مسح «الشرق الأوسط»: الذهب سيواصل ارتفاعه متخطيا حاجز 1300 دولار خلال عام

أزمة الملف النووي الإيراني وديون اليونان سببان رئيسيان لارتفاع الأسعار

TT

كشف مسح أجرته «الشرق الأوسط»، شمل 25 شخصية من التجار والمختصين والخبراء العاملين في قطاع الذهب، أن يشهد العام الحالي والأشهر الأولى من عام 2011 ارتفاع الذهب إلى أعلى مستوياته، متأثرا بارتفاع الإقبال عليه كاستثمار قليل المخاطر بدفع من أزمات اقتصادية وسياسية متوقعة في المنطقة وأوروبا. ورجح 20 ممن استطلعت آراؤهم أن يصل الذهب إلى مستويات قياسية خلال العام الحالي ليحقق قيمة وسطية تقترب من 1300 دولار للأونصة، فيما توقع 3 من الذين استطلعت آراؤهم أن يشهد الذهب تراجعا لأقل من 1000 دولار للأونصة مع نهاية النصف الأول من 2011، فيما لم تستبعد نسبة صغيرة من المستطلعين أن يخترق الذهب حاجز 1500 دولار للأونصة متأثرا بأزمة ما، لأمر الذي لم يستبعده أحد على اعتبار أن «كل شيء وارد».

وفي حين أن عشرين شخصية من مجموع من شملهم مسح «الشرق الأوسط» رجحوا ارتفاعا في سعر الأونصة باتجاه 1300 دولار خلال العام الحالي، إلا أن معظم الآراء ربطت هذا الارتفاع القياسي المتوقع بتراجع تدريجي قد يبدأ مع نهاية النصف الأول من 2011 ويعود بالذهب إلى مستويات 1100 دولار.

ويقول طارق مدقة، المدير العام لمجموعة «كالوتي» للمجوهرات إحدى الشركات المتخصصة بتجارة الذهب، إن الذهب لن يتجاوز حاجز 1300 دولار للأونصة، «لأن ارتفاع أسعار الذهب عمليا مرتبط بارتفاع حجم الطلب عليه في الأزمات على اعتبار أنه – وكما هو متعارف عليه - الملاذ الآمن في الأزمات»، وقياسا على ذلك من وجهة نظر مدقة، فإن الوضع المالي العالمي العام أصبح أفضل وهذا سيدفع الناس تدريجيا للعزوف عن الاستثمار في شراء الذهب وسيتحولون إلى البيع، لكن مدقة يشير إلى أن هذا الأمر بحاجة إلى مدة ليست بالقصيرة، قد تحتاج إلى أربع سنوات لكنه يلفت إلى أن العام القادم سيشهد انخفاضا تدريجيا في أسعار الذهب الحالية «فبعد الصعود هبوط.. وأعتقد أننا تجاوزنا مرحلة التوتر في الأسواق».

أيضا، يتوقع وصفي أمين رئيس مجلس إدارة مصنع «كريستيان ديور» للذهب، في مصر أن يصل سعر الذهب إلى 1300 دولار في غضون العام الحالي، ويربط أمين هذا الارتفاع باستمرار الأوضاع السياسية المتوترة في المنطقة، وتحديدا الوضع السياسي المتوتر حول إيران والحديث عن عقوبات جديدة عليها، ويذهب أمين للقول إن «توتر الأجواء السياسية بشكل متسارع في المنطقة قد يرفع أسعار الذهب إلى مستوى 1300 خلال الأشهر القليلة القادمة، مشيرا إلى أن الوضع الحالي غير طبيعي «وأتوقع أن يشهد العام القادم تصحيحا للأسعار من خلال انخفاض الأسعار لتصل إلى 1000 دولار». وكان لافتا من خلال تكرار السؤال توافق معظم من استطلعت آراؤهم على سعر 1300 دولار مع توقعات بأن تشهد الأسعار بداية انخفاض تدريجي خلال العام القادم. ويرجح هاريش باوني، المدير العام لشركة «بن سبت دبي» للمجوهرات صعود أسواق الذهب إلى 1300 دولار دون صعوبة تذكر خلال العام الحالي وبداية العام القادم، مدفوعة بالأزمة الإيرانية وما قد تشكله من تأثير على حركة الاستيراد والتصدير، والأزمة اليونانية وما قد يلحق بها من أزمات في دول أوروبية أخرى كإسبانيا. وفيما توقع سيد صالح، المدير العالم لـ«مصر للذهب»، أن يصل الذهب إلى 1300 درهم قبل نهاية النصف الأول من العام القادم، لم يستبعد محمد حسن الزبير المدير العام لمصفاة «الغيث للذهب» أن يصل الذهب إلى 1300 درهم حتى منتصف العام القادم فيما قد يخترق حاجز 1500 دولار مع نهاية 2011 مدفوعا بلجوء الكثير من المستثمرين للاستثمار في الذهب لحفظ أموالهم «وبالتالي سترتفع الأسعار تبعا لذلك»، بدعم من الطلب العالي ونقص الإمداد من المناجم والخوف المتصاعد من فشل الحكومات في تسديد التزاماتها كما يحدث مع اليونان والحديث عن دول أوروبية أخرى قد تعيد سيناريو اليونان، ويلفت الزبير إلى أن هذه التوقعات قد تكون تدريجية خلال النصف الأول من العام القادم.

