فرنسا: منطقة اليورو تحتاج إلى الحزم مع اليونان.. وألمانيا تبدي تحفظا تجاه مساعدتها

اليمين اليوناني يتهم الحكومة بـ«اختيار» اللجوء إلى النقد الدولي

وزير مالية اليونان جورج باباكونستانتينوس عقب انتهاء مؤتمر صحافي في واشنطن أمس (رويترز)
TT

قالت وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاغارد إن مساعدة اليونان في التغلب على مشكلات ديونها أمر ضروري لاستقرار منطقة اليورو، لكن التكتل الأوروبي يحتاج إلى أن يكون أكثر حزما مع أعضائه إذا أراد منع الأزمات المستقبلية. ورضخت اليونان لضغوط هائلة من السوق المالية يوم الجمعة وناشدت شركاءها الأوروبيين وصندوق النقد الدولي تقديم قروض طارئة في إطار أول خطة إنقاذ مالي لدولة بمنطقة اليورو. وسألت صحيفة «جورنال دو ديمانش لاغارد» إن كان تقديم الدعم لليونان بدلا من التهديد بإخراجها من منطقة اليورو يعتبر من قبيل التساهل، فردت الوزيرة قائلة إنه يجمع بين «التساهل والتشدد الكبير. نريد الاستقرار لكن ذلك لا يمنعنا من أن نكون حازمين وسنحتاج لمتابعة النتائج بعناية كبيرة». وتتعين موافقة البرلمان الفرنسي على خطة الإنقاذ، وقالت لاغارد إنها تأمل أن يتفق النواب الفرنسيون معها في رؤيتها أن التضامن مع شريك يعاني من مشكلات لا يعني التساهل. وبحسب «رويترز» أضافت أن منطقة اليورو تحتاج إلى أن تكون أكثر صرامة في المستقبل للسيطرة على الأعضاء الأقل التزاما. وقالت الوزيرة للصحيفة الصادرة أمس «اليونان لم تحترم التزاماتها ويتضح ذلك في ضوء بياناتها غير الصحيحة وسياساتها الاقتصادية غير الملائمة. سنحتاج إلى آليات سيطرة أكثر صرامة للتأكد من أننا لن نسقط في هوة بلا قرار. وستكون هذه مهمة المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي». وأضافت أن الإفراج عن أموال المساعدة سيتم تدريجيا وفق احتياجات اليونان لضمان سدادها. وقالت «في حالة التأخر في السداد سنسارع بوضع القدم على المكابح».

من جهة أخرى، أبدى وزير المالية الألماني، فولفغانغ شويبله، تحفظا تجاه منح مساعدات لليونان لتجاوز أزمتها المالية الطاحنة في ظل العجز الكبير في الميزانية والارتفاع الضخم في حجم ديون أثينا.

ولم يستبعد الوزير الألماني في حديث مع صحيفة «بيلد إم زونتاغ» الصادرة أمس رفض طلب أثينا، وأوضح قائلا «الواقع أن الاتحاد الأوروبي والحكومة الألمانية لم يتخذا حتى الآن قرارا نهائيا حول تقديم مساعدات لليونان وهذا يعني أن الرد قد يكون إيجابيا أو سلبيا، كما أن الفيصل في الأمر هو مدى قدرة الحكومة اليونانية على مواصلة سياسة التقشف الحالية».

ورفض شويبله الانتقادات الموجهة ضد الحكومة الألمانية بأنها تجازف بأموال دافع الضرائب الألماني من خلال الموافقة على تقديم مساعدات مالية لليونان، وأكد الوزير أن المساعدة تتمثل في تقديم ضمانات قروض يصل حجمها إلى 8.4 مليار يورو.

وأوضح وزير المالية أن بلاده لن تقدم أي ضمانات قروض لأثينا إلا بعد التأكد من مواصلة حكومة اليونان لسياسة التقشف وخطوات إصلاح هياكل الاقتصاد الجاري التنسيق حولها بواسطة الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي.

واستبعد شويبله اتخاذ قرار حول تقديم مساعدات لليونان خلال الأيام المقبلة، وأضاف أنه وجه الدعوة اليوم الاثنين لرؤساء الكتل البرلمانية لحضور جلسة لإطلاعهم على تفاصيل الوضع وإتاحة الفرصة للبرلمان الألماني لاتخاذ قراره حول تقديم المساعدات لأثينا من عدمه.

