السعودية: صناعة «العلامة التجارية».. روح ربحية تحقق عائدات كبيرة مع مرور الزمن

بدأت تأخذ منهجا جديدا كعلم اقتصادي وسط تقديرات تشير إلى ضخ الشركات الخليجية 213 مليون دولار خلال 2009

العلامة التجارية أصبحت مطلبا لا بد منه في مختلف القطاعات العامة والخاصة لتحقيق ارتباط بينها وبين المجتمع («الشرق الأوسط»)
TT

سجل الطلب على صناعة العلامة التجارية نموا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة في السعودية، وذلك لما لتأثير العلامة التجارية على مشاريع واستثمارات الشركات ومواكبة التطورات العالمية في هذا القطاع.

وجاء التوجه الحالي لمعظم الشركات في المملكة لبناء علامة تجارية أو ما يطلق عليه «براند» بمفهومها العالمي، في ظل ما انعكس على الشركات العالمية من تطبيق ذلك النظام من قيمة إضافية على تلك الشركات، وهو ما دفع الشركات السعودية إلى تعزيز حضورها في هذا الجانب، خاصة أن العلامة التجارية أصبحت واقعا لا بد منه.

وبحسب خبراء في صناعة العلامة التجارية، فإن العلامة باتت ذات قيمة حقيقية، وهي من الأصول غير الملموسة كما يعرفها متخصصو الاقتصاد، حيث تعرف الهويات التجارية كأبرز المظاهر العامة للمنشآت، وتمثل بشكل أساسي الوجه الخارجي لها، في الوقت الذي كان فيه الاهتمام بها من أولويات الشركات العالمية، حتى وصل بها الحال إلى أن أصبحت «قيمة» تعد من أهم قيم أصول الشركات، وهو ما يعرف بـ«رصيد الهوية التجارية» في سوق العمل بشكل خاص.

وتشهد السعودية نموا في الطلب على صناعة «البراند»، ويتوقع أن يزداد هذا النمو بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة، نتيجة التحول في الثقافة نحو صناعة العلامة التجارية، في الوقت الذي ضخ فيه أحد البنوك الحديثة ما يقارب 7 ملايين ريال (1.8 مليون دولار) لصناعة العلامة التجارية الخاصة به.

وتتراوح قيم صناعة العلامة التجارية في السعودية بين 30 ألف ريال (8 آلاف دولار)، و50 مليون ريال (13.3 مليون دولار)، وتختلف باختلاف الفكرة وتطبيق الفكرة على مختلف منشآت الشركة ودراسة التأثير النفسي والتجاري والاقتصادي.

وبحسب إحصائيات غير رسمية، فإن حجم الاستثمارات في صناعة العلامة التجارية وتطبيقها يصل إلى 800 مليون ريال (213 مليون دولار)، توزعت بين علامات تجارية جديدة وإنشاء علامات تجارية، في الوقت الذي استحوذت فيه البنوك وشركات الاتصالات على أكثر من 50 في المائة من ذلك المبلغ.

وقال خالد الكاف، الرئيس التنفيذي لشركة اتحاد اتصالات، إن الشركة عملت على تعزيز علاماتها التجارية بشكل مكثف، وهو ما جعل «موبايلي» من بين العلامات التجارية الأقوى في قطاع الاتصالات في العالم العربي، حيث صنفت العلامة الجارية في المرتبة الثالثة والأربعين ضمن أقوى العلامات التجارية في مجال الاتصالات في العالم. وقد كان لمساهمة «موبايلي» في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والرياضية دور كبير في تعزيز التواصل بينها وبين عملائها، الأمر الذي أدى إلى الإقبال الكبير على منتجات الشركة وخدماتها.

