وزير المالية الأردني: خفض رواتب الوزراء لإظهار جدية الحكومة.. ولن يعمم على مستويات أخرى

د. محمد أبو حمور في حوار مع «الشرق الأوسط»: عجز الموازنة الأردنية لعام 2010 ما زال كبيرا ويحتاج إلى خطوات جادة وفاعلة لمواجهته

وزير المالية الأردني د. محمد أبو حمور
TT

أعلن وزير المالية الأردني الدكتور محمد أبو حمور أن الحكومة تسعى إلى عدم تجاوز الحد الأقصى للدين العام للنسبة التي يسمح بها القانون وهي 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مشيرا إلى أن حجم الدين العام بلغ 13.6 مليار دولار أميركي حتى نهاية العام الماضي، منها 5.466 مليار دولار ديون خارجية في حين بلغت قيمة الدين الداخلي 5.792 مليار دينار، وهو ما يعادل 8.16 مليار دولار.

وأضاف أبو حمور في حوار مع «الشرق الأوسط» في عمان أن بلاده أبرمت خلال العقد الأخير من القرن الماضي والعقد الأول من الألفية الجديدة الكثير من اتفاقيات شراء ومبادلة الديون مما أدى إلى انخفاض كبير في الدين الخارجي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.

وأكد أن «الحكومة الأردنية اتخذت الكثير من الإجراءات لزيادة الإيرادات وأخرى لتقليص النفقات، تجنبا لاتخاذ أي إجراءات قد تؤثر على حياة الشريحة الأوسع من المواطنين. إن الاقتصاد الأردني استطاع مواجهة الأزمة المالية العالمية بشكل أفضل من معظم الاقتصاديات الغربية، على الرغم من أن الصادرات وتحويلات العاملين في الخارج شهدت تراجعا»، مشيرا إلى أن الأردن تأقلم بشكل جيد مع المستجدات المحلية والعالمية، ويبدو ذلك واضحا في سلامة الجهاز المصرفي الأردني وحفاظه على توازنه ومنعته. وفيما يلي نص المقابلة:

* كيف ترون وضع الاقتصاد الأردني حاليا في ضوء العجز الكبير في الموازنة والتداعيات السلبية للأزمة المالية العالمية؟ وما معدل النمو الاقتصادي المتوقع للأردن خلال العام الجاري 2010؟

- من المعلوم أن عام 2009 شهد تداعيات واضحة المعالم على اقتصاديات مختلف الدول ومن بينها الأردن، كما شهد أيضا ارتفاعا غير مسبوق في عجز الموازنة العامة، إلا أنه وعلى الرغم من ذلك فقد واصل الاقتصاد الأردني تحقيق نمو ولو بنسب متواضعة في حين أن اقتصاديات دول أخرى كانت تشهد تراجعا واضحا. ويلاحظ أن الاقتصاد الأردني حقق في الربع الأخير من عام 2009 نموا حقيقيا بلغ 2.9 في المائة بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام السابق، أي بداية تصاعد في نسب النمو التي كانت تشهد انخفاضات متتالية في الأرباع الثلاثة الأولى، وبذلك يكون الاقتصاد الأردني قد نما بنسبة 2.8 في المائة خلال عام 2009. ونحن نرى أن البوادر الاقتصادية لعام 2010 تشير إلى إمكانيات تحقيق نسبة نمو حقيقي لا تقل عن 4 في المائة وذلك بدعم من التدفقات الرأسمالية والاستثمارات الخاصة، وعلى الرغم من أن هذه النسبة تقل عن المستوى الذي تم تحقيقه خلال السنوات الأخيرة (عدا عام 2009) فإنها تشير إلى أن الاقتصاد الأردني يسير في الاتجاه الصحيح لتحقيق انطلاقة جديدة، وعمليا فهناك بوادر انتعاش جيدة في الاقتصاد الأردني.

