المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية يتبعثر في أعنف تراجع منذ أبريل 2009

«جدوى للاستثمار»: الأسواق العالمية تخضع لعمليات تصحيح

TT

في أعنف تراجع له منذ منتصف أبريل (نيسان) عام 2009، تبعثر المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية في أول تعاملاته الأسبوعية بنسبة بلغت 4.42 في المائة، خاسرا ما يقرب من 301 نقطة، ليغلق عند مستويات 6516.7 نقطة.

ويعتبر هذا التراجع هو الأعنف للسوق منذ 21 أبريل 2009، عند تراجع المؤشر بأكثر من 6 في المائة، وذلك عندما تم افتتاحه عند مستويات 5218 نقطة، وتراجع إلى مستويات 4893 نقطة.

وجاء تراجعات الأمس إثر الحالة الدرامية التي حدثت في الأسواق الأميركية الخميس الماضي، والتي فقدت خلالها السوق الأميركية ما يقارب 8 في المائة، بواقع 1000 نقطة في أقل من 8 دقائق، لتعود بعد السوق الأميركية إلى تقليص الخسائر إلى 4 في المائة، وحسب تصريحات الصادرة عن صانعي القرار في أميركا فإن هناك خللا في الأنظمة الإلكترونية نتج عنه هذا التراجع العنيف، الأمر الذي أثر على الأسواق الآسيوية والأوروبية بشكل عام ودن أي استثناء.

وتتزامن الأمور السلبية لتطال أسعار النفط التي تراجعت بشكل عنيف جدا إلى مستويات 75 دولارا للبرميل الواحد، مما أضعف شركات الطاقة في أرجاء العالم، فيما شهد سعر صرف الدولار ارتفاعا قويا أمام الكثير من العملات الرئيسية وبشكل كبير، الأمر الذي قاد أسعار الذهب إلى تسجيل مستوياتها القياسية السابقة عند 1200 دولار للأونصة. وقالت شركة «جدوى للاستثمار» في تقرير لها صدر أمس إن الأسواق العالمية تخضع الآن لعمليات تصحيح، حيث إن مؤشر «إس آند بي 500» كان قد ارتفع بنحو 75 في المائة حتى بداية الأسبوع الماضي، وذلك مقارنة بأدنى مستوى سجله العام الماضي، حيث ظل يرتفع باطراد طيلة العام عكس أدائه المعتاد عقب حالات الركود.

وأشارت إلى أن بحثا أجرته مجلة «كابيتال إيكونوميكس» قال إن ذلك المؤشر دأب على الارتفاع بمتوسط 5 في المائة فقط خلال السنة الثانية من دورات الهبوط، مشيرة إلى أنه يطرأ ضعف في الأسواق العالمية عند تقديرها للقيمة العادلة لمؤشر «تاسي»، مستبعدة أن يكون للمشكلات في منطقة اليورو تأثير اقتصادي كبير على المملكة، ومتوقعة أن تكون قيمة «تاسي» في نهاية العام الحالي عند مستوى 7400 نقطة.

إلى ذلك، أوضح لـ«الشرق الأوسط» محمد بن فريحان، المستشار المالي وعضو جمعية المحللين الفنيين، أن التراجع الحاصل يعتبر أمرا طبيعيا من الناحية الفنية، وهو متوقع، مبينا أن هذا التراجع يعتبر صحيا ومفيدا، وأشار إلى أن نسبة عمليات الشراء التي شهدتها السوق منذ بداية العام الحالي لا تزال قائمة ولم يحدث خروج لأي سيولة استثمارية، موضحا أن هناك عمليات ارتدادية قد نراها خلال هذه الأسبوع.

وحول أداء السوق، فقد تراجعت جميع القطاعات بلا استثناء، وكان أبرزها قطاع الإعلام والنشر بنسبة بلغت 6.8 في المائة، تلاه قطاع الاستثمار المتعدد بنسبة بلغت 6.58 في المائة، ثم قطاع الاستثمار الصناعي بنسبة تراجع بلغت 6.54 في المائة. أما القطاعات القيادية فقد احتل قطاع الصناعات البتروكيماوية المرتبة الأولى بنسبة 5.96 في المائة بقيادة سهم «سابك» المتراجع بنسبة 4.7 في المائة، يليه قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات بنسبة 3.5 في المائة بدعم من سهمي «الاتصالات السعودية» و«اتحاد الاتصالات» بنسبة تراجع تجاوزت 3.2 في المائة، ثم المصارف بنسبة 2.93 في المائة.

وعلى صعيد الأسهم فقد تراجعت جميعها بلا استثناء، في حين أغلق 13 سهما على النسبة الدنيا المسموح بها في نظام «تداول»، واحتلت 8 أسهم من قطاع التأمين القائمة، فيما احتل سهم «الغذائية» المرتبة الأولى بنسبة 10 في المائة.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، ذكر عبد الحميد العمري، عضو جمعية الاقتصاد السعودي، أن المتعاملين بالسوق السعودية تأثروا بمجريات الأسواق العالمية خاصة الأميركية منها.

وأشار العمري إلى أن التأثير الكبير الذي حدث في تعاملات الأمس كان مبالغا فيه، مبينا أن الارتباط السابق كان منحصرا في قطاع المصارف، لكن البنوك السعودية أصبحت أكثر أمانا من ذي قبل. وبين العمري أن الشركات القيادية أصبح ارتباطها بالقارة الآسيوية أكبر، وبالتالي لا نتوقع أن تكون الأضرار كبيرة في الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن مثل هذه التراجعات تصنع فرصا واعدة خاصة في ظل النتائج المالية التي حققتها السوق في الربع الأول من العام الحالي.

وأضاف العمري أن سوق الأسهم السعودية مقيمة بأقل من قيمتها العادلة، مفيدا بأن القيمة الحقيقة للمؤشر العام عند مستويات 8300 نقطة.

وبالعودة إلى تقرير «جدوى» فإنه يوضح أن انخفاض مؤشر «تاسي» أمس السبت يبرهن مرة أخرى على أن المملكة ليست بمنأى عن المشكلات الاقتصادية التي تصيب مناطق العالم المختلفة، لكن لن يغير الهبوط في أسعار الأصول العالمية، والذي استجد خلال الأيام القليلة الماضية، من توقعاتها بشأن أداء «تاسي» أو أسعار النفط أو الاقتصاد السعودي.

وقال إن «هشاشة الانتعاش الاقتصادي الحالي واستمرار تعرضه للمصاعب يجعل من الانتكاسات في عملية التعافي الاقتصادي وفي الأسواق العالمية أمرا لا بد منه».

وأشار إلى أن كل انخفاض بقيمة دولار واحد في سعر البرميل يؤدي إلى انخفاض إيرادات المملكة من صادرات النفط بنحو 3 مليارات دولار خلال فترة 12 شهرا، لكن الهبوط الحالي في أسعار النفط لا يشكل هاجسا، وذلك لأن ميزانية المملكة للعام 2010 بُنِيت حسب توقعاتها على أساس سعر 51 دولارا للبرميل من خام غرب تكساس، بينما يبلغ متوسط السعر حتى هذه اللحظة 80.2 دولار للبرميل، إضافة إلى أن سعر النفط الحالي يتيح لمنتجي البتروكيماويات في المملكة المحافظة على قدر كبير من التنافسية.

وتوقعت «جدوى» أن يعود الاقتصاد والأسواق إلى مسار النمو متى انجلت تلك العاصفة، خاصة أن المملكة وجدة نفسها مرة أخرى في خضم أحداث عالمية ليست لها تداعيات مباشرة على معطياتها الأساسية.