ويبدو واضحا من خلال نتائج المسح أن أمرين أساسيين يخيمان على أسعار الذهب ويدفعان إلى القلق من تذبذب أسعاره: الأمر الأول هو حرب على إيران أو فرض عقوبات عليها، والأمر الثاني أزمة اليونان وقدرتها على تسديد التزاماتها والخشية من إعلان دول أوروبية أخرى عن أزمات مشابهة، وهو ما يقلق العالم خلال الفترة الراهنة. أما صالح المحفوظ، عضو لجنة الذهب والمجوهرات في غرفة تجارة وصناعة جدة، فيضيف سببا آخر يتمثل في المضاربة التي تسببت في تضرر أعداد كبيرة من المستثمرين في القطاع، مشيرا إلى أن الإقبال على الذهب سبب رئيسي ولكن عملية المضاربات «التي لا تحكمها ضوابط سبب رئيسي في رفع الذهب مستقبلا إلى 1300 دولار للأونصة».

وعلى الرغم من أن سوق الذهب كانت أكثر نشاطا خلال الربع الأول من العام الحالي وفقا لمن استطلعت آراؤهم، فإن السوق لا تزال متعبة وفقا لناصر العامري رئيس مجلس إدارة «مصاغ» في السعودية، متوقعا أن يصل الذهب إلى مستوى 1250 دولارا بدفع من أزمات المنطقة، كما يتوقع العامري أن يعود الذهب ليخضع لعملية تصحيح مع نهاية 2011 تهبط به إلى مستويات 1050 دولارا.

وتأرجح الذهب بين 1125 دولارا و1184 دولارا خلال أبريل (نيسان) الماضي، ويتوقع أيمن الحفار المدير العام التنفيذي لشركة «لازوردي» للمجوهرات أن يستمر الذهب في الصعود ليصل إلى 1250 دولارا، ولكنه سيغلق نزولا وفقا لما يقوله، أما الارتفاع المتوقع فمرتبط برأيه بعوامل اقتصادية كاحتمال أن تقوم جهات مالية بالاستثمار في الذهب بسبب أزمات اقتصادية كاليونان وأزمات سياسة كإيران، «وهو السبب الذي سيجعل سعر الذهب يصعد خلال الربع الثالث من العام الحالي، ليعود الذهب إلى مستويات 1050 على المدى الطويل بعد أن تزول المخاطر». ويبدو أن القلق الذي ولدته أزمة ديون دبي، التي ساعدت في الآونة الأخيرة في رفع أسعار الذهب، بالإضافة إلى شراء البنوك المركزية كميات كبيرة من الذهب لم تعد الأسباب الوحيدة التي تدفع المعدن الأصفر للتحليق، حيث يرى معاذ بركات المختص بتجارة الذهب أنه «معدن المصائب، وأي مشكلة في العالم يمكن أن تدفع الذهب إلى الارتفاع، ولا يمكن المفاضلة بين درجة تأثير اضطراب متوقع وآخر، فضربة عسكرية على إيران ستؤثر كما سيؤثر فرض عقوبات على إيران أيضا، لأن الناس ستميل إلى الابتعاد عن الأموال النقدية، كما أن أزمة اليونان واحتمال أن تعلن دول أوروبية أخرى كإسبانيا عن أزمات ديون ستكون كفيلة بدفع الذهب إلى مزيد من الارتفاع. كما أن ضعف سعر الدولار المستعمل في تقييم الذهب ساعد في زيادة الإقبال على الشراء، مما جعل الذهب استثمارا مغريا».

يشار إلى أن الاستطلاع الذي أجرته «الشرق الأوسط» من خلال المقابلات الشخصية شمل 25 شخصية متخصصة بقطاع الذهب تنوعت بين أصحاب شركات ومديرين ورؤساء تنفيذيين وخبراء.