وأضاف أن «ذلك ثبت في تمكننا من الحفاظ على حصتنا السوقية رغم دخول مشغل ثالث واحتدام المنافسة. لذا فإن قوة علامتنا التجارية تنبع من متانة ارتباط عملائنا بنا وولائهم القوي لشركتنا». وزاد «تحقق هذا الإنجاز في السنوات الخمس الأولى من عمر (موبايلي) بفضل رؤيتنا التي تتمحور حول العميل ورضاه عن خدماتنا التي ننافس بها شركات كثيرة، والتي بجودتها وابتكارها حملتنا إلى مصاف الشركات العالمية، فدخولنا إلى السوق السعودية عام 2005 أعطى معنى جديدا لمفهومي المنافسة ورضا العميل، وكان لابتعادنا عن التقليدية في العمل والاتجاه نحو التجدد والتجديد المستمر الأثر الأكبر في جعل علامتنا التجارية ترسخ في أذهان الناس». وأشار الكاف إلى أن العلامة التجارية خضعت للتجديد والتحسين، كون (موبايلي) تؤمن بأن الشركة التي لا تغير نفسها نحو الأفضل لا يمكن أن تكون ذات تأثير ملموس».

من جهته، قال محمد الفرج، مدير عام الشؤون الإعلامية لشركة الاتصالات السعودية، إن العلامة التجارية هي أول ما يتبادر لذهن الإنسان عند التفكير بأي شركة، وهو ما دفع الشركات إلى بناء وتعزيز قيم للعلامة التجارية في ذهن المستهلك، وذلك من خلال أساليب كثيرة أهمها أداء الشركة في الأساس، ومن خلال الأداء الإيجابي للشركات يتم بناء علامة تجارية قوية مع الزمن تتم إدارتها لتعزيز قيمتها، وتنعكس بالتالي على جميع عمليات الشركة.

وأشار الفرج إلى أنه بعد مرور فترة من الزمن تصبح للعلامة التجارية قوتها وقيمتها بحد ذاتها، ووصف العلامة التجارية للشركة بأنها أداة «حماية» في الفترات الصعبة التي تمر بها الشركة، في حال كانت العلامة التجارية قوية، عطفا على قدرتها على تعزيز الكثير من المفاهيم في أذهان المستهلكين.

وأضاف أن العلامة التجارية لشركة الاتصالات السعودية ركزت على إبراز جوانب وضوح رسالة الشركة، وسمو أهدافها نحو تقديم خدمات متميزة، ومن خلال روح وطنية ملتزمة بتقديم خدمات اتصالات عالية الجودة، مع الالتزام بأن تكون الشركة مصدرا اقتصاديا وثقافيا، ويعكس قيم وثقافة السعودية.

ولفت إلى أن مقاييس نجاح العلامة التجارية للشركة، كشركة اتصالات وطنية وعالمية، مرتبطة بالقيم والأهداف التي حققتها في فترات قياسية، مشيرا إلى أن ما وصلت إليه شركة الاتصالات في قطاعها، وما وصلت إليه في المنطقة، لم يقتصر على المستوى المحلي أو الإقليمي فقط، بل إنها أضحت عالمية، ويزداد ذلك مع كل نجاح تحققه «الاتصالات السعودية»، موضحا أن التقدير العالمي والمحلي الذي تحقق بصورة سريعة ينعكس جليا على هذه النجاحات التي تتواصل بروح الهوية الجديدة.

وأوضح الفرج أنه من خلال المكانة التي حققتها «الاتصالات السعودية» بطبيعة الحال فإنها أضافت لعلامتها التجارية بعدا آخر من الشهرة والنجاح والمصداقية والوضوح والثقة، مع استمرارية الشركة في مواكبة التطورات التقنية في مجال الاتصالات، وفي الوقت نفسه الاستجابة لاحتياجات العملاء كهدف رئيسي تواصل الشركة وباحترافية تحقيقه.

وبين أن توجه الشركة لتغيير علاماتها التجارية في منتصف سبتمبر (أيلول) من عام 2008، جاء نتيجة لتغيير هوية الشركة التي تتركز على السهولة والشفافية والتطور والإبداع كقيم ثابتة ومحركة لها، وتعتبر هذه محددات عملها الجاد للتمحور حول العميل واحتياجاته، بالإضافة إلى أن هوية الاتصالات الجديدة طرحت بالتزامن مع التوسعات الخارجية للشركة، وهو ما وضع «الاتصالات السعودية» على الطريق نحو العالمية بهوية شابة ومرنة يمكنها التكيف في جميع الأسواق العالمية والإقليمية.

