لماذا تصبح خطط التنمية حبرا على ورق؟!

سعود الأحمد

TT

لماذا لا تتطور الدول الخليجية والعربية بصفة عامة؟.. ولماذا عجزت (حتى الآن) أن يكون منها ولو حتى دولة واحدة ضمن الدول المتقدمة، رغم كل الإمكانات الاقتصادية المتاحة لها؟! السبب (ببساطة شديدة) أن الجهات المنفذة هي التي تعد الخطط، وهي التي تنفذها، وهي التي تتابعها.

وانظر إلى وسائل الإعلام المختلفة وهي تغطي مناسبات افتتاح وتدشين المشاريع العربية. تجد أن رئيس الجهة المنفذة للمشروع هو الذي يتصدر الجميع ليفتتح المشروع! وهو الذي تولى كل ما يخص المشروع منذ أن ولد كفكرة.. وإلى أن تم وضع حجر الأساس.. وإلى أن تم تنفيذه.. وإلى أن تم التشغيل! ولذلك لا تكون هناك شفافية في إبراز الملاحظات، ولا محاسبة على التقصير! وانظر إلى الخطط الاستراتيجية التنموية لمعظم الدول العربية، تجدها تكاد تكون ذات أهداف واحدة.. وإن اختلفت الصيغ والعبارات التي تبدو للبعض كأنها أهداف جديدة. وفي مثل هذه الحالات، فإن السؤال: لماذا لم تحقق الخطط الماضية أهدافها؟! وهل فشلت أم أن هناك تطويرا أو تعديلا في الأهداف؟.. وأين الجهة (المستقلة) المعول عليها في فرض معايير تقيس وتقيم مستوى تنفيذ الخطط والبرامج وتقرر ماذا يجب أن يعلن للعامة مما قامت به كل جهة؟! علما بأن شرط الجهة المستقلة هنا، يعالج خلل حصول الازدواجية في الأدوار، ومن باب أنه لا أحد سيخطئ نفسه ويبرز عيوبه ويعلن فشله أمام الرأي العام، وحتى لا تكون خططنا التنموية مجرد حبر على ورق.

فعلى سبيل المثال.. في السعودية نسمع ونقرأ ونشاهد عن خطط تنموية منذ أربعين عاما. ولو تأملنا آخر خطة تم الإعلان عنها هذا العام وقارناها بأول خطة تنمية صدرت عام 1970، لوجدنا الأهداف تكاد تكون واحدة. فالخطة الخمسية الأولى تركز على زيادة معدل نمو إجمالي الناتج المحلي وتطوير الموارد البشرية وتنويع مصادر الدخل. وهو هدف استراتيجي يتكرر مع كل خطة خمسية. لكن الذي نشاهده منذ الخطة الأولى، أن هناك تزايد معدل العمالة غير السعودية مقارنة بمعدل العمالة السعودية! كما أن الاعتماد على النفط يتزايد! والبطالة الوطنية تتزايد! وعلى وجه الخصوص يلاحظ أن الخطط الخمسية الثلاث الأخيرة تركز على برامج توظيف المواطنين، ومع ذلك نرى الشباب المتعلمين يتزاحمون على أرصفة الجهات الحكومية العسكرية والمدنية وعلى الشركات.. والعرض لا يتناسب مع الطلب! وكل برامجنا التنموية غدت حبرا على ورق!.. فأين هي المشكلة؟! ملخص القول.. إن المشكلة تكمن في عدم وجود جهة مستقلة تتابع تنفيذ استراتيجيات الخطط الخمسية وبرامجها التنفيذية، من خلال المشاريع المعتمدة في الموازنات العامة للدولة. فالجهة المسؤولة عن الميزانية العامة للدولة (حقيقة) هي وزارة المالية، وهذا يتناقض مع عرف الرقابة المالية. حيث لا يجوز أن تكون الجهة المنفذة هي الجهة المسؤولة عن الخزانة! فمتى ما أوكل شأن الموازنة لوزارة الاقتصاد والتخطيط.. ووجدت جهة مستقلة يعول عليها في متابعة تنفيذ الموازنات العامة؛ أصبح بالإمكان السير على خط واحد يعرف متى يصل بنا.. وإلى أين يصل بنا!

* كاتب ومحلل مالي