مصر تصدر سندات دولارية بقيمة مليار ونصف المليار دولار

تمت تغطيتها أكثر من 6 مرات في الأسواق الأوروبية والأميركية

د. بطرس غالي
TT

أعلن الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية أن مصر أصدرت لأول مرة في تاريخها سندات دولارية سيادية طويلة الأجل في الأسواق المالية الأوروبية والأميركية، بقيمة نصف مليار دولار لمدة 30 عاما وبسعر فائدة 6.875 في المائة. كما أصدرت سندات سيادية أخرى بقيمة مليار دولار لمدة عشر سنوات وبسعر فائدة 5.75 في المائة. مشيرا إلى أن أسعار الفائدة على السندات المصدرة تماثل نظيرتها ذات الدرجة الاستثمارية.

وقال الوزير إن السند الأول تمت تغطيته 6 مرات، في حين تمت تغطية السند الثاني 10 أضعاف قيمته، معتبرا أن هذا بمثابة شهادة تقدير من المتعاملين في أسواق المال العالمية لأداء الاقتصاد المصري، وهي ثقة تماثل الثقة التي توليها أسواق المال العالمية لولاية كاليفورنيا الأميركية التي أصدرت مؤخرا سندات بسعر فائدة 5.64 لأجل 10 سنوات، على حد تعبيره. وأضاف أن الغرض من إصدار السندين هو جذب انتباه المستثمرين العالميين إلى الاقتصاد المصري حيث قيمت الأسواق المالية العالمية مخاطرة الاستثمار في مصر - من خلال أسعار فائدة منخفضة على السندات - بالدرجة «الاستثمارية»، وهو ما يعكس الثقة في الجدارة الائتمانية لمصر، الأمر الذي يسهم في جذب انتباه المستثمرين العالميين إلى الاستثمار في مصر، وبالتالي رفع معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر والنمو الاقتصادي. وقال إنه بمقارنة أسعار الفائدة على أجل عشر سنوات للسندات المصرية نجد أن ارتفاع تكلفة إصدار السندات في بلاد مثل باكستان والهند واليونان تعني تخوف الأسواق العالمية من قدرة هذه البلاد على الوفاء بالتزاماتها المالية، وعزوفها عن الاكتتاب في سنداتها وتفضيل الاستثمار في السندات ذات المخاطرة الأقل، الأمر الذي يعكس تخوفهم من الاستثمار فيها مما تسبب في رفع أسعار الفائدة على سنداتها، وهو ما يقلل من تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر في هذه البلاد ويرفع من تكلفة اقتراض القطاع الخاص وإمكانية توسيع عملياته وإيجاد فرص عمل.

ويرى غالي أن مخاطرة الاستثمار في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة تتساوى تقريبا مع مخاطرة الاستثمار في مصر، ومن ضمن مزايا الاقتصاد المصري التي حازت على ثقة الأسواق العالمية قوة القطاع الخارجي، حيث إن خدمة الدين الخارجي في الحدود الآمنة، كما يتمتع الميزان الجاري بفائض، إضافة إلى قوة الاقتصاد المصري وثبات معدلات النمو الاقتصادي وعدم اهتزاز الاقتصاد بالأزمة العالمية. وأضاف أن أسعار الفائدة التنافسية على السندات متوسطة وقصيرة الأجل معيار لاقتراض القطاع الخاص المصري من الأسواق العالمية بما يخفض تكلفة الاقتراض ويساعد على توسيع نطاق استثماراتهم، كما تصبح هذه الأسعار معيارا تستند عليه الشركات العالمية في تقييم مخاطرة الاستثمار في مصر واتخاذ قرار بشأن زيادة استثماراتها بما يفتح المجال أمام إيجاد عدد كبير من فرص العمل.

وتسعى الحكومة المصرية إلى رفع معدل النمو إلى 5.2 في المائة خلال العام المالي الحالي، وتقوم الحكومة بتنفيذ خطة التحفيز الاقتصادي التي تعتمد في تمويلها على الاقتراض الخارجي من خلال إصدار سندات، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع نسبة الدين العام للناتج المحلي الإجمالي. وأوضح غالي أن نسبة الدين العام للناتج المحلى الإجمالي في انخفاض مستمر، وستصل في الموازنة القادمة إلى 77.7 في المائة، بعد أن وصلت نسبته 100 في المائة في موازنة 2005/2006، وهذا سيؤدى إلى جذب المستثمرين الأجانب إلى مصر.

وتعول مصر على الاستثمار الأجنبي المباشر، في رفع معدلات النمو التي تتوقعها الحكومة أن تصل إلى 5.2 في المائة، إلا أن الكثير من الخبراء شككوا في وصول معدل النمو إلى المأمول. وقال تقرير حديث صادر عن «إتش سي» إن الاقتصاد المصري سيكون الأقل نموا مقارنة بدول الشرق الأوسط لاعتماده بشكل رئيسي على عوامل النمو الخارجية. وتوقع التقرير أن يتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر خلال العام المالي الحالي، مقارنة بالعام المالي الماضي، فخلال النصف الأول من العام المالي الحالي بلغ حجم الاستثمار الأجنبي المباشر 2.6 مليار دولار، وهو ما يعني أن الحكومة المصرية عليها جذب 7.4 مليار دولار خلال النصف الثاني من العام المالي الحالي، وهو ما وصفه التقرير بأنه غير ممكن الحدوث.

وكان بطرس غالي قد ذكر في تصريحات سابقة، أثناء استعراضه لمشروع موازنة 2010/2011 أمام اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى، أن قيمة العجز في الموازنة العامة للدولة لعام 2010/2011 يصل إلى نحو 106 مليارات جنيه بزيادة تبلغ 8 مليارات عن العام المالي الحالي، وكان العجز نحو 71 مليارا عام 2007/2008، ويتوقع أن تصل نسبة العجز للناتج المحلى الإجمالي في العام المالي 2011/2012 إلى 3.3 في المائة وهذه هي الحدود الآمنة كما وصفها.

وقال خبراء اقتصاديون لـ«الشرق الأوسط»، إن الهدف من إصدار السندات الدولارية هو حل مشكلة عجز الموازنة، وعجز الميزان التجاري، حيث إن السندات الدولارية توفر عملة صعبة تساعد الحكومة على استيراد السلع الاستراتيجية، وأشاروا إلى أن الأهم من إصدار السندات، هو الاستراتيجية التي يتم وضعها لسداد تلك السندات، حتى لا يكون هناك أزمة في وقت استحقاقها، ما قد يؤثر على التدفقات النقدية للدولة، فيجب أن تضع الحكومة في اعتبارها وهي تصدر سندات طويلة الأجل، معدلات التضخم المتوقعة، وأسعار الفائدة، وتدفقاتها النقدية المتوقعة.