية الأولى مكنت موظفي البنك من شراء الأسهم المخصصة لهم عبر قرض مصرفي تؤدى فوائده من الأرباح السنوية للأسهم، وعند بيع الأسهم بعد انقضاء مدة 5 أعوام التي التزموا بالاحتفاظ بها، خلالها تمكن الموظفون من تحقيق أرباح تعادل عدة سنوات من الأجر.

وبخصوص التوسع الأفريقي والأوروبي للبنك المغربي للتجارة الخارجية، كشف جلول عياد، العضو المنتدب المكلف بالتنمية الدولية للبنك، عن خطة جديد ترمي إلى إدماج مصرف «ميدي كابتل بانك»، وهو الفرع اللندني للبنك المغربي للتجارة الخارجية، مع مجموعة «بنك أوف أفريكا»، التي تضم شبكة من المصارف في 13 دولة أفريقية. وأشار إلى أن المجموعة المصرفية الجديدة، التي ستنبثق عن الاندماج، ستعمل على مد جسور بين عاصمة المال والأعمال الأوروبية في لندن عبر «ميديكابتل بانك» وفروعه في البلدان الأوروبية، من جهة، وبين شبكة «بنك أوف أفريكا» التي تسعى للتوسع في البلدان الأفريقية من جهة ثانية. وتوقع أن يتم الانتهاء من عملية الاندماج وتكوين المجموعة المصرفية الجديدة، التي ستحمل اسم «بنك أوف أفريكا» في عام 2014.

وكان البنك المغربي للتجارة الخارجية قد توصل في يناير (كانون الثاني) الماضي إلى استكمال شراء حصة 42.5 في المائة من مجموعة «بنك أوف أفريكا»، التي تضم 12 مصرفا تجاريا، ومصرفا متخصصا في المجال العقاري، و3 شركات للقرض الإيجاري، ومجموعة من الشركات المالية المتخصصة في مجالات الوساطة المالية والاستثمارات وتدبير الأصول. وتبلغ قيمة الحصيلة الموحدة للبنك 2.3 مليار يورو.

وكشف بول دورومو، رئيس «بنك أوف أفريكا»، أن البنك المغربي للتجارة الخارجية يسعى إلى حيازة حصة الأغلبية في رأسمال المجموعة المصرفية الأفريقية. وقال «العملية في طور الإنجاز، ونحن فقط ننتظر إتمام الإجراءات الإدارية والحصول على كل التراخيص من البنوك المركزية للبلدان الأفريقية التي نوجد فيها». وأضاف: «نحن موجودون في بلدان مختلفة جدا، بعضها ناطق بالفرنسية والبعض الآخر بالإنجليزية، وقوانينها متنوعة جدا. لذلك نتوقع إتمام كل الإجراءات الإدارية في ظرف يتراوح بين 3 إلى 6 أشهر، قبل أن نعلن أن البنك المغربي للتجارة الخارجية يملك حصة الأغلبية في بنك أوف أفريكا».