السعودية تكشف عن فرص استثمارية بـ 50 مليار دولار في قطاع البترول والطاقة

من خلال الصناعات والخدمات المساندة والموجهة للقطاع الخاص المحلي والدولي

وزراء النفط الخليجيون أثناء توجههم للجلسة الافتتاحية لمؤتمر الطاقة العربي التاسع في الدوحة (إ ب أ)
TT

كشفت السعودية أمس عن فرص استثمارية تقدر بنحو 50 مليار دولار في الصناعات والخدمات المساندة لقطاع البترول والطاقة، مشيرة إلى أن القطاع مفتوح بشكل كامل للقطاع الخاص السعودي وللاستثمارات الأجنبية.

وقال وزير البترول السعودي علي النعيمي «إن القطاع الخاص يسهم بدور مهم في الصناعات والخدمات المساندة لقطاع البترول والطاقة، وذلك من خلال تلك الفرص الاستثمارية»، مشيرا إلى أن «الرؤية المستقبلية لقطاع الغاز والبترول تركز على دور مهم يؤديه القطاع الخاص كشريك أساسي للتنمية ومصدر رئيسي للميزة النسبية للاقتصاد الوطني».

وكان النعيمي يتحدث في كلمة ألقاها خلال افتتاح مؤتمر الطاقة العربي التاسع في العاصمة القطرية الدوحة، الذي انطلق أمس تحت رعاية الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر، خلال الفترة ما بين 9 و12 مايو (أيار)، تحت شعار «الطاقة والتعاون العربي».

ويبحث المؤتمر أوضاع الطاقة من جوانبها العديدة ذات الصلة بمصادر الطاقة وإمكانيات تطويرها، واستهلاك الطاقة وإمكانيات ترشيده، وقضايا الطاقة والبيئة والتنمية المستدامة، ومؤسسات الطاقة ودورها في استقرار الأسواق العالمية.

كما يناقش المؤتمر أسواق النفط والغاز الطبيعي وانعكاساتها على الأقطار العربية، وموضوعات الاستثمار في مشاريع النفط والغاز الطبيعي، والتطورات التكنولوجية وتأثيرها على الطاقة في الأقطار العربية، بالإضافة إلى التعاون العربي في مجال الطاقة.

وعاد النعيمي ليؤكد أن بلاده سعت لتحفيز دور القطاع الخاص في الصناعة البترولية والصناعات الأخرى المرتبطة بها، حيث تم تأسيس ومساندة شركات متخصصة لخدمات وصناعة الطاقة، مبينا أن من أهم الصناعات المرتبطة بقطاع البترول والغاز في المملكة، والتي لها أهمية خاصة ليس فقط على المستوى الوطني بل على المستوى العالمي، هي صناعة البتروكيماويات، التي تتطور سنة بعد أخرى، ليس من حيث كمية المنتجات، بل من حيث نوعيتها، فالمملكة تعتبر الآن واحدة من أكبر خمس دول في العالم منتجة للبتروكيماويات.

وفي هذا الجانب يؤكد فضل البوعنين، الخبير الاقتصادي، أن السعودية تعمل على تحفيز القطاع الخاص للمساهمة في قطاع البترول والطاقة، وهو دور يأتي مكملا لملامح خطة التنمية التاسعة التي أعطت دورا أكبر للقطاع الخاص للتنمية، مشيرا إلى أن قطاع الخدمات المساندة في البترول والطاقة بحاجة إلى حركة أكبر للمستثمرين السعوديين بشكل خاص والأجانب بشكل عام، في الوقت الذي يوفره ذلك القطاع من أمان استثماري، إضافة إلى تسهيلات عالية من قبل الحكومة وشركة «أرامكو»، إضافة إلى التسهيلات المالية التي تقدمها البنوك والمصارف للشركات العاملة في هذا المجال.

وأشار البوعنين إلى أن الحكومة - ممثلة بوزارة البترول والثروة المعدنية - تدفع القطاع الخاص لبناء مشاريع ضخمة مساندة لقطاع التنقيب والاستخراج، الذي أعلن عن خطة طموحة خلال 5 سنوات مقبلة، وهو ما يستدعي وجود مشاريع موازية لتلك الخطة عبر ما أعلنه الوزير من وجود فرص استثمارية بحجم 50 مليار دولار.

وكان النعيمي قد أكد أنه يتم إنتاج غالبية أنواع المواد البتروكيماوية الأساسية مع ربط صناعة تكرير البترول بالصناعة البتروكيماوية، كما توسع دور القطاع الخاص ومشاركة المواطنين في هذا المجال، حيث يوجد الآن 13 شركة بتروكيماوية يملكها القطاع الخاص كليا أو جزئيا، ويجري تداول أسهمها في السوق السعودية لكافة المواطنين. ودعا وزير البترول السعودي الدول العربية المنتجة والمصدرة للبترول إلى التركيز لجعل البترول متوفرا وصديقا للبيئة من خلال التقنيات المتقدمة، إضافة إلى الحضور والمشاركة الدولية القوية بشكل إيجابي وعلمي في القضايا التي تهم البترول والبيئة، مشيرا إلى أن الدول العربية تواجه تحديات وقضايا متشابهة في الصناعة والسياسة البترولية، مطالبا بضرورة التعاون والتكامل بين الدول في هذه المجالات.

