العراق يعلن عن جولة تراخيص ثالثة لاستثمار 3 حقول للغاز

تقدير خسائر العراق من عدم استغلال الغاز بـ70 مليار دولار سنويا

يبلغ الاحتياطي العراقي المؤكد من الغاز الطبيعي 112 تريليون قدم مكعب (أ.ب)
TT

أعلن وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني أن جولة التراخيص الثالثة والخاصة باستثمار الحقول الغازية ستبدأ اعتبارا من الأول من يونيو (حزيران) لحين الأول من سبتمبر (أيلول) المقبلين، وهو موعد إحالة عقود هذه الحقول على الشركات العالمية، مؤكدا أن: «هذه العقود هي عقود خدمة وليست مشاركة وستكون تحت سيطرة الجانب العراقي».

وأضاف في مؤتمر صحافي عقده أمس في مقر الوزارة أن «الحاجة الماسة إلى توليد الطاقة الكهربائية وتلبية ما يحتاجه البلد ورغبته في أن يكون من الدول المصدرة للغاز، دفعتنا للإعلان عن جولة التراخيص الثالثة لاستثمار الحقول الغازية لنتمكن من توفير الطاقة الكهربائية بأسرع وقت ممكن»، موضحا أن «العراق حقق في جولات التراخيص الأولى نجاحات كبيرة، ليس فقط لأنه سيقف في مقدمة الدول المصدرة، لكن باعتبار أن العقود التي أنجزها مع الشركات العالمية كانت عقود خدمة وليست مشاركة، وهذا يعني أن موارد الثروة النفطية هي ملك للشعب العراقي وستبقى تحت السيطرة الوطنية، أي هي ليست تقاسما بين العراق وهذه الشركات».

وكانت وزارة الكهرباء العراقية وقعت في نهاية عام 2008 عقدا مع شركة «جنرال إلكتريك» الأميركية لتجهيز العراق بـ 56 وحدة توليدية كاملة بسعة سبعة آلاف ميغاوات، فضلا عن عقد آخر مع شركة «سيمنس» الألمانية لتجهيز 16 وحدة كبيرة بسعة أكثر من ثلاثة آلاف ميغاوات من المؤمل إنجازها نهاية عام 2011. وتصل حاجة العراق الكلية إلى ما يقرب من الـ14 ألف ميغاوات ينتج منها ما بين 7 - 8 ميغاوات وهناك عقود استيراد طاقة من إيران بحجم 2500 ميغاوات. وأكد الشهرستاني أن «جولة التراخيص الثالثة تتضمن ثلاثة حقول غازية هي حقل عكاظ في الأنبار جنوب غربي القائم ويبلغ طوله 50 كيلومترا وتم اكتشافه عام 1992، والمخزون الغازي المتوقع في هذا الحقل يبلغ 5.6 تريليون قدم مكعب قياسي وفيه 6 آبار محفورة في هذا الحقل». مشيرا إلى أن «الحقل الغازي الثاني الذي أعلنت عنه الوزارة من أجل استثماره هو حقل المنصورية الذي يقع في محافظة ديالى، وتم اكتشافه عام 1979 والمخزون المقدر له يبلغ 4.5 تريليون متر مكعب قياسي، ويبلغ عدد الآبار المحفورة في هذا الحقل 4 آبار».

وذكر وزير النفط العراقي أن «الحقل الغازي الثالث الذي سيتم استثماره هو حقل سيبه، والذي يقع في البصرة قرب الحدود الإيرانية والكويتية، ويبلغ طوله 45 كم وعرضه 6 كم، وتم اكتشافه عام 1968 والطاقة المقدرة المخزونة فيه تقدر بـ 1.10 تريليون قدم مكعب قياسي، ويبلغ عدد الآبار المحفورة فيه 3 آبار»، كاشفا عن أن الشركات التي ستدعى للمشاركة في هذه الجولة هي الشركات ذاتها التي شاركت في جولتي التراخيص الأولى والثانية؛ لأنها مستكملة للشروط والمواصفات العالمية والتي يبلغ عددها 45 شركة عالمية، كما أن العراق سيتخذ المعايير التي تم الأخذ بها في الجولات السابقة».

وأعرب الشهرستاني عن أمله في أن تشهد الجولة الثالثة تنافسا كبيرا بين الشركات العالمية، كما يأمل العراق أن يحصل على عروض تنافسية جديدة مثلما حصل عليها في جولتي التراخيص الأولى والثانية.

وحول عقود الاستثمار في الحقول النفطية مع شركة «شل» أوضح أن «المناقشات بين وزارة النفط وشركة (شل) التي استثمرت حقول الرميلة والزبير وغرب القرنة / المرحلة الأولى، تم الانتهاء منها وتمت إحالتها إلى لجنة الطاقة التي شكلها مجلس الوزراء، وفي حالة الموافقة عليها سنمضي بالتوقيع عليها في أقرب وقت ممكن».