* كيف تعامل الأردن مع انعكاسات الأزمة المالية الاقتصادية العالمية؟

- استطاع الاقتصاد الأردني مواجهة الأزمة المالية العالمية والركود الذي شهدته الكثير من اقتصاديات العالم بشكل أفضل من معظم الاقتصاديات الغربية. وعلى الرغم من أن الصادرات وتحويلات العاملين في الخارج شهدت تراجعا فإن الصورة الإجمالية تشير إلى أن الأردن تأقلم بشكل جيد مع المستجدات المحلية والعالمية، ويبدو ذلك واضحا في سلامة الجهاز المصرفي الأردني وحفاظه على توازنه ومنعته، وحتى المديونية التي ارتفعت إلى مستويات عالية متأثرة بعجز الموازنة، إلا أنها ما زالت تحت السيطرة، وارتفاعها لا يقارن بارتفاع الدين العام الذي شهدته الكثير من دول أوروبا وأميركيا.

* ما العلاقة الآن بين الأردن وصندوق النقد الدولي؟ وهل هناك تدخلات وإملاءات من جانب الصندوق للمملكة؟

- العلاقة بين الأردن وصندوق النقد الدولي هي علاقة تاريخية وتعود في جذورها إلى كون الأردن أحد أعضاء الصندوق. وكما هو حال العلاقة بين الصندوق والأعضاء الآخرين فهناك مشاورات دورية بين الطرفين، كما أن صندوق النقد الدولي عادة ما يقدم نصائح وتوصيات غير ملزمة لكل الدول الأعضاء لدى تقييمه للأوضاع الاقتصادية فيها، ونحن من طرفنا حريصون على الاستفادة من الخبرات التي يمتلكها الصندوق وفقا لما تقتضيه مصالحنا الوطنية وبما يخدم اقتصادنا بأفضل شكل ممكن، ونحن حريصون على أن يدعم الصندوق الإصلاحات والجهود التي نبذلها لحفز النمو وتشجيع الاستثمار وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني.

* نريد أن تحدثنا عن حجم المعونات والمساعدات الخارجية؟ وما هو دورها في إنعاش الاقتصاد الأردني؟

- تشكل المساعدات الخارجية أحد المصادر المهمة التي مكنتنا من تنفيذ الكثير من المشاريع الرأسمالية التي تعود آثارها ومنافعها على المواطنين في جميع أنحاء المملكة، كما أن المساعدات والمنح الخارجية تلعب دورا مهما في دعم الموازنة العامة للدولة، وقد تلقى الأردن عبر السنوات الماضية المنح من الكثير من البلدان الشقيقة والصديقة. وهذا يعود بشكل أساسي إلى أن كثيرا من أزمات المنطقة تنعكس آثارها على المملكة بشكل مباشر، ولكن ما أود التأكيد عليه هو أن الأردن لجأ خلال الفترات الماضية إلى الكثير من الإجراءات والإصلاحات التي سوف تساعده على تحقيق مزيد من الاعتماد على الذات بشكل تدريجي، بحيث تصبح الإيرادات المحلية هي المصدر الأساسي لتمويل الإنفاق الحكومي.

وقد قدرت المنح في الموازنة العامة للعام الحالي بمبلغ 330 مليون دينار أردني ولدى مراجعة هذا المبلغ تبين أن المضمون منه يعادل نحو 160 مليون دينار، في حين أنه لا توجد تأكيدات بأنه سيتم الحصول على المبلغ المتبقي البالغ نحو 170 مليون دينار أردني.

أما المنح في موازنة العام الماضي فقدرت بمبلغ 684 مليون دينار، وانخفض هذا المبلغ عند إعادة التقدير إلى 405 ملايين دينار، لكن الأزمة المالية العالمية كان لها دور واضح في تراجع المنح والمساعدات المقدمة للمملكة.

