تسابق محموم للاستحواذ على سوق التجزئة بمصر

يشارك فيه مستثمرون عرب وأجانب.. و«صن سيتي» أحدث المنافسين

مجسم لمشروع «صن سيتي» على الطريق الدائري في القاهرة الذي سيعلن عن تفاصيله الخميس القادم («الشرق الأوسط»)
TT

تسابق محموم للاستحواذ على سوق التجزئة في مصر، يشارك فيه مستثمرون مصريون وعرب وأجانب.. وبالإعلان يوم الخميس القادم عنه في العاصمة المصرية، يكون مشروع «صن سيتي» الذي تطلقه مجموعة «إتش إن إس» أحدث المنافسين في هذا المجال، ويشبه المشروع المجمع التجاري والخدمي والترفيهي الذي يتسع لعشرات الآلاف من المتسوقين والزوار، في إطار مشروعات مشابهة في المنطقة العربية.

وقال مسؤول في المجموعة لـ«الشرق الأوسط» إنها ستعلن يوم الخميس القادم عن مشاريع المرحلتين الأولى والثانية من «صن سيتي»، باستثمارات تبلغ مليارات الجنيهات، وذلك في قطاعات التجزئة والسياحة والمكاتب الإدارية، إضافة لمراكز للمؤتمرات.

ومنذ التحول من النظام الاقتصادي الاشتراكي الذي كانت فيه المجمعات التجارية الاستهلاكية (مواد تموينية وملابس وخلافه) إلى النظام الاقتصادي المفتوح، اتسم سوق تجارة التجزئة في مصر بوجود حالة من الفراغ لم تتمكن الكيانات التجارية الصغيرة ذات الطابع العشوائي من تلبية احتياجات المستهلكين. وحققت مجموعة «سنسبري»، من خلال السلاسل التي أقامتها في مصر بداية عام 1999، نجاحا كبيرا، واستقطبت في فترة قصيرة ملايين الزبائن (نحو 20% من عدد المستهلكين)، قبل أن تغلق أبوابها وترحل عن البلاد بنهاية عام 2000 لأسباب يرجع بعضها للمقاطعة التي تعرضت لها من جانب المصريين على خلفية العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، وسوء الإدارة، وضغوط من جانب بعض المستثمرين المنافسين أيضا.

ودخلت السوق المصرية شركات تجزئة أخرى لملء فراغ هذه السوق الناشئة، منها شركات فرنسية وألمانية وعربية ومصرية، وأضافت عناصر جديدة لم تكن «سنسبري» قد توسعت فيها بعد، مثل شمولية البضائع المعروضة، وزيادة خيارات التسوق أمام المستهلك، وفتح مراكز خدمية وترفيهية ضمن المجمعات التجارية.

وتقول الحكومة المصرية إن فشل تجربة «سنسبري» في مصر‏ كان يرجع لسوء الإدارة، كما أن «مصر لم تكن مهيأة في ذلك الوقت» لهذا النوع من السلاسل التجارية، قائلة إن الظروف الحالية تغيرت إلى الأفضل، وإن عددا من المجمعات والسلاسل التجارية الجديدة تمكنت من تحقيق نجاحات ملموسة، وهو ما أصبح يغري كثيرا من المستثمرين للتوسع في هذا النوع من العمل في مصر.

ويقبل المستهلك المصري على التسوق من المراكز التجارية لأسباب كثيرة منها رخص الأسعار، وأماكن الترفيه للكبار والصغار، وعدم الاضطرار للتنقل بين أكثر من مكان للحصول على السلع المختلفة. وبدأت الحكومة المصرية منذ منتصف العام الماضي في تكثيف نشاطها لدعوة شركات التجزئة العالمية للاستثمار في مصر، والتعاون مع عدد من اتحادات البيع بالتجزئة في بعض البلدان للاستفادة من تجاربها. ويتزايد الاهتمام بتجارة التجزئة، وإقامة المراكز التجارية في مصر، من جانب عدد من المجموعات العربية أيضا، سواء في القاهرة أو في بعض المدن القريبة منها، مثل المجمع التجاري الذي تقيمه «مجموعة الشايع السعودية» في مدينة حلوان.

