الإعلان عن برنامج أميركي للتحقق من إعادة تدوير النفايات الإلكترونية

53 مليون طن منها أنتجها العالم العام الماضي

«بازل أكشن نتويرك»، شرعت نظام منع جهات إعادة التدوير المشاركة به فعليا من تصدير مخلفات إلكترونية سامة وغير عاملة إلى دول نامية (أ.ب)
TT

شرعت «بازل أكشن نتورك»، وهي منظمة رقابية أميركية ترمي لتقليص صادرات النفايات الإلكترونية السامة من الولايات المتحدة، أمس الخميس، في برنامج جديد للتحقق والتدقيق بالنسبة لكل من جهات إعادة التدوير والشركات التي تولد نفايات إلكترونية، إلى جانب تسليط الضوء على ممارسات محلية آمنة للتعامل مع والتخلص من أجهزة التلفزيون والحواسب الآلية والمعدات الإلكترونية الأخرى القديمة.

من شأن هذا النظام منع جهات إعادة التدوير المشاركة به فعليا من تصدير مخلفات إلكترونية سامة وغير عاملة إلى دول نامية. وسيدخل هذا البرنامج في منافسة مباشرة مع معايير أقل صرامة صاغتها أخيرا شركات الصناعة المعنية والحكومة الفيدرالية، تصفها الشركات وجهات إعادة التدوير بأنها أكثر منطقية.

في هذا الصدد، قال جيم بكيت، المدير التنفيذي لدى «بازل أكشن نتورك»، التي تستقي اسمها من «معاهدة بازل»، وهي معاهدة دولية تنظم التعامل مع والاتجار في المخلفات الخطيرة، بما في ذلك الأجهزة الإلكترونية المهملة: «لقد أهملت الولايات المتحدة هذه القضية المهمة». جدير بالذكر أن أكثر من 165 دولة صدقت على المعاهدة، لكن الولايات المتحدة ليست من بينها.

الملاحظ أن جزءا كبيرا من النقاش الدائر حول أسلوب التعامل مع النفايات الإلكترونية ينشأ من المواد المعدنية مثل الرصاص والزئبق المستخدمة في صناعة الأجهزة الإلكترونية. المعروف أن معظم الأجهزة المهملة يجري إما تحويلها إلى مراكز ردم النفايات، أو بيعها داخل سوق عالمية يكتنفها الغموض، حيث تنتهي بها الحال غالبا في عمليات صهر واسعة النطاق وغير منظمة في جيوب فقيرة بأفريقيا وآسيا. في كلتا الحالتين، تنطوي جهود التخلص من النفايات الإلكترونية على مخاطر بيئية وصحية بالغة.

وطبقا للأرقام الصادرة عن «إيه بي آي رسرتش»، وهي شركة بحثية معنية بسوق التقنيات، فإن قرابة 53 مليون طن تقريبا من النفايات الإلكترونية تولدت عن العالم خلال عام 2009. وخضع قرابة 13% منها فقط لعمليات إعادة تدوير. وأشارت الشركة ذاتها إلى أن العائدات العالمية من وراء إعادة التدوير العام الماضي بلغت نحو 5.7 مليار دولار، ومن المتوقع ارتفاعها إلى 14.6 مليار دولار بحلول عام 2014.

يذكر أن «بازل أكشن نتورك» تولت منذ فترة طويلة برنامجا تعهدت في إطاره جهات إعادة التدوير المشاركة بالالتزام بمجموعة من القواعد المرتبطة بالتعامل على نحو مسؤول بالنفايات الإلكترونية.

بداية من أمس الخميس، بدأ إصدار شهادات المنظمة، المعروفة باسم «إي - ستيواردز»، بناء على مجموعة من المعايير التي حددتها «المنظمة الدولية للمعايير»، وسيجري التحقق من مستوى الالتزام على نحو مستقل.

وستسدد جهات إعادة التدوير رسوما إلى القائم بإجراءات التحقق ورسوما لاستخراج ترخيص إلى «بازل أكشن نتورك» - تبلغ قرابة 15.000 دولار للشركات متوسطة الحجم، حسبما ذكر بكيت - الأمر الذي سيخولها حق استغلال شعار «إي ستيوارد».

وستحصل جهات توليد النفايات الإلكترونية، بما في ذلك الشركات التي تشتري التقنيات، ومصنعي الأجهزة على تصنيف «شركة إي - ستيوارد» مقابل دفع رسوم ترخيص أقل والتزامها ببذل «أقصى جهد ممكن» لاستغلال كيانات إعادة تدوير تحظى بتصديق من جانب نظام «إي - ستيوارد»، بحيث تخضع لمراقبة مستمرة من قبل «بازل أكشن نتورك».

