وزير الطاقة الأردني: نحول التحدي إلى فرصة بتطوير الوسائل البديلة والمحلية

قال لـ«الشرق الأوسط» إن الأردن يهدف إلى إنتاج 30 في المائة من الطاقة المحلية بحلول 2020

وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني خالد الإيراني («الشرق الأوسط»)
TT

يتخذ الأردن خطوات ملموسة لتطبيق استراتيجية وطنية تخص الطاقة لمواجهة تحد كبير وهو اعتماد الأردن على استيراد 96 في المائة من طاقته من الخارج. وبالإضافة إلى الاستفادة من مصادر طبيعية غير مطورة كليا في الوقت الراهن مثل مخزون اليورانيوم والصخر الزيتي، تبذل الحكومة جهودا في تطوير الطاقة المتجددة لتكون جزءا أساسيا من خليط الطاقة. ويشرف على تطبيق هذه الاستراتيجية وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني خالد الإيراني الذي تحدث في لقاء خاص مع «الشرق الأوسط» في واشنطن عن التحديات والفرص أمام الأردن، مشددا على أهمية الطاقة البديلة.

شرح الإيراني أن «الأردن قبل سنة ونصف السنة أعد استراتيجية تنظر إلى موضوع الطاقة بطريقة مختلفة، تحول التحدي بأن الأردن يستورد 96 في المائة من طاقته من الخارج إلى فرصة ليكون الأردن مركزا إقليميا ومركزا محليا لإنتاج الطاقة من الطاقة البديلة أو المتجددة وينوع مصادر الطاقة المنتجة محليا». وأضاف: «الأردن يستورد البترول والغاز من الخارج ولكن لديه قابلية كبيرة على تطوير الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية بما أن الأردن بموقع من الحزام الشمسي كما أن هناك مناطق واعدة بالنسبة إلى طاقة الرياح». ويذكر أن في الأردن القدرة الإنتاجية للكهرباء نحو 2700 ميغاوات ومن المتوقع بحلول العام 2020 أن تكون 5400 ميغاوات، ونسبة النمو في الطاقة الكهربائية 7.4 في المائة مما يستدعي مشاريع لتلبية الطلب. وبحسب استراتيجية الحكومة الأردنية، قال الإيراني إنه بحلول 2020 «سيكون 10 في المائة من الطاقة منتجة من المصادر المتجددة و14 في المائة من الصخر الزيتي و6 في المائة من الطاقة النووية». وأضاف: «بذلك سيكون 30 في المائة من خليط الطاقة منتجا محليا ويخفف من استهلاك البترول من 60 في المائة إلى 40 في المائة والباقي من الغاز».

وقد اصدر الأردن بداية العام الحالي قانونا جديدا لتشجيع الطاقة المتجددة ودعمها. وقال الوزير الأردني: «لقد أعددنا قانونا خاصا للطاقة المتجددة صدر قبل شهرين ويعطي حوافز للقطاع الخاص بالاستثمار بشكل كبير منها إعفاء من ضرائب الدخل والجمارك وغيرها، كما أسسنا من خلال هذا القانون صندوقا للطاقة المتجددة يدعم هذه المشاريع وقد حولت الحكومة الأردنية 30 مليون دولار لهذا الصندوق وهناك وعود من جهات مانحة لدعم هذا الصندوق». وأضاف أن «هيئة تنظيم قطاع الكهرباء ستعمل صيغة تسعير مختلفة حيث يكون الاستثمار في هذا القطاع مجديا اقتصاديا للقطاع الخاص». وبالإضافة إلى فرص الاستثمار، هناك دوافع مهمة لتطوير الطاقة المتجددة، إذ قال الإيراني: «هذا الاهتمام نتيجة حاجة اقتصادية مهمة، بالإضافة إلى أنها طاقة نظيفة وتخلق فرص عمل، كما أن إنتاج الطاقة محليا أمر أساسي لأمن تزويد الطاقة».

