«صندوق النقد» يطلب من المجتمع الاقتصادي الدولي الحد من الاعتماد على الدولار

اقتصاديون : الدعوة تشكل توازنا في الطلب على العملات

TT

قدم صندوق النقد الدولي المجتمع الاقتصادي العالمي أمس دعوة صريحة للدول والبلدان إلى الحد من الاعتماد على الدول، في إشارة غير إيجابية تنبئ عن وضع سلبي بمستقبل عملة الدولار واقتصاد دولته الرئيسية.

ودعا صندوق النقد الدولي حكومات العالم إلى الحد من اعتمادها على الدولار، الأمر الذي يشكل خطرا على النظام المالي الدولي في ظل الأزمة التي تضعفه، وإدخال عملات أخرى كاليورو والين في احتياطياتها من القطع.

وقال دومينيك ستراوس كان، المدير العام لصندوق النقد الدولي، في تصريحات بثتها وكالات الأنباء أمس في ختام مؤتمر لحكام المصارف المركزية في زيوريخ «يمكن اتخاذ بعض الإجراءات لتعزيز الأنظمة النقدية الدولية».

وذكر ستراوس من هذه الإجراءات تشديد المراقبة على حركات تدفق الرساميل، وإقرار شبكات أمان مالية أكثر متانة، وتوسيع استخدام حقوق السحب الخاصة. وأوضح أن هذه الإجراءات تشمل بصورة خاصة «استخداما أوسع من أصول الاحتياطي البديلة، باليورو أو الين أو اليوان مثلا»، وهو ما يمكن أن يشكل «صمام أمان»، موضحا أن من الخيارات الأخرى للحد من الاعتماد على الدولار إمكانية توسيع استخدام حقوق السحب الخاصة التي تعتبر أكثر استقرارا.

إلا أن المؤتمر الذي عقد حول موضوع النظام النقدي العالمي تحت إشراف صندوق النقد الدولي والبنك الوطني السويسري، جرى في ظل الأزمة اليونانية وتراجع اليورو في بورصات العالم، الأمر الذي حمل الاتحاد الأوروبي على اتخاذ إجراءات استثنائية، وكذلك حمل المصارف المركزية ومنها البنك المركزي الأوروبي على التدخل.

وأقر الاتحاد الأوروبي ليل الأحد الاثنين خطة إنقاذ تاريخية لدول منطقة اليورو بمساهمة صندوق النقد الدولي سعيا لطمأنة الأسواق حيال الوضع في اليونان والمخاوف من انتقال الأزمة إلى دول أخرى مثل إسبانيا والبرتغال.

وحذر ستراوس كان في هذا الصدد قائلا «لا بديل أمام أوروبا برمتها عن تعزيز المالية العامة وإنعاش النمو، وهو ما يمكن تحقيقه بفضل الإصلاحات البنيوية».

من ناحيته، أكد لـ«الشرق الأوسط» الدكتور حسن يوسف حسن، خبير عربي في الاقتصاد والتمويل، أن توجه صندوق النقد يبدو رؤية منطقية لمعالجة الوضع المالي وإضافة إصلاحات مرحلية تتوافق مع تحركات الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن.

وأضاف الدكتور حسن أنه بعد ما تعرضت دول أوروبا لأزمة اليونان مؤخرا وقل الطلب على اليورو بدأت العملة الأميركية في الاستقواء وارتفاع سعرها مقابل اليورو والعملات الرئيسية الأخرى، مضيفا أن أميركا هي دولة مصدرة ومستوردة في الوقت ذاته، مما يعني أن ارتفاع الدولار يمثل تكلفة.

ويشدد الدكتور حسن، وهو رئيس قسم التمويل في كلية إدارة الأعمال بجدة، على أن تصاعد ارتفاع الدولار في الآونة الأخيرة جعل صندوق النقد يبحث عن آلية لموازنة الطلب على العملات، وبالتالي خلق توازن نسبي في تحرك كل العملات وتنشيط الاقتصادات.

وأفاد حسن بأن دعوة صندوق النقد الدولي تأتي في سياق تقليل الطلب على الدولار للمساعدة في خلق توازن سعري في أسواق الصرف، مشددا على أن هذا الطلب لا بد ألا ينفصل عن الأحداث الجارية مؤخرا لا سيما الأزمة التي بدأت في اليونان، وكذلك الدول التي ساهمت في إعانتها وهي اقتصادا فرنسا وألمانيا، مما يضطر الخبراء لوضعها في إطار التحليل الاقتصادي للوضع الراهن. وأكد حسن أن دعوة صندوق النقد لا تعني تقليل الطلب إلى درجة مستوى انهيار الدولار، بل تأتي ضمن مسار محدود يحمي ويحافظ على توازن الطلب على جميع العملات الرئيسية في العالم.

ويرى خبير الاقتصاد والتمويل أن الدول العربية ستكون معرضة لتداعيات طفيفة وفقا لذهاب الدول للامتثال إلى دعوة صندوق النقد، حيث تعتبر الدول العربية مصدرة للنفط والغاز بعملات أجنبية، مما سيؤثر على التدفق النقدي الداخل لها، وكذلك الاعتماد على سلة عملات، إضافة إلى وجود احتياطيات الدول العربية في شكل أوراق دولار.

من جانبه، يرى علي الحازمي، عضو زميل الأكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية، أن الاعتماد على الدولار يأتي في وقت أصبح يشهد فيه ضعفا رغم نجاحه في تحقيق مكاسب مقابل العملات الرئيسية مؤخرا، حيث تسبب في خلق تداعيات اقتصادية وخيمة كما هو الحال للمعاناة مع «التضخم» في العالم كله، مستطردا أن التوجه للعملات الأخرى واعتماد سلة منوعة منها سيخفف من وطأة التأثر المباشر بالدولار.