لتخفيض مصروفات شركات الخدمات

سعود الأحمد

TT

الشركات والمؤسسات الحكومية التي تقدم الخدمات العامة، لا أدري لماذا تبقى بمعظم الدول العربية لا تواكب العصر.. ولعلها ظاهرة شائعة بمعظم دول العالم. ويبدو أن السبب وراء ذلك، هو تفشي روح البيروقراطية لكون معظمها ولد في رحم النظام المالي والإداري الحكومي. ولذلك تجدها حتى لو تم تخصيصها وتحويلها إلى قطاع خاص، إلا أن تأصل وتجذر البيروقراطية يؤثر في معظم قراراتها.

فعلى سبيل المثال.. تجد هذه الشركات لا تزال مستمرة في إنفاق الأموال الضخمة على طباعة وتوزيع فواتير الاستهلاك الشهري!.. مع أن العقل والمنطق يقول إن لهذه العملية بدائل أخرى أقل جهدا وتكلفة وأكثر أمانا ودقة وموثوقية.. وأنفع لهذه الشركات ومشتركيها!.

فمع هذه الثورة التقنية التي يعيشها العالم في مجال الاتصالات والربط المعلوماتي عبر شبكة الإنترنت، أصبحت هناك شريحة كبيرة من المشتركين في الخدمات العامة لا ينتظرون الفواتير الورقية لكي يقوموا بالتسديد، بل ولا ينظرون إليها أبدا.. والبقية في الطريق (والمسألة مسألة وقت فقط). فالذي يحصل في السعودية على سبيل المثال: أنه وبمجرد أن يسدد العميل أول فاتورة من حسابه البنكي ضمن برنامج سداد الإلكتروني ويسمي هذا الحساب بالاسم الذي يريد، فإن مبلغ فاتورة المستحق بالشهر القادم يظهر على موقع البنك الذي يتعامل معه. ويستطيع العميل بهذه الطريقة أن يستغني عن انتظار الفاتورة الورقية، حتى يتم إيصالها للمنزل أو مقر العمل!. كما أن السداد عبر الهاتف يحتاج لجهد لا يقارن بالسداد عبر حسابك البنكي على الإنترنت. أو الذهاب إلى أقرب ماكينة للصرف الآلي للوقوف منتظرا حتى تستطيع السداد من خلالها. وكل هذه البدائل تحتاج إلى وقت وجهد لا يقارن بالسداد عن طريق الحساب البنكي على شبكة الإنترنت. كما أن السداد بالحساب البنكي عبر موقع البنك بالإنترنت يمكن العميل من ذلك داخل وخارج البلاد وفي أي وقت.

وإذا كانت شركات الخدمات تتحجج بأن هناك مشتركين بحاجة للفاتورة الورقية لكي يطلعوا على تفاصيل الاستهلاك. فهذه المشكلة يمكن معالجتها بسهولة، وذلك بتمكين العميل من خلال حسابه البنكي أن يحصل على صفحة الفاتورة بجميع محتوياتها. أو تكون هناك صور محملة بالماسح الضوئي مع كل فاتورة ترفق مع الفاتورة عبر شبكة الإنترنت. هذا مع العلم بأن شركات الخدمات تستطيع تطوير خدمات المعلومات وتفاصيل الفواتير لإعطاء تفاصيل غير محدودة عن استهلاك الشهر واستهلاك ربع السنة والسنة بكاملها ومقارنة الحالي بنظيره بالعام الماضي.. إلى غير ذلك من الخدمات المتطورة (إذا توافرت الرغبة والإرادة في تحسين خدمات المشتركين). كما يمكن إشعار العميل بصدور الفاتورة عبر رسالة جوال، ويمكن إرسال صورة الفاتورة الشهرية عبر البريد الإلكتروني للعميل.

ختاما.. صحيح أن هناك فئة لا تستخدم الحاسب الآلي، لكن من المصلحة عوضا عن الاستمرار في الطرق التقليدية لتوزيع وتحصيل الفواتير، بحجة أن هناك شريحة كبيرة من المجتمع لا تستخدم التقنيات الحديثة، أن تسهم شركات الخدمات بجهد ملموس في مجال رفع الوعي العام لدى المجتمع. وهو جهد تفرضه المسؤولية الاجتماعية على مؤسسات وشركات الخدمات العامة.

كاتب ومحلل مالي