وهناك دور كبير للقطاع الخاص في مجال الطاقة في الأردن، ومن المتوقع أنه بحلول عام 2020 سيكون حجم الاستثمار في هذا القطاع 14 مليار دولار، خارجيا وداخليا في كافة القطاعات. وقال الوزير الأردني: «في قطاع الطاقة في الأردن، الأساس هو القطاع الخاص، إذ لم يعد للحكومة إلا محطة واحدة تنتج 700 ميغاوات والآن خطتنا في الوزارة خصخصة محطة التوليد هذه». وأضاف: «كل شركات توزيع الكهرباء شركات قطاع خاص ومصفاة البترول الأردنية هي شركة مساهمة عامة وبالتالي خطا قطاع الطاقة خطوات كبيرة للخصخصة وكافة المشاريع المستقبلية مع القطاع الخاص»، موضحا: «الحكومة تيسر وتعطي الحوافز ولكن الاستثمار من القطاع الخاص». واعتبر الإيراني أن «المنتدى الأردني - الأميركي للتجارة والاستثمار» الذي اختتم أعماله في الولايات المتحدة الأربعاء الماضي كان ناجحا «لأنه أتاح لنا للمرة الأولى فرصة للترويج لهذه الفرصة الاستثمارية، إذ كان الحضور كبيرا جدا وأول مرة اشعر بتفاعل بين قطاع العام الأردني والشركات التي يمكن أن تستثمر». وأضاف: «من الواضح وجود اهتمام كبير من المستثمرين والممولين والمطورين الأميركيين لمجال الطاقة والكثير من الذين حضروا يمثلون شبكات تمثل آلاف الشركات الأميركية، فصوتنا وصل من خلالهم إلى شركات كثيرة»، من المتوقع تطويرها في الفترة المقبلة.

وفيما يخص الصخر الزيتي، يعتبر الأردن من بين أكثر 4 دول في العالم لديها أكبر احتياطي للصخر الزيتي. وقال الإيراني: «لم يطور الصخر الزيتي بطريقة كبيرة لأن سعر برميل البترول يجعل استخراج الصخر الزيتي من دون جدوى اقتصادية ولكن الآن مع ازدياد سعر البرميل وتحديث التكنولوجيات واختراع تكنولوجيات حديثة في استخراج النفط من الصخر الزيتي أصبح مجديا اقتصاديا وبالتالي هناك شركات دولية مهتمة به». ولفت الإيراني إلى أن «شركة شل الدولية» وقعت اتفاقية امتياز لمنطقة كبيرة في الأردن لحقن الصخر الزيتي العميق واستخراج النفط منه. وأضاف أن الأردن «يفاوض الآن شركات كبيرة بتكنولوجيا استونية للصخر الزيتي الصطحي وإنتاج 35 ألف برميل يوميا بعد 4 إلى 5 سنوات، كما أن هناك عددا من الاتفاقيات مع شركات أخرى التي تطور تكنولوجيا الصخر الزيتي وهو واعد».

وهناك تطلعات إلى تطوير قطاع الغاز في الأردن بعد أن وقع اتفاقية مع شركة «بي بي» الدولية لاستكشاف الغاز وتوسيع الآبار الموجودة في الحقول الشرقية من الأردن. وأوضح الإيراني: «نتوقع الوصول خلال السنوات القليلة القادمة من 20 مليون قدم مكعب في اليوم إلى 50 مليونا وبعد هذه المرحلة توسيعها إلى كميات كبيرة إذا كان التطوير كما نتوقعه وتتوقعه شركة بي بي». ولدى الأردن فرصة أيضا في تطوير الطاقة النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية. وقال الإيراني: «مع وجود نسبة كبيرة من اليورانيوم يمكن أن نربط وجود اليورانيوم لإنتاج الكهرباء وبناء محطة طاقة نووية لإنتاج الكهرباء». وأضاف أن الطاقة النووية «ستأخذ وقتا أطول، إذ إن هناك حاجة لدراسة معمقة للموقع ولتقييم الأثر البيئي، وارى أن الطاقة المتجددة ستكون على وتر أسرع لأن حجم البناء فيها قليل ولا يأخذ الكثير من الوقت».

