اقتصادي صيني يرى مساحة للحوار مع أميركا في الخلاف بشأن العملة

اليوان يلقي بظلاله على محادثات أميركية هندية اليوم

وزير الخزانة الأميركي، أرجأ تقريرا كان من المقرر صدوره في 15 أبريل ربما كان سيتهم الصين بأنها «تتلاعب في العملة» (رويترز)
TT

أفاد خبير اقتصادي في الحكومة الصينية، أمس، بأن قرار الولايات المتحدة تأجيل تقرير مثير للخلاف عن العملة، لا يعني أن الصين ستغير قيمة عملتها في وقت قريب.

وكان وزير الخزانة الأميركي، تيموثي غايتنر، قد أرجأ يوم السبت تقريرا كان من المقرر صدوره في 15 أبريل (نيسان)، ربما كان سيتهم الصين بأنها «تتلاعب في العملة»، وهو ما كان من شأنه أن يصعد الضغط الأميركي لرفع قيمة اليوان، التي يقول منتقدون إنها تسبب خللا في التدفقات التجارية. ولم يصدر أي رد رسمي من الصين، إذ إن أمس عطلة عامة في البلاد.

وقال هو جيانجو، وهو رئيس مؤسسة بحثية تابعة لوزارة التجارة الصينية، معلقا على القرار الأميركي: «أعتقد أن هذه بادرة إيجابية. على الأقل ترك الجانب الأميركي مساحة لمزيد من المشاورات والمفاوضات.. لكنني لا أعتقد أنه سيجري تعديل سعر اليوان في المدى القريب. نحتاج أن نرى إن كان انتعاش الصادرات الصينية سيستمر، ونحتاج أن نرى إن كانت الشركات تستطيع مواكبة ارتفاع سعر الين».

وجاء القرار الأميركي عقب إعلان يوم الخميس بأن الرئيس الصيني، هو جين تاو، سيحضر قمة للأمن النووي في واشنطن يومي 12 و13 أبريل، ويبدو أنه يهدف إلى السيطرة على التوترات بشأن العملة.

وقال غايتنر إنه سيستغل اجتماعات مجموعة العشرين و«حوارا استراتيجيا» بين الولايات المتحدة والصين في بكين في مايو (أيار) المقبل، لحث الصين على رفع سعر اليوان، الذي يقول الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وكثير من النواب الأميركيين والكثير من الخبراء الاقتصاديين بأن سعره منخفض بشكل مفتعل، مما يقلل من قدرة الولايات المتحدة التنافسية.

وقال محللون إن بكين ربما تشعر بحرية أكبر في رفع اليوان إذا قللت واشنطن من مطالبتها العلنية بذلك. لكن خبيرا اقتصاديا في الحكومة الصينية قال، أمس، إن من السابق لأوانه أن تغير الصين سياسة العملة. ولم يطرأ تغير يذكر على اليوان الصيني في الأسواق الآجلة الآسيوية الخارجية، أمس، وهو ما يعكس فيما يبدو شعور المستثمرين بأن قرار الولايات المتحدة لن يغير قيمة اليوان خلال عام.

وكانت بكين تركت اليوان يرتفع 21 في المائة أمام الدولار بين يوليو (تموز) 2005 ويوليو 2008، قبل أن تعيد ربطه فعليا قرب 6.83 مقابل الدولار، لدعم الاقتصاد في خضم الأزمة المالية.

وتراجع العجز في الميزان التجاري الأميركي مع الصين إلى 227 مليار دولار في 2009، من عجز قياسي بلغ 268 مليار دولار في 2008، لكن إدارة أوباما تسعى لزيادة الصادرات وتوفير وظائف.

وسوف يسعى وزير الخزانة الأميركي إلى تعزيز العلاقات الثنائية مع الهند أيضا خلال محادثات في نيودلهي هذا الأسبوع، لكن علاقة واشنطن المتوترة مع الصين قد تلقي بظلالها على زيارته. وستعمل كل من الولايات المتحدة والهند على الدفع بجدول أعمال للتجارة وسياسة سعر الصرف الأجنبي مع الصين، بينما تتباحثان بشأن التعاون في تطوير البنية التحتية وأسواق المال.