ولم يتضح بعد عدد جهات إعادة التدوير أو منتجي النفايات الذين سيشاركون في البرنامج. يذكر أن برنامجا آخر، جرى تطويره خلال السنوات الثلاث الماضية من قبل ائتلاف من جهات التصنيع وإعادة التدوير بالتعاون مع وكالة الحماية البيئية، قائم حاليا بالفعل.

يحمل البرنامج اسم «آر 2»، في إشارة إلى عبارة «إعادة التدوير المسؤول»، ويعمل أيضا على التصديق على جهات إعادة التدوير المشاركة ويوفر إرشادات لكيفية التعامل مع والتخلص من النفايات الإلكترونية. ويسمح «آر 2» بتصدير الأجهزة المهملة ما دام أن هذا لا يشكل انتهاكا لقوانين الدولة المستقبلة، وأن المنشآت المعنية بالتعامل مع هذه المواد في الخارج يتوافر بها حد أدنى من المعايير البيئية والصحية الأساسية.

من جهتها، أعلنت منظمات مثل «بازل أكشن نتورك» و«إلكترونيكس تيكباك كواليشن»، الذي شارك في الأصل في مفاوضات «آر 2»، أن برنامج «آر 2» يتسم بتساهل ولين مفرطين. وقال بكيت: «إنه يعج بالثغرات». على سبيل المثال، يحظر برنامج «بازل أكشن نتورك» استخدام سجناء في أعمال إعادة تدوير الأجهزة الإلكترونية، بينما لا تتضمن معايير «آر 2» مثل هذا البند.

من جهته، قال إريك هاريس، مدير الشؤون الحكومية والدولية لدى «معهد صناعات إعادة تدوير النفايات»، وهو مجموعة تجارية، إن «بازل أكشن نتورك» والمنظمات البيئية الأخرى تطرح ببساطة قدرا مفرطا من المطالب.

وأضاف هاريس: «يتمثل السبيل المسؤول لتناول الأساليب غير المسؤولة لإعادة التدوير في المساعدة على التعريف والحث على الممارسات الصحية، وليس حظر التجارة برمتها».

ونوه بأن «المبدأ الرئيس للمعهد يتمثل في أننا نرمي لتحقيق تغيير حقيقي، وليس لإثارة فرقعات إعلامية. أعضاؤنا يرغبون في القيام بإعادة التدوير على النحو الصائب، سواء في شيكاغو أو الصين»، وذلك في إطار رسالة بعث بها عبر البريد الإلكتروني.

جدير بالذكر أن كلا برنامجي «آر 2» و«إي - ستيوارد» قد بدء عمله للتو.

منذ بدء «آر 2» عمله في يناير (كانون الثاني)، تولى التصديق على ثمانية منشآت يجري تشغيلها من جانب ستة شركات لإعادة التدوير. من ناحية أخرى، استهل برنامج «إي - ستيوارد» عمله بخمس منشآت يجري تشغيلها من قبل ثلاث شركات حصلت على الموافقة بالفعل، وقرابة اثني عشر منشأة أخرى في انتظار التصديق عليها.

على الجانب الصناعي، وقعت «سامسونغ»، التي تعد، بناء على بعض المعايير، أكبر شركة تقنية في العالم، على الانضمام لبرنامج «إي - ستيوارد»، حسبما ذكر بكيت. كما انضمت ثلاث مؤسسات مالية ضخمة - «بانك أوف أميركا» و«ويلز فارغو» و«كابيتال وأن فايننشال» - إلى البرنامج.

كما أطلقت بعض الشركات، مثل «هيوليت باكارد»، أكبر شركة منتجة للحواسب الآلية الشخصية، تعهدات مستقلة بعدم تصدير نفايات إلكترونية إلى دول نامية.

من جهته، قال روبرت هوتون، الرئيس التنفيذي لـ«شركة ريدمتيك لإعادة تدوير الأجهزة الإلكترونية»، ومقرها أوهايو، وهي واحدة من ثلاث شركات مصدق عليها من «إي - ستيوارد»، إن عملاءه يطالبون بمعايير أعلى من جانب جهات إعادة التدوير.

وأضاف: «أود التأكيد على أنني أقوم بهذا الأمر لأسباب بيئية وخيرية خالصة. لكنني أرى أن السوق باتت تطالب بمزيد من المساءلة والشفافية».

* خدمة «نيويورك تايمز»