ولد زينة

علي المزيد

TT

استمعت بإنصات إلى قصة رجل الأعمال علي بن سليمان الشهري فانطلقت معه بدءا من مغادرته بلدته تنومة جنوب السعودية، ليصل إلى الطائف ولتبدأ رحله العمل انطلاقا من رتبة جندي التي بهرته بتحاياها المتبادَلة ولكن لم يستمر بها سوى ثلاثة أيام ليغادرها مرتديا بنطلونا وقميصا متجولا في شوارع الرياض وتحديدا في حلة العبيد ليدخل مطابع نجد. يقول الشهري: «التقيت ثلاثة أشخاص عليهم سيماء الوقار عرفت في ما بعد أنهم عبد العزيز المسند، وعبد الله الصانع، وعبد العزيز التويجري، وعملت لديهم بمرتب 60 ريالا شهريا (16 دولارا) مضحيا بمرتب الجندي البالغ 120 ريالا (32 دولارا) ليقفز مرتبي في مطابع الجزيرة إلى 180 ريالا (48 دولارا)».

يستطرد الشهري بأنه عمل حبّاكا (أي مجلدا) لكنه هذه المرة عمل لحسابه واشترى جميع أدواته وكان يحبك سجلات الوزارات بعد انتقالها من جده إلى الرياض، استطاع الشهري جمع 1800 ريال (480 دولارا). يقول الشهري: «كنت أتمشى عصرا في الرياض ورأيت ازدحاما وذهبت إليه فإذا العقاري المعروف ابن موسى ينظم مزادا عقاريا». يضيف الشهري: اشتريت أرضا بـ1800 ريال (480 دولار) مجموعة من جماعتي، بعد المزاد دعوني إلى العشاء وأخذوا يلومونني كيف أشتري أرضا بهذا السعر ببلدة غير تنومة. تناوبوا لومي حتى رأوا أنني لن أنثني فنفد صبر كبيرهم والتفت إليّ وقال: «اسمع يا ولد زينة، تراك غلطان».

استمر هؤلاء موظفين، لكن ولد زينه أصبح تاجرا يشار إليه بالبنان.

لماذا تطور ولد زينه؟ لأنه غامر، والآخرون لم يغامروا، أو كما يقول الاقتصاديون تحمل المخاطر التي كان يراها الآخرون عالية.

بعد أن حكى علي الشهري حكايته في اللقاء التعريفي الذي نظمته لجنه شباب الأعمال في غرفة الرياض، دخل الحاضرون معه في نقاش ومن بينهم المهندس أحمد الراجحي، وكان الشهري في أثناء سرد قصته ذكر أنه نصح عائلة الراجح بأن لا يدخلوا صناعة البلاستيك، ولكنهم دخلوا ونافسوه. المهندس الراجحي سأل الشهري: «دخلنا في تنافس لصناعة صندوق البيبسي كولا وفزتم به بأربعة ريالات ونصف فهل كنتم تربحون؟»... لم يجب الشهري بلا أو نعم، لكنه ابتسم ابتسامه عريضة تدل على فرحه بالنصر على غريمه وليعرف الشباب أنه مهما بلغت شفافية المرء وصدقه فإنه غير مُلزَم بكشف أسرار تنافسيه لمنافسيه. ودمتم.

* كاتب اقتصادي