* كيف ستواجه وزارة المالية العجز الكبير في الموازنة العامة؟ وهل سيدفع المواطن الأردني فاتورة مواجهة هذا العجز؟

- من المتوقع أن يبلغ عجز الموازنة العامة لعام 2010 نحو 1.1 مليار دينار، وعلى الرغم من أنه يقل بشكل واضح عن العجز المتحقق في عام 2009 والبالغ 1.5 مليار دينار فإنه ما زال كبيرا ويحتاج إلى خطوات جادة وفاعلة لمواجهته وتقليصه إلى الحد الأدنى الممكن. ونحن نؤمن بأن معالجة العجز تحتاج منا إلى نظرة شمولية، بمعنى أن نعمل في الاتجاهين في آن معا، فمن ناحية نحن نسعى إلى زيادة الإيرادات عبر عدد من الإجراءات وفي الوقت نفسه نسعى إلى تخفيض النفقات إلى الحد الأدنى، وقد تجنبنا خلال الفترة الماضية من هذا العام اللجوء إلى اتخاذ إجراءات قد تؤثر على المستوى المعيشي للمواطنين وكانت الاتجاهات تنحو إلى الجوانب غير الأساسية في حياتهم، وفي أي إجراء يتم اتخاذه عادة فنحن ندرس البدائل والخيارات المتاحة كافة، تجنبا لما قد يؤثر على الشريحة الأوسع من المواطنين، أما في جانب تقليص النفقات فقد كنا واضحين بالعمل على تقليص الإنفاق غير الضروري، حيث تم التوقف عن شراء الأثاث والسيارات والتوقف عن التعيين باستثناء قطاعي الصحة والتعليم. كما تم الإيعاز لجميع مؤسسات الدولة بتقليص نفقاتها التشغيلية بنسبة 20 في المائة، يضاف إلى ذلك تأجيل المشاريع التي لا تحمل صفة الأولوية، وتشير الوقائع إلى أن هذه الإجراءات قد حققت نتائج جيدة. فمثلا انخفض الإنفاق خلال أول شهرين من عام 2010 بنحو 160 مليون دينار مقارنة مع الفترة نفسها من العام السابق، وهنا أود أن أشير إلى أن نحو ثلث هذا التخفيض في الإنفاق كان في النفقات الجارية التي تتصف عادة بعدم المرونة، مما يعني أن ما تم اتخاذه من إجراءات كانت فعالة وجادة، كما أن هناك إجراءات أخرى مثل دمج أو إلغاء المؤسسات التي تتشابه طبيعة أعمالها.

* هل الصناديق العربية لها دور في منح الأردن المزيد من القروض لإنعاش الاقتصاد الأردني؟

- كانت الصناديق العربية وما زالت أحد المصادر الرئيسية لتزويد المملكة بالقروض اللازمة لتمويل الكثير من المشاريع التنموية، وقد كان للصناديق العربية دور بارز في المساعدة على إنشاء قاعدة صلبة من خدمات البنى التحتية في المملكة، وقبل عدة أسابيع فقط تم توقيع اتفاقية ضمان قرض المساهمة في تمويل مشروع محطة توليد كهرباء السمرا بقيمة 52 مليون دولار مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، واتفاقية قرض تعويضي مع صندوق النقد العربي بنحو 47 مليون دولار، وبهذه المناسبة أود أن أأكد تقديرنا لمختلف الصناديق العربية، وكذلك للدول العربية الشقيقة التي كانت دائما حريصة على دعم الاقتصاد الأردني.

* ما المحفزات التي يمكن أن يقدمها الأردن للمستثمرين الأجانب؟ وهل هناك خطط للإصلاح المالي والضريبي والجمركي لزيادة مجالات الاستثمار العربي والأجنبي؟

