من يتكفل بالمنقطعين بسبب «بركان آيسلندا»

سعود الأحمد

TT

عندما تحدث اضطرابات أمنية في أي بلد، جراء الحروب والانقلابات السياسية والمظاهرات، أو عندما يضرب عمال المطارات عن العمل.. كما يحصل في عدد من دول العالم، أو عندما تحصل عواصف وفيضانات ومشكلات في الأحوال الجوية وتشل على أثرها حركة الرحلات الجوية.. كما حصل في دول شرق آسيا.. جراء إعصار «تسونامي»، أو بسبب رداءة الأحوال الجوية.. كما حصل مؤخرا في أوروبا جراء ثوران البركان الآيسلندي «أيافيول»، ينقطع أناس خارج بلادهم.

ولست أتحدث عن من يدفع فاتورة خسائر مثل هذه الكوارث الطبيعية، لكن السؤال هنا: عندما تحصل مثل هذه الحوادث، وبالأخص في المناطق السياحية، من الذي يصرف على المسافرين المنقطعين بعيدا عن بلادهم؟! ماذا يصنع المسافر في بلد ليس فيه سفارة لبلاده، ومن سيتكفل به؟! فلا هو فقير ليشحذ مثل باقي فقراء البلد! ولا هو غني سائح، ليعيش بكرامته ويسكن في فندق ويأكل في المطاعم ويتسوق ويصرف كما هي الحال خلال فترة سفره! وهنا قد يقول قائل: «لماذا لا يصرف من بطاقته الائتمانية أو يستدين من أحد؟». والجواب: «ليس كل مسافر لديه بطاقة ائتمانية بها رصيد يمكن السحب منه! وليس كل مسافر لديه من يقرضه ويرسل له الحوالات البنكية ليصرف منها ثم يسددها بعد أن يعود!». والمشكلة، أن المسألة ليست محدودة بزمن؛ فبركان آيسلندا «أيافيول» وهو الثاني في آيسلندا في أقل من شهر.. أدى إلى ذوبان جزء كبير من الكتل الجليدية مما تسبب في فيضان ضخم وأرغم نحو 800 شخص على ترك منازلهم، وغطى الأجواء بغيمة من الرماد البركاني أدت إلى إغلاق معظم مطارات مدن أوروبا وعطل عشرات آلاف المسافرين، وانقطع بهم السفر بعيدا عن أوطانهم وأسرهم ومصالحهم. حيث لم تُجد مناشدات ذوي المسافرين مع شركات الخطوط الجوية التي جاؤوا عليها، ولم تفلح الرسائل والاتصالات مع المنظمة الأوروبية للملاحة الجوية «أوروكنترول».. التي اعتبرت ما حصل كارثة طبيعية، لا يمكنها تعويض المسافرين عن التأخير الذي تسببت فيه، أو تأمين سكن ووجبات أكل وشرب ومصاريف علاج لهم خلال فترة احتجازهم. ومثل هذه القضية يتكرر حدوثها ويتضرر منها كثير من الناس على مستوى العالم.. وتحتاج إلى أن يوضع لها حل عملي؛ ومن ذلك أن تتحمل البنوك المسؤولية، بحيث يتحمل كل بنك مسؤولية تمويل عميله بقرض لا يتجاوز حاجته لسكنه وطعامه وتنقلاته ومصروفاته النثرية خلال فترة احتجازه القهرية، كمصروف يومي يحدد من قبل الدولة التي حصلت فيها الكارثة أو من المنظمات الإنسانية القريبة منها، ويدفع بواسطة أقرب بنك من الدولة التي فيها الكارثة، على أن يقوم العميل بسداد هذا القرض لاحقا للبنك الذي يتعامل معه؛ إما بفوائد رمزية طويلة الأجل، أو يعتبر قرضا حسنا (بلا فوائد) من باب مشاركة البنوك في المسؤولية الاجتماعية. والقضية تحتاج إلى أن تتبناها المنظمة الدولية لحقوق الإنسان، أو أي فرع من منظمة دولية لها علاقة بمعالجة مثل هذه المشكلة.

* كاتب ومحلل مالي