الكويت تقر قانونا للخصخصة يستثني 3 قطاعات ويلزم الشركات العمل وفقا للشريعة الإسلامية

يعطي الحكومة سهما ذهبيا يمكنها من التدخل وقتما شاءت

TT

أنهى البرلمان الكويتي أمس مناقشاته بإقرار قانون ينظم عملية تخصيص القطاعات الحكومية باستثناء قطاعات النفط والتعليم والصحة، مع إعطائه أفضلية للحكومة من خلال سهم ذهبي يمكنها من التدخل وقتما شاءت، إضافة إلى إلزامه الشركات التي ستدير القطاعات المخصصة العمل وفقا للشريعة الإسلامية.

وتمكن البرلمان من إقرار القانون بمداولته الثانية بعد شهر من تعليق النقاش بسبب ضغوط من المعارضة، ورغبة حكومية في احتواء تهديدات أطلقتها اتحادات ونقابات عمالية وصلت إلى حد الدعوة إلى إضراب عام عن العمل على مستوى جميع موظفي الحكومة. ومر القانون بعد موافقة 33 نائبا ومعارضة 28 (من أصل 65 نائبا ووزيرا يتألف منهم البرلمان)، ليحال إلى الحكومة التي ستعمل على تنفيذه بعد نشره في الجريدة الرسمية والانتهاء من لائحته التنفيذية.

وسبق للبرلمان أن أقر القانون من حيث المبدأ منتصف الشهر الماضي، إلا أنه علق استكمال مناقشته بهدف الاتفاق على أرضية مشتركة بين المؤيدين والمعارضين على مسألتي حقوق الموظفين واستثناء قطاعات النفط والتعليم والصحة من القانون، ليبقيها تحت سيطرة الحكومة، وسط تهديدات قادتها اتحادات ونقابات عمالية، وصلت إلى حد حشد الشارع بهدف إسقاط القانون والدعوة للاعتصام والإضراب بشكل جماعي عن العمل. وانعكست حالة الاحتقان التي يمر بها الشارع نتيجة للمواقف المتباينة بين مؤدي ومعارضي القانون داخل قاعة المناقشة بين نواب البرلمان، حيث وقف رئيس كتلة العمل الشعبي النائب المعارض أحمد السعدون مؤيدا للقانون بمواجهة زملائه أعضاء الكتلة المعارضين له، كما شهدت الجلسة سجالا بين النائبين السلفي وليد الطبطبائي والشيعي عدنان عبد الصمد على خلفية موقف كل منهما تجاه القانون والحكومة، وكذلك كان الحال مع النائب الإسلامي فيصل المسلم والليبرالية رولا دشتي.

وبحسب المذكرة الإيضاحية فإن القانون، الذي توزع بين ستة فصول و31 مادة، يهدف إلى إعادة التوازن بين القطاعين العام والخاص ضمن التعاون العادل بما يحقق التنمية الاقتصادية وزيادة الإنتاج ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرخاء للمواطنين، كون عمليات التخصيص تسعى إلى زيادة كفاءة القطاعات الاقتصادية في البلاد ورفع مستوى جودة السلع والخدمات وزيادة إنتاجية ومساهمة العمالة الوطنية في الاقتصاد الوطني، وتوفير البيئة الملائمة لاستيعاب العمالة الكويتية الناشئة في القطاع الخاص، وكذلك تشجيع دور القطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية وزيادة مساهمته في دعم الاقتصاد الوطني وتوجيه سياسات الدعم الحكومي المقدم للمستهلكين بغرض ترشيد الاستهلاك، بالإضافة إلى تنمية سوق رأس المال المحلي وجذب رؤوس الأموال الوطنية من الخارج لاستثمارها داخل البلاد.

ورغم اتفاق مؤيدي ومعارضي القانون خلال جلسة المناقشة على معاناة الاقتصاد الوطني من مشكلات تستلزم تنويع الموارد الاقتصادية ومساهمة القطاع الخاص في الناتج القومي، فإن مؤيديه دعموا مواقفهم باعتبار الاقتصاد الكويتي يميل بنسبة 80 في المائة إلى النموذج الاشتراكي، حيث تسيطر الحكومة على جميع القطاعات الاقتصادية، وهو أمر غير صحيح ويجب معالجته عبر زيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني، فيما أسند المعارضون وجهة نظرهم إلى الخشية من تحويل اقتصاد الدولة إلى اقتصاد رأسمالي يمكّن أصحاب رؤوس الأموال من التحكم في مصير الاقتصاد الوطني، مطالبين بتشريع قوانين أخرى قبل قانون الخصخصة مثل قانون كشف الذمة المالية وقانون مكافحة الفساد لحماية مصلحة الوطن والمواطنين. وبحسب متخصصين فإن القانون المقر مؤخرا يقدم ضمانات للعمالة الوطنية، منها رسم حد أدنى لنسبة العمالة الكويتية وللأجور والمزايا الوظيفية، كما بينوا أن استثناء القطاع النفطي جاء لاعتباره المصدر الرئيسي للدخل القومي.

ويوضح الفصل الأول من القانون الأحكام العامة لعمليات التخصيص وشروط نقل ملكية المشروعات العامة كليا أو جزئيا إلى القطاع الخاص، بالإضافة إلى حماية المال العام عبر تقييم أصول وممتلكات المشروع العام المراد تخصيصه وفق أسس مالية واقتصادية، وتوسعة قاعدة المشاركة في الملكية ورأس المال بإعطاء المواطنين فرصة في الملكية بعد التخصيص عبر الاكتتاب العام. وبموجب القانون سيتأسس مجلس أعلى للتخصيص برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية خمسة وزراء وثلاثة أعضاء متفرغين من ذوي الكفاءة والخبرة بالشؤون المالية والاقتصادية والفنية والقانونية من القطاع الخاص، وتكون مهمة المجلس وضع السياسة العامة وبرامج وإجراءات عمليات التخصيص وأساليب تنفيذها، مع التأكيد على ضرورة عدم تضارب المصالح بمنع وجود أي مصلحة مباشرة أو غير مباشرة لدى أي من أعضاء المجلس أو الوزراء أو نواب البرلمان من المشاركين في عملية التخصيص، مع إيقاع عقوبة على أي من هؤلاء تصل إلى حرمانه من الفائدة التي تعود عليه جراء المخالفة أو التعارض.