مديرو صناديق التحوط يحققون نجاحا هائلا في2009

25 مديرا حصلوا على مبلغ إجمالي يصل إلى 25.3 مليار دولار

حصل أعلى 25 من المديرين على مبلغ إجمالي يصل إلى 25.3 مليار دولار (نيويورك تايمز)
TT

لم يعد تعافي البنوك الكبرى بالنفع على المصرفيين وحدهم، فقد تمكن مديرو صناديق التحوط من تحقيق قدر كبير من العائدات كذلك، بما في ذلك الأرباح القياسية التي بلغت 4 مليارات دولار عام 2009 التي حققها أحد المستثمرين الذي يتسم بالجرأة وراهن على القطاع المالي.

فقد راهن ديفيد تبر، مدير أحد صناديق التحوط على أن الحكومة لن تترك البنوك الكبرى تنهار، رغم أن المستثمرين الآخرين كانوا ينأون بأنفسهم عن الأسهم المالية وسط مخاوف من انهيار البنوك أو تأميمها.

ومن جهته، قال تبر الذي وصف التقنيات التجارية بأنها خليط من التحليل العميق والمنطق، في حوار أجري معه يوم الأربعاء: «لقد راهنا على قدرة بلادنا على التعافي. فمن يستطع الحفاظ على رباطة جأشه خلال الأزمة، يدِر أزمته على نحو أفضل ممن يرتبك».

وقد مكنت تلك الاستراتيجية تبر، المولود في بتسبرغ، الذي كانت بدايته في «غولدمان ساكس»، من الحصول على أعلى مركز في التصنيف السنوي لقطاع صناديق التحوط الذي نشرته مجلة «إيه آر» في عددها الذي صدر يوم الخميس. ولم يكن أداء المستثمرين بصندوقه متواضعا كذلك فقد حقق صندوق تبر الرئيسي أرباحا تزيد عن 130 في المائة خلال العام الماضي.

يليه، جورج سوروس، المهاجر المجري الذي اشتهر في السنوات الأخيرة بمساندته للمرشحين الديمقراطيين وبتصدره لعناوين الأخبار السياسية أكثر من شهرته بالعمليات المالية. وذلك حيث إن صندوقه «كونتوم إندومنت» شهد نموا بنسبة 29 في المائة عام 2009 واستطاع سوروس تحقيق أرباح بلغت 3.3 مليار دولار من الأجور والأرباح الاستثمارية.

وكانت صناديق التحوط - أداة استثمارية نخبوية تخضع لتنظيمات صارمة وغير متاحة سوى لمجموعة محدودة من المستثمرين - قد شهدت فترة من الازدهار في ظل ازدهار عمليات الاستحواذ التي أعقبت الأزمة المالية عام 2008. ثم شهدت حالة من التداعي حتى إن كبرى صناديق التحوط منيت بخسائر تزيد عن 10 في المائة. كما تراجعت أرباح مديري أكبر 25 صندوق تحوط، وفقا لاستطلاع 2008، بنسبة 50 في المائة.

وفي نفس الوقت، كان الخبراء يتساءلون إذا ما كانت الصناعة سوف تستمر في منح تلك الأجور الضخمة - عادة ما يحصل المدير على حصة ضخمة من عائدات الصندوق السنوية - في ظل تذبذب مستوى الأداء. ففي النهاية، يجب على صناديق التحوط أن تحمي المستثمرين من تقلبات السوق، لا أن تعرضهم لها.

وعلى نحو مفاجئ، اعتلى مديرو صناديق التحوط سباق البورصة عام 2009 محققين أرباحا قياسية، حيث حصل أعلى 25 من المديرين الذين يتقاضون أجورا مرتفعة على مبلغ إجمالي يصل إلى 25.3 مليار دولار، وفقا للإحصائية، وهو الرقم الذي يحطم الرقم القياسي لعام 2007 بفارق كبير.

وكان الحد الأدنى للأجور بالنسبة لقائمة أعلى 25 تنفيذيا يبلغ 350 مليون دولار عام 2009، وهو ما يكشف لنا كيف تمكن التنفيذيون ذوو الأجور المرتفعة من الاستمرار رغم الغضب العام بشأن الباقات التي يحصلون عليها من الأجور سواء من البنوك الكبرى أو شركات السمسرة.

ومع ذلك، لم تحقق كافة صناديق التحوط عائدات كبرى خلال العام الماضي؛ فقد واجه الكثير من الصناديق صعوبة في تحقيق الأرباح، مما يعكس الفجوة المتزايدة بين الناجحين والخاسرين، وفقا لما قاله الخبراء في تلك الصناعة.

فيقول ساندري غروس، الشريك الإداري في «بنتوم بارتنرز» والتنفيذي بصندوق تحوط: «هناك الموسرون والمعسرون. فقد كان هؤلاء الرجال استثناء. فنحن نتحدث عن كبار التنفيذيين بكبار الشركات.

وتشير أرقام العائدات إلى تقديرات مجلة (إيه آر) للحصة المالية التي حصل عليها كل من هؤلاء المديرين بالإضافة إلى القيمة المتزايدة لحصته الشخصية من الصندوق الذي يديره».

وبالنسبة للكثير من المديرين في قائمة الـ25، جاءت تلك الأرباح الشخصية الكبيرة عام 2009 بعد خسائر حادة عام 2008.