وشدد على السعي إلى تشجيع وتسهيل المشاريع والاستثمارات المشتركة التي يقوم بها القطاع الخاص، مؤكدا السعي إلى تطوير التعاون في التعليم الفني والدراسات والأبحاث في صناعة الطاقة، وتبادل الخبرات في هذا المجال.

وبالعودة إلى الخبير الاقتصادي البوعنين، فإن الحاجة أصبحت ملحة حاليا إلى إنشاء مشاريع وشركات وطنية ضخمة على غرار مشاريع «بترورابغ»، مما سيدفع القطاع الخاص للمشاركة في تلك المشاريع الكبيرة، التي تحتاج إلى مبادرة من قبل الحكومة السعودية.

وأضاف أن تلك المشاريع لها انعكاساتها على الاقتصاد الوطني، من مشاركة القطاع الخاص بالمساهمة الضخمة في قطاع البترول والطاقة، إضافة إلى خلق وظائف وإيجاد منشآت صغيرة ومتوسطة تقدم القيمة الإضافية للاقتصاد في المملكة. من جهتها أكدت منظمة «أوبك»، خلال مؤتمر الدوحة، أنها لا تعتزم عقد اجتماع طارئ في الوقت الحالي لمواجهة الانخفاض الأخير في أسعار النفط، وقال وزير الطاقة القطري، عبد الله العطية، يوم الأحد «إن منظمة أوبك لا تعتزم عقد اجتماع طارئ في الوقت الحالي في مواجهة الانخفاض الأخير في أسعار النفط» مضيفا أن «أوبك» تشعر أيضا بالقلق إزاء أزمة الديون اليونانية.

وجددت السعودية مساعيها للمحافظة على إمداداتها من الطاقة عالميا، مع المحافظة على طاقة إنتاجية فائضة لاستخدامها عند الحاجة، والاستمرار في سياستها المعتدلة تجاه السوق البترولية العالمية، وذلك من خلال تأكيدات النعيمي في الكلمة التي ألقاها أمس.

ولفت وزير البترول والثروة المعدنية السعودي أن مشروعا طموحا بدأت بلاده العمل فيه، يتمثل في مشروع «التجمعات الصناعية»، حيث تنتج كميات كبيرة من المواد البتروكيماوية الأساسية، التي يجري تصديرها إلى الدول الصناعية، والتي تقوم بدورها باستخدام هذه المواد في صناعات تحويلية ونهائية أخرى يجري تصديرها إلى دول أخرى بما فيها الدول العربية.

وأوضح أن المملكة لديها الفرصة في تطوير تلك الصناعات داخل المملكة وتصديرها كمنتجات نهائية، حيث جاءت فكرة التجمعات الصناعية، التي تهدف إلى تصنيع منتجات نهائية مثل أجزاء رئيسية من العربات والإطارات، والمنتجات المنزلية والحاويات الصغيرة والكبيرة.

وأكد أن المملكة تسعى إلى أن تكون مركزا عالميا رئيسيا في مجال الأبحاث ودراسات الطاقة، من خلال نقل وتوطين التقنية، مؤكدا أن بلاده تهدف لزيادة معدلات استخراج النفط من الحقول الرئيسية بنسبة تصل إلى 70 في المائة من خلال تكنولوجيا جديدة.

إلى ذلك نقلت وكالة «رويترز» العالمية عن مندوب خليجي كبير في منظمة «أوبك» أمس الأحد، أن تأثير أزمة ديون اليونان سيكون «محدودا» وأن من المستبعد أن تنزل أسعار النفط عن 65 دولارا للبرميل.

وأوضح المندوب على هامش مؤتمر للطاقة في قطر أنه إذا تراجع سعر النفط عن 65 دولارا للبرميل فإنه لن يشجع على الإنتاج من حقول النفط الهامشية حيث تكون عملية استخراج الخام صعبة.

وقال «لا أتوقع أن يصل السعر إلى 65 دولارا، والأزمة الاقتصادية في أوروبا ستكون محدودة وتحت السيطرة».

وتحدد سعر التسوية لعقود النفط الخام الأمريكية عند 75.11 دولارا للبرميل يوم الجمعة ليسجل النفط أكبر خسارة أسبوعية له في نحو عام ونصف العام بحسب ما ذكرته وكالة «رويترز» العالمية، مشيرة إلى أن المخاوف تتنامى من أن أزمة ديون منطقة اليورو قد تخرج التعافي الاقتصادي العالمي عن مساره.

ولامس الخام أدنى مستوياته منذ 16 فبراير (شباط) عندما سجل 74.51 دولارا يوم الجمعة الماضي، بعدما تجاوز 87 دولارا للبرميل في أوائل الأسبوع الماضي، ولا يزال سعر النفط في منتصف نطاق 70 إلى 80 دولارا، والذي تقول السعودية أكبر بلد مصدر للخام في العالم إنه عادل للمنتجين والمستهلكين.

وقال وزير النفط الكويتي يوم السبت «إن سعر 65 دولارا سيدفع (أوبك) إلى التحرك» وإن كان أعضاء آخرون في المنظمة قد هونوا من أهمية التراجع الحاد في الأسعار، وتعقد «أوبك» اجتماعها المقرر التالي في أكتوبر (تشرين الأول)، وقد أبقت المنظمة على أهداف معروض النفط دون تغيير منذ أواخر 2008 وفق «رويترز».