هيئتا الطيران السعودية والمصرية تتفاوضان لحل نزاع حول استخدام بعض المطارات في البلدين

فيما لا يزال مستقبل الرحلات الجوية بين القاهرة والمدينة المنورة مجهولا

الخلاف بين هيئتي الطيران لم يغلق الأجواء أمام حركة الملاحة الجوية بين البلدين («الشرق الأوسط»)
TT

تصاعدت وتيرة الخلاف بين هيئتي الطيران المدني في كل من السعودية ومصر جراء منع الطيران المصري كلا من طيران «ناس» و«سما» من الهبوط في مطار القاهرة الدولي، ورفض سلطات الطيران المصري نقل الحجاج المعتمرين المصريين إلى المدينة المنورة عن طريق الخطوط الجوية السعودية. ففي الوقت الذي لا يزال فيه مستقبل الرحلات الجوية التي تربط بين القاهرة والمدينة المنورة مجهولا، كشفت هيئة الطيران المدني السعودية لـ«الشرق الأوسط» عن وجود سلسلة من المفاوضات بين الهيئتين، لتجاوز الخلاف، بيد أنها لم تحدد موعدا ولا مكانا لانطلاق تلك المفاوضات.

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» خالد الخيبري المتحدث الرسمي باسم هيئة الطيران المدني السعودية أن تلك المفاوضات ستكون في القريب العاجل، واصفا الحديث حول ذلك الموضوع بـ«الحساس».

وحول سبب منع هبوط كل من طيران «سما» و«ناس» في مطار القاهرة علق قائلا: «اسألوا الطيران المصري عن ذلك، ونقطة الخلاف يرد عليها الطيران المصري»، مشيرا إلى أن لكل من هيئتي الطيران السعودية والمصرية وجهة نظر، إلا أن الأمور سوف تتحسن، على حد قوله. وفي الوقت الذي لا تزال الأجواء مفتوحة بين البلدين، وصف سمير إمبابي مدير شركة «مصر للطيران» في منطقة الشرق الأوسط والسعودية، الأوضاع المستجدة بين كل من هيئتي الطيران بـ«المتعثرة» في ظل وجود متضررين جراء تحويل الرحلات من مطار الأمير محمد بن عبد العزيز بالمدينة المنورة إلى جدة.

واتفق كل من المهندس حسين مسعود رئيس الشركة القابضة لـ«مصر للطيران» والكابتن طيار علاء عاشور رئيس شركة «مصر للطيران» للخطوط الجوية، خلال حديثهما لـ«الشرق الأوسط» على أن المشكلة تكمن لدى سلطة الطيران المدني السعودي الذي أبلغ «مصر للطيران» بوجود إصلاحات تجري في مطار المدينة المنورة. وأفادا بمطالبة الكثير من شركات الطيران التابعة لعواصم عربية وأوروبية تنظيم رحلات إلى المدينة، إلا أن ضعف القدرة الاستيعابية لمطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي تطلب تخفيض عدد رحلات «مصر للطيران» الأساسية، الأمر الذي دفع «مصر للطيران» لنقل ركابها إلى جدة ومنها إلى المدينة المنورة بالحافلات السياحية. وهنا، أكد لـ«الشرق الأوسط» عبد الفتاح عطا مدير مطار الأمير محمد بن العزيز الدولي في المدينة المنورة عدم منع المطار استقبال الطائرات المصرية، موضحا أن مطار المدينة المنورة ليس له علاقة بأي اتفاقيات مبرمة بين الطرفين.

وقال خلال اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نخضع لتوجيهات هيئة الطيران المدني السعودية فيما يتعلق باستقبال الطائرات أو عدمه، إلا أن الطائرات المصرية توقفت عن القدوم للمدينة المنورة منذ الرابع من شهر أبريل (نيسان) الحالي». وأضاف: «استفسرنا من قبل الهيئة عن عدم ورود رحلات مصرية إلى مطار المدينة، وتم إبلاغنا بوجود اتفاقية ثنائية بين الطرفين، وما زالت في طور المفاوضات والمناقشات»، مبينا في الوقت نفسه أن الأمور ستتضح بمجرد الانتهاء من تلك المفاوضات.

