رئيس «دويتشه بنك» لـ الشرق الأوسط»: دول الخليج لا تعاني مشكلة سيولة بل مشكلة ائتمان

هنري عزام: رؤوس أموال البنوك 250 مليار دولار مقابل مشاريع بنية تحتية تصل إلى تريليون دولار

المبالغ المخصصة لتطوير البنى التحتية تصل إلى نحو تريليون دولار (أ ب) و هنري عزام
TT

شدد الخبير الاقتصادي هنري عزام على أنه ليست هناك مشكلة سيولة في دول الخليج في الوقت الراهن بل مشكلة ائتمان، حيث إن البنوك ما زالت متشددة في عمليات الإقراض. وقال لـ«الشرق الأوسط»، على هامش أعمال ملتقى عمان الاقتصادي، « يبدو أن البنوك إما غير قادرة أو غير مستعدة لتوفير القروض، وهي ما زالت في مرحلة تقييم موجوداتها بعد. لكننا وفي المقابل نلاحظ أن الطلب على الائتمان ما زال ضعيفا، والسبب عدم لجوء الشركات والمؤسسات إلى تنفيذ أعمال توسعية جديدة. وأنا أدعو في هذا الإطار إلى إجبار وحث البنوك على رفع رؤوس أموالها».

وقال الرئيس التنفيذي لـ«دويتشه بنك» للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هنري عزام «إن هناك فجوة غير منطقية بين أداء الاقتصاد الكلي لدول الخليج وبين أداء الاقتصاد الجزئي. فالتوقعات لمعدلات النمو لدول الخليج هذا العام هي في حدود 3.5 و4 في المائة مقارنة مع أقل من 1 في المائة العام الماضي. وهذه تأتي مدعومة بأسعار نفط مرتفعة وثابتة وسياسات مالية توسعية وأسعار فائدة متدنية ربما تكون عند أدنى مستوياتها في السنوات القليلة الماضية وتراجع معدلات التضخم التي كانت سائدة قبل الأزمة. ولكن كل هذا لم يؤدِ إلى حدوث نشاط ائتماني، ربما لأن أسعار العقارات قد لا تكون وصلت إلى أدنى مستوياتها، والمستثمر لم يستعد بعد ثقته الكاملة، وبالتالي ليس هناك سوى قلة من أصحاب الشركات التي شرعت في خطط توسع جديدة، وهناك شيء من الجمود في أسواق الإصدارات الأولية للأسهم وصناديق الملكية الخاصة، التي تظل في وضع متحفظ جدا».

ولفت عزام إلى أن المبالغ المخصصة لتطوير مشاريع البنى التحتية في المنطقة تصل إلى نحو تريليون دولار وتتوزع على إنشاء مطارات وموانئ ومدن صناعية وغيرها «ولكن في المقابل إذا نظرنا إلى إجمالي رؤوس أموال البنوك الخليجية فهي لا تكفي لتمويل هذه المشاريع مجتمعة بحيث لا تزيد على 250 مليار دولار. إذن، يصعب على هذه البنوك أن تقدم التمويل المصرفي المطلوب ولذلك لا بد من حثها على زيادة رؤوس أموالها من جهة واللجوء إلى تجزئة المشاريع المطروحة وتعميق سوق السندات لتكون مجال التمويل البديل من جهة ثانية. فالبنوك والمؤسسات التمويلية العالمية كانت تملأ هذه الفجوة، ولكن اليوم اختلفت الصورة، مما يتطلب نشاطا أكبر من المؤسسات التمويلية العاملة في المنطقة».

ورأى عزام أن النطاق السعري الذي يتحرك في إطاره سعر برميل النفط حاليا يجعل دول الخليج في وضع مريح، وخاصة أن ما تم افتراضه في ميزانياتها هو أقل المبالغ المخصصة لتطوير مشاريع البنى التحتية في المنطقة بكثير من السعر الحالي، فالسعودية قدرت سعر البرميل بخمسة وأربعين دولارا في ميزانيتها، والإمارات وقطر بخمسة وخمسين دولارا، وهذا بالطبع سيساعد على تحقيق فائض أكبر في ميزانياتها وسيؤدي إلى ضخ المزيد من السيولة في النظام المصرفي عن طريق رفع شركات النفط الوطنية لودائعها لدى المصارف.

ولفت إلى عودة النشاط في أسواق السندات والصكوك في الفترة الأخيرة ولكن فقط للمؤسسات المالية والبنوك. وقال «إن إصدار هيئة كهرباء ومياه دبي كان بغاية الأهمية، حيث استطاعت الهيئة أن تصدر سندات لمدة 5 سنوات وبفائدة 8.5 في المائة ومن دون ضمان حكومي، وهذا يعني رسالة واضحة بالثقة من أسواق المال العالمية لدبي تؤكد أنها مستعدة لتوفير التمويل المطلوب إذا كان أداء الشركة جيدا وإذا كان السعر جاذبا. والأمر المهم هنا هو أن 85 في المائة من المكتتبين من خارج دول المنطقة».

وتوقع عزام أن يكون لارتفاع سعر صرف الدولار آثاره الإيجابية على اقتصادات دول الخليج مع ما يعنيه من تراجع في نسب التضخم وجذب للاستثمارات.

وإذ أكد الاقتصاد العالمي بدء التحسن وأن الأسوأ قد أصبح وراءنا، طرح سلسلة تساؤلات أساسية لاستشراف ملامح المرحلة المقبلة، «هل ستحل أزمة الديون السيادية مكان أزمة الديون العقارية العالمية؟ وهل دولنا أكثر جهوزية وقدرة على التعاطي مع الأزمات المقبلة؟ وهل هناك نظام للإنذار المبكر يساعد القائمين على السياسات النقدية بالتحسب للفقاعات قبل حدوثها؟».