ومن المتوقع أن تكون خلال السنتين القادمتين هناك مشاريع طاقة متجددة على الأرض، أبرزها لتطوير طاقة الرياح. وهناك عدد من العطاءات والمشاريع في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح من المرتقب طرحها قريبا. وقد طرحت الحكومة الأردنية عطاء بـ90 ميغاوات لطاقة الرياح وقد تتوسع إلى 200 ميغاوات في منطقة الفجيج، وهناك 16 شركة مهتمة بالمشروع وسيطرح العطاء المتكامل خلال أسبوعين. ولفت الإيراني إلى أن «العمل الآن أيضا على كفاءة الطاقة، القانون الذي أعددناه ليس حول الطاقة المتجددة بل نحن مؤمنون بأن كفاءة الطاقة مصدر جديد للطاقة فإذا وفرنا 20 في المائة ذلك يعني توفير نحو 250 ميغاوات إضافية وهذا أمر مهم جدا».

وأضاف: «هناك شركات عالمية مثل «فستاس» مهتمة بطاقة الرياح، وقد زارنا رئيس «فستاس» وهي تنتج ثلث طاقة الرياح في العالم، وينتجون أكثر من 25 ألف ميغاوات في العالم وهو عشرة أضعاف نسبة الأردن وهم مهتمون جدا بالاستثمار في الأردن والوعد أن يكون منافسا جدا لأسعار الوقود الثقيل في المستقبل القريب». وهناك أيضا تطورات فيما يخص تكنولوجيا الطاقة الشمسية والتي تعتبر من مصادر الطاقة الواعدة في الأردن ومن ميزاتها أنها طاقة نظيفة ومتجددة. وقال الإيراني: «الآن مع تطوير التقنيات بدأت تنخفض التكلفة وتزداد الفرص لتطوير هذا القطاع»، مشيرا إلى أن «الكلفة تنخفض بنسبة 5 أو 6 في المائة بالسنة في إنتاج الطاقة الشمسية». وأضاف أن «إنتاج الكهرباء من خلال التسخين وطاقة البخار يحتاج عمالة، فإنتاج كل 50 ميغاوات يحتاج إلى 50 شخصا واليد العاملة متوفرة في الأردن ويمكن تدريب المهندسين عليه».

ويذكر أن قبل تسلمه منصب وزير الطاقة كان الإيراني وزيرا للبيئة بين عامي 2005 و2009، وكان منشغلا بتطوير قوانين وأنظمة لحماية البيئة. وقال الإيراني إن تلك الخبرة تساعده في عمله الآن. وقال الإيراني: «خبرتي في وزارة البيئة ساعدتني بشكل كبير، أولا خبرة من خلال وجودي في الحكومة وفهمي لنظام الحكومة والقوانين الحكومية ووجودي كوزير للبيئة في اللجنة الملكية لقطاع الطاقة أعطاني خبرة في موضوع الطاقة وكنت من المروجين للطاقة المتجددة في ذلك الوقت ولذلك عندما أصبحت وزيرا للطاقة أول أمر فعلته إصدار قانون الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة». وأضاف: «الاعتماد على الطاقة التقليدية ملوث ولكن لا يوجد له بديل آني في العالم ولكن ما أحاول عمله هو إدخال البيئة إلى هذا القطاع وتحسين المشتقات البيئية لهذا القطاع والتي لم نصلها بعد ولكن عندما نطرح عطاء للشريك الاستراتيجي أحد أهم الشروط التي وضعناها في اتفاقية حصرية لمصفاة البترول هو أن ندخل العنصر البيئي وبالمستويات المقبولة».

