مجموعة العشرين مستعدة لرصد 200 مليار دولار لدعم اليونان والبرتغال وإسبانيا

لشبونة تستعد لفرض ضرائب وتجميد الأجور لتقليص العجز

تراجع مستوى الأسهم نقطة واحدة في إسبانيا (أ.ب)
TT

دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما قادة أوروبا إلى التعجيل بالمساعدات التي تم إقراراها لليونان، بينما لا يزال التفاوض جاريا بين أثينا والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي حول حجم وشروط المساعدات. وحث الرئيس الأميركي من خلال اتصال هاتفي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، على الحاجة إلى حل سريع لأزمة الديون اليونانية. وأكد أهمية تصميم اليونان على القيام بإجراءات أكثر صرامة تتزامن مع الدعم من قبل صندوق النقد وأوروبا للتعامل مع الصعوبات التي تواجهها أثينا.

من جانبه، وصف رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو أزمة الديون في بلاده بالحريق الصغير، وقال باباندريو في ندوة اقتصادية إن عامل الزمن حاسم في مواجهة الأزمة، وذكر أنه لا يمكن ترك حريق صغير يفلت من المراقبة. قال رئيس الوزراء اليوناني: «أقول حريقا صغيرا، لأن اليونان ليس سوى 2 إلى 3 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي للاتحاد الأوروبي، وسوف يكون هذا الحريق هداما وخطيرا، وقد يصبح كارثيا على الاتحاد الأوروبي والعالم».

في الوقت نفسه، استبعد مسؤولون في المفوضية الأوروبية إجراء أي محادثات لإعادة هيكلة ديون اليونان التي بلغت 115 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي 2009، ومن المتوقع أن ترتفع على نحو أكبر، فيما تصارع أثينا لكبح جماح العجز الهائل في ميزانيتها، ووجهه وزير المالية رسالة إلى المواطنين بعدم القلق والذعر، وأن ودائعهم في البنوك اليونانية آمنة.

من جهتها، بدأت دول مجموعة العشرين مشاورات مغلقة حول الأزمة المالية التي تشهدها اليونان، التي قد تتمخض عنها أزمة هيكلية لمنطقة اليورو برمتها، بل وللسوق المالية العالمية. وذكرت مصادر أن الخبراء يناقشون احتمال استخدام الصندوق الاحتياطي الخاص الذي أنشأته مجموعة العشرين مؤخرا في إطار صندوق النقد الدولي، بحجم مبالغ تصل إلى 750 مليار دولار. والمعروف أنه كان من المخطط سابقا رصد هذه الأموال لدعم اقتصاديات أفقر دول العالم، غير أن مجموعة العشرين مستعدة الآن لرصد نحو 200 مليار دولار من هذه الأموال لتقديم الدعم لكل من اليونان والبرتغال وإسبانيا.

ولكن في بادرة لإنهاء مماطلة يد العون الألماني لمساعدة اليونان، صرح أمس (الخميس) رئيس البنك المركزي الألماني أكسل فيبر بأن تقديم مساعدة لليونان هو في نهاية المطاف الطريقة المثلى لتجنب انتقال عدوى مديونيتها إلى بلدان أخرى في منطقة اليورو.

وذكر المسؤول الألماني أن انعكاسات السماح بإفلاس اليونان «لا يمكن حسبانها»، مشددا على أن طرد اليونان من منطقة اليورو «ليس ممكنا قانونيا»، وأشار إلى أن إقرار إجراءات تقشفية صارمة في هذا البلد لن تكون سهلة بالتأكيد، لكنها ستكون مقبولة أكثر من مغادرة منطقة اليورو، وأعرب عن اعتقاده أنه على المصارف يجب أن تسهم في عملية الإنقاذ.

تجدر الإشارة إلى أن تأزم الوضع المالي لليونان أدى إلى ارتفاع نسبة الفوائد على السندات اليونانية في السوق إلى 8.9 في المائة، وهي نسبة تدق ناقوس الخطر. وجاءت هذه التطورات بعد أن أعلن رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو عن طلبه للمساعدات الطارئة من المجموعة الأوروبية وصندوق النقد الدولي، وقال إن حكومته سوف تعتمد على هذه المساعدات ما تبقى من العام.

ووفقا لتقارير مكتب الإحصاء الأوروبي، فإن العجز في الموازنة اليونانية بلغ 13.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2009، وهو أعلى مما كان يعتقد سابقا، ومن المتوقع أن يوفر صندوق النقد الدولي 15 مليار دولار لليونان إضافة إلى 40 مليار دولار تعهدت بها دول اليورو.

من ناحية أخرى تتصاعد المخاوف داخل الأوساط والدوائر الأوروبية المختلفة، من انتقال عدوى الأزمة المالية من اليونان إلى البرتغال، حيث تعهدت لشبونة ببذل جهودها لتقليص عجزها المالي. يأتي ذلك بعد أن قامت شركة «استاندر أند بوور» العالمية لتصنيف الأوراق المالية بخفض التصنيف الائتماني للبرتغال الذي تراجع بنقطتين إلى مستوى «إي سلبي» الأمر الذي تسبب في تراجع بورصة لشبونة، فيما تعرضت إسبانيا نفسها إلى تراجع بمستوى نقطة واحدة. ووعد المسؤولون في البرتغال، بتقليص عجز الميزان التجاري بنحو 3 في المائة من الناتج المحلي الخام، بزيادة الضرائب على أصحاب الدخل المرتفع، وإزالة الإعفاء الضريبي، وتجميد أجور الموظفين. ويقول المسؤولون إن الوقت مناسب لمواجهة هجوم الأسواق المالية، مبينين أن الوضع المالي يختلف عن اليونان، لأن مستوى الدين العام في البرتغال هو أقل. وقال خوزي سوكراتس رئيس الوزراء البرتغالي «لقد اتفقنا بأن نعمل معا ضد المضاربات وأن نجد أفضل الطرق لمعالجة الوضع الراهن». وكانت السندات المالية للشركات اليونانية والبرتغالية سجلت أكبر خسائر مالية لها منذ عام 2008. ويقول المحلل المالي ديفيد شناوتز «بحسب وضع السوق في الوقت الراهن هناك تخوف واضح من أن اليونان ليست وحدها المعنية، وإنما ستكون البرتغال الهدف القادم باعتبارها الحلقة الأضعف من السلسلة».

وخلال مؤتمر صحافي على هامش قمة الاتحاد الأوروبي - اليابان، قال فان رومبوي إن المفاوضات بين المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي «تتواصل». وأضاف «أنها على الطريق الصحيح وليس واردا هيكلة الديون»، متفقا بذلك مع الموقف الذي أعلنه العديد من المسؤولين الأوروبيين خلال الأيام القليلة الماضية. من جانبه أكد رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي في طوكيو أنه «ليس واردا هيكلة ديون» اليونان وأنه سيدعو إلى قمة لدول منطقة اليورو «لبحث الأزمة اليونانية». وأضاف «استنادا إلى تقرير سينجز خلال الأيام المقبلة، سيقرر رؤساء الدول والحكومات تفعيل تسديد المساعدة الجاري بحثها حاليا بين المفوضية الأوروبية والمصرف المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وطبعا الحكومة اليونانية».