وزاد مدير عام الشؤون الإعلامية في شركة الاتصالات السعودية «تم تقييم علامتنا التجارية من قبل انفورما تليكوم كأفضل علامة تجارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما يجعلها بالنسبة لنا أكثر من مجرد علامة تجارية، وإنما هي هوية نعمل على بنائها بشكل منتظم ومدروس وبحسب متغيرات الأسواق المحلية والعالمية».

وأوضح أن «الاتصالات السعودية» باتت موجودة وفقا لهذه الهوية في الأسواق العالمية، من خلال دول إندونيسيا والكويت والبحرين، فضلا عن السعودية، موضحا أن الوجود العالمي والنجاح الدولي للشركة يضاف للقيمة الحقيقية لـ«الاتصالات السعودية» وعلامتها التجارية، حيث لا تقتصر هذه القيمة كون الشركة واحدة من الشركات الرائدة في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات محليا وإقليميا، وإنما تنبع هذه القيمة وترتبط بجوانب مضيئة ومهمة تتمثل في ارتباط الشركة الوطنية بالوطن، ومساهمتها ودعمها للاقتصاد الوطني وقيامها بمسؤولياتها الاجتماعية على أكمل وجه، مما كرس نمو أعمال الشركة وتحقيقها نقلات نوعية ونموا سريعا في خدماتها تجاوز 100 مليون عميل عالميا، وتفوقا في مستوى خدماتها المقدمة، ودورها الإيجابي في توفير البيئة التنافسية الناجحة لقطاع الاتصالات بالمملكة وبدعم من البنية التحتية المتطورة التي وفرتها وتمتلكها الشركة.

وكانت أبحاث ودراسات تسويقية صنفت أفضل 20 علامة تجارية في منطقة الشرق الأوسط في عام 2008، وتضمنت شركات إعلامية وشركات طيران، إضافة إلى شركات أغذية وتطوير عقاري، ضمت 6 علامات تجارية سعودية بينها.

إبراهيم السحيباني، مدير إدارة العلاقات العامة والاتصال في شركة «اثيل» القابضة السعودية، أكد أن هناك شركات على المستوى الدولي سعت منذ تأسيسها إلى بناء هذا الرصيد لعلاماتها التجارية، وذلك من خلال الاستثمار في نشرها، وتطويرها، والاهتمام بكل ما من شأنه المساس بها، والمحافظة عليها. وهنا يشير السحيباني إلى أن هذا الاهتمام ساعد على أن القيم المالية لبعض هذه العلامات بلغت مليارات الدولارات، للمخزون الكبير الذي حفظته طوال هذه السنوات.

وأكد محمد القحطاني، الرئيس التنفيذي لشركة «علامة» للاستشارات التسويقية، أن الاستثمار في بناء العلامة التجارية يرجع إلى أنها تضيف بعدا ذا قيمة على أي شي يحمل صبغة العلامة التجارية، مستشهدا بالقوائم المالية لأكبر العلامات التجارية في العالم، كشركة «كوكاكولا»، التي تعد بحسب القيمة السوقية لأسهم الشركة نحو 105 مليارات دولار، في حين أن قيمة الشركة بخبراتها وكوادرها وأصولها حول العالم تقيم بـ40 مليار دولار، والمتبقي 65 مليار دولار، وهذه قيمة العلامة التجارية أو الشهرة، وهذا ما يصفه بأنه الهدف الصعب حين تصبح العلامة التجارية أثمن من الشركة ذاتها.

وفي منطقة الخليج، يبين السحيباني، أنه بدأ الاهتمام مؤخرا من الشركات العائلية بتطوير هوياتها التجارية، لتتماشى مع متطلبات سوق العمل، وليكون ظهورها القادم متوازيا مع أدائها في قطاعاتها التجارية المختلفة، خاصة في ظل رغبة الكثير من الشركات العائلية في التحول إلى شركات مساهمة عامة.