ولفت الوزير الأردني إلى أن تطوير الطاقة المتجددة «يعطي الأردن دورا إقليميا إذ إن الأردن في موقع يمكن له أن يصدر طاقة ويعطيها قيمة مضافة من خلال إنتاج الكهرباء وتصديرها إلى دول مجاورة». وأضاف: «هذا ما نعنيه عندما نقول إننا نحول التحدي إلى فرصة، من بلد يستورد الطاقة إلى بلد ممكن أن يصبح منتجا لبعض الأنواع من الطاقة خاصة الطاقة الكهربائية». وتابع أن هناك دورا إقليميا آخر هو في نقل الطاقة، «فالأردن على خط الغاز العربي وهناك أيضا مشاريع لنقل الغاز الآن إذ خط الغاز الآن يأتي من مصر ويذهب إلى سورية ولبنان ومن الممكن في المستقبل أن يأتي من العراق الغاز وأيضا يشبك مع هذا الخط العربي وبالتالي يكون الأردن مركزا إقليميا». ومن جانب آخر، لفت الإيراني إلى «التزامات الدول الأوروبية الآن مع مؤتمرات التغيير المناخي بتخفيض نسبة الانبعاثات بنسبة 20 في المائة وغيرها 30 و40 في المائة وذلك يأتي من خلال الاعتماد على المصادر المتجددة ومشروع البحر الأبيض المتوسط للطاقة الشمسية يمر أيضا من الأردن ويمكن للأردن أن يشبك مع هذا الخط ويبيع إلى أوروبا كهرباء منتجة من مصادر نظيفة وبالتالي يمكن لأوروبا أن تعزي هذا التخفيض نتيجة إنتاجها للطاقة النظيفة إذ إنها لا تملك الكثير من الشمس التي تملكه الأردن ويكن أن يساهم في تخفيض الالتزامات على أوروبا إذ إن الأردن جزء من الدول النامية التي ليس مطلوبا منها تخفيض الانبعاثات وبالتالي عندما ينتج الطاقة النظيفة يمكن أن يخفض هذه الالتزامات للدول الأوروبية». وتابع: «يمكن أيضا بيع الكربون، إذ التخفيض يحول إلى كميات كاربون كانت يمكن أن تنتج من مصادر ملوثة وبالتالي يستفيد الأردن نتيجة لبيع الكاربون».

وهذه العوامل كلها تساعد الأردن على اتخاذ موقع ريادي في المنطقة مع تحويل تحدي عدم امتلاك المصادر الطاقة الكبيرة إلى فرص للطاقة المتجددة والبديلة. ولكن هناك تحديات أمام تطوير هذا القطاع، ولم يخفها الإيراني، قائلا إن من بين التحديات «التمويل ولكن رأينا في منتدى الاستثمار هنا في الولايات المتحدة الكثير من الجهات مستعدة للتمويل وبتمويل طويل الأمد ونسب فوائد منخفضة، أما التحديات الأخرى فهي الأنظمة التي تدعم القانون إذ القانون وحده لا يكفي بالإضافة إلى تحديات في القدرات الفنية». ولفت الإيراني أيضا إلى «تحديات بكلفة الإنتاج التي ما زالت عالية إذا قارناها بالنفط وهذه تحتاج إلى دعم سياسي حتى يقبل هذه الكلفة الإضافية في البداية وحتى نصل إلى كميات تجارية تخفض هذه التكلفة». وأضاف: «ولو أنه في البدايات قد يكون سعر الكيلووات أعلى من تكلفته من الغاز أو من النفط ولكن نعتقد خلال السنوات القليلة القادمة سيتعادل هذا السعر ويكون منافسا». وتابع: «هذه تحديات نحاول معالجتها من خلال الحوافز والتمويل بفوائد قليلة ومن خلال التكنولوجيا من الدول المتقدمة والشركات الدولية المعنية في هذا المجال ونقل هذه الاستراتيجية إلى جامعاتنا وبناء القدرات المحلية في تصدير المعرفة من خلال المهندسين والمعنيين في هذا الموضوع». وعلى الرغم من أن التدريب ونقل التكنولوجية يحتاج إلى الوقت، إلا أن الإيراني شدد على أهمية خلق فرص العمل التي تتيح استراتيجية تطوير الطاقة البديلة والمتجددة المحلية. والنظر إلى الطاقة شاملا لدى الحكومة الأردنية التي تعمل على تطور وسائل النقل العام، وأوضح الإيراني أن «قطاع النقل من أكثر القطاعات التي تصرف الطاقة إذ 36 في المائة من استهلاك الطاقة يذهب إلى النقل وهذا مهم، لأن الأردن يستثمر بشكل كبير في النقل العام وقد بدأنا في بعض البلديات مثل أمانة عمان بالاستثمار في جلب القطاع الخاص وتقليل الاعتماد على السيارات».