البنك الدولي: الاقتصاد الفلسطيني ينمو في الضفة ويتراجع في غزة.. ويبعث على القلق

حذر من أن أي نمو لا يمكن أن يستمر إلا مع حدوث تقدم في عملية السلام

بفضل الإصلاحات الاقتصادية نما الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية العام الماضي بنسبة 8.5 في المائة (أ.ب)
TT

في وقت أعلن فيه البنك الدولي أن الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية نما العام الماضي بنسبة 8.5 في المائة، بفضل الإصلاحات الاقتصادية التي أدخلها رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، وزيادة الدعم الدولي للاقتصاد الفلسطيني، وبعض التسهيلات الإضافية التي تقدمها إسرائيل، أوضح فياض أن استدامة هذا النمو، يتطلب إزالة كل المعوقات الإسرائيلية، التي تكبح إطلاق القدرة الكامنة لدى الاقتصاد الفلسطيني.

وحذر البنك الدولي من أن أي نمو في الضفة لا يمكن أن يستمر إلا مع حدوث تقدم في عملية السلام في الشرق الأوسط ورفع الحصار الإسرائيلي عن غزة. وسجل النمو الاقتصادي في غزة ما نسبته 1 في المائة فقط، بسبب الحصار الإسرائيلي المحكم.

وطالب فياض فوق كل ذلك، بتغيير الواقع على الأرض بما يضمن الحرية الكاملة لحركة البضائع والأفراد. وأقر البنك الدولي بأن النمو الذي يعتمد على المساعدات يبعث على القلق.

وقال فياض إن النمو الاقتصادي الذي شهدته الأراضي الفلسطينية في العامين الماضيين، حدث بفعل التدخل الحكومي المباشر وحالة الأمن والاستقرار التي تمكنت السلطة الوطنية من تحقيقها.

وأوضح البنك الدولي، أمس، أن السلطة الوطنية تحقق تقدما مطردا في مجال تنفيذ برنامجها الإصلاحي وبناء المؤسسات التي تتطلّب الدولة المستقبلية وجودها.

وأضاف، في الملخص التنفيذي لتقرير المتابعة الاقتصادي الذي سيقدم إلى لجنة الارتباط الخاصة في الثالث عشر من أبريل (نيسان) الجاري، أن السلطة الوطنية قامت بتقوية الأنظمة العامة للإدارة المالية لديها، وحسّنت مستوى تقديم الخدمات إلى المواطنين، وقامت بإصلاحات مهمّة لزيادة مستوى الأمن ودعم وضع ماليتها العامة.

وقال التقرير إنه مع أن الانتعاش الاقتصادي الذي حدث في الآونة الأخيرة يعتبر مدعاة للتفاؤل - حيث بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في عام 2009 نحو (6.8) في المائة مرتفعا من نسبة 6 في المائة تقريبا في عام 2008 - إلا أنّ الوضع يظل محفوفا بالمخاطر.

وتابع التقرير: «بينما يحدث معظم النمو في الضفة الغربية، يستمر قطاع غزة في مواجهة انخفاض في حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. كما أن هذا النمو تقوده مجموعة مؤتلفة من التدفقات الكبيرة في المساعدات التي يقدمها المانحون، والإصلاحات التي تضطلع بها حكومة السلطة الفلسطينية والتي عملت على زيادة ثقة المستثمرين، وتخفيف حدة بعض القيود الأمنية الإسرائيلية. وتعتبر استدامة النمو، في ظل الاعتماد على المساعدات التي يُقدمها المانحون، سببا يبعث على القلق».

وتحدث البنك عن ارتفاع العجز المتكرر لدى السلطة، إذ وصل في 2009، إلى نحو (1.6) مليار دولار بالمقارنة مع (1.3) مليار دولار في عام 2008. ويرجع هذا الارتفاع، في المقام الأول، إلى الحاجة إلى الاستجابة إلى الوضع الطارئ في قطاع غزة.

وأضاف التقرير «تدرك السلطة الفلسطينية أنها لا تستطيع تحمل هذا العجز المرتفع، وأنه رغم الكرم التمويلي من المانحين، فإن هذا التمويل لن يبقى مستمرا بهذا المستوى المرتفع. وتلزم موازنة عام 2010 السلطةَ الفلسطينيةَ بخفض مقدار العجز المتكرر لديها إلى نحو (1.2) مليار دولار أميركي في الوقت الذي تلزمها فيه أيضا بزيادة نفقات التنمية إلى 670 مليون دولار أميركي».

وتطرق التقرير إلى «النتائج المشجعة لعملية الإقراض الصافي»، وقال: «نجحت السلطة الفلسطينية في خفض حجم الإقراض الصافي بنسبة تزيد على 30 في المائة بين عامي 2007 و2009. ونحو نسبة 80 في المائة من المبلغ المتبقي من ذلك الإقراض موجودة في قطاع غزة حيث لا تملك السلطة الفلسطينية إلا مقدرة ضئيلة على اتّخاذ إجراء ما أو القيام بعمل ما بشأنها».

ويقول البنك الدولي إن السلطة الفلسطينية «تسير بطريقة جيدة على الطريق نحو الوفاء بوعدها بإقامة دولة فلسطينية تستطيع تقديم الخدمات وتحقيق الرخاء الاقتصادي لسكانها. ومع ذلك، فإنّ هذا الوقت ليس بالوقت المناسب للشعور بالرضا عن الذات، حيث تقتضي الحاجة العمل بطريقة مُنسّقة على إيجاد بيئة تمكينية لنمو القطاع الخاص. وهذا ينطوي على استمرار حكومة إسرائيل في تخفيف القيود المفروضة على الحركة وإمكانية الوصول إلى الموارد والأسواق، ومواظبة السلطة الفلسطينية ودأبها على تنفيذ أجندة الإصلاح، واستمرار المجتمع الدولي في تقديم الدعم والقدرة على التنبؤ بهذا الدعم».

وتابع البنك: «إنّ هذه الفترة تمثّل فرصة لجميع الأطراف المعنية: الفلسطينيين، وإسرائيل، والمجتمع الدولي.. فرصة للارتقاء إلى مستوى التحديات وضمان متانة المقومات والأسس اللازمة لإقامة الدولة الفلسطينية، بالقدر الذي يمكن لها أن تكون».

وفي شأن متصل، يشارك اليوم فياض في مؤتمر الدول المانحة للفلسطينيين في إسبانيا الذي ينطلق تحت عنوان تعزيز الدعم لإنشاء مؤسسات اقتصادية فلسطينية من أجل إقامة الدولة الفلسطينية.

وقالت الحكومة الفلسطينية إن فياض سيعرض كل العقبات والإشكاليات التي تعترض خطط وبرامج السلطة الوطنية في مجال إقامة الدولة.

وكانت وزارة الخارجية الإسبانية أعلنت أن لجنة الاتصال المعنية بتنسيق المساعدات المقدمة من الدول المانحة للفلسطينيين ستعقد اجتماعا في مدريد يومي الاثنين والثلاثاء القادمين لمناقشة موضوع بناء الدولة الفلسطينية المقبلة.

وجاء في بيان للخارجية الإسبانية أن رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض ومندوب اللجنة الرباعية للشرق الأوسط توني بلير سيشاركان في هذا الاجتماع إلى جانب نحو 20 وفدا.

وأضاف البيان أن هذا الاجتماع «سيعالج مسائل مثل إنشاء مؤسسات الدولة الفلسطينية المقبلة والدعم المالي لهذا المجهود، في إطار البحث عن حل شامل وعادل ودائم للنزاع في الشرق الأوسط».