مصر: دراسة حكومية تقترح تصفية 5 شركات نسيج حكومية

700 مليون جنيه تحتاج إليها شركات النسيج لتسديد بقية مستحقات العمال

TT

على الرغم من تأكيد وزير الاستثمار المصري محمود محيي الدين على تطوير الشركات الحكومية الخاسرة وتصحيح أوضاعها، فإن «الشركة القابضة للغزل والنسيج» تسعى إلى تصفية 25 في المائة من إجمالي الشركات التابعة.

وقال المهندس محسن الجيلاني رئيس «الشركة القابضة للغزل والنسيج» إن هناك دراسة تقوم بإعدادها حاليا شركته بدأت فيها منذ أسبوع، لتحديد وتقييم أداء شركات النسيج الحكومية التي تضمها «القابضة» والبالغ عددها 22 شركة للوقوف على عدد الشركات التي يمكن إصلاحها وتحويلها إلى شركات ناجحة من ناحية، وتصفية الشركات التي لا يوجد أمل في إصلاحها تمهيدا لتصفيتها من ناحية أخرى.

وأكد الجيلاني لـ«الشرق الأوسط» أن الدراسة سيتم عرضها على الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار في نهاية الأسبوع بعد المقبل، متوقعا أن يتم تصفية 25 في المائة من الشركات القائمة حاليا (5 إلى 6 شركات)، وقد تنال التصفية أجزاء فقط من الشركات القائمة أو خطوط إنتاج (تصفية جزئية وليست كلية)، ولم يشر إلى هذه الشركات إلا بعد إتمام الدراسة.

وقال الجيلاني إن جملة إصلاحات الشركات القائمة حاليا لن تركز على ضخ استثمارات عالية، بل ستحتاج في البداية إلى ضخ 700 مليون جنيه فقط سنويا لتغطية عجزها في تسديد 40 في المائة من أجور عمالها، خاصة بعد تسوية 75 في المائة من فوائد ديون تلك الشركات لدى البنوك وانخفاضها لتصل إلى مليار و200 ألف جنيه.

وأضاف أن عملية ضخ الاستثمارات في هذه الشركات يجب أن تكون تدريجية، تبدأ بتسديد أجور كل عمال تلك الشركات، ثم تأتي بعدها عملية ضخ استثمارات عالية تساعد على مضاعفة إنتاج هذه الشركات.

وأكد الجيلاني على ضرورة أن يرتبط الدعم المقدم من قبل الحكومة لهذه الصناعة بالظروف الخارجية للدول الأخرى، وقال: «قمنا بالاستغناء عن الدعم الذي يقدر بـ25 في المائة على بيع المنتج المحلي وأصبحنا نبيع بأسعار تغطي التكلفة الفعلية. يجب أن يكون الدعم مرنا ومتحركا ومرتبطا بظروف الأسواق العالمية».

وفى الوقت ذاته كشف الجيلاني عن أن «القابضة للنسيج» مهددة بالتوقف عن العمل في حالة عدم السماح لها من قبل وزارة الزراعة المصرية بفتح أسواق جديدة لاستيراد القطن الخام، وبالأخص من دول غرب أفريقيا بعد توقف توريد القطن الخام للشركة محليا بسبب نفاد المحصول، متزامنا ذلك مع قلة المحصول في الدول التي تستورد منها الشركة القطن الخام، حيث تعتمد الشركة في إنتاجها على 40 في المائة من القطن الخام محليا و60 في المائة من القطن المستورد (قصير ومتوسط التيلة) من السودان وسورية وأوزبكستان واليونان.

وقال الجيلاني إن الخام الموجود حاليا يكفي لتشغيل الشركة ما بين شهرين إلى ثلاثة أشهر فقط، وفي حالة عدم الوصول إلى حل بشأن المذكرة المقدمة من قبل الشركة لوزارة الزراعة فإن الشركة قد تقف عن العمل في غضون 3 أشهر.

يذكر أن غالبية إنتاج القطن المصري يتم تصديره إلى الخارج، باعتباره طويل التيلة، حيث إنه لا يتناسب مع الكثير من صناعات غزل القطن المحلية.

وتحد وزارة الزراعة من استيراد الأقطان من الخارج، حفاظا على سلالات القطن المصري طويل التيلة، منعا لحدوث اختلاط له مع أصناف أقل جودة.وكشف تقرير صدر خلال الأسابيع القليلة الماضية عن لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشورى المصري تحت عنوان «تأثير الأزمة العالمية على صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة»، عن أن كل الشركات الحكومية أو التي تساهم فيها «الشركة القابضة» تعاني ديونا كبيرة، وتبلغ ديون شركات الأقطان نحو 4.6 مليار جنيه (850 مليون دولار) بإجمالي 64 في المائة من هذه الديون، كما انخفضت الاستثمارات المنفذة من هذه الشركات بنسبة كبيرة بجانب انخفاض الصادرات بنسبة 25.5 في المائة.

وذكر التقرير أن هناك 65 مصنعا تعرضت للإغلاق منذ بداية العام الجاري نتيجة لتردي الأوضاع الاقتصادية في هذه المصانع، إضافة إلى تراجع قيمة رواتب العمال، نظرا إلى عشوائية البنود المحددة في عقود الخصخصة.

وأضاف التقرير أن أكثر من 60 مصنعا أغلقت أبوابها خلال العام الماضي لعوامل عدة، منها ارتفاع قيمة الضرائب على مستلزمات الإنتاج المستوردة، واستيراد كميات كبيرة من المنسوجات التي تقوم المصانع بإنتاجها وانخفاض سعرها مقارنة بالأسعار المحلية.

وقد كشف التقرير الذي ناقشه مجلس الشورى مؤخرا، عن مشكلات خطيرة تهدد صناعة النسيج، منها عمليات التهريب التي ألحقت بالشركات المصرية خسائر زادت على 800 مليون دولار، وربما أكثر من ذلك، ومن المتوقع أن تصل إلى مليار و800 مليون دولار إذا تمت إضافة عدد من العوامل، منها طرد الأيدي المدربة الماهرة، وتكدس كميات كبيرة من الإنتاج غير المستغلة، وعدم استغلال أراضي هذه المنشآت الصناعية التي تم الاستغناء عنها نتيجة تقليل خطوط الإنتاج، وعدم جودة المنسوجات المصنوعة مقارنة بدول أخرى.

وقد أوضح التقرير سلبيات لا بد من معالجتها، منها المناطق الحرة العامة والخاصة وتجارة الترانزيت التي تعتبر من أهم منافذ تهريب المنسوجات ومستلزمات الصناعة والإكسسوارات بسبب غياب الرقابة الفاعلة.