كبير الماليين في مركز دبي المالي لـ «الشرق الأوسط»: معظم شركات الشرق الأوسط عائلية وأكبر الأخطار التي تتهددها «التمويل»

المدرج منها في الأسواق المالية لا يشكل 10% من الشركات الموجودة أصلا

TT

اعتبر كبير الاقتصاديين في مركز دبي المالي العالمي أن معظم الشركات في الشرق الأوسط هي شركات عائلية، بما نسبته 90 في المائة من مجمل شركات المنطقة، لافتا إلى ضرورة تشجيع هذه الشركات التي تتركز في دول الخليج وكل من لبنان والأردن، للدخول إلى أسواق المال، معتبرا أن أكبر خطر يتهدد الشركات العائلية بعد سنتين من الأزمة المالية العالمية هي أزمة التمويل.

وقال الدكتور ناصر السعيدي، رئيس الشؤون الاقتصادية في «سلطة مركز دبي المالي العالمي» إن «الشركات العائلية المدرجة في الأسواق المالية لا تشكل 10% في المائة من الشركات الموجودة أصلا لافتا إلى أن الكثير من هذه الشركات العائلية أكبر بكثير من شركات مدرجة أصلا».

واعتبر السعيدي الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» أن فرص العمل المستقبلية سيكون مصدرها الشركات العائلية كما أن تنويع النشاط الاقتصادي سيكون مصدره توسيع نشاط الشركات العائلية لأنها هي من تقوم بالنشاطات الجديدة في السوق.

ويذهب الدكتور السعيدي في تقييمه للشركات العائلية إلى القول إن «تطوير وتوسيع الأسواق المالية في المنطقة سيعتمد على الشركات العائلية من خلال توجهها للإدراج في الأسواق عبر إصدار أسهم أو صكوك، وهو ما يمكن أن يحل مشكلة الشركات العائلية».

ويرى السعيدي أن تحقيق هذه الشركات للنجاح والنمو المستدامين يشكل العنصر الأساسي لتطوير الاقتصاد الإقليمي على المدى الطويل. وفيما تسعى الشركات العائلية إلى تحقيق التوسع في ظل تحديات الأزمة العالمية وزيادة انفتاح منطقة الخليج على العالم، فإنه يتوجب على هذه الشركات في الفترة الحالية أن تعتمد طرقا أكثر تطورا لإدارة أعمالها وثرواتها بغية الحفاظ على تنافسيتها واستدامتها. و يرى الخبير المالي أن أكبر خطر يواجه الشركات العائلية هو أزمة التمويل، ويعلل ذلك بأن أحد أهم مصدرين لتمويل الشركات العائلية هو إما الموارد الخاصة أو الاحتياطي بالإضافة إلى التسهيلات المصرفية، «وعلى اعتبار أن المصارف ليس لديها القدرة على التمويل بسبب الأزمة المالية، تطل مشكلة التمويل ويصبح من الضرورة أن تنوع هذه الشركات مصادر دخلها».

ويشير السعيدي أيضا إلى أنه يتوجب على الشركات العائلية إيجاد هيكليات قوية للحوكمة ووضع خطط محكمة للتوريث. «وإدراكا منا لأهمية هذه الجوانب، قمنا في مركز دبي المالي العالمي بالتعاون مع (معهد حوكمة الشركات) (حوكمة) بإيجاد مجموعة من الحلول العملية للتغلب على هذه التحديات».

ويدعو السعيدي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تشجيع الشركات العائلية على الدخول إلى أسواق المال، معتبرا أن هناك بعض القوانين التي تعيق هذا الدخول، من ضمنها ضرورة أن تدرج الشركة ما لا يقل عن 50% من أسهمها في السوق، وهو ما يثير حفيظة الشركة العائلية التي يمكن أن تعتبر بذلك أنها فقدت إدارتها للشركة، وهو ما يجعل الشركات العائلية لا تفضل الإدراج في الأسواق، لذلك يقترح السعيدي أن يتم تخفيض الأسهم المدرجة إلى 25% مثلا.

وكان السعيدي يتحدث لـ«الشرق الأوسط» على هامش ندوة «إيجاد شركات عائلية مستدامة في الشرق الأوسط» استضافها مركز دبي المالي العالمي حول سبل تمكين الشركات العائلية من الاستدامة وتعزيز نموها في ظل البيئة الاقتصادية الحالية.

من جهته، قال عبد الله محمد العور، الرئيس التنفيذي لـ«سلطة مركز دبي المالي العالمي»: «إن الشركات العائلية تعد القلب النابض لاقتصاد المنطقة، لذلك قمنا في مركز دبي المالي العالمي بإصدار لوائح تنظيمية خصيصا من أجل إتاحة المجال أمام الشركات العائلية لتأسيس شركات قابضة في المركز تساعدها على إدارة ثروتها الخاصة التي تعتبر موردا مهما بالنسبة لها يساعدها على تجاوز الظروف الحرجة التي تعيق تحقيق مزيد من النمو والاستدامة في ظل الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة حاليا».

وكان موضوع استمرارية الأعمال أحد أبرز الموضوعات التي تناولتها الندوة أيضا، حيث قال أمين ناصر، الشريك في قسم الخدمات الاستشارات للشركات في «برايس ووترهاوس كووبرز»: «لعل أهم تهديدين يواجهان استمرارية الشركات العائلية هما النزاعات وتوريث الإدارة. ونادرا ما تنشأ النزاعات نتيجة لسوء الأداء، وإنما يكون سببها غالبا هو شعور المالكين بعدم تلبية حاجاتهم. وتظهر النزاعات كذلك عندما تكون الأوضاع ضبابية أو غير مفهومة بالشكل الكافي».

ويتابع ناصر أنه «وفي الحقيقة، تعتبر إدارة النزاعات وتسويتها بشكل ناجح أساس تماسك الشركة والعائلة. ويزداد لجوء الشركات العائلية إلى تطوير آليات رسمية لحل النزاعات الداخلية، الأمر الذي يتيح لقاء أفراد العائلة المتنازعين لتذليل الخلافات فيما بينهم، وحل المسائل موضع الخلاف بطريقة ودية؛ إلا أن تحكم المشاعر في قرارات الشركات العائلية يجعل من الصعب أحيانا حل هذه المشكلات بطريقة فعالة».