ومن جانبه استبعد وزير الاقتصاد الألماني راينر برودرله أن تتخذ برلين وبروكسل قرارا بشأن الطلب الذي قدمته اليونان الجمعة الماضي للحصول على مساعدات مالية من البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، قبل 10 أيام.

وقال برودرله في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) على هامش مؤتمر الحزب الديمقراطي الحر في مدينة كولونيا السبت الماضي إن صندوق النقد الدولي هو الذي يتولى الآن الجانب الأهم والأكبر بحق طلب اليونان. وأضاف الوزير الألماني: «صندوق النقد الدولي يقوم بدور محوري».

ورأى برودرله أنه يتعين على المسؤولين في اليونان أن يقدموا خطة محدثة بشأن سبل إقرار الوضع الاقتصادي في بلادهم لعامي 2011 و2012.

وكانت الحكومة الألمانية قد أكدت استعدادها للمسارعة في تقديم مساعدة مالية لليونان غير أنها حددت شروطا صارمة للموافقة على منح اليونان ضمانات القروض. وتلاقي مساعدة اليونان معارضة شديدة في ألمانيا، وشددت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي تواجه انتخابات إقليمية في التاسع من مايو (أيار) على أن اليونان لن تحصل على مساعدة إلا إذا اتخذت خطوات إضافية لخفض عجز الميزانية الذي قفز العام الماضي إلى 13.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وقال شويبله «برنامج صارم لإعادة الهيكلة» خلال السنوات المقبلة هو أمر «لا سبيل لاجتنابه وشرط مسبق أساسي» إذا أرادت اليونان أن يوافق الاتحاد الأوروبي على طلب المساعدة الذي قدمته. لكنه أوضح أيضا أن ألمانيا عليها أن تكون مستعدة لدعم اليونان لضمان استقرار العملة الموحدة. وقال «نحن ندافع عن استقرار اليورو لأن ألمانيا تستفيد (من العملة) على الأقل بقدر استفادة الآخرين. لذلك فمساعدة اليونان ليست إهدارا لأموال دافعي الضرائب لكنها خطوة تستند إلى مصالح ألمانيا الأساسية.

من جهة أخرى، اتهم زعيم المعارضة المحافظة اندونيس سامراس أمس الأحد الحكومة اليونانية الاشتراكية بأنها «اختارت» اللجوء إلى صندوق النقد الدولي لمساعدة اليونان في الخروج من أزمتها المالية غير المسبوقة. وقال سامراس في خطاب ألقاه في كالاماتا (جنوب) نقلته وكالة الأنباء الوطنية إن «حزب باسوك (الاشتراكي الحاكم) يكذب عندما يؤكد أنه أرغم على اللجوء إلى صندوق النقد، لم يرغم على ذلك بل اختاره. لقد جعل هذا الأمر حتميا وهو يتحمل المسؤولية بالكامل». وأكد معارضته لتدخل صندوق النقد الدولي، موضحا أن «صندوق النقد سيفرض علينا تدابير جديدة لا يمكن لاقتصادنا ولا لمجتمعنا تحملها». واتهم أيضا الحكومة بـ«ارتكاب كل ما أمكنها من أخطاء وقول كل ما أمكنها من أكاذيب». وأضاف أن الحكومة ورثت «أزمة عجز في الموازنة مثل تلك التي تشهدها جميع الدول الأوروبية. وخلال أشهر نشأت أزمة فريدة من نوعها في العالم» أدت إلى تدخل صندوق النقد. وتابع «أسهم ذلك في إحداث بلبلة في الأسواق. انعدام ثقة ناجم عن سوء إدارة الحكومة». وأقر سامراس بأن الحكومة المحافظة السابقة ارتكبت «أخطاء خطيرة». وأوضح «علينا بسبب كل ذلك أن نطلب المغفرة من أنصارنا وناخبينا ومن الشعب اليوناني». وقال المتحدث باسم الحكومة جورج بيتالوتيس في بيان، إن الحكومات اليمينية «لم ترتكب أخطاء بل جرائم حقيقية أدت بالاقتصاد اليوناني إلى الوضع الذي هو عليه اليوم». وأكد أن الحكومات المحافظة التي تزعمها كوستاس كرمنليس اقترضت 120 مليار يورو بين عامي 2004 و2009 في حين بلغت القيمة الإجمالية لقروض الدولة اليونانية بين عامي 1830 و2004، 180 مليار يورو.