وزاد أن التحول لمساهمة عامة يجعلها أكثر استقرارا، وأفضل أداء في ظل وجود إدارة حديثة تؤمن بأن مثل هذا التغيير يضيف للشركات الكثير من القيمة، ويجعلها ضمن مصاف الشركات العالمية بكل تأكيد، بحسب وصفه.

وقال فواز العتيبي، مدير العلامة التجارية في مصرف الإنماء، إن البنوك من أهم الجهات التي تطبق علم «البراند» في المملكة، إضافة إلى شركات الاتصالات، وإن كانت الأخيرة أكثر وضوحا من خلال الحرية التي تتمتع بها في تطبيقاتها.

وأشار العتيبي إلى أن أبرز تطبيقات البنوك تتمثل في تصميم الفروع وأجهزة الصراف وبطاقات البنك، مبينا أن ذلك يتطلب دراسة تأثير العلامة التجارية على الشريحة المستهدفة، مبينا أن بعض البنوك أخذت منحى جديدا في إيجاد تطبيقات جديدة للعلامة التجارية من خلال إنشاء فروع لها كخدمة كبار العملاء.

ولفت إلى أن الكثير من الشركات بدأت تهتم بشكل كبير بهذا العلم، وقد تكون أول من عمل على ذلك شركة «أرامكو» التي استطاعت إدخال مفهوم جديد في المملكة على صناعة العلامة التجارية وتأثيرها على أداء الشركة، مؤكدا أن ما عملت عليه «أرامكو» كان يتمثل في صناعة متكاملة لأفضل الممارسات التطبيقية في علم صناعة العلامة التجارية.

من جهته، أوضح الرئيس التنفيذي لشركة «علامة للاستشارات التسويقية» أن العلامة التجارية ليست المنتج الذي يباع للعميل، وإنما هي القيمة المضافة عليه، وهي التي تربط العميل بشركة معينة أو بمنتج بحد ذاته، كما أنها البصمة التي تصنع الفارق في قرار العميل.

وأضاف أن العلامة التجارية هي الأساس الذي تبنى عليه الميزة التي تتفرد بها عن المنافسين، مستدلا على ذلك بتبني شخصية للمنتج أو للشركة، وتبني علاقة الولاء لشريحتك المستهدفة، «وهذا ما يبني القبول لك لدى السوق».

وأكد أن طرح الشركات للاكتتاب أسهم أيضا في تحول الكثير لصناعة العلامة التجارية، وهو ما سيسهم في نشر معلومات الشركة عن طريق تقوية العلامة التجارية، وتحقيق عائدات جيدة من خلال احتساب قيمة الشهرة.

وفي هذا الجانب، يؤكد السحيباني أن تكاليف صناعة العلامة التجارية تختلف من شركة إلى أخرى، بحسب حجم الشركة وطبيعة عملها وتوسع نشاطها من عدم ذلك، لكن بالمجمل، بحسب الخبير، فإن التغيير يكلف ملايين الريالات إذا ما تم أخذ تكاليف التنفيذ في الحسبان، سواء تنفيذ الهوية، أو المطبوعات، والفروع، واللوحات، ووسائل النقل، والإعلانات، مبينا أن النسبة الأغلب تنصب في عملية التنفيذ، سواء تنفيذ التصاميم أو تنفيذ الحملات الإعلانية والإعلامية، والمساهمة في نشر هذا التوجه الجديد، وهذا التغيير أو التطوير.

وبحسب الخبراء فإن علم العلامة التجارية يوجب وجود روح «البراند» في جميع التطبيقات، بداية من شعار المنشأة، مرورا بوجود روح ذلك الشعار في جميع تفاصيل المنشأة، من خطابات ومنشآت الشركة، وحتى التصاميم الداخلية للمباني والفروع، وقد تصل حتى إلى ملابس الموظفين، مشيرين إلى أن بعض الشركات السعودية بدأت توحد ملابس الموظفين من لون الثياب والألوان المستخدمة في لبس الأشمغة.