- تشجيع الاستثمار هو إحدى أولويات السياسة الاقتصادية في المملكة. وقد قام الأردن خلال السنوات الماضية بتحديث اقتصاده وتطوير قوانينه وأنظمته مما جعله أحد المقاصد الاستثمارية المهمة في المنطقة، ويشهد على ذلك الكثير من الاستثمارات العربية والأجنبية التي استوطنت المملكة، ولعل أهم ما يميز الأردن هو مناخ الاستقرار الأمني الذي يسود مختلف نواحي الحياة على الرغم من كل الاضطرابات التي تشهدها بعض دول المنطقة، كما أننا في الأردن دولة تؤمن بالديمقراطية وسيادة القانون. يضاف إلى ذلك الحرية الاقتصادية التي تنعم بها المملكة وانفتاحها على مختلف دول العالم. ومن أبرز ما أود أن أذكر به هنا هو إصدار قانون جديد لضريبة الدخل في أواخر عام 2009، وتعديل قانون ضريبة المبيعات، وهذه التعديلات التشريعية هدفها الأساسي هو تحسين البيئة الاستثمارية في المملكة وتبسيط الإجراءات وتحديثها، وقد شهد قانون ضريبة الدخل الجديد تخفيضات كبيرة على النسب الضريبية لجميع القطاعات مما وضع المملكة في موقع ريادي على مستوى تنافسية النسب الضريبية، كما يشار بهذا الخصوص إلى أن هذين القانونين عملا على تبسيط وتوحيد النظام الضريبي حيث تم من خلالهما إلغاء عدد من الضرائب التي كانت تفرض على الدخل والمبيعات، فبدلا من نحو ثلاثة عشر تشريعا كانت تستوفي ضرائب الدخل والمبيعات، بموجبها أصبح لدينا الآن قانونان فقط، كما أن هذين القانونين يشكلان قفزة نوعية في تحسين الإدارة الضريبية، أما فيما يتعلق بالقضايا الجمركية فهناك تعديلات ستصدر قريبا بهدف تبسيط الإجراءات بما يوفر الوقت والجهد على المستثمرين والمواطنين.

* انضمام الأردن لمنظمة التجارة العالمية.. كيف سينعكس على الأردن؟ أيضا أبرمتم الكثير من اتفاقيات التجارة الحرة مع عدد من الدول ومن أهمها مع الولايات المتحدة.. ما مردود مثل تلك الاتفاقيات؟

- في إطار السعي لتحديث الاقتصاد الأردني وتهيئة البيئة الاستثمارية والانفتاح على الأسواق العالمية قام الأردن بالانضمام إلى عدد من اتفاقيات التجارة الحرة أبرزها منظمة التجارة العالمية ومنطقة التجارة العربية الحرة الكبرى واتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي واتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأميركية واتفاقية المناطق المؤهلة. وقد أتاحت هذه الاتفاقيات لنا أن نغير لغة التخاطب مع المستثمرين الأجانب فبدلا من أن نقول لهم استثمروا في الأردن واستغلوا سوقا بعدد سكان المملكة، أصبحت لغة التخاطب تؤكد أن الاستثمار في الأردن يفتح أمام المستثمر مختلف الأسواق العالمية ويتيح له الولوج لتلك الأسواق بشروط تفضيلية، ولكن في الوقت نفسه نحن ندرك تماما أن هذه الاتفاقيات تشكل تحديا أمام المستثمر الأردني والعربي والأجنبي على حد سواء، ففي الوقت الذي تتيح له دخول الأسواق العالمية فهي تتطلب منه أيضا أن يكون قادرا على المنافسة سواء من حيث الجودة أو السعر، ولعله من المهم الإشارة هنا إلى أن المواطن يربح في النهاية من خلال حصوله على سلعة ذات جودة عالية وبأقل سعر. ولا شك أن هناك الكثير من المزايا والإنجازات التي حققها الاقتصاد الأردني جراء الانضمام إلى اتفاقيات التجارة الحرة المختلفة، فقد شهدت الصادرات الأردنية منذ عام 2000 وحتى الآن نموا لافتا مما كان له أطيب الأثر على مجمل الأداء الاقتصادي في المملكة.

