رئيس «القلعة للاستشارات المالية» لـ «الشرق الأوسط»: الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منطقة غنية بالموارد وتحتاج إلى فكر استثماري

منطقة الخليج لا تحتاج إلى استثماراتنا.. ونركز على الشركات المتعثرة هناك * مصر تحتاج إلى قوانين وتشريعات لتعيد الدعم إلى مستحقيه

أحمد هيكل
TT

قال أحمد هيكل رئيس مجلس إدارة شركة «القلعة للاستشارات المالية»، إن منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا غنية بالموارد، لكنها تحتاج إلى رؤوس أموال ذات فكر استثماري لكي تستطيع استغلال تلك الموارد الضخمة. وأضاف في حوار لـ«الشرق الأوسط» في القاهرة أن قطاعي الطاقة والنقل يعتبران من القطاعات الاستراتيجية التي تسعى شركته للتوسع فيها خلال الفترة المقبلة.

وشركة «القلعة» هي شركة مصرية تستثمر نحو 8.3 مليار دولار في 14 مجالا، وتركز استثماراتها على أفريقيا والشرق الأوسط.

ويرى هيكل أنه سبب غير مباشر في الطفرة التي حدثت للشركات الكبرى في مصر مثل شركات «أوراسكوم للإنشاء» و«النساجون الشرقيون»، فخلال عمله بالمجموعة المالية «هيرمس»، قام بجذب الاستثمارات إلى تلك الشركات، مما أدى إلى ازدهار رؤوس أموالها.

ويرى هيكل أن النجاح الأمثل الذي حققه في مصر منذ أن حصل على شهادة الدكتوراه من الولايات المتحدة الأميركية عام 1992، هو استقطاب كوادر جيدة للعمل، لأن هذا هو رأس المال الحقيقي، فيقول إنه أنشأ المجموعة المالية «هيرمس» برأسمال 250 ألف جنيه، وبدعم من الكوادر المتوافرة بها، ارتفعت استثماراتها لتصل إلى 8 مليارات جنيه، قبل أن يتركها ويؤسس شركة «القلعة». وفيما يلي نص الحوار.

* لماذا تتركز استثمارات شركتكم على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟

- شركة «القلعة» هي شركة تعمل في مجال الاستثمار المباشر، فلكي تستثمر في مكان معين أو منطقة معينة، يجب أن تعرف هذه المنطقة بشكل جيد، ولذلك فإن استثماراتنا مركزة على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لأننا نعرفها بشكل جيد، ولن نخرج في استثماراتنا عن تلك المنطقة.

* استثمارات الشركة محدودة في منطقة الخليج على الرغم من الفرص الاستثمارية الكبيرة في تلك المناطق؟

- لكي نذهب إلى أي منطقة يجب أن يكون لنا قيمة مضافة، والقيمة المضافة تأتي من خلال طريقين، الأول أن نستثمر في مناطق لا تستطيع أن تجذب استثمارات، والثاني أن نقوم بأعمال لا يستطيع أهل تلك المنطقة أن يعملون بها. فمنطقة الخليج لا تحتاج إلى شركتنا لكي تضخ استثمارات بها، أهلها موجودون وقادرون على ضخ استثمارات، ولكننا نركز في استثماراتنا في منطقة الخليج على المشاريع المتعثرة بهدف تحسين أدائها، وهذه النوعية من المشاريع لا تجذب الاستثمارات الخليجية.

* هناك قطاعان تركز عليهما الشركة بشكل كبير، وهما قطاعا النقل والخدمات اللوجستية.

- عندنا الكثير من الشركات التي تعمل في الكثير من القطاعات ومن أهمها قطاع الطاقة، ولكن نرى أن النقل والخدمات اللوجستية خاصة في أفريقيا، من القطاعات المؤثرة والواعدة هناك، ففي منطقة الخليج مثلا تتم عمليات النقل عن طريق السيارات، لأن هناك دعما كبيرا لأسعار الديزل، ولكن في السعودية مثلا، سعر الديزل يساوي تقريبا 20 في المائة من السعر العالمي له، فعندما يكون سعر الطاقة مدعما لهذه الدرجة يكون النقل بالسيارات هو الوسيلة المثلى، ولكن في أفريقيا لا يوجد دعم لمنتجات الطاقة، فيكون النقل عن طريق السيارات مكلفا، ومع تزايد حركة التجارة فإن النقل عن طريق وسائل تستهلك كميات كبيرة من الديزل غير عملي، وبالتالي فدخولنا في بعض شركات النقل الواسع النطاق في أفريقيا، مثل النقل بالنهر، والسكك الحديدية، تستهدف توفير وسائل مواصلات تستهلك وقودا أقل، وبالتالي فإن تكلفة النقل تكون أقل.