وبالعودة إلى مدير العلاقات العامة والاتصال في شركة «اثيل» أشار إلى أنه على الرغم من صعوبة تغيير الشعار الأساسي لكثير من الشركات العائلية في المنطقة، خصوصا أنه تزامن مع الجيل الأول «المؤسس» لكثير من هذه الشركات، فإن الأجيال التي أتت تباعا كان لها رأي مغاير. وأرجع ذلك لاطلاعهم على تجارب شركات عائلية غربية، وبالتحديد الشركات العائلية الأميركية.

وأشار إلى أن الأميركان هم من أسسوا علم الهويات التجارية في نهاية القرن الميلادي الماضي، وجاء توجه الأجيال الجديدة إلى احتكاكهم بها من خلال الدراسة، والشراكة، والاطلاع والبحث، مبينا أن هذا التوجه يصب في مصلحة الشركات العائلية في المنطقة بشكل خاص، ويعود عليها بعوائد كثيرة.

ولعل من أشهر تأثيرات العلامة التجارية على الشركات السعودية ما حدث للشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك» في أبريل (نيسان) 2009، إذ تكبدت خسائر بلغت 974 مليون ريال (260 مليون دولار)، مقابل صافي أرباح 6.9 مليار ريال (1.8 مليار دولار) للربع الأول من عام 2008، وذلك بسبب الانخفاض الناتج عن تقييم الشهرة بمبلغ 1.181 مليار ريال (315 مليون دولار) بعد شراء وحدة إنتاج البلاستيك التابعة لـ«جنرال إلكتريك» الأميركية التي تم تغيير اسمها إلى «البلاستيكيات المبتكرة».

وأضاف مدير العلامة التجارية في مصرف الإنماء أن صناعة العلامة التجارية هي بحد ذاتها استثمار، وقد يلمس المستثمر فوائدها بعد مدة زمنية من تطبيقه للعلامة التجارية، في الوقت الذي يشير فيه إلى أن بناء «البراند» قد لا يشمل التكلفة الأعظم، ولكن التطبيقات هي التي تأخذ النصيب الأكبر في التكلفة لصناعة العلامة التجارية.

واستشهد العتيبي بما تم تطبيقه في أحد البنوك السعودية، والذي تكلف فيه تجديد العلامة التجارية نحو 4 ملايين ريال (1.1 مليون دولار)، في حين سجل تطبيق «البراند» نحو 65 مليون ريال (17.3 مليون دولار)، في السنة الأولى بعد التجديد، في حين يتوقع أن يرتفع الرقم إلى أكثر من ذلك في السنوات القادمة، خاصة أن التطبيقات تشمل كل ما يتعلق بالبنك من فروع وأجهزة صراف وبطاقات بنكية وغيرها من الأدوات المكتبية.

من جهته، أوضح الرئيس التنفيذي لشركة «علامة للاستشارات التسويقية» أن العلامة التجارية ليست هي التسويق، ولكنها جزء منه، بل تعتبر القلب المحرك لبقية الأجهزة والأطراف، مبينا أن العلامة التجارية ليست شعارا بألوان وتصاميم، وإنما ذلك ما يسمى بـ«الهوية المرئية». وأشار إلى أن العلامة التجارية أصبحت اليوم أساسا لأي نشاط تربطه علاقة عرض وطلب مع عميل أو متعامل، كالمنتجات والشركات والجمعيات الاجتماعية وأنشطة الإغاثة، حتى وصلت إلى الحركات السياسية، والدول أصبحت هي الأخرى جزءا من هذه الفكرة.

وبين أن أكبر مشروع لبناء علامة تجارية هو ما يبنى للدول من خلال قطاعات الاقتصاد والسياحة والتاريخ، وهو ما يلاحظ في استخدام السعودية للسيفين والنخلة تعبيرا على الأصلة والتاريخ، في حين تستخدم الدول معالمها التاريخية أو الحديثة لربط الشرائح المستهدفة، واستخدام إيطاليا لبرج بيزا المائل وفرنسا لبرج إيفل.