مسؤولون في «مصر للطيران» أفادوا بأن هيئة الطيران المدني السعودي لم تتطرق أو تطلب أي شيء حول هبوط طيران «سما» و«ناس» في مطار القاهرة أو نقل معتمرين من المدينة إلى القاهرة والعكس، مؤكدين أنه: «في حال مطالبة الطيران السعودي بذلك فإننا سنقوم بدراسة الأمر وفق الاتفاقية المبرمة بين السلطتين». وقالت لـ«الشرق الأوسط» مصادر مطلعة في مطار القاهرة الدولي: «إن هيئة الطيران المدني السعودي شعرت بوجود (إجحاف) في بعض بنود الاتفاقية الموقعة مع مصر، في ظل دلالة الإحصائيات على استحواذ مصر للطيران على النصيب الأكبر في نقل حجاج ومعتمرين خلال الموسم الماضي». ويعود سمير إمبابي مدير شركة «مصر للطيران» في منطقة الشرق الأوسط والسعودية، بالتأكيد لـ«الشرق الأوسط» على «عدم وجود فروقات مالية يتم ردّها للركاب بعد تحويل الرحلات إلى مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة، لا سيما أن الشركة ستتحمل تكاليف نقل الحجاج من مطار جدة إلى المدينة المنورة عبر الحافلات».

وأضاف: «إن شركة مصر للطيران ليست طرفا في الخلاف الحاصل بين هيئتي الطيران المدني السعودية والمصرية، إلى جانب أن الاتفاقيات التي من المفترض أن تبرم بينهما تعد اتفاقيات دول». وكانت اتفاقية النقل الجوى بين البلدين قد شهدت تعديلات على بعض بنودها منذ أكثر من خمس سنوات، تقرر على أثرها العمل بنظام السماوات المفتوحة الذي يجيز لكل شركة تنظيم رحلات مباشرة منتظمة وإضافية من مختلف المطارات في البلدين دون التقيد بطرح عدد من المقاعد على الطائرات شريطة الحصول على موافقة الجانب الآخر على جدول التشغيل.

وبدأت الأزمة الحالية التي تشهدها رحلات الطيران بين القاهرة والمدينة المنورة منذ موسم الحج الماضي برفض سلطة الطيران المدني السعودية الموافقة على جداول تشغيل رحلات «مصر للطيران»، إلا أنها سمحت فيما بعد لـ«مصر للطيران» بتشغيل رحلاتها الإضافية وفقا لجداول التشغيل التي أعدتها الشركة وذلك بعد سلسلة من المفاوضات. وبعد انتهاء موسم الحج بدأت بوادر الأزمة بين الجانبين في الظهور مرة أخرى، عندما قررت سلطة الطيران المدني السعودية أن تكون الموافقة على تشغيل رحلات القاهرة - المدينة المنورة يومية وبمعدل رحلة واحدة، إلا أن سلطة الطيران المدني المصري فوجئت مساء أول من أمس برفض الطيران المدني السعودي الموافقة لـ«مصر للطيران» على تشغيل الرحلتين الأخيرتين، مما أدى إلى قرار تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، ورفض الموافقة للخطوط السعودية على تشغيل رحلتها من المدينة المنورة إلى القاهرة.

يشار إلى أن هيئتي الطيران المدني السعودية والمصرية قد وقعتا اتفاقية في فبراير (شباط) من عام 2006 تنص على فتح الأجواء من دون أي قيود تشغيلية، إلى جانب تعدد الناقلات بين البلدين، غير أنها لم تر النور. وعزت آنذاك مصادر مطلعة في صناعة النقل الجوي أسباب ذلك إلى تخوف طيران مصر من مزاحمة شركات الطيران منخفض التكاليف التي ستستقطع حصة من سوق النقل الجوي الكبير بين البلدين، غير أن مصادر خاصة في طيران «سما» و«ناس» أكدت التزام الشركتين بأن تكون أسعارهما إلى مطار القاهرة الدولي مقاربة للناقلات الوطنية المتمثلة في «الخطوط السعودية» و«مصر للطيران».