الاقتصاد الصيني يسجل نموا بنسبة تقارب 12% في الفصل الأول

سيزيد الضغوط على بكين لرفع معدلات الفائدة وتخفيف الضوابط على عملتها المحلية

TT

سجل الاقتصاد الصيني ارتفاعا كبيرا بلغ نحو 12% في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، حسبما أعلن المكتب الوطني للإحصاء، أمس، مما زاد الضغوط على بكين لرفع معدلات الفائدة وتخفيف الضوابط على العملة. ويعد هذا ثاني فصل يسجل فيه ارتفاع من رقمين في ثالث أكبر اقتصاد في العالم، مع انتعاشه من التباطؤ الذي نجم عن الأزمة الاقتصادية العالمية. فقد ارتفع إجمالي الناتج الداخلي في الفترة الممتدة بين يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) بنسبة 11.9% مقابل نمو بنسبة 10.7% في الفصل الرابع من 2009. وقال لي شياوخاو، المتحدث باسم المكتب الوطني للإحصاء خلال مؤتمر صحافي: «هذا العام بدأ بشكل جيد». وأضاف: «إن وتيرة النهوض الاقتصادي تسارعت مما يرسي أسسا جيدة لبلوغ الأهداف المحددة لهذا العام». وعلى غرار السنوات السابقة حددت الحكومة الصينية هدفا للنمو الاقتصادي في 2010 نسبته 8%. وكانت نسبة النمو المسجلة في 2009 تخطت هذا الهدف بتسجيلها 8.7%، على الرغم من أن السلطات وصفت ذاك العام بأنه «العام الأكثر صعوبة في القرن الجديد».

أما فيما خص أرقام التضخم الذي كان سلبيا العام الماضي، فقد عادت لترتفع هذا العام، ولكنها لا تزال تحت السيطرة. وسجل مؤشر أسعار الاستهلاك، المؤشر الأول لقياس نسبة التضخم في الصين، ارتفاعا بنسبة 2.2% في الفصل الأول من 2010، مما يعني أنه لا يزال ضمن الهامش الذي حددته الحكومة وهو 3%، كما أكد المكتب الوطني للإحصاء. بدورها واصلت استثمارات الرساميل الثابتة ارتفاعها في الصين بوتيرة قوية مسجلة في الفصل الأول من العام ارتفاعا بنسبة 25.6%، في حين ارتفع الإنتاج الصناعي بنسبة 19.6% في الفترة نفسها، بعدما كان سجل نموا بنسبة 18% في الفصل الرابع من 2009. ويعد هذا الارتفاع في النمو الاقتصادي الصيني الأكبر منذ بداية التباطؤ الاقتصادي ويفوق نسبة الثمانية في المائة التي حددتها الصين لهذا العام، والتي تعتبر مهمة لخلق عدد كاف من الوظائف للحيلولة من دون حدوث اضطرابات اجتماعية. إلا أن محللين، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، حذروا من أن البيانات تشير إلى أن الاقتصاد ينمو بسرعة كبيرة جدا، وحثوا صانعي السياسة على رفع معدلات الفائدة ورفع سعر صرف اليوان للحيلولة دون خروج الأمور عن السيطرة. وصرح بن سيمبفيندورفر الخبير الاقتصادي في بنك «رويال بنك أوف أسكوتلند» في هونغ كونغ: «أعتقد أن النمو الاقتصادي مرتفع للغاية. وأعتقد أنه يجب تشديد السياسة لكبح ذلك». وأوضح أن «الاستثمار في العقارات السكنية كان محركا كبيرا في النمو في الربع الأول، وأن اعتماد الاقتصاد على مثل هذا الاستثمار ليس مستداما». وبينما يؤيد بعض الاقتصاديين زيادة وقائية لأسعار الفائدة لتخفيف الضغوط التضخمية، يفضل جلين ماغواير من «سوستيه جنرال» في هونغ كونغ، رفع قيمة العملة الصينية على الفور.

وقال: «استقرار اليوان وحزمة التحفيز الصينية أسهما بنسبة كبيرة في الاستقرار العالمي في أعقاب الأزمة لكن حان الوقت الآن وقد نما الاقتصاد الصيني بنسبة 12 في المائة أن تشرك الصين العالم في هذا النمو من خلال رفع سعر صرف عملتها».

وبحسب «رويترز»، أكدت وزارة التجارة الصينية على الفور معارضتها لرفع سعر اليوان. وقال متحدث باسم الوزارة إن واشنطن ليست محقة في قولها بأن بكين - بخفض سعر عملتها - تمنح الصادرات الصينية ميزة تنافسية غير عادلة، وتسهم بذلك في ارتفاع معدل البطالة الأميركي الذي يحوم حول العشرة في المائة. وقال مارك وليامز من «كابيتال إيكونوميكس» في لندن إن الضغوط المعتدلة على الأسعار في الصين تعني أن ليس هناك سببا اقتصاديا ملحّا يدفع بكين إلى رفع سعر صرف اليوان بعدما ربطته قرب 6.83 للدولار على مدى 21 شهرا. وأضاف: «لكن إعادة التوازن إلى الاقتصاد سوف يستفاد منه بصورة أفضل من قوة العملة على المدى البعيد». وتوقع وليامز أن يطرأ تغيير على أسعار الفائدة واليوان خلال الربع المقبل، لكن مع التركيز على المزايا قريبة المدى لصعود العملة وزيادة معدل الفائدة. وتابع وليامز في مذكرة يقول: «نتيجة لذلك سيكون إيقاع الحركة بطيئا». وتحاول بكين تهدئة سوق العقارات وخفض الضغوط التضخمية عن طريق فرض قيود على الإقراض المصرفي وسط مخاوف من حدوث أزمات مفاجئة في هذا القطاع وعجز المقترضين عن سداد الديون. ورفع صانعو السياسة حصص احتياطي البنوك مرتين هذا العام، مما يحد فعليا من المبالغ التي يمكن أن تقدمها هذه البنوك كقروض ورفعت معدلات الفائدة على السندات الحكومية لثلاثة أشهر وعام.