* كيف تمكن الأردن من استقطاب الاستثمارات العربية عقب الأزمة المالية العالمية؟

- يشكل استقطاب الاستثمارات أحد الجوانب التي نوليها اهتماما خاصا، وقد أظهرت أحداث الأزمة المالية العالمية الأخيرة وقبلها أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) أن الأردن قادر على أن يوفر موطنا آمنا للاستثمارات. ومن الواضح أن هذا الأمر تدعمه الحقائق على أرض الواقع سواء من حيث الاستقرار المالي والاقتصادي أو من حيث توفر قوانين وحوافز مغرية للمستثمرين. وهذا ما أكدت عليه سياسة الحكومة عبر قانون ضريبة الدخل الذي تم إقراره مؤخرا، ونحن واثقون من أن الفترة القادمة ستشهد مزيدا من تدفق الاستثمارات العربية والأجنبية إلى المملكة، إضافة إلى تحفيز الاستثمارات المحلية.

* ما دور القطاع الخاص الأردني في لعب دور داخل منظومة الاقتصاد الأردني في المرحلة الحالية والمقبلة؟

- اعتمد الأردن منذ بداياته على نهج الاقتصاد الحر وأولى القطاع الخاص دورا أساسيا في المنظومة الاقتصادية وتم فتح المجال واسعا أمام استثمارات ونشاطات القطاع الخاص في مختلف القطاعات وعلى مختلف الأصعدة. وخلال السنوات الماضية كانت السياسات الحكومية تسعى إلى منح الاستثمارات الخاصة الدور الريادي في تحفيز النمو وخلق فرص العمل والمساهمة الفاعلة في النهوض بالاقتصاد. ومن أهم ما تجدر الإشارة إليه هو أن المرحلة المقبلة ستشهد انطلاقا لبرنامج الشراكة بين القطاع العام والخاص، وهذا يتيح للقطاع الخاص المحلي والعربي والأجنبي مجالا أوسع للاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة في مختلف القطاعات بما فيها قطاعات البنية التحتية أو المشاريع الكبرى التي تحتاج إلى تعاون مختلف الجهات في سبيل إنجازها وإنجاحها، ونحن على ثقة من أن ذلك سيكون له آثار إيجابية، على مستوى استثمارات القطاع الخاص من جانب وعلى تحسين حياة المواطنين من جانب آخر.

* ما الهدف من الإعلان عن مبادرات توفير الحياة الكريمة للمواطنين، خاصة محدودي ومتوسطي الدخل؟

- المبادرات التي تهدف إلى توفير حياة كريمة للمواطنين خاصة ذوي الدخل المحدود جاءت بشكل أساسي عبر توجيهات ملكية سامية، مثل مبادرة سكن كريم لعيش كريم وغيرها. وهي تأتي إيمانا من قيادتنا الهاشمية الحكيمة بضرورة توفير سبل الحياة الكريمة للمواطنين بمختلف فئاتهم وفي مختلف أماكن سكنهم، وإضافة إلى البعد الإنساني والتنموي الذي تتصف به هذه المبادرات فإنها تمثل أيضا رؤية استراتيجية راسخة بأن المواطن هو وسيلة التنمية وهدفها النهائي، كما أنها تؤكد أيضا على معالجة بعض الاختلالات التي قد تترافق مع النمو، بحيث يتم تغطية البعد الاجتماعي عبر هذه المبادرات وبالتالي الاستمرار في الحفاظ على الاقتصاد الوطني كبيئة جاذبة للاستثمارات تتصف بالاستقرار الاجتماعي، إضافة إلى الأمن والاستقرار الاقتصادي، وتراعي توفير اليد العاملة المؤهلة القادرة على استغلال فرص العمل المتاحة والمستعدة أيضا لرفع مستوى الإنتاجية بما يتناسب وظروف التنافسية التي تشهدها مختلف الاقتصادات العالمية بما فيها المملكة.