ولفت القحطاني إلى أن بناء العلامة التجارية لمنتج أو شركة أو مجموعة قابضة أو حتى مدينة أو دولة لا يعتبر مشروعا بحد ذاته، وذلك لأن تعريف المشروع له بداية وله نهاية، في حين أن العلامة التجارية تملك البداية ولكن ليست له نهاية إلا بانتهاء النشاط أو المنتج، بل إنه يعتبر استراتيجية ترتبط بجميع التحركات للشركة أو المنتج وبالذات أي نقطة اتصال بالعملاء.

وأضاف مدير العلاقات العامة والاتصال بشركة «اثيل» أن تقسيم التوجهات في الشركات العائلية تجاه تغيير هويتها ينقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية، قسم يرى عدم تغيير الشعار الهوية التجارية، كونه جزءا من أصول الشركة، ولا يمكن مساسه أو العبث به، وقسم يرى التغيير الكامل، وذلك بسبب الوجود ببيئة استثمارية «مختلفة تماما» عما تم العمل به سابقا أثناء التأسيس قبل خمسين أو ستين سنة، ويعزز ذلك الرأي تغيير توجهات الشركة ونوع استثماراتها وطريقة خوض غمار المنافسة في أسواق جديدة.

في حين أشار إلى أن القسم الثالث يرى بـ«تطوير» الهوية التجارية وليس تغييرها بشكل كامل، والتغيير هنا يشير بشكل غير مباشر إلى وجود تغيرات أخرى على المستوى الاقتصادي، والإداري، وكذلك رغبتها في «التطوير» في كل ما من شأنه رفع مستوى أداء الشركة.

وأوضح أن لكل قسم وجهة نظر «منطقية» تجعل من رأيه هو الرأي الأرجح، وليس من المنطق أن تتحول جميع الشركات العائلية بهوياتها الجديدة إلى هويات مختلفة تماما، أو تطويرها، أو كذلك الإحجام عن عدم التطوير بحسب رأي الخبير، مبينا أن الأمر في نهاية المطاف يرجع إلى توجهات الشركة القادمة، وإيمان ملاك الشركات العائلية وأصحاب القرار فيها بقيمة الهويات التجارية وأهميتها، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يكون بصبغة واحدة لدى الجميع.

وأشار القحطاني إلى أن انطلاقة الشركات في التسويق تكون بالتركيز على المبيعات لأخذ حصة الأسد من السوق المنافسة، وأن ذلك طبيعي ولكن بعد النمو وتسارع المبيعات وتضاعف النشاط التسويقي واحتدام المنافسة وتعدد المنتجات يتضح للأغلبية أنهم أغفلوا جانبا مهما وهو التركيز على بناء العلامة التجارية للكيان أو للشركة ومنتجاتها.

وعلى هذا، يؤكد الرئيس التنفيذي لشركة «علامة للاستشارات التسويقية» أن بعض المنتجات المحلية تحقق نجاحات محلية تفوق المنتجات المنافسة الأجنبية، لأن الأولى مفصلة خصيصا لهذا الإقليم أو لهذه الشريحة المحلية.

وأكد أنه لا يمكن أن يضع تكلفة معينة لمشروع العلامة التجارية أو بالأحرى شخصنة الاسم التجاري، كونه مرتبطا بحجم النشاط نفسه على المستوى المحلي، مشيرا إلى أن العلامة التجارية هي رابط بين كل من له علاقة بتلك الشركة أو المنتج على جميع الأصعدة.

وذهب إلى أنه غالبا ما تحتاج الشركات الجديدة إلى هذا النوع من المشاريع، أو عند الاندماجات أو التحالفات، أو عند الدخول إلى أقاليم سوقية جديدة، أو لطرح منتجات جديدة غير ما تمتلكه الشركة في حقيبة منتجاتها في السوق، إضافة إلى الاستحواذات، مشددا على أنه عند التغيير في استراتيجية الشركة أو نشاطها يؤثر ذلك حتما في علامتها التجارية.

وبين العتيبي أن الدول بدأت تأخذ منحى جديدا في تطبيق هوية موحدة للدول، كما توجهت الإمارات وعمان إلى تطبيق هوية موحدة لجميع دوائرها الحكومية، الأمر الذي أسهم في إيجاد روح واحدة للدوائر والجهات الحكومية في البلاد.