ويسعى مستثمرون مصريون وعرب وأجانب للحصول على أراض لإقامة مراكز تجارية أخرى في محافظات في الدلتا وجنوب مصر، وبدأت بعض السلاسل التجارية المتوسطة، مثل «أولاد رجب» و«خير زمان» و«الطيبين» في التوسع وفتح مقار جديدة داخل القاهرة وخارجها ونشر الإعلانات، في محاولة لاستباق الافتتاحات الرسمية للمراكز التجارية الضخمة المتوقع أن تبدأ العمل خلال الأعوام الثلاثة المقبلة. وأدى هذا إلى طلب متزايد للحصول على أراض من جانب المستثمرين في هذا المجال.

وطلبت وزارة الإسكان المصرية من جهاز تنمية التجارة الداخلية قائمة بالأراضي التي يمكن تخصيصها لهذا النوع من المشروعات في عدة مدن شمال القاهرة وجنوبها. وتسعى الحكومة المصرية لجعل عام 2010 عاما للتجارة الداخلية، بإعلان عدد من الشركات عن مشروعات كبرى في هذا المجال خلال العام الجاري. وتطمح وزارة التجارة والصناعة المصرية في الوصول إلى نسبة نمو في تجارة التجزئة قدرها 8% حتى 2012، بدلا من المعدل الحالي الذي يبلغ نحو 4%. وشركة «إتش إن إس» إحدى الشركات العالمية في مجال المقاولات والتطوير العقاري، وأعلنت أخيرا عن مشروعها الذي قالت إنه يأتي ضمن «صرح جديد لأسلوب حياة متميز في القاهرة»، ووصفته بأنه يعتبر «أول مشروع متكامل لها في مصر». ويقام المشروع على الطريق الدائري في مصر الجديدة، شرق القاهرة. وسيستمر العمل فيه حتى افتتاحه المتوقع الصيف المقبل. وتهدف الشركة من خلال تصميم هذا المشروع على مساحة 28 ألف متر مربع أن يكون «الوجهة الأولى» للتسوق، والسياحة، والترفيه في أكبر دولة من حيث عدد السكان في منطقة الشرق الأوسط، بحسب حسين نعمان سوفراكي، مؤسس ورئيس المجموعة.

ويقع المشروع أمام تقاطعات تصل بين ضواحي مصر الجديدة ومدينة نصر، وكذا الطريق الدائري وطريق مطار القاهرة الدولي. وتم تصميمه على شكل سفينة ومجهز بأحدث التقنيات ومختلف أنظمة السلامة، في محاولة على ما يبدو لمجاراة المراكز التجارية والخدمية والترفيهية التي بدأت في الظهور في السنوات الأخيرة في عدد من دول الخليج العربي، منها افتتاح أكثر من أربعة مراكز تسوق في دبي. وبنهاية هذا العام ستفتتح شركة «العثيم» في السعودية 20 فرعا جديدا، وتتطلع للتوسع في مصر ودول أخرى في المنطقة.

وبخلاف مجموعة «إتش إن إس»، تلقت الحكومة المصرية خلال الأشهر التسعة الأخيرة طلبات لإقامة «مولات» ومراكز متخصصة في تجارة التجزئة، من مستثمرين أجانب وعرب من مصر والسعودية والإمارات والهند وفرنسا وألمانيا وأميركا. وأجرى القائمون على مشروع «صن سيتي» في مصر تعاقدات مع سلسلة مجمعات تجارية عالمية، منها «كارفور مصر»، أحد رواد تجارة التجزئة في البلاد، كما تعاقد لإنشاء محال تجارية كبرى ومطاعم عالمية وملاهٍ وفندق يضم 28 جناحا، وشقق سكنية، وكذا التعاقد مع شركة «رينيسانس» لإدارة 16 صالة سينما في المشروع. وفي المؤتمر الصحافي الذي يعقد ظهر يوم الخميس المقبل في فندق فور سيزونز نايل بلازا بضاحية غاردن سيتي على كورنيش النيل سوف يشارك عدد من المنخرطين في هذا المشروع الكبير لعرض عدد من التفاصيل الأساسية لأول مرة عن قيمة الاستثمارات المتوقعة ومدى قدرة المشروع على استيعاب المزيد من الأنشطة التجارية والترفيهية مستقبلا. ومن بين من سيردون على الأسئلة الخاصة بالمشروع المدير التنفيذي لمجموعة «إتش إن إس»، صلاح الدين سوفراكي، ومسؤولون من شركات «كارفور» و«السينما العربية للإنتاج والتوزيع»، و«كولييرز إنترناشيونال»، وغيرهم.