* ما الهدف من تعديل قانون ضريبة المبيعات في الأردن؟

- كما سبق أن أوضحت، فقد تضمنت القوانين الضريبية الجديدة سواء قانون ضريبة الدخل أو القانون المعدل لقانون ضريبة المبيعات، عددا من المزايا والجوانب التي تعمل بعدة اتجاهات تصب جميعها في النهاية في اتجاه خلق بيئة استثمارية منافسة وجاذبة للاستثمارات العربية والأجنبية ومحفزة على الاستثمارات المحلية. فمن ناحية تم تبسيط الإجراءات وتحديثها مما خلق نظاما ضريبيا شفافا وواضحا وألغى التعددية في التشريعات التي تفرض بموجبها ضرائب على الدخل والمبيعات. ومن ناحية أخرى فقد تم تخفيض نسب ضريبة الدخل على مختلف القطاعات الاقتصادية بحيث أصبحت منافسة ومحفزة للاستثمارات، وإذا أضفنا إلى كل ذلك أثر هذه التعديلات على رفع كفاءة الإدارة الضريبية فسوف نكون أمام تشريعات ضريبية تعد الأحدث والأبسط والأكثر تحفيزا في المنطقة.

* كيف يمكن ضمان تنفيذ برنامج ضغط النفقات الذي أعلن لمواجهة العجز في الموازنة؟ وهل تفكرون في زيادة الضرائب لتقليص العجز؟

- برنامج ضبط النفقات الذي أعلنته الحكومة ترافق مع إجراءات تنفيذية واضحة سبق أن أوضحت جانبا منها. ونحن على قناعة تامة بأن هذا البرنامج سيتم تنفيذه بشكل دقيق، وخاصة أن القناعة المتوافرة لدى مختلف الجهات الحكومية والرسمية واضحة بشأن ضرورة معالجة عجز الموازنة بشكل إيجابي عبر تخفيض النفقات بشكل أساسي، وكما سبق أن أوضحت فقد استطعنا خلال أول شهرين من هذا العام تقليص النفقات بنحو 160 مليون دينار مقارنة مع الفترة نفسها من العام السابق. ونحن واثقون من أن تحفيز الاستثمار وتشجيع النمو الاقتصادي هو السبيل الأفضل لمعالجة عجز الموازنة في المدى المتوسط والبعيد وليس زيادة الضرائب، وهذا ما تؤكده الممارسة العملية، حيث إننا خفضنا الضرائب على الدخل والأرباح ولم نقم بزيادتها. فالاقتصاد القادر على النمو والازدهار هو الذي يوفر الموارد اللازمة لمعالجة عجز الموازنة وليس إثقال كاهل المستثمرين والقطاعات الاقتصادية بمزيد من الضرائب، كما أن تحسين الإدارة الضريبية ومكافحة التهرب الضريبي يشكل معيارا أساسيا في عملنا الذي يضمن زيادة الإيرادات من دون اللجوء إلى فرض ضرائب جديدة أو زيادة معدلات الضرائب الحالية.

* هل ستلجأ الحكومة إلى استفتاء موظفيها أو العاملين في الدوائر الرسمية المستقلة لحسم 15 في المائة من رواتبهم طواعية لمدة سنة للخروج من الأزمة، وخاصة أصحاب الدخول العالية؟

- إن الحرص على مواجهة عجز الموازنة من خلال تخفيض النفقات يجب ألا ينسينا الحرص أيضا على الحفاظ على مستوى معيشة المواطنين بمن فيهم الموظفون، وإذا كان مجلس الوزراء قد قرر تخفيض رواتب الوزراء بنسبة 20 في المائة لدعم فئات محدودي الدخل وإظهار جدية الحكومة في خفض النفقات فإن هذا لا يعني تعميم هذا الإجراء على المستويات الوظيفية الأخرى بشكل إجباري أو على شكل قرار إداري، وخاصة أننا يجب ألا نغفل عن أن رواتب الموظفين تعمل على تحفيز الطلب المحلي الذي بدوره يشكل عاملا مؤثرا على النمو الاقتصادي.