ويقوم وزير الخارجية الهندي، كريشنا، بزيارة إلى بكين هذا الأسبوع لإجراء محادثات بشأن عدد من القضايا، مثل تسهيل تدفق التجارة وخفض الحواجز غير الجمركية، بهدف تقليص عجز تجاري مع الصين، قيمته 16 مليار دولار.

وقال أرفيند سوبرامانيان، الباحث في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، ومقره واشنطن: «هناك قضية واحدة كبيرة قد تكون ذات اهتمام مشترك بين الولايات المتحدة والهند.. سعر الصرف الصيني». وأضاف: «سعر الصرف الصيني، المقدر بأقل من قيمته الحقيقية، يؤثر على اقتصادات الأسواق الناشئة، مثل الهند، بأكثر مما يؤثر على الولايات المتحدة».

وقال إن الهند قد تقتنع بدعم جهود واسعة النطاق لإعادة التوازن على صعيد أسواق الصرف في منتدى عالمي كبير، مثل مجموعة العشرين لأكبر الاقتصادات المتقدمة والناشئة. لكن مسؤولي الخزانة الأميركية قللوا من أهمية مسألة العملة الصينية كموضوع رئيسي على طاولة المحادثات، مشيرين إلى أنها مجرد نقاش لإعادة التوازن إلى الاقتصاد العالمي، وهو ما تعهد زعماء مجموعة العشرين بمحاولة القيام به خلال اجتماع قمة في بيتسبرغ العام الماضي. ويرى معظم الاقتصاديين أن هذا الهدف مستحيل من دون يوان أقوى.

وتحاشى غايتنر، في حديث إلى مجموعة صغيرة من الصحافيين الهنود اليوم الخميس الرد على أسئلة عن سعر صرف اليوان، وعمد بدلا من ذلك إلى الإشادة بالهند، وسعر صرف عملتها المرن، واقتصادها الأكثر تحررا، والأقل اعتمادا على الصادرات.

وقال بحسب نص وزعته وزارة الخزانة لوقائع المؤتمر الصحافي: «سيسرني جدا لأسباب تعرفونها أن لا أتحدث عن الصين في الهند، وأن لا أتحدث عن الصين إلى الصحافة الهندية في واشنطن».

وسيكون الهدف الرئيسي لمحادثات غايتنر في الهند اليوم هو إعطاء أولوية أكبر للعلاقات الأميركية الهندية، التي احتلت مرتبة أدنى من علاقات واشنطن مع الصين في الأعوام الأخيرة. وتغطي المحادثات الأقل نطاقا بكثير من الحوار السنوي بين الولايات المتحدة والصين 3 ميادين رئيسية، هي: الاستقرار الاقتصادي، وتطوير البنية التحتية، والقطاع المالي. وسيرأس المباحثات غايتنر، ووزير المالية الهندي، براناب مخيرجي.

وفي وقت لاحق سيلتقي وزير الخزانة الأميركي رئيس الوزراء الهندي، مانموهان سينغ.

وقال أرفيند باناجاريا، أستاذ السياسة والاقتصاد الهندي في جامعة كولومبيا، في نيويورك: «العلاقات الاقتصادية مع الهند يقودها بدرجة كبيرة رجال الأعمال ولاعبون من القطاع الخاص. كهدف رئيسي، ينبغي بحث كيف يعطي القادة إشارات أفضل بشأن السياسة للقطاع الخاص».

وفي حين لا توجد نزاعات تجارية تذكر بين الولايات المتحدة والهند، ستركز المحادثات على بعض القضايا الخلافية، مثل سقف تفرضه الهند عند 26 في المائة على الاستثمارات الأجنبية في قطاع التأمين والقيود الأميركية على بعض الصادرات ذات التكنولوجيا المتقدمة. وسيكون تطوير القطاع المالي للهند على جدول الأعمال أيضا، لكن المحللين قالوا إن الهند ستتحرك ببطء في هذا المجال، ولا سيما بالنظر إلى الأضرار التي وقعت خلال الأزمة المالية في أعقاب تحرير أميركي سريع للأسواق.

كما يريد المسؤولون الأميركيون بحث سبل زيادة مشاركة الشركات الأميركية في تلبية حاجات البنية التحتية الضخمة للهند، التي يقدرها المحللون بما يصل إلى تريليون دولار.