* الكثير من الخبراء يقولون إن النقل النهري والسكك الحديدية من الاستثمارات غير المجدية اقتصاديا، مقارنة باستثمارات أخرى متاحة، ما رؤيتك لهذا الموضوع؟

- لو كل المستثمرين اتجهوا جميعا إلى الاستثمار في المجال نفسه، لأصبح التركيز على مجال واحد فقط من دون الآخر، والنجاح هو أن تقتنص فرصا استثمارية في مجالات لا يراها أحد، وتعرف قدرتها على النمو، فالأسواق بها اختلاف في التصورات والرؤى، مما يؤدي في النهاية إلى جاذبية بعض المشاريع لبعض الشركات من دون الأخرى.

فبالنسبة إلى النقل النهري، فهو وسيلة مواصلات أوفر وسيربط أغلب الدول الأفريقية مع بعضها، كما أن استهلاك الطاقة لكل طن كيلومتر، أقل كثيرا من بقية وسائل النقل الأخرى، ونمتلك شركة في مصر وشركة في السودان ونريد التوسع في أفريقيا في هذا المجال.

* تستثمرون أيضا في القطاع الزراعي، الذي يرى البعض أن جدواه الاقتصادية ضعيفة ونموه محدود، فما هو رؤيتك لهذا المجال؟

- الزراعة استثمار طويل المدى، فنحن نستثمر في مجال الزراعة في السودان، فالأراضي هناك بسعر منخفض وجاذب، والمياه أسعارها جيدة للغاية، وسعر بيع المنتجات الزراعية في هذه البلدان مرتفع، لأن أغلب السلع الزراعية هناك مستوردة وتباع بأسعار عالية، وبالتالي فهناك فرص لبيع المنتجات بأسعار جيدة، فلو استخدمنا تقنيات صحيحة نستطيع أن نحقق أرباحا جيدة.

* ما حجم الاستثمارات الحالية للشركة؟

- الشركة تدير استثمارات بنحو 8.3 مليار دولار، وحجم السيولة 240 مليون جنيه.

* ولكن الأرباح التي حققتموها خلال العام الجاري ضئيلة مقارنة بحجم استثمارات الشركة، فلماذا؟

- أرباحنا تتحقق عندما نقوم ببيع الشركات التي نؤسسها، فلسنا شركة منتجة للسلع، نحن نعمل في مجال الاستثمار المباشر، وبالتالي أرباحنا ستكون بها تقلبات كبيرة، ففي بعض السنين نحقق أرباحا عالية، عندما نبيع بعض الشركات، وفي أعوام أخرى تجد الأرباح متواضعة إذا لم نبع بعض المشاريع، وتكون وقتها ناتجة من أتعاب الإدارة، التي غالبا ما تغطي تكاليفنا.

* ولكن تمتلكون الكثير من الشركات التابعة التي تحقق أرباحا، فكيف لا تنعكس تلك الأرباح على الشركة الأم؟

- لأننا نستثمر في شركات بنسب أقلية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة، وبالتالي لا يوجد شيء نحقق منه أرباحا، إلا إذا قمنا ببيع بعض الاستثمارات.

* سعر سهم شركتكم في السوق لا يعبر عن حجم الشركة، لماذا لا تحاولون تدعيم سعر السهم في السوق من خلال شراء أسهم خزينة؟

- لا نحاول أن نفعل ذلك، السيولة لدى الشركة ستكون لتوسيع استثمارات الشركة فقط، فالشريك الكبير لـ«القلعة» (مجموعة الإدارة) اشترى 2 في المائة من أسهم الشركة في البورصة، ومن الطبيعي أن يعطي ثقة للمستثمرين في الشركة.

* التمويل الذي تحصلون عليه، هل هو من مصارف عربية أو أجنبية؟

- نعتمد في الغالب على البنوك المصرية، وهناك شركة واحدة فقط لديها قروض من بنك أجنبي.