وعن المفاوضات التي تجريها وزارة النفط مع حكومة إقليم كردستان، قال: «إن الوزارة اتفقت على تسليم جميع ما ينتج من نفط كردستان إلى شركة التسويق (سومو) عبر منظومة التصدير الوطنية، وستتحمل الحكومة العراقية جميع التكلفة المادية الحقيقية لاستخراج النفط بالإقليم».

وانتقد الشهرستاني «إصرار دولة الكويت على أن يدفع العراق جميع التعويضات المادية، والبالغة خمسة في المائة من الواردات النفطية» مبينا أن كل التعويضات في العالم لم تدفع مثلما دفع العراق للكويت، حسب قوله، مشيرا إلى أن العراق يجري مفاوضات مع الأمم المتحدة من أجل إيجاد حل لهذه المسألة.

وكان العراق قد ألزم الشركات الأجنبية التي فازت بعقود ضمن الجولتين الأولى والثانية، بمنع حرق أي كمية من الغاز المصاحب للنفط، كما ستلزم ببناء منشآت لتصنيع الغاز المصاحب، وتسليمه للعراق من دون مقابل، مبينا أن ما يقرب من 70 في المائة من الغاز الذي ينبعث مع عملية استخراج النفط، يحرق يوميا في العراق من غير الإفادة منه، كما أنه يلحق أضرارا ببيئة كبيرة.

وكانت وزارة النفط العراقية قد عرضت ضمن جولة التراخيص الأولى حقلين للغاز للتطوير، وهما حقل المنصورية في محافظة ديالى، وحقل عكاز في محافظة الأنبار، إلا أن أيا من الشركات العالمية لم تتقدم لتطويرهما بسبب الأوضاع الأمنية المتردية في المحافظتين.

ويبلغ الاحتياطي العراقي المؤكد من الغاز الطبيعي، 112 تريليون قدم مكعب مما يجعل العراق في المرتبة العاشرة من بين دول العالم الغنية بالغاز الطبيعي، إلا أن صناعة الغاز الطبيعي في العراق، لا تزال متخلفة مقارنة بجيرانه من الدول الخليجية، إذ يتم حرق جميع كميات الغاز المصاحبة لعملية استخراج النفط بسبب افتقار العراق للإمكانيات التقنية لاستثماره. خبراء نفط عراقيون أكدوا في دراسة لهم أنه وعلى الرغم من ضآلة حجم مشاركتها بإيرادات الموازنة العراقية، فإن الثروة الغازية العراقية غير المستغلة حتى اليوم لا تقل في أهميتها عن ثروته النفطية، والتي في حال استثمارها بشكل صحيح فإنها قادرة على تشغيل جميع المحطات الكهربائية فضلا عن تصدير الفائض إلى الدول الأوروبية. ويقدر المختصون خسائر العراق بسبب عدم استغلاله للغاز بنحو 70 مليار دولار سنويا، نتيجة لإحراق 70 في المائة من الغاز المصاحب لاستخراج النفط، الذي تسبب ألسنته المشتعلة، طالما بقي البئر النفطي منتجا، آثارا سلبية كبيرة على البيئة بسبب إطلاقها لغاز ثاني أكسيد الكربون. عاصم جهاد، المتحدث الإعلامي باسم وزارة النفط، أكد في لقاء سابق مع «الشرق الأوسط» أن هناك اهتماما كبيرا بقطاع إنتاج الغاز الذي لم يكن يستثمر بالشكل الأمثل سابقا، وقال إن الوزارة «وضمن خطتها المستقبلية ستعطي لصناعة الغاز الاهتمام الكبير بعد نجاح جولات التراخيص لأنه موضوع كبير ومهم»، مبينا أن هناك خطة لـ «تطوير صناعة الغاز في البلد سواء ما يصاحب العمليات الإنتاجية أو الغاز الموجود في باطن الأرض». وكان العراق وتركيا بحثا العام الماضي إمكانية توقيع مذكرة تفاهم لشحن الغاز العراقي إلى أوروبا عبر الأراضي التركية، من خلال خط أنابيب نابوكو الذي تبلغ استثماراته 7.9 مليار يورو ويسانده الاتحاد الأوروبي، لنقل الغاز من بحر قزوين والشرق الأوسط إلى وسط أوروبا بهدف الحد من الاعتماد على روسيا بحلول العام 2014. ويملك العراق، بحسب الخبير النفطي جبار الحلفي، «احتياطيا غازيا يبلغ أربعة تريليونات متر مكعب من الغاز الطبيعي كاحتياطي مؤكد، أما غير المؤكد فيبلغ تسعة مليارات، وهذه أرقام تم وضعها في أواسط التسعينات من القرن الماضي ولا توجد حاليا أي إحصاءات حديثة»، مبينا أن الشركات العالمية «تتطلع لاستثمار الغاز العراقي لجودته ولقلة تكلفة إنتاجه». ويحرق العراق، بحسب الحلفي «نحو ثمانية مليارات متر مكعب من الغاز، وهو وفقاً للأسعار العالمية يخسر العراق سبعين مليار سنويا لكن إذا قام العراق بتجميع الغاز وتصنيعه إلى مقطرات أخرى مثل ديزل نظيف وبنزين خال من الرصاص فإن عوائد العراق ستكون كبيرة جدا».