كما أن نصف المديرين العشر الكبار عام 2009، كانوا قد تعرضوا لخسائر في العام السابق، بما في ذلك تبر الذي شهد صندوقه الرئيسي (صندوق أبالوسا الاستثماري) انخفاضا بنسبة 27% عام 2008.

ومن دون أن يولي اهتماما لتلك الخسائر - أو بإفلاس ليمان براذرز - راهن بتر على الأسهم الممتازة وسندات البنوك الكبرى أواخر 2008 وبداية 2009 اعتمادا على أن الحكومة لن تسمح بانهيار البنوك الكبرى وكان محقا في اعتقاده.

وليس هناك ضرر من أن تكون وزارة الخزانة بين المستثمرين، حيث كانت تشتري الأسهم الممتازة والسندات للمساعدة على استقرار موازنات البنوك المتداعية؛ وقد باعت الحكومة، بعد ذلك، الكثير من حصصها البنكية مقابل ربح معقول.

كما استطاع تبر، الذي يدير نحو 12 مليار دولار للمستثمرين، تحقيق العائدات أيضا من الاستثمارات الناجحة في سندات المجموعة الأميركية الدولية، وهي شركة التأمين العملاقة التي أنقذتها الحكومة.

وبالنظر للماضي، فإن الاستثمار في البنوك الكبرى ربما لم يكن بمثل تلك الخطورة، ولكن جيم ماكي، الباحث في صناديق التحوط لصالح شركة الاستشارات «كالين أسوشييت» قال إن الدعوة للاستثمار في تلك البنوك كانت أكثر صعوبة من شراء سندات الرهون العقارية المتعثرة، وهو ما قام به تبر بالإضافة إلى شراء ديون البنوك. وعن ذلك الوقت، قال ماكي: «لقد كان بقاء البنوك محلا للتساؤل، ومن ثم فإن ذلك الرهان كان رهانا شجاعا للغاية». وبخلاف تبر، كان هناك خاسرون قد تحولوا لفائزين عام 2009 بما في ذلك ستيفن كوهين (الخامس)، وإدوارد لامبرت (السابع)، وكينيث غريفن (الثامن)، وفيليب فالكون (العاشر).

وعلى وجه الخصوص، شهد غريفن تحولا كبيرا حيث حقق أرباحا قدرها 900 مليون دولار، فيما حقق صندوقه 62% عام 2009 مقارنة بانخفاض نسبة 55% التي تعرض لها عام 2008. ولكن المتحدثة الرسمية باسم غريفن رفضت التعليق على الموضوع.

وكان ثلاثة مديرين من بين العشرة - سوروس (الثاني)، وجيمس سيمونز (الثالث)، وجون بولسون (الرابع) - من الفائزين الدائمين حيث كانوا قد حققوا أرباحا في وقت الأزمة عام 2008، وخلال تعافي السوق عام 2009.

وقد اشتهر بولسون بمراهنته على الرهون العقارية في الوقت الذي لم يكن الكثير من خصومه قد سمعوا عن تلك الفئة من الأصول، وهو ما حفظ له المركز الأول عام 2007 عندما حقق أرباحا بلغت 3.7 مليار دولار، وهي أكبر الأرباح السنوية التي حققها مدير صندوق تحوط حتى تفوق عليه تبر في العام الماضي.

وكان بولسون، على نحو خاص متداولا بارعا، يحقق أرباحا طائلة من خلال الرهان على أسهم البنوك عام 2008 ثم شرائها مرة أخرى بعد تغير أسعارها. وقد قال المتحدث الرسمي باسم بولسون إنه ليس موجودا للتعليق على ذلك الموضوع.

وعلى الأرجح سيكون تحقيق نفس القدر من العائدات الطائلة التي حققها بولسون عام 2007، وتبر في 2009 أكثر صعوبة في ظل الزيادة الأخيرة التي شهدتها الأسهم والسندات.

كما استطاع كارل إكان المستثمر الذي اشتهر بعمليات الاستحواذ الجريئة التي قام بها، والذي حصل على المركز السادس في القائمة تحقيق أرباح شخصية وصلت إلى 1.3 مليار دولار، فيقول كارل: «خلال العام الماضي، كانت هناك فرصة كبرى في الديون، وكان البعض يستخف بها، ولكن الجميع أدرك قيمتها الآن. وما زالت هناك فرص كبرى في الشركات التي أفلست، ولكن التعامل مع الشركات المفلسة، أقرب لكونه فنا سريا كما أنه أكثر تعقيدا من مجرد شراء الديون المتعثرة».

ومن جهة أخرى، فإن العثور على فرص جديدة ليس هو التحدي الوحيد الذي يواجه حتى أكثر مديري صناديق التحوط نجاحا. ففي الكونغرس، هناك ضغوط متزايدة للتعامل مع جزء من دخول مديري صناديق التحوط باعتبارها دخلا بدلا من كونها عائدات للرأسمال، التي يتم فرض ضرائب بمعدلات منخفضة عليها.

ومع ذلك، ستظل إدارة صندوق التحوط أفضل طريقة لإلهام الباحثين عن الأسهم لتحقيق المليارات في «وول ستريت» حتى إن كان عليهم تقديم جزء كبير من أرباحهم للعم سام. فيقول ماكي: «بالتأكيد لن يقودهم ذلك إلى مجال آخر».

* خدمة «نيويورك تايمز»