* لماذا لا تستغلون أسعار الفائدة المنخفضة في البنوك العالمية في أوروبا وأميركا؟

- لأن هناك مخاطرة تتمثل في تقلب أسعار الصرف.

* ما حجم استثماراتكم في مجال الطاقة؟

- هناك 5 شركات تابعة لنا تعمل في مجال الطاقة، ثلاث منها في مجال التنقيب واستخراج البترول، وشركة لتكرير البترول، وشركة لتوزيع الطاقة، مثل الغاز الطبيعي والكهرباء أو منتجات بترولية.

* ما الاستثمارات التي تنوون القيام بها خلال العام الجاري، وما أرباحكم المستهدفة خلال العام الجاري؟

- هناك الكثير من الفرص التي ندرسها باستمرار، لا نعلنها إلا عندما نبدأ فيها، ولا نستطيع أن نحدد أرباح الشركة أو نتكهن بها، فأرباح الشركة تكون ناتجة عن بيع بعض الشركات التابعة، ولا نبيعها إلا إذا جاء لنا السعر المناسب.

* هل تنوون إصدار شهادات إيداع تتم إدراجها في بورصة لندن؟

- لا، لأني أعرف الأضرار التي تسببها شهادات الإيداع، فأعرف أضرارها، وبالتالي لا ننوي طرح تلك الشهادات، فهناك تجربة سابقة لا أريد تكرارها.

*هل تنوون طرح شركات تابعة في البورصة؟

- نفكر دائما في طرح الشركات التابعة لنا في البورصة، والفترة القادمة سندرس بشكل كبير هذا الموضوع بشكل جدي.

* يقولون إن الشركات الكبرى، بما فيها شركتكم، متخوفة من الأحوال الاقتصادية في مصر، ودائما يؤسسون شركات أجنبية تملك حصة كبيرة من أسهم الشركة المصرية ليتم تحويل الأرباح إلى الخارج، فهناك شركة بريطانية تملك شركتكم بنسبة 40 في المائة، فما ردكم؟

- هذا ليس صحيحا، كان الهدف من تأسيس شركة «citadel capital partner» في إنجلترا هو أن يكون الاتفاق بين المساهمين الرئيسيين ملزم، فاتفاقية المساهمين في القانون المصري لا تكون ملزمة لأطرافها، فلجأنا إلى القانون الإنجليزي حتى يكون منظما للمساهمين الرئيسيين ليوضح العلاقة بيننا فقط.

* الحكومة المصرية بصدد تشريع جديد يتيح الشراكة بين القطاع العام والخاص، فهل هناك مشاريع لإنشاء صندوق للاستثمار في مجال البنية التحتية؟

- لا أعتقد ذلك، يوجد عندنا شركة واحدة وهي شركة طاقة، وتصوري أنها ستكون ذراعنا الاستثمارية في مشروعات البنية التحتية خلال الفترة القادمة.

* هناك بعض القوانين مستاء منها رجال الأعمال مثل الضريبة العقارية، فكيف ترى ذلك؟

- أعتقد أننا الآن في مرحلة معينة، يجب على شريحة معينة في مصر أن تتحمل أعباءها، ويأتي ذلك من خلال بعض القوانين، مثل الضريبة العقارية، ونحن نحتاج إلى بعض القوانين الأخرى التي تعيد توزيع الدعم، حتى يصل لمستحقيه، لأن هذا يدخل في إطار تنظيم العلاقة داخل المجتمع. فمن غير الطبيعي ألا يصل الدعم على المنتجات البترولية إلى مستحقيه، فالمستفيد الكبير منه هو طبقة غير مستحقه له، فيجب على الحكومة أن تراجع مسألة الدعم والضرائب، مع تطبيق عادل لها.

* ما رؤيتك للمناخ الاقتصادي في مصر؟

- الاقتصاد المصري واعد، والحكومة تدشن الكثير من القوانين المشجعة للاستثمار مثل البنية الأساسية، أعتقد أن هناك الكثير من الإصلاحات الاقتصادية التي تشهدها البلاد خلال الفترة الحالية.

* وكيف ترى تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية على مصر؟

- لم تتأثر مصر بشكل كبير بالأزمة المالية العالمية، فمصر أظهرت للعالم ما معنى وجود بلد به 85 مليون شخص، فالاقتصاد المصري قوي بكمية الاستهلاك، فمع الأزمة كان هناك عجز في بعض المنتجات، مثل الحديد والإسمنت.